أكدت الدول الغربية على عزمها تقديم الدعم للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي برئاسة فايز السراج، معبرة عن استعدادها لإعادة النظر في الحظر الدولي المفروض على توريد السلاح لليبيا لصالح قوات الأمن الرئاسي لحكومة الوفاق، والذي تم تشكيله في وقت قياسي قبيل انعقاد اجتماع فيينا حول ليبيا بحجة تمكين الحكومة الجديدة من مواجهة تنظيم الدولة "داعش" الإرهابي، ومنع تدفقات جديدة من المهاجرين المتجهين شمالاً عبر البحر المتوسط رغم أن قادة الحكومة الجديدة ما زالوا يحاولون تثبيت أقدامهم في طرابلس. وقال فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني بعد اجتماع ضم نحو 24 وزيرًا في فيينا، أمس الإثنين، إنه سيقدم لائحة بالأسلحة التي تحتاجها حكومته إلى السلطات المعنية في أقرب وقت ممكن. وبحسب مراقبين فإن هذه الأسلحة ستشمل صواريخ حرارية ودفاعات جوية، بالإضافة إلى أنوع مختلفة من السلاح الخفيف والمتوسط. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: "تلقينا الآن طلبًا، ومن الواضح أنه تتعين مناقشته وإخضاعه للعملية المسئولة عنها الأممالمتحدة"، مشيرًا إلى أن الطلب منطقي لكن ينبغي التعامل معه "بعناية". وأضاف كيري "إنه توازن دقيق.. لكن جميعنا هنا ندعم حقيقة أنه إذا كانت هناك حكومة شرعية، وكانت تلك الحكومة الشرعية تواجه صعوبة في مكافحة الإرهاب.. فينبغي عدم جعل هذه الحكومة الأسير أو الضحية لتحركات الأممالمتحدة". ويسمح للحكومة الليبية بأن تستورد الأسلحة والمواد المتعلقة بها بعد نيل موافقة لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي تشرف على الحظر الذي فرض عام 2011. وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني الذي شارك في رئاسة الاجتماع للصحفيين: "نحن مستعدون للرد على طلبات الحكومة الليبية"، مضيفًا أن الاستقرار في ليبيا أمر شديد الأهمية. واستبعدت القوى الغربية التدخل عسكريًا رغم تنفيذ الولاياتالمتحدة غارات بالفعل على أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا. وقال الدكتور إبراهيم هيبة، أستاذ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة بجامعة تكساس الأمريكية: إن البيان الختامي لاجتماع فيينا جاء مخيبًا للآمال. وأضاف هيبة في تصريح خاص ل"بوابة العرب"، اليوم الثلاثاء: "أن اجتماع فيينا أظهر رغبة بعض الدول الغربية في فرض حكومة المجلس الرئاسي للوفاق الوطني على الشعب الليبي عنوة، وهو ما يعد خطرًا بالغًا على مسار العملية الديمقراطية في البلاد. وأكد الأكاديمي الليبي بجامعة تكساس الأمريكية على وجود انقسام بين المجتمع الدولي على دعم حكومة الوفاق وتقديم السلاح للميليشيات شبه العسكرية من فجر ليبيا ومصراتة فإلى جانب غياب روسيا والصين عن الاجتماع انقسمت الدول الغربية فالأوروبيون أيضًا غير متفقين. وأضاف هيبة: من الواضح أن إيطاليا وبريطانيا يدعمان حكومة السراج في المطلق ودون أي تحفظات وهو ما يعكس رغبة روما ولندن في الاستيلاء على بعض الأموال الليبية المجمدة في هذه الدول تحت عناوين صفقات سلاح وغيرها من المساعدات وهذا يثير قلق الليبيين. وتابع: قد يقدم الإيطاليون والإنجليز على تسليح بعض ميليشيات مصراتة وفجر ليبيا ولكن قطعًا لن يحدث الكثير حتى شهر سبتمبر بعد إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية. وقال أستاذ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة بجامعة تكساس الأمريكية: ما يهمني كثيرًا هو مسيرة التحول الديمقراطي ولكن وبكل أسف ليبيا انحرفت كثيرًا عن مسار التحول الديمقراطي. وأوضح: لا أتصور أن يكون هناك أي تعاون بين الجيش الوطني الليبي بقيادة الفريق حفتر والحرس الرئاسي لحكومة الوفاق في مواجهة "داعش" فالحرس الرئاسي مكون من قوات فجر ليبيا التي دعمت الإرهاب وحاربت الجيش وبالتالي يبدو التعاون أمرًا مستبعدًا والتصادم هو الأكثر احتمالًا. ووصف دعوة اجتماع فيينا لرئيس مجلس النواب الليبي بأنها ترغيب ليس أكثر، وقال: إن المستشار عقيلة صالح لا يزال يمتلك قدرًا كبيرًا من الشرعية ولا مناص من أن يكون جزءًا من الحل؛ لأنه يمثل طبقة عريضة من الشعب الليبي الذي يدعم الجيش. ويرى صالح الزوبيك، الكاتب السياسي والإعلامي الليبي، أن البيان الختامي لاجتماع فيينا حول ليبيا، لم يكن مفاجأة، بقدر ما هو إعلان صريح من قِبل منظمي المؤتمر، لتثبيت المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ومنحه الشرعية كأمر واقع وتحصينه دوليًا. وأضاف الزوبيك في تصريح خاص ل"بوابة العرب"، اليوم الثلاثاء، أن البيان مليء بالتناقضات، وسيزيد من حالة الانقسام التي تشهدها ليبيا، خاصة بتغليب طرف على آخر، وإنكار دور القوات المسلحة في التصدي للإرهاب بشرق ليبيا. وتابع: "البيان في ثناياه قرار بحل المؤسسة العسكرية الليبية، وإعادة تكوينها وهذا أشبه بقرار بريمر في العراق، كما أن فكرة حرس رئاسي أو وطني هي محل جدل وخلاف وينتابها غموض كبير". وأضاف: "البيان فرض إرادة خارجية على الإرادة الوطنية ولا نستغرب أننا سنرى عقوبات أخرى وملاحظات بحق قيادات عسكرية بشرق ليبيا واعتبار أي تحرك هو تمرد على السلطة الشرعية".