فتحت واقعة حادث قطار دهشور، الذي وقع فجر الإثنين، وراح ضحيته عشرات القتلى والمصابين، الملف الأسود لحوادث القطارات في مصر، خاصة لتزامن تلك الواقعة مع ذكرى حادث قطار أسيوط. وشهدت محافظة الإسماعيلية حالة من التدهور الرهيب بخطوط السكك الحديدية، التي تعاني من إهمال شديد في انتظار وقوع كارثة جديدة. وكشف تقرير رسمي أن هناك 12 مزلقانا من بين 14 مزلقانا بالإسماعيلية بدون إشارات ضوئية، بالإضافة إلى ما كشفه تقرير لمركز ومدينة الإسماعيلية عن أن 14 مزلقانا بالمركز في حاجة إلى مراجعة، وأن 9 مزلقانات مؤمنة بجنزير، وعدد 5 مؤمن بشادوف، وأن ثلاثة منها تحتاج إلى دورة مياه وثلاثة أخرى بدون غرف للعامل و12 مزلقانا بدون إشارات ضوئية. من جانبهم، كشف عمال مزلقانات السكك الحديد بالإسماعيلية أن معظم المزلقانات بأنحاء المحافظة متهالكة وغير صالحة لاستخدام الآدمي، كما أنها لا يوجد بها أبسط وسائل الاتصال التي تؤدي في النهاية لكوارث يقع ضحيتها المئات، ويتحملها عامل التحويلة دون وجه حق، بالإضافة إلى إهمال المسئولين في منظومة السكك الحديدية التي وصفوها بقطارات نقل الموتى. وقالوا إنه في كثير من الأحيان يكون السبب الرئيسي في وقوع تلك الحوادث هو سائق سيارة مستهتر يرفض الانتظار لحين عبور القطار، مشيرين إلى حدوث كثير من المشادات، بالإضافة إلى تعرضهم للعديد من الاعتداءات بشكل يومي عند طلبهم توقف السيارات أثناء مرور القطارات. فيما طالب أهالي الإسماعيلية بضرورة تغيير وسائل الأمان بالمزلقانات، ووضع إشارات كهربائية مع تعيين عاملين على قدر من التعليم. ومن داخل محطة قطارات الإسماعيلية، قال رضا أبو نعمة، من مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، أنه من مسافرين القطارات بصفة مستمرة بحثا عن العمل، منتقدا الحالة المتدنية التي توجد عليها قطارات مصر، فهي بوضع لا يليق بمواطن مصري ولا يليق بآدميته، بداية من كسر نوافذ القطارات وكثرة الازدحام، وتساءل متى يضع المسئولون حلا لهذه الأزمة؟ وأضاف إلى متى عدد الضحايا في ازدياد دون قصاص عادل من المتسبب في الكوارث. وشاركه في الرأي إبراهيم حمدي، أحد المسافرين الذي أبدى غضبه من الباعة الجائلين المنتشرين داخل عربات القطار، وانعدام الخدمات وحدوث الاشتباكات بين الركاب بصفة مستمرة دون تواجد أمني، وتابع أن رجال الشرطة الذين من المفترض بهم حماية العربات يستغرقون في النوم!! وحينما يستيقظون يجلسون جميعهم في عربة واحدة ليتناولوا المأكولات والشاي والسجائر!! ناهيك عن الألفاظ البذيئة وانعدام النظافة كل هذا داخل بلد أول من استخدمت القطارات كوسيلة للمواصلات في العالم، لكن سوء استخدامها أدى إلى كثير من الحوادث بشكل مبالغ فيه أهدر أرواح كثير من الأبرياء بينما أضافت منى عبد الله، من الإسماعيلية، أنها تسافر باستمرار إلى محافظة الزقازيق يوميا للعمل، وهذا ما يجعلها عرضه لكثير من صور الإهمال داخل عربة القطار، حيث ذكرت أن أبرز السلبيات التي تعاني منها قلة النظام وانتشار الباعة الجائلين، مما يهدد أمن الركاب، بالإضافة إلى مقاعد الركاب التي زادت الأمر سوءا، وتابعت أن المسئولية يتحملها جميع من يعمل داخل منظومة سكك حديد مصر، وخاصة كبار المسئولين لعدم التزامهم بالقوانين وانعدام الضمير أثناء تأدية عملهم، وأشارت إلى تقارير اللجنة الهندسية لحالة القطارات هي المتسبب الأول في الكوارث لعدم وضع تقارير صحيحة عن حالة القطارات. وتابع فتحي السيد، أن القطارات تعاني من إهمال المسئولين، وأيضا من الركاب لكن هذا ليس وليد اللحظة، لكنه منذ عصور سابقة وركاب القطارات معرضين للخطر بصفة مستمرة، والمسئولين لم يتحرك لهم ساكن هذا، بالإضافة إلى سوء الخدمات، وتزايد معدلات السرقة بالإكراه، وتكرار الأعطال، وسوء حالة العربات والمحطات، وطوابير المتسولين، ناهيك عن صفقات بملايين الجنيهات غير مطابقة للمواصفات، ليس هذا فحسب، بل إن موظفي المرفق أنفسهم والعاملين به متهمون بالإهمال والفساد، وطالب بمحاسبة عاجلة للمتسبب في كل هذا الإهمال الذي أدى إلى إهدار دم الأبرياء بينا أكد عبد الرحمن عدم شعوره بأي تغير عقب ثورة يناير، ولم تشهد سكك حديد مصر أي تطورات في القطارات والخدمات المقدمة للركاب قائلًا: نستطيع أن نحافظ على القطارات، لكن حينما نجد صندوق قمامة لنضع فيه ما نجده، المشكلة تكمن في أن الحكومة تطالب المواطنين بأشياء كثيرة دون أن تقدم لهم عُشر هذه الأشياء!! وأضاف أن حالة معظم قطارات ركاب الدرجة الثالثة سيئة للغاية؛ لأن الدولة- حسبما يعتقد- تركز فقط على قطارات الدرجة الأولى التي يستخدمها ميسورو الحال والسائحون. وفي نفس السياق، يقول عامل مزلقان الشيخ زايد، رضا رجب، الغرفة التي يمارس فيها عمله حالتها مزرية، فهي منعدمة من أبسط أنواع الخدمات، بالإضافة إلى تدني مستوى وسيلة الاتصال التي تكاد تكون معطلة تماما وغير صالحة للاستخدام، مما يؤدي في كثير من الأحيان لحدوث حوادث التي يتحملها عامل الزلقان. ويضيف رضا أنه يجب أن يحدث نوع من التطوير لوسائل الاتصال لإثبات اتصال عامل البلوك بعامل المزلقات لإبلاغه بقدوم قطار لعدم ضياع المسئولية بين الطرفين. ويتابع أنه يضطر أن يبقى تحت الشمس أو الأمطار طوال ساعات عمله، حتى لا يبتعد عن المزلقان الذي يفتقد لأبسط سبل التأمين والحماية، مما يؤدي إلى وقوع كوارث." وتابع أنه يعمل في هذه المهنة منذ ما يقرب من عشر سنوات، لذلك فهو يرى أن أغلب المشاكل التي تواجه المحطة تتمركز في استهتار السائقين أثناء عبورهم شريط السكة الحديد، وعدم سلطته لمنع سائق لغلق بوابة المزلقان، كما أنه من الممكن أن يفاجأ بسائق يسير في عكس الاتجاه، وهذا ما حدث في مرات عدة لسائقين تجاوزا المزلقان وتسببوا في حوادث. ويواصل حديثة قائلا إنه موجود الآن معه فرد مرور على مدار 24 ساعة يوميا، لمنع كثير من المخالفات، وأضاف أنه يجب محاسبة خفير المزلقان في حالة تركه لمكان عمله؛ لأن هذا يعتبر السبب الرئيس لحدوث كثير من الحوادث التي تهدر دماء الأبرياء. وطالب "رجب" المسئولين بمزيد من الحماية لعامل المزلقان ضد البلطجية، مع ضرورة وضع قانون صارم للمخالفين الذين لا يحترمون صوت إنذار القطارات القادمة أو يشتبكون مع عامل المزلقان اعتراضا على غلقه لعبور القطار، مؤكدا أنه يجب تحميلهم المسئولية كاملة كما يتحملها عامل المزلقان إذا قصر في أداء مهام عمله، واقترح وضع بوابات إلكترونية لغلق المزلقان أثناء عبور القطار، فضلا عن الجنزير الذي لا يفيد بشيء، وطالب جميع العاملين على المزلقانات في جميع أنحاء الجمهورية الالتزام بأماكن العمل والمواعيد، وذلك لعملهم في مكان حساس داخل هيئة السكك الحديد في مصر وأرواح المواطنين أمانة في عنقهم. واستكمل رأفت إبراهيم ناظر، محطة الشيخ زايد بالإسماعيلية، أن السبب الرئيس لحوادث القطارات هي اقتحام السائقين والمارة لشريط السكة الحديد، مطالبا بوضع بوابات إلكترونية للحد من حوادث القطارات، مضيفا أن عامل المزلقان يحتاج إلى مزيد من سبل الراحة للممارسة عمله كدورة مياه مستقلة وقريبة من مكان العمل، لضمان عدم تركه المزلقان تحت أي ظرف، بالإضافة إلى وسيلة اتصال منتظمة تضمن التواصل بين المحطات للإبلاغ عن القطارات المفاجئة، كما استنكر من حالة الانفلات الأمني التي يعاني منها العاملين بالمزلقان، مما يعرضهم للخطر في معظم الأوقات. ويقول الشرطي تامر عصام، من محافظة الغربية، أنه مقيم لتأدية مهام خدمته في مزلقان الشيخ زايد، وأنه طالب من وزير الداخلية إعطاء أوامر لمدير هيئة السكك الحديد بتغير مواعيد العمل بدلا من الثالثة عصرا، لتكون من التاسعة صباحا، وذلك لصعوبة التعايش في غرفة منعدمة من الخدمات ولا تصلح للاستخدام الآدمي، وأنهى حديثه إلى وزير الداخلية أن ينظر إليهم بعين الرحمة ليس أكثر.