البرنامج الحكومى يستهدف جذب 10 مليارات دولار خلال 5 أعوام البنوك والبترول أبرز القطاعات المرشحة لاستقبال الطروحات الحكومية فى الوقت الذى أعلنت فيه الحكومة عن وضع خطة لطرح شركات قطاع الأعمال العام، خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بواقع 3 شركات فى كل عام، جاءت توقعات الخبراء مخيبة للآمال، فى ظل استمرار أزمة التفاوت فى سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، بين السوقين الرسمية والموازية، بفارق 43٪، مشككين فى إمكانية نجاح الحكومة فى استكمال برنامج الطرح بالكامل، فى ظل حالة الركود الاقتصادية المحلية، وتباطؤ النمو بالأسواق العالمية، مما يهدد بعدم قدرة الحكومة على جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة. كانت الحكومة استعانت بشركة «إن آى كابيتال»، التابعة لبنك الاستثمار القومى، المملوك للدولة، للقيام بدور مستشار وزارة الاستثمار، لإعداد برنامج طروحات الشركات، الذى ينتظر 10 مليارات دولار من الاستثمارات غير المباشرة، كما تم وضع بنك القاهرة على رأس قائمة الطروحات المرتقبة، بطرح 49٪ من رأسماله، خلال الشهرين المقبلين، هذا بخلاف بنكين آخرين؛ هما: العربى الإفريقى الدولى، والمصرف المتحد، بالإضافة لنحو 6 شركات بترول أخرى، أبرزها بتروجت وإنبى وميدور. وقال إيهاب سعيد، عضو مجلس إدارة بشركة أصول، إن الحكومة يجب أن تضع خطة محكمة لضمان نجاح خطة الطروحات، وتنفيذها فى الجدول الزمنى، دون الإخلال بمراحل التنفيذ المعلن عنها؛ لافتًا إلى أن مصر كانت تبنت برنامجًا لخصخصة الشركات، عبر البورصة فى عام 1997/1998، ولم تتمكن من البدء فيه فعليًا، إلا خلال عام 2004/2005، عند طرح 3 شركات حكومية، وهى: «أموك، وسيدى كرير، والمصرية للاتصالات»، وذلك بالتزامن مع حالة الانتعاش الاقتصادى، التى خيمت على الأسواق العالمية، فى ذلك التوقيت. وأشار الخبير إلى أن توقيت الإعلان عن خطة الطروحات غير جيد، إذ يأتى فى ظل حالة التباطؤ العالمى التى تعانى منها الاقتصاديات فى بعض الدول النامية، والصين، ودول الخليج، الأمر الذى يشكك من قدرة شركات الحكومة على جذب الاستثمارات غير المباشرة، فى الوقت الذى لا تزال فيه أزمة سعر صرف الدولار خانقة، بعدما وصلت فيه الفجوة إلى نسبة 45٪، بين السوقين الرسمية والموازية. ويطالب «سعيد»، الحكومةَ باتخاذ قرارات استراتيجية مهمة، قبل البدء فى أولى الطروحات، التى تبدأ بخفض سعر العملة المحلية، والتى من الممكن أن تمثل حجر الأساس لعودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، بالإضافة إلى الترويج الجيد للطروحات، من خلال سعر طرح أقل من قيمة السهم العادلة، ليمثل عامل جذب رئيسيا، من الممكن أن يؤدى إلى حل مشكلة التوقيت غير المناسب للبدء فى برنامج الطروحات. وقال محمد فؤاد، رئيس شركة جلوبال كابيتال لتداول الأوراق المالية: «إن أبرز ما يقلل من فرصة نجاح طروحات الحكومة، بخلاف أزمة الدولار، التى تعد العائق الرئيسى أمام جذب الاستثمارات غير المباشرة، أن الحكومة الحالية لديها استراتيجية مغايرة عن المعتاد، فى كل الاقتصاديات العالمية، إذ تنظر إلى البورصة كأداة لسد عجز الموازنة العامة للدولة، فى حين أن الأصل هو أن تمثل منصة لجذب الاستثمارات غير المباشرة وإتاحة الفرصة لدخول أموال صغار المستثمرين داخل منظومة سوق الأوراق المالية، بدلًا من السوق المصرفية». وأوضح «الخبير»، أن الاستعجال والبدء فى برنامج طرح الشركات الحكومية، من الممكن أن يؤدى إلى فشل الخطة بالكامل، إذ تبدأ الحكومة بشركات وبنوك رابحة، حتى إذا ما انتهت منها فإنها ستقف عاجزة أمام الشركات غير الرابحة، التى يصعب أن تُعَامل بنفس المنطق، وهو ما يشكك فى قدرة الحكومة على استكمال البرنامج، المقرر فيه طرح 3 شركات على الأقل كل عام، على مدار 5 أعوام، فليست كل الشركات الحكومية مؤهلة للطرح، مطالبًا بضرورة تهيئة المناخ العام للطرح، قبل البدء فى خطة من الممكن ألا تُستَكمَل. وقال شوكت المراغى، العضو المنتدب لشركة «إتش سى» لتداول الأوراق المالية، إن الهدف من طرح شركات قطاع الأعمال، هو جذب استثمارات غير مباشرة، وتوفير عملة أجنبية، يمكن أن تُضَخ فى شريان الاقتصاد؛ مؤكدًا أن بدء الحكومة فى تنفيذ برنامج الطروحات، هو البداية الحقيقية لإعادة النظر فى ماهية بورصة الأوراق المالية، كمصدر لتمويل عمليات التطوير، وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام. ويرى نادى عزام، الخبير فى أسواق المال، أن التوقيت غير مناسب، للبدء فى تنفيذ برنامج الطروحات، متوقعًا أن تؤجل الحكومة الطروحات إلى العام المقبل، بعد الانتهاء من إعداد قائمة بأسماء الشركات المرشحة للطرح، بتوقيت كل شركة على حدة، ونسبة طرحها، لضمان تنفيذ البرنامج بالكامل. وأوضح «عزام»، أن طرح البنوك وشركات البترول لم يكن مفاجأة، إذ سبق أن تم الإعلان عن طرح بنك القاهرة، من شركة ميدور، خلال الأعوام العشرة الماضية، إلا أنه تم تأجيل الفكرة، والتراجع عنها، بسبب ظروف السوق الطارئة التى كانت تشكك من جدوى الطرح فى ظل انخفاض السيولة بالسوق، متوقعًا أن يمثل توقيت الطرح العقبة الأولى أمام نجاحه.