سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إسلام ممدوح "خبير المياه": الخطر في السودان وليس في أديس أبابا.. لا أدلة على فقدان مصر 15 مليار متر مكعب من حصتها في مياه نهر النيل نتيجة "سد النهضة".. الأضرار المباشرة للسد يمكن تفاديها
وسط كل هذا الصراخ هنا وهناك ومنذ أيام قليلة، أجرى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو زيارة وصفت بالتاريخية إلى إفريقيا، وتتضمن كل دول حوض النيل وعلى رأسها إثيوبيا، ولأن توقيت الزيارة مربك ويزيد من اشتعال الأزمة، أطلت الأزمة برأسها من جديد خوفًا من الأصابع الإسرائيلية التى تمتد فى العمق الإفريقى لمصر. فى خضم كل هذا، خرج الدكتور إسلام ممدوح الحاصل على الدكتوراه فى الموارد المائية والطاقة والسدود من الجامعة الفيدرالية بلوزان فى سويسرا، وكان موضوعها عن نحر الأنهار باليابان، بنظرية جديدة حول سد النهضة، فحواها أن أزمة إنشاء السد ستكون مع الجانب السودانى وليست مع إثيوبيا، قائلًا إن زيادة مياه النيل الأزرق بنسبة 6 مليارات م3 سنويًا بسبب سد النهضة، ستدفع السودان لتكثيف المشروعات الزراعية على جانبى النهر ما يعنى فقدان مصر لكميات كبيرة من المياه، وأكد ضرورة التفاوض مع الجانب السودانى على عدم زيادة حصته من مياه النيل، كما طالب بضرورة إزالة خزان جبل الأولياء فى جنوب السودان. بدأت مسألة سد النهضة تتوارى جانبًا، وسط مشاهد أخرى قد تبدو أكثر اشتعالًا، إلا أن ذلك لا يطغى عليها، بل ربما يكون حافزًا وراء اكتشاف حل لها. وكان "للبوابة نيوز" لقاء مع الخبير المصري، رد من خلاله على كل التساؤلات التي تدور في اذهان المواطنين وفتح ملفات خطيره للغاية، والى نص الحوار ،،، *هل هناك حاجة لإعادة هيكلة السد العالي؟ لا أريد أن أكون صادمًا للمجتمع، ولكن نسب البخر فى بحيرة السد أصبحت أكبر مما هو متاح أو مقبول، حيث تزيد نسب البخر علي 10 مليارات م3 سنويًا، وهذه مياه كافية لزراعة ملايين الأفدنة، لذا يجب إعادة هيكلة السد العالي، وأعتقد بالوصول إلى صياغة مناسبة مع إثيوبيا سيكون التخزين فى إثيوبيا أقل كُلفة، حيث تبلغ نسبة الفاقد بالبخر نصف الفاقد عنه فى مصر، ولكن ذلك مع ضمان سياسى بعدم تلاعب إثيوبيا بمصر، وهناك أمثلة عديدة على قيام مثل هذه الخزانات سواء فى فرنسا أو سويسرا ■ لديك نظرية مخالفة لكل ما هو مطروح فى قضية سد النهضة، كيف نشأت تلك النظرية؟ - فى البداية أدهشنى أن كل الخبراء تجاهلوا الأثر المستدام نتيجة تشغيل سد النهضة، وانصبت كل جهودهم على الأثر الاستثنائي، وهى فترة ملء خزان السد، ذلك لأن سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا ليس إلا «محطة توليد للطاقة»، ولكن بالنسبة للسودان هو السد العالي؛ فإثيوبيا ستعمل على زيادة مياه النيل الأزرق حتى تستفيد من اختلاف المناسيب لزيادة حجم الطاقة المولدة، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للسودان التى تريد إقامة مشروعات زراعية واستصلاح اعتمادًا على ضبط سد النهضة، أو «regulation» لمياه النيل الأزرق، فبعدما كان النيل الأزرق شديد الانحدار لا تستطيع السودان شق قنوات أو ترع، بالإضافة لعدم قدرتها على التحكم فى فيضانها، أصبحت الآن تستطيع التحكم فيه وإقامة مشروعات زراعية. ■ ماذا تعنى بزيادة مياه النيل الأزرق؟ وكيف تزداد؟ - تصريف حوض النيل الأزرق يتراوح بين 45 – 55 مليار متر مكعب، وتستفيد منه مصر والسودان بنحو 43 مليار متر مكعب فقط، والباقى يتم خسارته فى شهور الفيضان، ولكن مع إنشاء سد النهضة وتنظيم عملية الفيضان، سوف تزداد حصيلة النيل الأزرق ل 50 مليار متر مكعب كاملة، أى زيادة بنسبة 6 مليارات متر مكعب. وخلال دراستى لسد النهضة، فإن إثيوبيا تريد زيادة تصريف مياه النيل الأزرق ل 70 مليار م3 بدلًا من 50 مليارًا، وذلك لأنه كما ذكرنا كلما زادت نسب المياه ارتفعت نسب الطاقة الكهربائية المولدة، والتى تحتاج إليها إثيوبيا «بالبلدى إثيوبيا جعانة طاقة»، حيث إنها تقوم بعمل مشروعات وسدود صغيرة أخرى داخل أراضيها من أجل تقليل نسب المياه المفقودة لزيادة تصريف مياه النيل الأزرق، لذا يجب على مصر أن تشترك فى عمليات التمويل والمراقبة وتنفيذ المشروعات مع إثيوبيا. ■ ألا ترى مبالغة فى أن تكون مصر ممولة أو منفذة لمشروعات سدود داخل إثيوبيا؟ - إثيوبيا دولة صديقة ولنا معها مصالح مشتركة، والمصالح تقتضى التعاون والعمل المشترك، بل يمكن إنشاء شبكة ربط كهربائى بين مصر وإثيوبيا من خلال الاشتراك فى تنفيذ محطات توليد كهربائية عبر إقامة سدود المرتفعات والتى تتوافر فى إثيوبيا، وأهم ما يميز هذه المشروعات هى أنها ستوفر إقامة محطات حرارية مكلفة فى مصر، فضلًا عن كونها طاقة أرخص، فهى الأسرع فى العالم. ■ إذا كيف تستفيد مصر من نسب زيادة المياه فى سد النهضة؟ - من خلال إجراء مفاوضات مع السودان وليس مع إثيوبيا، بمعنى الاتفاق مع السودان على عدم زيادة حصتها من مياه النيل علي 18.5 مليار م3، وعدم إقامة مشروعات استصلاح زراعى دون موافقة مصرية، كما يجب ألا ننسى أن حصول السودان على استقلالها عام 1956 كان بناءً على احترامها واعترافها بمعاهدة مياه النيل عام 1929، واستنادًا لمعاهدة 1959 أيضًا. ■ ولكن إثيوبيا رفضت اتفاقية 1959؟ - إثيوبيا رفضت الاتفاقية من باب «أنا صاحبة حق»، حيث إنها تريد الاشتراك فى اتفاقية الاستفادة من مياه النيل، ولكن فنيًا ولكل الأسباب التى ذكرناها لن تستفيد إثيوبيا من مياه نهر النيل. ■ ولكن من الممكن أن تستهلك إثيوبيا مياه بحيرة السد فى الزراعة؟ - هذه «كارثة علمية»، لأن إثيوبيا التى أنشأت سد النهضة فى أكثر منطقة انخفاضًا فى أراضيها، ستقوم برفع المياه مرة أخرى لرى أراضيها؛ وبالنظر لحوض النيل الأزرق سنجد أنه حوض جبلى وعر يتكون من عدة روافد وتنتهى هذه الروافد فى مجرى النيل الأزرق قبل الحدود السودانية. ■ ولماذا تقول إن إثيوبيا لن تستخدم المياه فى الزراعة؟ - الزراعة فى إثيوبيا تقوم على الأمطار، وهى علميًا يطلق عليها «blow water»، بالإضافة إلى طبيعة الأرض الإثيوبية الوعرة شديدة الانحدار، والتى لا تتم زراعتها إلا بواسطة مضخات عملاقة، وتكون جدواها الاقتصادية «صفرًا» إن لم تكن خسارة. كما أن كل ما تستطيع إثيوبيا زراعته على ضفاف النيل الأزرق هو مساحة «مليون و300 ألف فدان فقط»، لأنها الأرض الممهدة، والباقى تروى بمياه الأمطار، نظرًا لتدرجها وانحدارها، وحتى تقوم إثيوبيا برى المليون فدان، ستقوم بعمل مشروعات سدود لمنع الفيضانات فى حوض النهر، مما سيوفر نحو 15 مليار م3، ستزيد من حصة مصر فى نهاية الأمر. ■ كيف تتعارض مصالح مصر والسودان؟ - مصر والسودان الشمالى «بدءًا من الخرطوم وحتى الحدود المصرية» تعتمدان فى الزراعة على مياه النيل لعدم وجود أمطار، والمشروعات التى أقامتها السودان من زيادة السعة التخزينية للسدود والإكثار من مشروعات الاستثمار الزراعي، ينبأ بأنها سوف تزيد من حصيلة استهلاكها للمياه. ■ ما المشروعات التى أقامتها السودان التى أضرت بمصر؟ - قامت السودان ببناء سد مروى فى الشمال، وقامت بتعلية السدود القديمة مثل سنار وسد العالى ستيت وسد الروصيرص؛ وكل هذه المشروعات تزيد من استهلاك السودان من المياه، فضلًا عن قيامها بالتوسع فى المشروعات الزراعية، وهذا يمثل تهديدًا للأمن القومى المائى المصري. وللأسف مصالح مصر والسودان متعارضة فى مسألة استهلاك المياه، فنقطة المياه التى سيتم استهلاكها فى السودان لن تأتى لمصر؛ وذلك لتشابه الظروف المناخية بين مصر والسودان فى عدم سقوط الأمطار واعتمادهما على مياه النيل فقط. ■ هندسيًا لماذا أنشئ سد النهضة فى هذه النقطة على الحدود؟ - بالنظر إلى طبيعة حوض النيل الأزرق، فإنه شديد الانحدار، ولا يكتمل متوسط تصريف مياه النيل الأزرق «43 مليار م3»، إلا فى هذه النقطة تحديدًا؛ وإثيوبيا تريد الطاقة لأن السد ليس إلا محطة كهرباء بالنسبة لها، كما أنها تريد استغلال وجود جبلين يمثلان «زور السد» يمكن استغلالهما للحفاظ على قوة ومتانة السد، بالإضافة لكونها منطقة ضيقة ويمكن من خلالها إنشاء اختلاف مناسيب المياه بشكل أكبر، مما يساعد على توليد الطاقة الكهربائية؛ وتم اختيار هذه النقطة من بين 32 نقطة اختبرها الجيش الأمريكى عام 1954 وقدم بها مذكرة لإمبراطور إثيوبيا فى ذلك الوقت «هيلاسلاسي»، ولأن هذه النقطة هى أسرع نقطة يمكن من خلالها تحقيق أكبر عائد اقتصادي. ■ هل سيتم تنفيذ كل هذه السدود؟ - إثيوبيا لديها مشروعات سدود كثيرة جدًا، ولكن كلها تتوقف على عمليات التمويل وحساب الجدوى الاقتصادية لها. ■ يدور الكثير من الكلام فى الأروقة حول إنشاء إثيوبيا 6 سدود وليس سدًا واحدًا؟ - قبل أن أجيب على السؤال، دعنى أشرح ماهية سد النهضة وكيفية التوليد به؛ محطة سد النهضة عبارة عن محطتين من الكهرباء «المحطة الأولى عبارة عن 10 توربينات» كل توربينة بحجم 375 ميجا وات، بحجم 3750 ميجا وات سنويًا، أما المحطة الثانية فستكون 6 توربينات بنفس القدرة السابقة، بإجمالى 2250 ميجا وات، وبهذا تكتمل ال 6 آلاف ميجا وات، هى حجم الطاقة المقدر توليدها من السد، إلا أن هذه الأرقام تبدو مبالغًا فيها، لأن معامل الكفاءة فى سد النهضة سيكون 28٪ فقط، وهذه نسبة أقل من المعمول بها فى العالم، فمثلا معامل الكفاءة فى السد العالى 43٪ وهذه نسبة جيدة. وبالنسبة لسؤالك، لا توجد سدود أخرى بخلاف السد المساعد وهو عبارة عن سد ركامى مساعد لسد النهضة، ووظيفته خلق أكبر قدر من ارتفاع المياه لتوليد أكبر نسبة من الطاقة الكهربائية، وهذا موجود فى العالم كله، كما أنه يتيح له مرونة أكبر فى عملية التوليد والتشغيل. ■ ولكن السائد الآن فى الشارع المصرى هو فقدان مصر من 15 -20 مليار م3 بسبب سد النهضة؟ - من السهل تصدير الفزع للناس، ولكنه كلام بدون أدلة؛ بمعنى أنه مرة أخرى يدور الكلام عن الضرر المباشر والاستثنائي، وهذه أضرار يمكن تفاديها بالوصول إلى صياغة معينة مع الجانب الإثيوبي، بوضوح قد تفقد مصر أكثر من هذه الأرقام خلال فترة الملء، وهذه هى المدة التى تتفاوض عليها مصر، فإثيوبيا تريد ملء السد بأسرع وقت ممكن، ومصر تريد الحفاظ على حقوقها فى مياه الفيضان، لذا يجب التوصل إلى صياغة مناسبة بين الدولتين أثناء ملء السد فقط، وأمام إثيوبيا: إما ملء السد فى فترة 14 شهرًا، أو أن تطول الفترة ل 7 سنوات. ■ إذًا مصلحة مصر أن تكون فترة ملء السد أكبر؟ - ليست بالضرورة، وذلك لأنه من الممكن أن تكون الفيضانات خلال هذه السنة ضخمة، لذا من مصلحة مصر بدء إثيوبيا ملء خزانها، لأنها لن تؤثر على حصة مصر، وهذا يختلف مع مواسم الجفاف؛ وهذا يعنى أنه يجب أن تكون هناك مرونة مصرية وإثيوبية أثناء فترة ملء خزان السد. ■ بان كى مون فى أحد تصريحاته حذر من خطورة الجفاف فى إثيوبيا، ألا يشكل الكلام خطورة على مصر؟ - بداية كلمة «جفاف» مطاطة، ويجب تعريف معنى الجفاف ونسبه، هل هو جفاف بنسبة 10٪ أو 50٪، وعدم ترك الكلمة على عواهنها، بالإضافة إلى أن إثيوبيا 10 أحواض نهرية، لذا يجب التعريف بالحوض الذى يعانى من الجفاف وعدم تصدير الخوف والفزع للناس. ■ لماذا تحذر من زيادة النمو السكانى فى منطقة حوض النيل؟ - أكثر ما يرعبنى فى منطقة دول حوض النيل، هو ارتفاع نسب النمو السكانى (مصر 24٪ سنويًا، والسودان حوالى 26٪ سنويًا، وإثيوبيا 3٪ سنويًا) وهذا ضعف المعدل العالمي، وبطبيعة الحال تزداد احتياجات الدول طرديًا مع النمو السكاني، لذا يجب وقف النمو السكانى بشكل سريع وإلا دوّت أصوات البنادق وارتفعت رايات الحروب. ■ لكن الموقف الإثيوبى «متعنت» وتأجيل إجراء الدراسات الفنية للسد يعطى انطباعًا بعدم المصداقية؟ - تعامل وزراء الرى مع الأزمة لم يكن على المستوى، وآخرهم الدكتور حسام مغازي؛ كما أن إصرار مصر وإثيوبيا على إجراء الدراسات الفنية هو «مضيعة للوقت» ولن يحل أزمة؛ ولا أرى ضرورة لها، فحساب الأضرار معروف، ويجب على وزارة الرى أن تعى ذلك، والاتفاق الإطارى أوضح ذلك. ■ ولكن بعض الخبراء هاجموا الاتفاقية الإطارية الموقعة فى مارس 2015؟ - الاتفاقية الإطارية من أهم الخطوات التى ستسهم فى حل مسألة سد النهضة، وتصب فى مصلحة مصر، وبنودها تشير بوضوح إلى عدم الإضرار بمصالح مصر المائية، ويحوى بنودا مهمة، على رأسها اعتراف إثيوبيا بأنه «سد لتوليد الطاقة، والاعتراف بمبادئ القانون الدولى كحكم، والاعتماد على الجغرافيا والسكان والطبيعة المائية فى الاستخدام المنصف، ومبدأ الثقة والأمان، والتسوية وفقا للقانون الدولي». ■ برأيك؛ كيف يعالج المفاوض المصرى مسألة سد النهضة؟ - يجب على المفاوض المصرى ضمان عدم قيام إثيوبيا بفتح بوابات السد بشكل متعمد مما يؤدى لحدوث فيضانات، وأن تكون هناك بعثة مصرية تراقب عمليات تشغيل سد النهضة، ويعتبر مخالفة ذلك بمثابة «عمل عدائى ضد مصر»، أما السودان فيجب أن نضمن ألا تستهلك متر مياه واحدًا زيادة علي حصتها. ■ مع بدء افتتاح المرحلة الأولى من سد النهضة، هناك زيارة تاريخية لرئيس وزراء إسرائيل، كيف ترى ذلك؟ - إسرائيل لديها استثمارات سواء فى مجال زراعة الزهور أو قصب السكر، ولكن أنا لا أريد تصدير الفزع من خلال العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية، وأن إسرائيل «ستأخد مياه النيل منا» كل هذا كلام علميًا خاطئ، يجذب العامة، ولكنه دون دليل علمي، فإثيوبيا تريد الرد على مصر من خلال دولة تكرهها، فضلًا عن قيام إسرائيل بمعاونة إثيوبيا فى كثير من المجالات، ما قد يتيح لها دورًا أكبر من مصر التى قزّمت دورها بشكل كبير خلال فترات سابقة، وأنا لن أقبل بالنظرية القائلة بأن شركة كهرباء إسرائيل ستدير سد النهضة، فإثيوبيا ليست دولة جاهلة، وهذا ليس أول سد تبنيه، حيث إنها أنشأت سد تكيزى على نهر عطبرة عام 2009 بجهودها. ■ هل توجد مشروعات قد تزيد من تصريفات مياه نهر النيل؟ - كل الكلام يدور حول استغلال مياه المستنقعات فى جنوب السودان، من خلال إنشاء قنوات، وعلى رأس ذلك يأتى مشروع قناة «جونجلي» متناسين المشكلة الأساسية فى ضعف انحدار النيل الأبيض بشكل كبير، إذ يبلغ نحو «13 – 14 مترًا» فقط، فى كل المسافة بين مدينة ملكال فى جنوب السودان وبين الخرطوم وهى تقدر بنحو 900 كم، وهذا ما يخلق المستنقعات والبرك فى جنوب السودان، فضلًا عن وجود خزان جبل الأولياء الذى أقامه الإنجليز عام 1937، والذى أضعف انحدار النيل الأبيض بمقدار 4 أمتار أخرى، لذا يجب إزالته وتطهير النيل الأبيض، والذى يزيد من إيراد النيل بنسبة 19 مليار م3 من ال 120 مليار م3 التى تضيع فى مستنقعات الجنوب. كما يجب بناء عدة سدود فى إثيوبيا لزيادة تصريف مياه النيل الأزرق، ولكن مع العلم أن كل ما يستطيع نهر النيل حمله من مياه هو 95 مليار م3 سنويًا، أكثر من هذا تحدث فيضانات وانهيارات، بالإضافة لإعادة هيكلة السد العالي. ■ ماذا تعنى بإعادة هيكلة السد العالي؟ - لا أريد أن أكون صادمًا للمجتمع، ولكن نسب البخر فى بحيرة السد أصبحت أكبر مما هو متاح أو مقبول، حيث تزيد نسب البخر علي 10 مليارات م3 سنويًا، وهذه مياه كافية لزراعة ملايين الأفدنة، لذا يجب إعادة هيكلة السد العالي، وأعتقد بالوصول إلى صياغة مناسبة مع إثيوبيا سيكون التخزين فى إثيوبيا أقل كُلفة، حيث تبلغ نسبة الفاقد بالبخر نصف الفاقد عنه فى مصر، ولكن ذلك مع ضمان سياسى بعدم تلاعب إثيوبيا بمصر، وهناك أمثلة عديدة على قيام مثل هذه الخزانات سواء فى فرنسا أو سويسرا. ■ كيف نواجه احتياجات مصر من المياه؟ - المياه الجوفية غير متجددة، وهو خزان استراتيجى ينبغى عدم المساس به إلا فى الظروف الاستثنائية، ولا يمكن الاعتماد على مشروعات تحلية مياه البحر، لأن متر المياه المحلاة يتكلف نحو 5 جنيهات، وبالتالى استهلاكه فى الزراعة «عبث»؛ ولكن من الممكن الاعتماد على مشروعات تخصيب السحب، وهى عبارة عن عمليات تكثيف للسحب، بحيث تزيد من إسقاط الأمطار، وتم تنفيذ هذه العمليات فى روسياوجنوب الصحراء فى إفريقيا، ويمكن الاعتماد عليها فى شمال مصر، حيث تبلغ معدلات سقوط الأمطار نحو 190 ملم سنويًا خلال فصل الشتاء، ويمكن رفعها إلى نحو 350 ملم وذلك بعمق نحو 100 كم، مما يخلق غطاء نباتيًا مثل جبال لبنان أو فلسطين.