سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكولومبيون يسخرون من حصول "سانتوس" على جائزة نوبل للسلام.. والشعب يرفض التصالح مع حركة فارك بسبب السماح لها بالفرار من العقوبات على جرائمها.. ويتهم الرئيس بالتساهل
بحبر مصنوع من دم الأبرياء، أنهى حربا أهلية استمرت قرابة 52 عاما، وأسفرت عن مقتل 260 ألف شخص ونزوح 8 ملايين، ورغم ذلك فقد تساهل أيضا مع مجرمين جمعوا ثرواتهم من عمليات الابتزاز وتجارة المخدرات، ورفعوا السلاح في وجه الدولة، إنه الرئيس الكولومبي "خوان مانويل سانتوس" الحائز علي جائزة نوبل للسلام. استيقظ الشعب الكولومبي أمس الجمعة علي نبأ حصوله علي جائزة نوبل للسلام والتي تتألف من ميدالية ذهبية وشيك بقيمة ثمانية ملايين كورون سويدي ما يعادل 953 ألف دولار، سوف يتسلمها في نهاية العام الحالي، في ذكرى رحيل مؤسس جوائز نوبل العالم السويدي الفرد نوبل. ومنحت جائزة السلام للرئيس الكولومبي "مانويل سانتوس" تكريما لجهوده في إنهاء خمسة عقود من الحرب في بلاده رغم النكسة التي أحدثها رفض الكولومبيين اتفاق السلام التاريخي الذي وقعه مع القوات المسلحة الثورية (فارك). ووقع الرئيس الكولومبي في 26 سبتمبر مع قائد "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" رودريغو لوندونو المعروف باسمي "تيموليون خيمينيز" و"تيموشنكو"، اتفاق سلام تاريخيا لأنهاء النزاع في البلاد، لكن عند عرضه على استفتاء الأحد الماضي رفضه الناخبون الكولومبيون بغالبية الأصوات، ورغم هذه النكسة، أكد الجانبان نيتهما تنفيذ وقف إطلاق النار، وجرت مراسم توقيع الاتفاق في مدينة قرطاجنة الكولومبية ذات الأسوار التي تعود للحقبة الاستعمارية، بحضور نحو 2500 من الشخصيات البارزة الأجنبية والمحلية. وكان من بين الضيوف، الذين طلب منهم أن يرتدوا ملابس بيضاء، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الكوبي راؤول كاسترو، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بالإضافة إلى عشرات من زعماء دول أمريكا اللاتينية والمسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى ورؤساء المنظمات الدولية. ونص الاتفاق علي: نزع الأسلحة من متمردي فارك وتحويل هذه الحركة إلى مجموعة سياسية تتولى مقاعد في الكونغرس الكولومبي، كما نص الاتفاق على تعويضات للضحايا وإجراء محاكمات ووقف إنتاج المخدرات الذي كان يؤجج النزاع، وهذا ما رفضه غالبية الكولومبيين، الذين طالبوا بعدم مشاركة عناصر المتمردين الذين يلقون السلاح في الحياة السياسية وان يودعوا في السجون بدلا من الاستفادة من عقوبات بديلة، ما شكل صدمة كبرى علي أولئك الذين رفضوا الاستفتاء ويعتبرون حصول "سانتوس" علي نوبل هو "عبث وهراء". بلغت نسبة رفض التصالح مع "فارك" 50.24 % ، ويعود سبب الرفض "للسلام الزائف" كما يصفه الكولومبيين، أنه يسمح لقادة حركة فارك بالفرار من السجن والعقوبة التي أقرتها المحاكم الكولومبية ضدهم في اوقات سابقة على جرائم ارتكبوها أو أمروا بارتكابها، بينما كان الاتفاق يتضمن بندا ينص على تأسيس محاكم خاصة لتكون مسؤولة عن إعادة المحاكمات التي جرت لقادة وأعضاء فارك في السابق وعن الذين اعترفوا بجرائمهم فسيصدر ضدهم أحكام مخففة بحيث لا يخضعون فعليا لقضاء أي مدة في السجون التقليدية. وقال أغلب المواطنين الرافضين للاستفتاء أن هذه البنود تشكل تساهلا غير مقبول من جانب الحكومة علاوة على تعهد الحكومة أيضا بدفع تعويضات للمصابين غير القادرين على الحركة من أعضاء فارك ومساعدة الراغبين منهم ماليا لبدء مشروعات صغيرة خاصة بهم. واوضح الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي والذي قاد حملة الرفض الشعبية في الاستفتاء أن اتفاق السلام يتعامل مع قادة فارك بتساهل رغم صدور احكام سابقة ضدهم مطالبا بتعديل بنوده. ووصفت صحيفة " diarionacional الكولومبيون ما حدث بأن المجتمع الدولي قرر أن يمنحه نوبل للسلام وليس شعبه، لأنه تساهل مع المجرمين و أعفاهم من العقوبة، ولم ينتقم لثأر أولئك الذين شردهم تنظيم " فارك". وظل التساؤل حول إذا كان "سانتوس" قد نجح في إنهاء الحرب فلماذا لم تُمنح الجائزة مناصفة مع زعيم تنظيم "فارك". وبموجب التقليد الذي تتبعه، لم تشأ لجنة نوبل توضيح أسباب عدم منح الجائزة مناصفة بين الرئيس الكولومبي وفارك. "استبدال الرصاص بالأصوات والأسلحة بالأفكار هو أشجع وأذكى قرار يمكن لحركة متمردة أن تتخذه... عندما تبدأون رحلة العودة الى المجتمع، انا، بوصفي رئيس الوطن الذي نحب جميعا، ارحب بكم في احضان الديمقراطية". ورحب الرئيس سانتوس، بحركة "فارك" بقرار الحركة الماركسية المتمردة ترك العمل المسلح والتحول الى حزب سياسي. بدأت حركة "فارك" نشاطها في العام 1964 كتمرد للمزارعين، وأصبحت بعد ذلك لاعبا كبيرا في تجارة الكوكايين، وكانت تجند ما يصل إلى 20 ألف مقاتل في أزهى أوقاتها. توفي زعيم "فارك" مانويل مارولاندو، الذي كان يترأس الحركة منذ تأسيسها، في العام 2008 بعد إصابته بنوبة قلبية، ليقتل خليفته في منصب القائد العام ل"فارك" ألفونسو كانو في العام 2011 في عملية للجيش. تضم 5765 مقاتلا، وسوف تسلم أسلحتها تحت إشراف الأممالمتحدة التي تحققت حتى الآن من إتلاف فارك السبت 620 كلغ من المتفجرات. عُرفت الحركة كجناح عسكري للحزب الشيوعي الكولومبي وكحركة عسكرية تعتمد حرب العصابات كاستراتيجية لها، ثم تورطت الحركة في فترة الثمانينات في تجارة المخدرات مما أدي إلى انفصال بين الحركة والحزب الشيوعي الكولومبي. أُدرجت الحركة في لائحة المنظمات الإرهابية في الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي وبرلمان أمريكا اللاتينية وكندا سنة 2005، بينما ترفض كل من فنزويلا وكوبا هذا التصنيف. طالب الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز باعتبار الحركات اليسارية الثورية قوات محاربة لان ذلك من شأنه ان يضطر الحركة إلى ترك اعمال الخطف والارهاب من اجل احترام اتفاقيات جنيف . في مارس 2008 نفذت القوات الكولومبية هجوما عسكريا على معسكر لفارك في أراض إكوادورية أسفر عن مقتل 25 آخرين، ومقتل "راؤول رييس" الرجل الثاني في التنظيم المسلح، في حين اغتيل القائد " ايفان ريوس" في الشهر نفسه على يد قائد أمنه الذي سلم يده اليمنى إلى السلطات الكولومبية كإثبات، وشكل مقتله أكبر ضربة عسكرية للحركة في الاربعة عقود الماضية. وتسبب ذلك في أزمة دبلوماسية حادة بين الإكوادور وكولمبيا وبين فنزويلا وكولمبيا وكاد أن يصل الأمر إلي حرب إقليمية وتبع ذلك اغتيال إيفان ريوس. بعث الرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا برسالة إلى رهينة فارك السابقة انجريد بيتانكور يعرب فيها عن " دهشته واستيائه" للدعم الذي أبدته للعملية الأمنية التي نفذتها كولومبيا في بلاده مطلع شهر مارس 2008.