يهتمّ الجزائريون للغاية بالتحضيرات المسبقة لشهر رمضان الفضيل، فيبدءون بتنظيف المساجد، وفرشها بالسجّاد الجديد، وتزيينها بالأضواء المتعددة الألوان، كما تحب السيدات تنظيف البيوت وتزيينها، والبدء بتحضير بعض أنواع الأطعمة الخاصة برمضان كالشوربة، الحلوى الرمضانية الشهيّة، إلى جانب المحالّ الخاصة التي تفتح لبيع الزلابية والحلويات الرمضانية. بعد إذاعة خبر الرؤية وإعلان حلول الشهر الكريم، ينتقل الخبر سريعًا في المدن، ويعلن عنه أئمة المساجد في مكبرات الصوت، فيبدأ الجميع بقراءة القرآن الكريم، أو إذاعة آيات منه عبر مكبرات الصوت، ويتبع ذلك إلقاء بعض الدروس الدينية المتعلقة بهذه المناسبة، ويرافق ذلك إلقاء الأناشيد الدينية، أو ما يُسمّى التواشيح. يهنّئ الجزائريون بعضهم بعضًا بحلول الشهر بأمنيات الخير وحسن القبول، ويبدأ الأطفال باللعب في الشوارع بسعادة، لحلول شهر الحلوى والعطايا بالنسبة لحلق الأطفال في الشوارع والساحات العامة، يمسك بعضهم أيادي بعض، يؤدون رقصة شعبية، رافعين أصواتهم بأناشيد ترحّب بقدوم الشهر الحبيب. كما يرددون بعض الأهازيج التي تتوعد المفرّطين، مثل: "يا واكل رمضان يا محروق العظام". ويُسمح للأولاد على غير المعتاد بالخروج ليلًا في رمضان، والبقاء خارج المنزل حتى وقت متأخر لمزاولة احتفالاتهم وألعابهم وأناشيدهم، وهم في غير رمضان لا يُسمح لهم بالخروج من منازلهم بعد المغرب. اتساع رقعة دولة الجزائر، والتباعد بين أطرافها جعل الإعلام بوقت المغرب يتخذ أشكالًا متعددة، إذ لم يعد يكفي الأذان من فوق منارات المساجد، لإعلام الناس بدخول وقت المغرب، بل لجأ الناس إلى وسيلة إضافية للإعلام بدخول وقت الإفطار، وذلك بالنفخ في بوق في اتجاه التجمعات السكانية في الأودية والقرى، وإذا صادف وجود مبنى قديم مرتفع، فإن بعضهم يصعد إلى ظهر ذلك المبنى، ويؤذن من فوقه ليصل صوته إلى أسماع الصائمين. في القرى النائية والبعيدة، يتابع الصائمون قرص الشمس ساعة المغيب ليتحرّوا وقت المغرب، ويُعلِموا ذويهم بدخول وقت الإفطار، بل إن الكثير من أهل الجزائر يلجئون إلى الاعتماد على الرؤية البصرية لغروب الشمس، كما يعمد آخرون إلى استخدام آلة تحدث صوتًا تشبه النفير، واسمها "لاسيران"، والكلمة فرنسية الأصل. ومن الوسائل المستخدمة للإعلام بدخول وقت المغرب إضافة إلى ما تقدّم إضاءة مصابيح خضراء فوق المنارات عند الغروب، إيذانًا بدخول وقت الإفطار. وطوال أيام الشهر المبارك يذاع القرآن الكريم عبر مكبّرات الصوت في المساجد قبل المغرب بنصف ساعة، والجزائريون غالبًا يفضّلون صوت القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله. أما الإفطار، فيبدأ عند أهل الجزائر بالتمر والحليب، إما مخلوطين معًا، أو كل منهما على حدة، ويتبعون ذلك تناول "الحريرة" وهي من دقيق الشعير، وتنتشر بين شرق الجزائر ومغربها. الوجبة الرئيسية والأساس في كل البيوت تتكوّن من الخضار واللحم، أي مزج الخضار بمرق اللحم المحتوى على قطع اللحم، وغالبًا تُطحن الخضار أو تُهرس بعد نضجها لتؤكل مخلوطة معًا، مثل: الجزر مع البطاط مع الطماطم. وهذه الوجبة الأساسية لا يتم تناولها إلا بعد صلاة العشاء والتراويح، ثم تُتبع بشرب الشاي أو القهوة التركية. طعام آخر يتناوله الجزائريون في هذا الشهر وهو "الشوربة بالمعكرونة"، وهي معكرونة رقيقة جدًّا يضاف إليها اللحم والخضر، وتُعدّ وجبة شعبية في الجزائر، ومعها تقدّم السلطات المختلفة. ومن عناصر المائدة الجزائرية طبق "البربوشة" - وهو الكسكسي بدون المرق، كذلك وجبة "الشخشوخة"، وهي الثريد الذي يكون مخلوطًا مع المرق واللحم، يُضاف إلى ذلك طبق "الرشتة" وهو الخبز المقطع قطعًا رقيقة، ويُضاف إليه المرق، مع الكسكسي بالبيسار -المرق بالفول المفروم - والبريوش - وهو الخبز الطري المتشبّع بالسمن، وأهل العاصمة يسمُّونه "اسكوبيدو"، ويؤكل مع الحليب والزبدة وغيرهما. ومن المأكولات الشائعة عند أهل الجزائر "الطاجين"، وتقدّم في أيام مختلفة من شهر رمضان، لكن لا بدّ من وجودها في اليوم الأول من رمضان على مائدة الإفطار، وتصنع من "البرقوق" المجفف، أو الزبيب مع اللوز ولحم الغنم أو الدجاج، ويضاف إليهما قليل من السكر، وتكون مرقته سميكة مثل العسل. بعد تناول طعام الإفطار، يأتي دور تناول الحلوى، وأشهرها هي حلوى "قلب اللوز" وهي على شكل مثلث، تُصنع من الدقيق المخلوط بمسحوق اللوز أو الفول السوداني، ومسحوق الكاكاو، ويُعجن هذا الخليط بزيت الزيتون، وبعد تقطيعه وتقسيمه على شكل مثلثات، توضع على سطحه حبات اللوز، ثم توضع في الفرن حتى تنضج، وبعد أن تبرد تُغمس في العسل. ومن أنواع الحلوى "المقروط" وينطقونها أيضًا "المقروظ" وهو السميد المحشوّ بالتمر، وكذلك "الزلابية" الحلوى اللذيذة التي تقدم في كل بيت، وفي كل يوم، ولها أنواع متعددة مختلفة. أما في السحور، فيحبّ أهل الجزائر تناول "المسفوف" مع الزبيب واللبن؛ و"المسفوف" هو الكسكسي المجفف، وهذا النوع من الطعام أصبح عادة لكل الجزائريين في سحورهم. ويقبل الناس على المساجد بكثرة لأداء صلاة التراويح، حيث يصلونها ثماني ركعات، وأحيانًا عشر ركعات؛ يقرأ الإمام فيها جزءًا كاملًا من القرآن الكريم، أو جزءًا ونصف جزء، ويُختم المصحف عادة ليلة السابع والعشرين، وفي الليالي التالية يبدءون بالقراءة في صلاة التراويح من أول المصحف.