رفض نشطاء أقباط اللجوء إلى الجلسات العرفية لاحتواء أزمة السيدة القبطية بالمنيا على اعتبار أن هذا الإجراء لا يساعد على حل الأزمات الطائفية لكنه يعمقها. وأكد أقباط أن هذا الإجراء يؤدى إلى إشعار الطرف المعتدى بأنه «أقوى» ما يعتبر مؤشرًا لتكرار نفس الإجراء عند حدوث أزمات مشابهة. وقال جمال أسعد الناشط القبطى المعروف، إن الأحكام العرفية فى مثل تلك المواقف تعد إهدارًا للقانون، والدولة عندما تتحدث عن أحكام عرفية وتقبل بها هذا مؤشر على إسقاط الدولة والقانون والدستور، ومن واقع العديد من الوقائع فى مصر نجد أن الأحكام العرفية يكون بها إجبار وقمع للجانب المسيحي، ويقبلون بها عنوة. وأكد أن تلك الأحكام تترك آثارًا سلبية خطيرة داخل المجتمع، ومع رؤية شاملة نجد أن اللجوء إليها يعمق الأزمة بشكل خطير ولا يحلها، حيث أنها تترك لدى الجانب الضعيف الذى تم إجباره على هذا الحل إحساسًا بالمهانة وفقدان جزء من مفهوم المواطنية لديه، فى الجانب الآخر يؤصل إحساس القوة وإسقاط القانون لدى الطرف المعتدي. وأشار إلى أن تلك الرؤية لا تتعارض مع الجلسات العرفية التى تأتى عقب تطبيق القانون بحزم، وتكون ضمن الأشياء المساعدة لتحقيق السلام الاجتماعي. وقال رامى كامل الناشط القبطي، إن أى جلسات عرفية من أى نوع تشارك فيها الكنيسة أو تشارك فيها أسرة المجنى عليها تعتبر جريمة. وأضاف «عند التعامل مع تلك القضية، يجب أن نضع عدة أسس من أجل عودة حق تلك السيدة المصرية كمواطنة مصرية تعرضت للأذى، وليس كونها قبطية أو مسلمة أو غيرها، وأهم تلك الأسس تطبيق القانون، ورفض فكرة الجلسات العرفية، والتى دائما ما تأتى على حساب حقوق المواطنين». وأكد «كامل» أن العديد من الأقباط يرفضون فكرة الجلسات العرفية، والبعض تحدث عن أنه تجب محاسبة أى راهب أو قس يشارك فى جلسة عرفية غيبت القانون، لأنها لن تعالج آثار الحادثة وإنما ستعمق الأزمة، وتؤدى إلى تغييب القانون، وهذا هو السبب الحقيقى فى تكرار تلك الحوادث بنفس الشكل وبنفس الحلول لكن مع اختلاف الأشخاص والأماكن. وأشار الناشط القبطى إلى أن الكنيسة دورها روحى فى تطييب خاطر الأسر المتضررة، ولا يجب أن تتدخل فى ما يخص التحقيقات، والمؤسسات المسئولة عن تلك الحادثة وإرجاع حق تلك السيدة هى الشرطة والنيابة والقضاء والبرلمان ونواب الشعب، مع دور مؤسسات المجتمع المدنى التى يجب أن تضغط من أجل التحقيق بشفافية فى القضية ومحاسبة كل مجرم تسبب فى أذى للسيدة المسنة وحرق بيوت مواطنين مصريين لأنهم مسيحيون. ووفقا لدراسة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فقد شهدت الكثير من الحوادث الطائفية جلسات صلح عرفية، وفى رصد لها من بعد ثورة يناير 2011 حتى العام الماضي، وُثق رسميًا 51 جلسة صلح عرفية. وحذرت الدراسة أنه بمرور الوقت «تحولت الجلسات إلى ما يشبه النظام القضائى الذى يصارع نظام العدالة الرسمي، وأصبح الصلح العرفى بوابة للهروب من تنفيذ القانون، لما تتضمنه هذه الجلسات من فرض الجانب صاحب الحضور القبلى والعشائرى القوى لشروطه». وقال إسحق إبراهيم، مسئول برنامج حرية الدين والمعتقد فى المبادرة، إن الجلسات العرفية تعاملت بطريقة سطحية مع مظاهر وأسباب النزاعات الطائفية، بدلا من البحث عن جذور المشكلة، ولم يتم وضع أى أنشطة ثقافية أو اجتماعية أو سياسية تساهم وبشكل تلقائى فى خلق أرضية للاهتمامات والحوار المشترك بين المواطنين.