إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    اليوم، بدء الصمت الانتخابي للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    رونالدو بعد لقاء ترامب: الشجاعة والمسئولية والسلام أساس المستقبل.. صور    الاتحاد السكندري يوضح موقفه من مستحقات المهدي سليمان    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    مستشار الرئيس الأمريكي: واشنطن تعمل لفرض هدنة وإنهاء الصراع في السودان    أكسيوس: واشنطن تنتظر رد زيلينسكي بشأن مناقشة خطة أمريكية جديدة لوقف الحرب    وكالة ناسا تكشف صورا مقربة لمذنب عابر قادم من نجم آخر    مصر تصنع مُستقبل القارة.. القاهرة تقود «الإعمار الإفريقي»    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    يحيى أبو الفتوح: الذكاء الاصطناعي يستلزم جاهزية أمنية متقدمة لحماية الأموال    إصابة 15 عاملاً في حادث انقلاب أتوبيس تابع لإحدى الشركات بأكتوبر    الحماية المدنية تسيطر على حريق مصنع إطارات بالصف    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    بوتين يجري مباحثات ثنائية مع رئيس وزراء توجو في الكرملين    رئيس المحطات النووية: تركيب وعاء المفاعل نقلة رئيسية نحو التشغيل    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    مصرع طالبة على يد والدها بسبب عدم مساعدته فى العمل برشيد في البحيرة    انقلاب سيارة محملة بالطوب بالطريق الصحراوي الغربي في قنا    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    رشا عدلي: بدأت مشروعي الروائي بوعي.. وأشعر أن روح بطلة «شغف» تسكن الرواية وتدفعها للأمام    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    زيارات ميدانية ومراجعة عقود الصيانة.. توجيهات من رئيس هيئة التأمين الصحي لتعزيز جودة الخدمات    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    (أرجوحة) المصرية تفوز بجائزة عبد العزيز المنصور في معرض الكويت الدولي للكتاب    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    هكذا دعمت بسمة بوسيل تامر حسني بعد تعرضه لوعكة شديدة    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    الأرصاد الجوية: ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة وشبورة مائية على بعض الطرق خلال الأيام المقبلة    الصحة: مرض الانسداد الرئوي يصيب أكثر من 392 مليون شخص عالميا    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    هل دخل الشقق المؤجرة الذي ينفق في المنزل عليه زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    رئيس جهاز مستقبل مصر ووزير التعليم يواصلان جهود تطوير التعليم الفنى    غرامة 100 ألف للمخالف.. بدء الصمت الانتخابى بانتخابات مجلس النواب ظهر غدا    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    جامعة أسيوط تطلق قافلة طبية مجانية لعلاج أسنان الأطفال بكلية طب الأسنان    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    وزير الري يلتقي نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب.. ما لها وما عليها
نشر في البوابة يوم 17 - 05 - 2016

لا تملك الدولة المصرية تجاهل التجارب الناجحة التى أكدت على وجود أدوات بعينها لا يمكن فى غيابها إجراء عملية تحول ديمقراطى حقيقى، تلبى التطلعات الشعبية الثورية المتنامية، والتى على أساسها يمكن أن ترسخ قيم الثورة، وتتجسد مبادئها، وتتحقق أهدافها.
فى هذا الإطار تأتى الأحزاب لتعبر عن المسار الحقيقى والشرعى لكافة تيارات الرأى العام، وما يجول فى طياته من رؤى واتجاهات متباينة، من خلالها يمكن أن تتشكل مشاركة شعبية حاكمة فى صناعة القرار السياسي، إذ من خلال الأحزاب تنهض القوى المدنية بطرح ما لديها من قناعات، وإبداء رؤاها، وما تطلبه من سياسات فى شتى نواحى الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولا يتوقف الأمر عند حد المنافسة الحزبية على مقاعد البرلمان، وهو الوجه الأكثر سخونة للمنافسة الحزبية «لاحظ ما يدره من فرص متوالية للمصالح»، بل يمتد الدور الحزبى إلى نشر التنشئة السياسية بين كافة طبقات الشعب، ليستجمع من خلالها أبناء جدد يتوارثون فكره ويعتنقون مبادئه، ويروجون لأفكاره، ويؤيدون سياساته متى تمكن من الحصول على فرصة تشكيل حكومة تقود عملية إدارة شئون الدولة. وهو أمر شديد الخطورة، إذ يهيئ للمجتمع سُبلًا شتى لصياغة استراتيجية وطنية حاكمة تعتمد على اتجاهات الرأى العام، وتبنى جبهة داخلية متماسكة على أساس من الإلمام بحقائق وأفكار الحزب الحاكم، حين يصعد إلى قمة السلطة بموجب ما له من شعبية توفر قاعدة جماهيرية تضمن له المساندة من جهة، ومن جهة أخرى توفر للحزب تجديدًا مستمرًا متى حرص على الوفاء بمستجدات الفكر السياسى، فيما يعبر عن قدرة الحزب على النمو والتطور وفق ما تمليه حقائق العصر.
من هنا، فإن للأحزاب من الأدوار ما يمكن أن ينهض بها فيشكل نموذجًا للمسئولية الوطنية، حتى وهو خارج زمام السلطة، إذا ما أراد أن يؤسس لقيمه وأفكاره طرقًا آمنة تصل بينه وبين الملايين، وتمتد به إلى آفاق بعيدة فى مستقبل التجربة الوطنية.
غير أن للدولة دورها المهم الذى لا ينبغى لها أن تتراجع عنه فيما ذكرت من مسئوليات وطنية ينهض بها العمل الحزبي، ذلك أن مناخًا ملائمًا توفره الدولة، دونه لا يمكن أن نتوقع خيرًا من الأحزاب، ولا أن ننتظر منها مشاركة حقيقية فى عملية التنمية السياسية وثيقة الصلة بجميع أوجه التنمية، الاقتصادية والاجتماعية.
ولعل الأمر على هذا النحو يشير إلى ضرورة وجود إرادة سياسية واعية بدور الأحزاب، وحقها فى المشاركة فى الحكم، تأكيدًا لحق المجتمع فى حياة سياسية صحية، تعتمد على كافة مبادئ الحكم الرشيد، اعتمادًا على الرغبة فى إعمال مبادئ وأفكار الثورة المصرية. فليس فى غياب منظومة تشريعية، تستند إلى قاعدة دستورية واضحة وقوية فى تأييدها للتعددية السياسية والحزبية، يمكن أن تؤدى الدولة دورها فى دعم الأحزاب، ودفعها نحو أدوارها الوطنية شديدة الأهمية.
والواقع أن الدولة المصرية بالفعل وفرت ذلك فى دستور 2014 الذى حمل الكثير من الآمال نحو بناء دولة ديمقراطية حديثة، تتبنى كافة القيم الراقية الدافعة إلى حركة المجتمع باتجاه التنمية الشاملة، وصولًا إلى تحقيق موقع أفضل يتناسب وموقعنا الفريد فى المسيرة الإنسانية منذ آلاف السنين كأول دولة فى التاريخ، ومصدر الإلهام الأول للحضارات المتعاقبة.
غير أن منظومة القوانين المستندة إلى قيم ومبادئ دستور 2014 ما زالت تنتظر جهدًا أكبر فى المرحلة الراهنة، إذ لا يجب أن نعتبر أن سباقًا برلمانيًا أنجزناه على أفضل وجه، فليس من شك أن ميراثنا فى هذا الشأن ثقيل ومرير، ويحمل علينا الكثير من المهام الجسيمة، دونها لا يمكن أن تتجسد مواد الدستور، ولا روحه الديمقراطية. ومن ثم عسانا نتفق على حتمية تنقية حياتنا الحزبية من كثير من الشوائب التى عانى منها المجتمع إبان الانتخابات البرلمانية، تحقيقًا لمستوى أفضل، يهيئ لنا فرصًا حقيقية للحاق بطموحات الشعب فى حياة كريمة حرة، تندمج بها الدولة المصرية فى المجتمع الدولى على أسس حقيقية من قيم ومبادئ إنسانية مشتركة. لذلك يبقى على الدولة أن تدفع بالتجربة المصرية، وهى تسعى على طريق التحول الديمقراطى، إلى ترقية القوانين المنظمة للحياة السياسية برمتها، والمنوط بها تنظيم العمل الحزبى، لتتفق وما هو معمول به فى المجتمعات التى سبقتنا إلى العمل بالديمقراطية سبيلًا إلى نهضة مجتمعية حقيقية. لا أشير بذلك إلى تدخل الدولة فى العمل الحزبى، فذلك يفرغ العملية الديمقراطية من مضمونها، ويحط من شأنها فى المجتمع الدولى، مثلما يهبط بها فى قناعات الرأى العام فنجده عازفًا كما عودنا عن المشاركة السياسية بجميع أشكالها، بسبب افتقاده المصداقية فى القائمين على العملية الحزبية على وجه الخصوص.
بل إننى أدعو إلى أن تقوم الدولة بدورها فى تنظيم وضبط العملية الحزبية، من خلال توفير آلية واضحة وحاكمة بغرض الرقابة على أعمال الأحزاب، إذ ليس الشأن المالى هو الأهم، فنرى الجهاز المركزى للمحاسبات يراقب الشئون المالية للأحزاب، بينما دورها التنظيمى والفكرى محل تراجع، ومتروك أمره لمن يسيطر على السلطة فى الحزب، وليس جديدًا على ثقافتنا، كما أن السلطة تولد أدواتها الفاسدة التى تمكن أصحابها من البقاء على غير إرادة الأغلبية، ففى ذلك لنا تاريخ حافل لا يناله شك!. فهل تفعل الدولة دون تراجع أمام ضغوط تعبر عن مصالح أصحابها، ولا تلبى ما نتمناه لحياتنا السياسية بعد طول معاناة لقى فيها الشعب نماذج حزبية شوهت وجه العملية الحزبية، حتى بات العمل الحزبى قليل الشأن فى نظر فئات وتيارات غير قليلة من الشعب المصرى، وهو ما يعبر عن إشكالية كبرى ينبغى الانتباه إلى أهميتها وخطورتها على مسار عملية التحول الديمقراطي، إذ لا يعرف العالم أن تجربة نجحت فى التحول الديمقراطى دون أحزاب قوية، تسعى بجدية إلى مسئولياتها الصعبة فى تحسين الوعى السياسى للشعب، ودفعه إلى المشاركة بجدية فى العملية السياسية، فيمنحها مصداقية وشرعية، ويتبنى قضايا وطنه، ويتحمل فى سبيلها ما لا يمكن أن يتحمله لو أنه بقى بعيدًا لا يدرك من الأمر شيئًا سوى أن للسياسة أصحابها الذين يترددون على الشاشات وأمام الميكروفونات يتحدثون فى قضايا تبتعد كثيرًا عما يشغله من قضايا حياتية متعددة، أغلقت أمامه المجال ليشارك فى العمل العام.
ثم يبقى أن تنهض الأحزاب من داخلها بنبذ كل قديم رجعى لا يعترف بالتطورات الجذرية التى أنتجتها الثورة المصرية، ولا بما أحدثته من تغيرات فى مواقف الناس من الشأن العام، ذلك أن الأحزاب لا يمكن أن تقود حياة سياسية ديمقراطية، وهى غارقة فى سُبات عظيم من ذكريات سحيقة، ما كان الدور فيها إلا لرموز تاريخية ولت أيامها، ولن تعود. إذ بقيت السياسة عمل المجموع، لا موهبة الفرد وشخصيته الكاريزمية، إذ لم يعد لدينا حزب يمكن أن يعيش على اسم رئيسه، مهما حاول من تهيئة مشينة لقيم الشللية والمصالح المتبادلة، فيما خنق القرار الحزبى، وجعله حكرًا على مجموعة صغيرة داخل كل حزب، وكأنها مجلس إدارة الحزب، يتحدثون باسم الحزب فى كافة المحافل، ويصوغون سياساته داخل قوالب جامدة من منافعهم الذاتية الرخيصة، بعيدًا عن أبناء الحزب.
من هنا افتقدت الأحزاب الحالية كل شعبية يمكن أن تعطيها شرعية وجودها، اللهم إلا حزب عريق، عاش فى وجدان الأمة المصرية، بدفع من تاريخه النضالى والبطولى فى مناهضة الاستعمار، ثم أنه بات لا يدرك موقفًا يعبر به عن تاريخه الطويل، إلا ما يضمه بداخله من صور لرموزه التاريخية التى حفرت بمواقفها النضالية تاريخًا يخطئ من يتصور أنه يمكن أن يصنع وحده حاضرًا ذا بال، أو يهيئ لمستقبل حزبى، للمال دور فيه فى احتكار السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.