سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مهاب مميش يروي تفاصيل بداية فكرة حفر قناة السويس الجديدة.. 4% زيادة في "العائد الدولاري".. ومليار طن "حمولات" في العام الأول من الافتتاح.. صفقات مع الصين وأمريكا لمواجهة تراجع التجارة العالمية
-أجرينا دراسات لمدة شهر مع الجيش قبل بدء تنفيذ «القناة الجديدة» -عرضت المشروع على «محلب» قبل الرئيس.. و«السيسي» وافق في مكالمة «6 الصبح» -خططنا لاستخدام «الإيرادات» في التمويل.. لكن الرئيس قال: «المصريون هيبنوه وهيمولوه» -احتجزت ممثلي «شركات التكريك» داخل «قاعة» بسبب المماطلة في التفاوض على الأسعار قال الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، إنه لا صحة لما أثير مؤخرًا عن تعرض «إيرادات» القناة لخسائر كبيرة، وأضاف: « رغم انخفاض حجم التجارة العالمية ل 14% خلال العام الماضي، إلا أن القناة حققت زيادة في العائد الدولاري مقداره 4%، و13.5% من العملة المحلية»، موضحًا أن المكاسب المتوقعة من المشروع مبنية على دراسة تستمر حتى عام 2023. وشدد «مميش» في حوار خاص مع «البوابة نيوز» أن التلويح بظهور عدد من قنوات المرور الملاحية الجديدة بمنطقتنا، حول قناة السويس، هو بمثابة حدث جلل ينذر بالخطر، ويؤثر بالتبعية على دخلنا من العملة الصعبة، الذي تحققه القناة سنويا، ما استدعى فكرًا اقتصاديًا جديدًا جاذبًا لحركة التجارة العالمية، خاصة تلك المعتمدة على الملاحة البحرية في نقل البضائع. ومن ملامح هذا الفكر الاقتصادي الجديد، كما يوضح «الفريق مميش»، اعتماد مسئولي القناة أسلوب «الخصم»، والذي يقضي بتخفيض رسوم المرور للسفن التي تمر من القناة خلال رحلة العودة، بعد تفريغ حمولتها في البلد التي تتجه إليه، بدلا من فرض رسوم عالية عليها في حركة عودتها «فارغة»، وهو الأمر الذي كان يضطرها للمرور عبر قنوات أخرى منافسة لقناة السويس. وأضاف: « ما تتعرض له حركة التجارة العالمية من صعود وهبوط، يجعلنا نتأثر بالإيجاب أو بالسلب، باعتبارنا جزءً من تلك المنظومة الضخمة، فالاقتصاد العالمي يشهد أساليب دمج جديدة، تعمل على توفير المصروفات الإضافية، التي كانت تتكبدها أعظم الدول الاقتصادية الكبرى في السابق»، لافتًا إلى أن من بين هذه المصروفات التي تعمل الدول الكبرى على توفيرها حاليًا، رسوم المرور بقناة السويس. ونظرًا لهذه التغيرات في التجارة العالمية، فان قناة السويس، بحسب «مميش» بدأت اتباع أسلوب تسويقي جديد يمكنها من استيعاب حجم التجارة الهائل القادم من كيانات شرق آسيا، وعلى رأسها الصين، فضلا عن الصفقات الناجحة التي أبرمت مع السعودية والكويت والدنمارك، إلى جانب عوامل الجذب الجديدة التي قدمت لأمريكا لتتخلى عن طريق «رأس الرجاء الصالح»، وتعتمد على قناة السويس. وانتقل «مميش» للحديث عن حفر «القناة الموازية»، وقال: «سيجني الشعب مكاسبها الهائلة في ظل زيادة حجم التجارة العالمي، لكن لن تتضح معالمها من العام الأول بشكل مرضٍ»، مشيرا إلى أن بوادر تلك «التوسعات» بدأت تظهر جلية طبقا لإحصائيات المرور بالقناة، وبعد أن كانت توقعاتنا المبدئية مرور سفن بحمولات 340 مليون طن، خلال العام الأول من الافتتاح ل «الممر الموازي»، سجلنا حمولات تفوق مليار طن، بأضعاف ما كنا نتوقعه، ما يشير إلى استجابة العالم وتجديد ثقته في ممرنا الملاحي. ويتضمن مشروع قناة السويس الجديدة مجموعة متعددة من المشروعات المتعلقة بالخدمات البحرية المكملة، والتي قال عنها «مميش»: « هي مصدر هام للعملة الصعبة، فكلما قمنا بتحسين الخدمات البحرية، وطورنا من أساليب الإصلاحات السريعة التي تقدم للسفن، كلما زاد مرور السفن عبر القناة، إضافة إلى المساهمة في سرعة التفريغ». وكشف عن وجود مشروعات شراكة جديدة قدمتها 3 شركات عالمية، أولهم إماراتية - دنماركية، وثانيهم من الصين، وأخري من الكويت، وذلك بهدف تحسين الخدمات البحرية التي تقدم للسفن المارة، وعلى رأسها تموينها بالبترول والاحتياجات اللازمة لها، وأضاف: «نفاضل حاليًا بينهم، بعد دراسة عروضهم لنختار أنسبها لبدء التنفيذ في أقرب وقت». وعن «تنمية محور قناة السويس»، قال إنه مشروع طويل الأجل، قائم على مولد صناعات جديدة بمنطقة «مثلث محافظات القناة»، إضافة إلى خدمات تجارية هائلة، ستشبع بالتبعية نهم السوق المصرية إلى رفع معدلات النمو، والقضاء على البطالة التي يعاني منها الشباب، ويعود بالنفع على احتياطي النقد الأجنبي. وعاد رئيس هيئة قناة السويس بالزمان للوراء، متذكرًا الظروف والملابسات السرية التي صاحبت حفر «قناة السويس الجديدة»، وقال عن فكرة الحفر: «كان من الضروري أن تبدأ الدولة في تنفيذ المشروع الجديد فورا، نظرا لجدواه الاقتصادية العظيمة، التي ستعود بالنفع على الأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن، وهو ما وافق عليه الرئيس السيسي، في بداية فترته الرئاسية، وفطن إلى ضرورة عدم إرجاء التنفيذ، نظرا لارتفاع التكلفة يوما بعد آخر، والأيام أثبتت أن ما تم تنفيذه ب 7 دولارات في السابق، كان سينفذ اليوم ب 13 دولارات». وأضاف «مميش»: « كنا دائمًا ما ندرس إمكانية امتلاك خطين لمرور السفن بالقناة، ذهابا وإيابا، توفيرا للوقت، واستيعابا لسفن أكثر من السابق، وتفاديا لمعوقات قد تطرأ في حال حدوث أعطال تصل إلى حد شل حركة الملاحة لساعات». وتابع: « بتولي الرئيس السيسي للحكم، عرضت الفكرة أولا على المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، وشرحت له التطور الهائل في بناء السفن، علاوة على سرعة نمو حجم التجارة المنقولة للعالم من دول شرق آسيا وخاصة الصين والهند، وهو ما سيزيد من دخل القناة بالعملة الصعبة، وأكدت له أن مصر إن لم تتوسع في القناة، ستظهر مجار ملاحية أخرى بالقرب منا، وهو ما لوحت به إسرائيل مرارا، وعلى الفور طلب مني دراسات مكتوبة لدراسة الموضوع مع الرئيس». وتابع: « بالصدفة دارت بيني وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال نفس اليوم، مكالمة هاتفية حول موضوع آخر، ونقلت له ما دار بيني وبين رئيس الوزراء، فصمت للحظات وقال لي: (شدوا حيلكم)، وظننت أن الرئيس لم يأخذ الموضوع على محمل الجد، على الأقل في الوقت الراهن، نظرا للظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، لكني فوجئت باتصال تليفوني منه في السادسة صباحا، يخبرني خلاله أن مشروع القناة الجديدة، أرقه طوال الليل، وسألني: (فكرتك جاهزة؟)، فأجبته: (جاهزة للتنفيذ من بكره الصبح) فطلب مني الحضور فورا بالخرائط وأوراق الدراسات». واستكمل: « من هنا بدأ مشوارنا في حفر القناة، وأجرينا دراسات مع القوات المسلحة لمدة شهر كامل، حتى هاتفني الرئيس ذات يوم ليتحدث معي حول التطورات، ويخبرني بأننا سنبدأ فورا في التنفيذ، وحين سألته: (يعني هنشتغل فعلا يا ريس؟)، كانت إجابته القاطعة: (أيوه هنبدأ.. توكل على الله.. وكلنا معاك ووراك)». وواصل «مميش» حديثه: « بدأنا الخطوات الأولى، لكن مصدر التمويل كان عائقا، وكان التفكير الطبيعي موجها منذ البداية للاعتماد على جزء من عائدات قناة السويس، لكن تفكير الرئيس جاء عكس التوقعات، حيث راهن على تمويل الشعب لمشروع قناة السويس الجديدة، وأكد لنا أن المصريين لن يتخلوا عن دعم بلادهم في مشروع كهذا، وقال حين اجتمعنا به: ( المشروع ده بتاع المصريين.. وما حدش هيشتغل فيه غيرهم.. ولازم كلهم يشاركوا فيه.. عمالة وفلوس) وبالفعل كانت الفكرة ذكية جدا لأنها خلقت تواصلا حقيقيا بين المصريين وبعضهم البعض، وانتمائهم للفكرة في حد ذاته عزز ثقة الشعب في بلدهم». وأشار إلى أن الرئيس صحبه في سيارته يوم عرض المشروع، وأخبره إنه سوف يطلب منه «طلب مفاجئ» أمام الجميع، وحين طلب منه إخباره عما يدور بخاطره، ابتسم وقال له: «لو قلت لك.. إزاي تبقى مفاجأة؟!»، الأمر الذي أصابه بالتوتر والاضطراب طوال الطريق. المفاجأة كانت، والكلام لا يزال ل «مميش» إنه خلال عرض المشروع بالمؤتمر الذي حضرته وسائل إعلام محلية وعالمية، شرح أن المدة التي نحتاجها للانتهاء من الحفر 3 سنوات، ففوجئ بمقاطعة الرئيس لحديثه، قائلا: «هيّ سنة»، ولصعوبة مناقشة الرئيس حول استحالة الفكرة، زاد اضطرابه أكثر، لكن التكليف كان بمثابة أمر أمام الرأي العام. واستكمل: «على الفور قلت له: (علم وينفذ يا فندم) لكنني لم أكن أتخيل مجرد فكرة أن ينفذ المشروع خلال سنة واحدة فقط، وما زاد من صعوبة الأمر، هو مجرد التفكير في (التكريك)، فنحن نمتلك طاقة تكريك فعلية للقناة، لكن المدة التي ضغطها الرئيس تجعلني مضطرا إلى ثلاثة أضعاف ما تمتلكه القناة». وأوضح أن فكرة ضغط المدة إلى سنة، جعلته يغير أسلوب التنفيذ، والطاقة المستخدمة فيه، وكان الأمر صعبا جدا في البداية، نظرا لارتباط شركات «التكريك» العالمية بأعمال أخرى في أماكن مختلفة، ويصعب جمعها في توقيت محدد، هو مدة تنفيذ المشروع، ما جعل تلك الشركات تطلب أرقاما مبالغا فيها، وفي الوقت ذاته عرضت دول أخرى تنفيذ المشروع بالكامل شريطة ألا يتم الاستعانة بالعمالة المصرية، وهو ما جعلنا نرفض بالطبع، فأمر الرئيس كان واضحا، أن يتم تنفيذ المشروع بأيدي المصريين. وأكد أن مرحلة التفاوض مع شركات التكريك العالمية كانت مليئة بالأحداث والمغامرات، فقد أوكلت المهمة لإدارة تابعة للهيئة، متخصصة في أعمال التكريك، لصياغة العقود معها، وكانت بداية التعقيدات التي وضعوها، هو رفضهم الاعتماد على أبحاث التربة الموجودة لدينا، مع قيامهم برفع الأسعار تدريجيا خلال مرحلة التفاوض، فطالت الجلسات معهم لساعات طويلة، والتي لاحظ خلالها، أنهم كلما شعروا بحاجتنا لإبرام العقود سريعا، ماطلوا أكثر في طلباتهم، ورفعوا الأسعار أكثر. وتابع: « اضطرني ذلك إلى إصدار أوامر للأمن باحتجازهم داخل قاعة التفاوض، وقلت لهم ممنوع عنكم الأكل والشرب لحين الوصول معكم إلى اتفاق، وحين طالت فترة المناقشات من الثامنة صباحا وحتى الواحدة والربع مساء، انهاروا تعبا، ووافقوا في النهاية على ما عرضته عليهم من أسعار، ولوحت لهم بتهديد مفاده (اللى عايز يمضي يتفضل واللى هيماطل يفتح الباب ومع السلامة)، وفي النهاية وقعوا جميعا على ما حددناه من أسعار». وأشار إلى أنه بعد أيام معدودة من تلك المفاوضات تواجدت في مواقع العمل ما يقرب من 45 «كراكة» بدأت الحفر، ومع بدء العمل تم وضع مجموعة من المصريين مع كل «كراكة»، لاكتساب خبرات من الأجانب، لافتًا إلى أن عددا من المعوقات ظهرت وقتها، أبرزها تحرك الرمال تحت «الكراكات»، وسحبها باتجاه القناة. وكشف أن الرئيس السيسي كان يتصل بهم يوميا خلال فترة العمل، ليسألهم عما أنجزوه من أعمال، وقال: « كنت بجهز ورقة بكافة التفاصيل يوميًا، منتظرا مكالمة الرئيس».