أكدت مؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان عن مخاوفها الشديدة ومشاعر خيبة الأمل والصدمة الضخمة لها بعد تضليل طويل من الحكومة عن المعلومات الحقيقية على الشعب المصري حتى إعلان أثيوبيا أمس تحويل مجرى نهر النيل في فرع النيل الازرق واحتجاز جزء من مسار النهر في أهم رافد تحصل منه مصر على حصتها اليومية من النيل، وقيام شركة إسرائيلية بإدارة سد النهضة الأثيوبي .. وقال الناشط الحقوقي عماد حجاب المسئول عن ملف نهر النيل والتعاون مع دول حوض النيل والذي أنشئته المؤسسة مؤخرا ل (الوادي) "بعد اتخاذ أثيوبيا للإجراءات الفعلية لإنشاء سد النهضة وتحويل مجرى النهر مما سيقلل من حصة مصر من مياه النيل وتشغيل محطات كهرباء السد العالي ، تعتبر المؤسسة أن هذا الملف التنموي والحقوقي سيمثل أحد أهم الملفات في مصر خلال الفترة القادمة. وطالب حجاب الرئيس محمد مرسى بسرعة تشكيل فريق إدارة أزمة بعد تحويل أثيوبيا لمجرى نهر النيل ليضم أفضل الخبرات المصرية في التخصصات المتعلقة به لا دارة أهم ملف وهو المياه والري وأن يشكل هذا الفريق من الكفاءات بصرف النظر عن الانتماءات السياسية. كما طالب بإقالة وزيري الري والزراعة بعد تصريحاتهما غير الصحيحة عن سد النهضة والتصريحات الخطيرة لوزير الري خلال زيارته لأثيوبيا والتي ادعى فيها عدم تأثير السد على حصة مصر... وأضاف أن الأيام القادمة صعبة للغاية وتحتاج لتحركات سريعة على المستوى الحكومي والشعبي لخطط طويلة الأمد للحفاظ على المياه التي تصل الحدود المصرية، وإستراتيجية تنموية للتعاون مع دول حوض النيل لان أفريقيا هي حقا خط الدفاع الاستراتيجي للمصالح المصرية. التأثيرات السلبية على مصر : نتائج كارثية تكذب التصريحات؟! اما عن التأثيرات السلبية التي ستنتج على مصر، جراء إنشاء هذا السد، فتؤكد الدراسات التي أجراها أساتذة جامعة القاهرة، والتي تم تأكيدها بالدراسات العالمية والتقارير أن التأثيرات المتوقعة لإنشاء سد النهضة خطيرة، وقد تكون كارثية على مصر ، وخاصة أثناء فترة ملء خزان السد، وفي حالة تزامن الملء مع فترة فيضان أقل من المتوسط، فإن الآثار ستكون كارثية، حيث يتوقع عدم قدرة مصر على صرف حصتها من المياه بعجز أقصى يصل إلى "34%" من الحصة (19 مليار متر مكعب) وبعجز متوسط "20%" من الحصة (11 مليار متر مكعب) طول فترة الملء، والتي تمتد إلى "6" سنوات، ويصاحب العجز نقص في إنتاج الطاقة الكهرومائية من السد العالي (وجميع المنشآت الواقعة بعده) في حدود "40%" لمدة "6" سنوات. وفى حالة حدوث الملء في سنوات متوسطة، فإن بحيرة السد العالي سوف يتم استنزافها، ويقل عمق المياه بمقدار أكثر من "15" مترًا، أي سيصل المنسوب إلى "159" مترًا، ونظرا لكون التخزين في بحيرة ناصر قرني، فإن تأثير أي نمط للسحب من إيراد النهر يكون تراكميا، أي أن تأثير السحب قد لا يكون ملحوظا في حينه، ولكن يظهر تأثيره مجمعاً فجأة عند استنفاذ المخزون الاستراتيجي للبحيرة أثناء فترات الجفاف، وبناء على ذلك فإنه من الممكن حدوث نتائج كارثية، إذا حدثت فترة جفاف تالية لملء السد. وتؤدى تلك التأثيرات إلى نتائج بيئية، واجتماعية خطيرة ( كل "4" مليار متر مكعب عجز من مياه النيل يعادل بوار "1" مليون فدان زراعي وتشريد "2" مليون أسرة في الشارع، وفقد "12%" من الإنتاج الزراعي وزيادة الفجوة الغذائية بمقدار "5" مليار جنيه)، كذلك زيادة تلوث المياه والملوحة، وعجز في مآخذ محطات مياه الشرب نتيجة انخفاض المناسيب وتناقص شديد في السياحة النيلية، وزيادة تداخل مياه البحر في الدلتا مع المياه الجوفية، وتدهور نوعية المياه في البحيرات الشمالية، بالإضافة إلى جميع المشاكل الاجتماعية المصاحبة كما أن إقامة السد ستؤدى إلى زيادة البخر بمقدار "0.5" مليار متر مكعب سنويا على أقل تقدير، عكس ما كان يثار، من قبل، من أن السد سيؤدى إلى توفير المياه عن طريق تقليل البخر من السد العالي. مخاطر ما بعد ملئ الخزان.. وأضاف إلى انه بفرض اجتياز فترة الملء بأقل خسائر، وهذا احتمال ضعيف، فإن مرحلة تشغيل السد قد تمثل تحديات من نوع آخر، حيث إن مبادئ تشغيل سد النهضة تعتمد على تعظيم الطاقة الكهرومائية المنتجة، وهذا يتعارض في بعض الأحيان، خلال فترة فيضان أقل من المتوسط، وسوف يتم تخزين المياه لرفع المنسوب لتوليد الكهرباء وتقليل المنصرف من خلف السد وهذا ما ينذر بحدوث نقص في إمدادات المياه إلى مصر، كل هذا والحكومة المصرية تقف مكتوفة الأيدي أمام تعنت الحكومة الإثيوبية من الاستمرار في إقامة السد وبدء تشغيله وتأثيره على الأمن الغذائي المصري والمائي والبيئي. ومن جهة أخرى أكد الدكتور محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية السابق في ندوة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن هناك عنصرين رئيسيين يتمثلان في السعة التخزينية للسد وفي استهلاك المياه في الزراعات المروية، فكلما زادت السعة التخزينية وزادت المساحة المروية زادت الآثار السلبية. السعة التخزينية للسدود ستكون خصما من مخزون المياه أمام السد العالي الذي يستخدم لسد العجز المائي لإيراد النهر في السنوات التي يقل فيها الإيراد عن قيمته المتوسطة، وبالتالي سيظهر بعد إنشاء هذه السدود ظاهرة الجفاف والعجز المائي في سنوات الفيضان المنخفضة كما كان الوضع قبل بناء السد العالي أما المياه التي سوف تستخدم للري ستكون خصما مباشرا من حصتي مصر والسودان السنوية. والعنصر الثانوي الذي قد يؤثر أيضا في إيراد النهر ولكن بدرجة أقل كثيرا يتمثل في السياسة التشغيلية للسدود. وقد أظهرت نتائج الدراسات المصرية الحديثة للسدود الأثيوبية أنه حتي في حالة قيام أثيوبيا بإنشاء هذه السدود وملئها خلال فترة 40 عاما كاملة فأنها سوف تتسبب في حدوث عجزا مائيا لدولتي المصب أثناء سنوات الملء وأن هذا العجز سوف يحدث مرة علي الأقل كل 4 سنوات ويصل العجز المائي إلي 8 مليار متر مكعب في السنة كحد أقصي وذلك في حصة مصر وحدها ويحدث عجزا مماثلا في حصة السودان، وسوف تقل الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 20% سنويا (600 ميغاوات سنويا. )وبعد الفترة المقترحة للإنشاء والملء واستخدام السدود لتوليد الطاقة فقط فان نسبة حدوث العجز سوف تقل إلي مرة كل 8 سنوات مع زيادة في قيمة العجز الأقصى من 8 مليار متر مكعب إلي 14 مليار متر مكعب من حصة مصر وحدها ومثلها السودان ويصبح متوسط النقص في إنتاج كهرباء السد العالي وخزان أسوان حوالي 500 ميغاوات في السنة. أما في حالة استخدام مياه السدود في الأغراض الزراعية فسوف تزداد نسبة حدوث العجز المائي ليصبح مرتين كل 5 سنوات بواقع (مرة كل 2.5 سنة) ويصل العجز إلي 19 مليار متر مكعب سنويا كحد أقصي في حصة مصر ومثلها السودان (أكبر من إجمالي حصة السودان التي تبلغ 18.5 مليار متر مكعب)، ويقل انتاج الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 1000 ميغاوات سنويا. مواصفات سد "النهضة".. وفي الآونة الأخيرة أطلقت أثيوبيا اسم سد النهضة أو سد الألفية علي سد بوردا بسعة تصل أكثر من 60 مليار متر مكعب وبارتفاع يصل الي 150 مترا وقدرة توليد كهربية تزيد عن 5000 ميغاوات أي أكثر من ضعف السد العالي مما يضاعف من أثاره السلبية علي كل من مصر والسودان. ومن الملفت للنظر أن دراسات وتصميمات هذا السد قد تمت في سرية تامة وفي غفلة من مبادرة حوض النيل وبدون علم مصر والسودان. فيما أكد هنري فيرهفن طالب الدكتوراه بجامعة اكسفورد بالمملكة المتحدة في بحث نشره المعهد الملكي البريطاني للشئون الدولية يونيو 2011: ان السدود الأثيوبية تمثل مكون رئيسيا من استراتيجية أثيوبية قومية لتحويل أثيوبيا من دولة ضمن أشد دول العالم فقرا حاليا حيث يقع ترتيبها رقم 171 من 182 دولة علي مستوي العالم إلي مصاف الدول متوسطة الدخل بحلول فترة 2020-2025. تقدر كميات الطاقة الكهرومائية التي يمكن توليدها علي الأنهار المختلفة في اثيوبيا، حوالي 45000 ميجاوات منها 20000 ميجاوات من النيل الأزرق وروافده. إضافة إلي أهداف أخري منها إعطاء دور القيادة لأثيوبيا في منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل، واحتكار الطاقة الكهربية في المنطقة، واستغلال السدود في الزراعات المروية في أثيوبيا وخاصة في حوض النيل الأزرق باحتياجات مائية في حدود 5 مليار متر مكعب سنويا. خريطة الطريق: اوضحت ورقة د. علام ان السودان شمالا وجنوبا أهم شريك لمصر في المستقبل المنظور، فكلاهما يحتاج لدعم وخبرة واستثمارات مصر، لديهما الموارد المائية والتي من الممكن أن تزيد ايراد النهر، وبهما الأراضي الصالحة للزراعة والرعي، وبهما ثروات من المواد الخام، يمثلان سوقا واعدة للصناعة المصرية الناهضة وللعمالة المصرية الماهرة، أن الوحدة بينهما ستؤدي إلي إجهاض ما يحاك حاليا على المستوي الإقليمي والدولي لتقطيع أوصال السودان وإجهاض محاولات الوقيعة بين البلدين للاستفراد بهما واحد بعد الأخر. ضرورة قيام الهيئة الفنية المشتركة بالبلدين بمناقشة الآثار السلبية للسدود الأثيوبية عليهما واستعراض نتائج الدراسات المصرية والسودانية في هذا الشأن وتوحيد الرؤى نحو هذه السدود. اتفاقية 1959 التي تحكم العلاقة المائية بين البلدين : وعن أهمية السدود التي تنوي أثيوبيا إقامتها قالت الورقة إنها تمثل حلما أثيوبيا قديما للتحكم في مياه النيل الأزرق، وتحقيق أرباح من خلال تصدير الطاقة الكهربائية للدول المجاورة، ان تصبح أحد المصادر الرئيسية للدخل القومي بالعملة الصعبة للمساهمة في نقلة اقتصادية واجتماعية لأثيوبيا تعظيم دورها السياسي بالقرن الأفريقي وحوض النيل كمنتج رئيسي للطاقة في المنطقة. صافي ربح سد منديا وحده يصل 7 مليار دولار من خلال إنتاج الكهرباء وتصديرها الي دول الجوار، قد تزيد الأرباح عن ذلك كثيرا لسد النهضة الذي يفوق سد منديا في السعة وفي إنتاج الكهرباء. ولكن عادت الورقة وأوضحت انه لن تكون هناك جدوى اقتصادية لهذه السدود بدون مباركة مصر والسودان لهذا المخطط وشرائهما جزءا كبيرا من كهرباء هذه السدود. لا يتوفر لأثيوبيا حاليا، البنية الأساسية والشبكات اللازمة لاستيعاب ونقل واستخدام معظم الكهرباء الناتجة عن هذه السدود. بدون مشاركة مصر والسودان لا يوجد مستخدم أخر لهذه الكميات الضخمة من الكهرباء الا من خلال نقلها عبر أراضي السودان أو مصر، وعدم مشاركة مصر والسودان سيؤدي حتما إلي تعطيل مخطط إنشاء السدود الأثيوبية علي الأقل حتى يتم استكمال البنية التحتية الأثيوبية الكافية لاستيعاب كميات الكهرباء الضخمة التي ستولدها هذه السدود، وقد يستغرق ذلك عدة عقود من الزمن. مع العلم ان التحرك المصري الدولي والإقليمي نحو قضية السدود كان قد بدأ بالفعل منذ النصف الثاني من العام المنقض. وقد رفضت مصر دراسات الجدوى لهذه السدود لعدم الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية علي دولتي المصب. كما تم إرسال ملاحظات مصر علي الآثار السلبية لهذه السدود إلي سكرتارية مبادرة حوض النيل، والي المكتب الفني لحوض النيل الشرقي، والي البنك الدولي والسوق الأوربية، والي الاستشاري الكندي لمبادرة حوض النيل، والي المكتب الاستشاري النرويجي الذي يقوم بدراسات الجدوى والدراسات التصميمية للسدود.