انتهت نقابة المهندسين من إعداد التقرير الفنى الخاص بكشف ملابسات وتفاصيل واقعة حريق الرويعى بالعتبة الذى وقع فجر يوم الإثنين الموافق 9 مايو الماضي، بناءً على قرار من النقيب المهندس طارق النبراوى، وباشرت اللجنة أعمالها منذ 7 أيام للخروج بالأسباب المنطقية التى تسببت فى الحريق الهائل، وسبب سرعة انتشار الحريق الذى خلف أضرارا جسيمة فى فندق الأندلس الكائن بموقع الحريق و3 عقارات فى شارع يوسف نجيب، ومن المقرر إرسال التقرير إلى المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن هذه الواقعة. وقالت اللجنة، فى تقريرها، إنها توجهت إلى مقر الحريق، الاثنين 11 مايو، ورصدت جميع التفاصيل المحيطة بالحادث، حيث تسبب فى تدمير 4 عقارات هى فندق الأندلس، والعقار الكائن ب(7) شارع يوسف نجيب مع شارع الباب الشرقى، والعقار رقم 11 بشارع يوسف نجيب، والعقار رقم 13 بالشارع نفسه، مؤكدة أن الوفد لم يتمكن من دخول مبنى الفندق لاستمرار تصاعد الأدخنة وقت المعاينة الظاهرية، ولكن لوحظ من المعاينة الظاهرية الخارجية، سقوط أجزاء من طبقات البياض بالأسقف والواجهة، ورصدت اللجنة سوء حالة العقار رقم 7 إنشائيا، ما قد يشكل خطورة بوضعه الحالى على المقيمين بالمنطقة، ولوحظ أيضا سقوط أجزاء من أسقف الدور الأرضى داخليا وتآكل أجزاء كبيرة من طبقة البياض، مع وجود ترخيم شديد بعدد آخر من الأسقف وظهور حديد الأسقف مع وجود شروخ شديدة بالواجهة. وتبين للجنة سقوط السلم الداخلى للعقار رقم 11، وسقوط طبقة البياض وبعض الأسقف به، كما لوحظ من المعاينة الظاهرية الداخلية للعقار رقم 13، سقوط طبقة البياض لبعض الأسقف مع وجود شروخ طولية ببعض الأعمدة مع شروخ بالحوائط والسلم. وأكد التقرير أن الشعبة الميكانيكية للجنة أثبتت خلو العقارات المتضررة من شبكات الإنذار الآلية، بالإضافة إلى عدم وجود شبكات إطفاء الحريق ومضخات المياه للمباني، علاوة على ضمور كامل فى شبكات الكهرباء داخل المنشآت المحترقة، وعدم قانونية الإشغالات الموجودة بالمباني، حيث رصد التقرير وجود مواد سريعة الاشتعال داخل العقارات المحروقة مثل «علب إيروسول بويات» وغيرها من المواد التى ساهمت فى سرعة انتشار الحريق، واستشهد التقرير بعدد من الشهود العيان الذين أكدوا وجود محلات فى العقارات المحروقة لبيع «التنر» شديد الاشتعال، وهذا ما ظهر جليًا فى لون اللهب والدخان الأسود الكثيف الناجم عن الحريق بالمنطقة، علاوة على وجود سوائل ومواد بلاستيكية، ما نتج عنه طاقة حرارية هائلة تصل ل 1300 درجة مئوية. وأشارت اللجنة إلى وجود «سيور ماكينات» وجلود صناعية وكاوتشوك ضمن المحروقات، الأمر الذى صعب المهام على سيارات الإطفاء، ورجحت اللجنة سرعة إنتشار الحريق بسبب وجود ضغط بخارى ناجم عن اشتعال سوائل شديدة الإحتراق، الأمر الذى ساهم فى انتقال الحريق من مكان إلى آخر، وصنفت اللجنة نوع الحريق ب «B-A» شديد الاشتعال، كما نفت اللجنة مساهمة درجات الحرارة فى انتشار الحريق كما تداول البعض، موضحة أن درجات الحرارة وسرعة الرياح والرطوبة يوم الحريق لم تعق الاشتعال أو تساعد فى انتشاره. وأعدت اللجنة رسما يوضح السيناريو المتوقع للحظة بدء الحريق، إذ رجحت اللجنة أنه نشب بسبب مصدر حرارى أو شرارة كهربائية ناتجة عن استخدام توصيلات كهربائية عشوائية من أعمدة الإنارة بمنطقة فرش البضائع الموجودة على الرصيف المقابل لفندق الأندلس، وذلك مع وجود مواد من الأقمشة والجلود القابلة للاشتعال، ثم تصاعد الدخان ولهب الحريق الذى وصل لدرجة حرارة عالية، مع غياب أجهزة إطفاء الحريق، وتأخر سيارات الحماية المدنية، حيث تمكن الحريق من التهام واجهة فندق الأندلس فى ظل وجود مخازن للأقمشة وبضائع مختلفة داخل أروقة الفندق، ما ساهم فى سرعة انتشار النيران. وفى الجهة المقابلة للفندق يوجد مول تجارى سكنى وصل الحريق إليه من خلال «منور السلم» بسبب الهواء الساخن وألسنة اللهب التى انتشرت فى ممر المول الذى كان يوجد به عبوات مضغوطة من مواد شديدة الاشتعال مثل التنر والبويات. وأشارت اللجنة إلى أن هذا التصور استند إلى الأساليب العلمية وجاء بشكل مبدئى لكيفية وقوع الحريق، وأما الأسباب الحقيقية فيرجع بها تقرير المعمل الجنائى التابع لوزارة الداخلية التى تمتلك الأدوات والمعدات، للكشف عن أسباب الحريق بشكل أدق. وأوصت اللجنة فى تقريرها بسرعة استصدار قرار بإزالة العقار الكائن ب«7» شارع يوسف نجيب مع شارع الباب الشرقى لما يشكل من خطورة على المنطقة، ويخشى من انهياره، كما أبلغت اللجنة أحد ضباط الحماية المدنية بمنع أى من أصحاب المحلات من الوجود سواء بالعقار أو بجواره حفاظًا على أرواحهم، كما أوصت اللجنة بمعاينة فندق الأندلس لاتخاذ القرار المناسب وتحديد كيفية ترميمه وتدعيمه، وطالبت اللجنة باستصدار قرار لترميم وتدعيم العقارين «11 و13» الكائنين بشارع يوسف نجيب. وشددت اللجنة على أن مهامها تكمن فى البحث عن كيفية عدم تكرار وقائع الحريق مستقبلًا، إذ طالبت باتخاذ الدولة إجراءات صارمة لضمان السلامة والصحة المهنية فى الأسواق والمناطق العامة، وأوصت بمنع الباعة الجائلين من الوجود وعمل أسواق عشوائية دون تأمين لهم ضد الحريق، والتأكيد على عدم استخدام وصلات عشوائية من أعمدة الإنارة من خلال إحكام غلق باب التفتيش الكهربائى للعمود، كما طالبت بمنع تخزين البضائع أو الخامات فى المخازن غير المرخصة. وأوصت اللجنة بالتركيز على وجود أجهزة الإطفاء ذاتية التشغيل تعمل عند ارتفاع درجة حرارة الغرفة عند 67 درجة مئوية داخل المحلات والعقارات، وكذلك وجود أجهزة كشف الدخان لإعطاء إنذار صوتي، وطالبت بوضع شبكات إطفاء تلقائى بالرشاشات داخل الفنادق والمولات التجارية، طبقا لكود الحريق المصري، كما حذرت من وجود مخازن سوائل شديدة الاشتعال داخل جميع أنواع العقارات سواء كان سكنى أو تجاري، وطالبت اللجنة الحكومة بتوفير حنفيات حريق بالشوارع بفارق 100 متر بين كل حنفية حريق وبقطر 2.5 بوصة للمخرج الواحد. وطالبت اللجنة بتفعيل قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الذى يلزم المنشأة التى يزيد أعداد العاملين بها على 50 شخصًا بوجود جهاز للسلامة والصحة المهنية، إضافة إلى وجود منشأة لإدارة الأزمات والكوارث وعمل خطة لمكافحة الحريق وتحليل الحوادث، وأشارت اللجنة إلى ضرورة مراجعة حنفيات الحريق الموجودة بالمناطق، خاصة الأحياء القديمة، وإصلاحها وتجهيز الأماكن غير المجهزة بتلك الحنفيات. وأدرجت اللجنة فى توصياتها الالتزام بالمواصفات الفنية للمهمات الكهربائية مثل المفاتيح والكبلات وأجهزة الحماية والقياس، والأخذ فى الاعتبار التوزيع القياسى للأحمال الكهربائية لدوائر التغذية، وطالبت باختصاص نقابة المهندسين من خلال توكيل من الحكومة، بإصدار شهادات صلاحية للمنشآت فى شتى أنحاء الجمهورية، بالتنسيق مع الإدارة العامة للحماية المدنية، وكذلك تأسيس «المجمعة العشرية» لمهندسى مكافحة الحريق بالنقابة لمراجعة التصميمات وشهادات الصلاحية الخاصة بالمنشآت. وفى تصريحات خاصة ل«البوابة»، قال محمد مصطفى عزب، عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين ورئيس لجنة الحرائق، أن اللجنة اكتشفت قصورا واضحا فى جهاز الحماية المدنية، الذى تعامل بشكل خاطئ مع نشوب الحريق، وذلك من خلال استخدامه المياه التى تسببت فى مردود عكسى وأدت لتفاقم أزمة الحريق، إذ كان يجب استخدام مادة الفوم أو السائل الرغوى للإطفاء، لأن الحريق كان من نوع «A-B» الذى لا يتناسب معه استخدام المياه. وانتقد «عزب» هيئة الأرصاد الجوية بعد تجاهلها إعداد التقرير المطلوب، موضحًا أنه قام بإرسال خطاب إلى الهيئة للاستفسار عن درجة الحرارة وسرعة الرياح والرطوبة فى يوم الحريق، إلا أن الهيئة لم ترد على خطاب اللجنة، ما أجبره على الاستعانة بالإنترنت للوصول إلى نتائج دقيقة فى التقرير، ما ساهم فى تأخر تسليمه، مشيرًا إلى أن لجنته كانت تعمل على قدم وساق خلال الأسبوع الماضى لإنجاز هذا التقرير. وقال «عزب» إن انتشار الوصلات الكهربائية غير القانونية من أعمدة الإنارة يرجح تسبب ماس كهربائى فى الحريق، خاصة فى ظل وجود أسواق من المواد سريعة الاشتعال مثل الأقمشة، وغيرها من البضائع التى تساهم فى سرعة نشوب حريق. وشدد «عزب» على أن تقرير نقابة المهندسين ليس له علاقة بانتماءات سياسية أو كيانات بعينها، منوها بأن التقرير يتناول الجانب الفنى والهندسى للواقعة، كذلك لا يهدف للإساءة إلى أى من مؤسسات الدولة مثل هيئة الإطفاء والأرصاد، ولكن كان حريصًا فى المقام الأول على عدم تكرار مثل هذه الواقعة فى المستقبل وتفادى الأخطاء التى حدثت. كانت نقابة المهندسين شكلت «لجنة تقصى حقائق» الأسبوع الماضى لبحث أسباب حريق الذى نشب فى منطقة الرويعى بالعتبة، برئاسة محمد مصطفى عزب، عضو المجلس الأعلى للنقابة، وعضوية الدكتور مهندس حاتم صادق، رئيس شعبة الهندسة الميكانيكية، وانتصار عباس، عضو المجلس الأعلى للنقابة، وزينب أحمد فهيم، وكيل شعبة هندسة كيمياء ونووية، وعماد توماس، أمين شعبة الهندسة المدنية، ومحمد نبيل، عضو شعبة الهندسة الكهربائية، ومنال سري، عضو شعبة الهندسة المدنية، وأمينة حسن، وكيل شعبة الهندسة الكيميائية.