فى مثل هذا الوقت من كل عام يعيش المواطن المسيحى طقوسًا لأحزان وآلام وأيضا أفراح الأسبوع الرائع والأخير والمجيد فى حياة وأيام السيد المسيح على الأرض.. لا شك أن أسبوع البصخة (كلمة بصخة معناها: فصح أى عبور، إشارة إلى الملاك المهلك الذى قتل كل الأبكار، أما أبكار بنى إسرائيل الذين كانت بيوتهم مرشوشة بدم خروف الفصح فعبر عنهم «أرى الدم وأعبر عنكم» (خر 12: 13)، وبعد هذا الفداء بدم الحمل خرج بنو إسرائيل من أرض العبودية إلى أرض الميعاد، وهذا الرمز قد تحقق فى أسبوع الفصح الذى فيه المسيح فصحنا قد ذبح لأجلنا، وبه عبرنا من العبودية إلى الحياة الجديدة)، يعيش المؤمن برسالة المخلص الفادى ساعات من الترقب لمشهد خلاص البشرية، يتشارك فيها مع الكنيسة طقوس ذلك الأسبوع الفريد بالألحان والصلوات الكنسية التى تنقلنا إلى عالم روحى مثالى أبدى سرمدى بديع بأحزانه وأفراحه. ولأن المتابع لسيرة أيام السيد المسيح على الأرض (التى جال فيها يعمل خيرا)، يدرك مشاركة الطبيعة فى عدد من الأحداث المهمة فى تلك السيرة المعجزة عبر الأحداث والأمثال التى كان يعلم بها تلاميذه وأتباعه (منها معجزات الخلق، وإقامة الموتى، والمشى على الماء، وانتهار الرياح والأمواج والبحر، والصعود إلى السماء، والنزول منها، والدخول من الأبواب المغلقة، والولادة من عذراء، وتفتيح أعين العميان، وشفاء الأمراض المستعصية. وباختصار كما قال متى الإنجيلى «كل مرض وكل ضعف، فى جميع السقماء والمجانين..»). لعل من أروع وأقدس لحظات مشاركة الطبيعة لآلام صلب وموت السيد المسيح عندما انشق حجاب الهيكل وأظلمت الأرض، محدثا زلزالاً عظيمًا وتشققت الصخور إعلانا لرفضها موت المسيح البار، كما جاء فى الأناجيل الأربعة بالعهد الجديد، متى (50-51)، «.. فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. 51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ..». وبهذه المناسبة، وفى مثل هذه الأيام من كل عام، يُحكى أن زهرة حمراء بأربعة أوراق على شكل صليب تنمو فى مدينة القدس، و تذبل وتموت أثناء الخماسين المقدسة، وكأنها تحكى بروعة حدوتة أسبوع البصخة لتشارك أتباع السيد المسيح (اللى منهم هيروح ويزور القدس خروجا عن طاعة أمر سياسى ممجوج ومكروه لأنه ضد إحداث بهجة روحية لا مثيل لها!!)، ويبقى السؤال أوجهه لكنيستنا العتيدة: كيف يسمح الله للطبيعة أن تشارك فى التذكير بموت وقيامة المخلص الفادى فى مكان صلبه بالقدس، ولا يتشارك أولاده معه هذه المناسبة الروحية عبر أمر بابوى غير مبرر يطلقه من لا سلطان سياسى أو حتى سلطوى له فى تنظيم حياة العباد ومنعهم من حق إنسانى فى التنقل والسفر والتبرك وممارسة شعائر دينه؟!. أجد هذا السؤال الملح يتوارد إلى خاطرى، إلى متى ستظل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعاقب أتباعها على الذهاب إلى القدس؟!.. إلى متى ستظل رافضة لزيارتهم لرؤية الأماكن المقدسة والتبرك بها؟!.. كيف ولماذا تحرمهم كنيستهم من رؤية هذه اللحظة المهيبة أثناء خروج النور المقدس من القبر بينما أتباع السيد المسيح من مختلف الطوائف المسيحية فى كل الدنيا يتبركون ويفرحون بقيامة مخلصهم؟ أم كنيستنا الأرثوذكسية تشجع أبناءها إلى اللجوء للطوائف الأخرى للسماح لهم بزيارة القدس؟ ما معنى أن الكنيسة تقبل الزيارة لكن فى الخفاء، وكأنه دون علمها ودون إعطاء تصريح وموافقة صريحة لذهاب الأقباط الأرثوذكس إلى القدس لمن قالت إنه لبعض الحالات مسموح لها؟.. وماذا عن العقاب الروحى على فعل له طابع سياسى لمواطن يمارس حقًا إنسانيًا؟!.