ورغم أننا في القرن الواحد والعشرين إلا أن هناك من لا زالوا يعيشون فى القرون ما قبل الوسطى، لم تصل بهم عجلة الزمن لأي مظهر من مظاهر التمدن ، ظلوا معرضين للتهميش والنسيان يعانون الفقر وقسوة الحياة رغم وجودهم بالعاصمة وعلى أعلى قممها الهضبية ، إنهم سكان منطقة "الدويقة". "نصيبك هيجيلك" كلمة رضا حملت ابتسامة سيطرت على وجوه الجميع ممن سكنوا تلك المنطقة المرعبة التي تجعلهم في كل لحظة تحت خط النار مهددون بالموت تحت الأنقاض، والأعجب هو حزنهم الشديد لقرار رحيلهم عن منطقتهم بعد قرار الرئيس بنقلهم لحي الأسمارات بالمقطم. "المكان رغم أنه ينتمى للمناطق العشوائية والبيوت فيه آيلة للسقوط إلا أنه يمثل "الجنة" بالنسبة لهم وهو ما ظهر من خلال حوارنا معاهم الذي كان هذا نصه. بدأت جولتنا في المنطقة بين المنازل التي يعيشون فيها الأهالي وهي عبارة عن قنبلة موقوتة ويمكن أن تنفجر وتسقط على رؤوس أصحابها في أي وقت، حيث أن 90% من المنازل أيلة للسقوط في أي وقت مما يترتب علي ذلك تهديد حياة ساكنيها. تحدثنا مع الحاجة أم عمر فقالت: لا توجد مشكلة بالنسبة لنا في النقل إلى حي الأسمرات المهم أننا منترميش في الشارع بعد ما نسيب منزلنا ، الحياة هنا صعبة ، علشان أشرب مياه بشتريها بفلوس الجركن ب5 جنيهات، ولو في غسيل أكيد هدفع أكتر من خمسة قائلة " الحياة بالدويقة لا يتحملها الحيوان " . وأشارت أم عمر أنا شوفت البيوت في حي الأسمرات بصراحة فرحت فرحة المجنون وفضلت أسأل جيراني ، بجد هيبقى في عدالة اجتماعية في مصر بعد 20 سنة تهميش وهنعيش بكرامة، دا أنا كنت نسيت إني عايشة . وأضاف عم حسني أحد سكان الدويقة : أنا شايف إن في مشكلة كبيرة وتحدثنا مع المسئوليين أكثر من مرة وأكدوا لنا أنهم سوف يدرسون الموضوع ، أسرتي مكونة من 6 أولاد ومنهم ولد متزوج يعني 9 بالأب والأم ونأخد شقة واحدة فقط طب ازاي، هنا كان لينا بيت كامل وكل واحد ليه مكانه ، بصراحة "نار الدويقة ولا جنة المقطم". فيما أكد عم حسني: نحن لا نرفض النقل من باب العند ولا البغددة ولكن نرحل مقابل العدل في الإسكان ياريت كل مواطن ياخد حقه في مطرح لوحده . ومن الأهالي للخبراء حيث تحدثنا مع د. عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والقانونية والخبير فى مجال العشوائيات والذي قال: للأسف العشوائيات أدت إلى مزيد من العنف الأسري والمجتمعي لشعور سكانها بالإحباط وعدم اهتمام المجتمع بهم وبخاصة الدولة حيث لا توجد عدالة اجتماعية وتعتبر مشكلة المناطق العشوائية في مصر من أكثر القضايا إلحاحاً نظراً لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية تهدد أمن واستقرار المجتمع . وأوضح عادل: هذه الظاهرة زادت بسبب غياب الأمن وغياب متابعة الدولة لقضايا العشوئيات أن تهميش هذه المناطق يشعر سكانها أنهم يعيشون فى كوكب آخر ولا يسمع أحد نداءهم ولا يستجيب لمطالبهم . هذا القهر والكبت قد يولد الانفجار فى أى لحظة ومن المعروف أن التهميش أيضا أدى لظهور الجريمة بكثرة فى هذه المناطق خاصة البلطجة والسرقة والقتل وغيرها.