كوب ماء نظيف، هو كل ما يحلم به البسطاء في القرى الذين أنهكتهم المعاناة مع ذلك الكائن المسمى "طرومبة" والتي تعد السبيل الوحيد للحصول على شربة ماء في الكثير من الكفور والنجوع التي أهملت منذ عقود طويلة وبحت حناجرهم مع الأحياء ومجالس المدن في ظل قصر ذات اليد للدولة. "الطرومبة" كائن حديدي يدق لبضعة أمتار في باطن الأرض لاستخراج ماء للشرب، لها ذراع طويلة يضغط عليها لأسفل بقوة فيضخ الماء من فوهة الجسم الحديدي في الوعاء المقابل، عملية بدائية للغاية تتم بشكل يدوي، ما يشكل إرهاقا بدنيا للجميع خاصة وإن كانت تلك على بعد أمتار بعيدة وربما أميال من سكن أهل القرى. فاطمة من سكان المنوفية تقول: الميه وحشة ومالحة ورائحتها كريهة ولكن مضطرين نشرب من الطرومبة مفيش غيرها، المياه هنا تختفي بالأسبوع، وانا تعبت والله من الشيل والحط والمسافة بين البيت والحوض نصف كيلو تقريبا والوقت ضيق وعندي مذاكرة وثانوية عامة". ومن المنوفية للشرقية حيث قرية ابونجاح التي يعتمد سكانها أيضا على مياه الطرومبة، تقول الحاجة فتحية: "نشتري جركن المية ب 2جنيه، و5 جراكن لا تكفي اكل وشرب لذا نلجأ ل(الطرومبة) لتعبئة ماء الحموم وتنظيف الأواني والوضوء،لكن للشرب لا ميتها وحشة". "ايدي نحست"، جملة قالها الصغير إبراهيم الذي أكد أن جلد يده اليمني من الداخل قد مات بسبب دفعه المتواصل لزراع الطرومبة وتعبئة الماء لجدته وامه واخواته البنات المتزوجات. أما رجب محمود فقال: مياه الطرومبة سيئة للغاية ومخلوطة بمياه الصرف الصحي والترع ومليئة بالجراثيم والأمراض وغير مصفاة أو مكررة". وعلى النقيض جاء رأي محمود سعد، الذي قال: "لينا عمر بنشرب منها وأدينا عايشين"، مستطردا: "ورحمة أبويا انضف من مية الحكومة".