أسبوع من الأعياد يمر سنويا على الأقباط، تتباين بهجته مع اسمه «أسبوع الآلام»، لكن هذا العام، يأتى وسط حالة من الحزن بعد وفاة البابا شنودة الثالث، بطريرك الكرازة المرقسية ال117، التى أطبقت على فرحة الجميع، مسلمين ومسيحيين، خلال النصف الثانى من مارس الماضى، ما زالت أحزانها تخيم على «شعب الكنيسة»، والوسط الكنسى خصوصا. هذا الأسبوع الحافل بذكرى آخر ساعات السيد المسيح على الأرض، يتزامن مع أوجاع الثورة المصرية، التى سالت من أجلها دماء أكثر من ألفَى شهيد ومصاب، فى مراحل متتالية، آملة أن ترد أرض الوطن بثمار العدل والحرية، إلا أن أطرافا أخرى قفزت على السلطة، تصر على أن تبقى الأحوال على ماضيها، كالشجرة الملعونة، يابسة لا تثمر. البابا شنودة يغيب لأول مرة عن قيادة قداس العيد أول مرة يغيب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل، شنودة الثالث عن قيادة صلاة قداس عيد القيامة، منذ 40 عاما، فى الوقت الذى احتفلت فيه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والأقباط بالعيد وسط حالة من الحزن على فراق البابا. وأعلن مطران البحيرة ومطروح الأنبا باخوميوس القائمقام البطريركى، فى بيان رسمى صادر عن الكنيسة، أن الكنيسة ملتزمة بصلاة قداس عيد القيامة مثل كل عام، كما أكد تثبيت «احتفالات مدارس أحد» لأطفال الكنيسة كما هى، وعدم حرمانهم من الفرحة بهدية العيد. كما أعلنت الكنيسة عدم إرسالها دعوات حضور قداس عيد القيامة هذا العام، إلى المسؤولين الرسميين بالدولة، والأحزاب والقوى السياسية، على غير عادتها فى كل عيد، نظرا إلى حالة الحداد التى تعيشها لرحيل البابا شنودة فى 17 مارس الماضى. كان البابا الراحل قد استقبل فى قداس عيد الميلاد -آخر قداس عيد له- مطلع العام الجارى، وفدا من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة، الذين حضروا «قداس العيد» لأول مرة بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية. كما استقبل شنودة وفدا من أعضاء المجلس العسكرى الذين حضروا القداس رغم رفض واسع من قطاع عريض من الشباب القبطى، لوجودهم فى قداس العيد، بعد مذبحة ماسبيرو مساء الأحد 9 أكتوبر الماضى، وعدم محاسبة المسؤولين عن موت 27 قبطيا دهسا بالمدرعات ورميا بالرصاص. وفى أثناء توجيه البابا الشكر لهم على حضورهم، قام مجموعة من الشباب من أصدقاء الشهيد مينا دانيال بالهتاف «يسقط يسقط حكم العسكر». ويقود صلاة القداس هذا العيد قائمقام البطريرك الأنبا باخوميوس، الذى يبدو مختلفا عن سلفه البابا الراحل، حيث قرر عدم إرسال دعوات رسمية إلى المسؤولين لحضور القداس، حدادا على رحيل الأنبا شنودة الثالث، ويستقبلهم فقط صباح الأحد «يوم العيد» بالمقر البابوى. وكان للأنبا باخوميوس موقف مختلف يوم جنازة البابا، حيث لم يقم بشكر المسؤولين الذين حضروا، وقام بذلك نيابة عنه الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس، كما قام وقتها بفتح باب الكاتدرائية لكل الشعب لحضور جنازة البابا، رغم الدعوات الخاصة التى وزعها الأنبا آرميا الأسقف العام، ليحضر فقط من يحملها، ولاقى إعجاب كثيرين من الأقباط. سر الاحتفال ب«شم النسيم» عقب عيد القيامة شم النسيم هو عيد مصرى قديم، كان يحتفل به المصريون القدماء فى عهد الدولة الفرعونية فى أول يوم بفصل الربيع، أى فى 21 مارس من كل عام، وحسب كتاب «السنكسار» للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ووفقا أيضا لمقال للقمص يوحنا نصيف عن «عيد القيامة وشم النسيم»، فإن كلمة «شم النسيم» قبطية باللغة المصرية القديمة، ولا تعنى «استنشاق الهواء الجميل»، بل تعنى «بستان الزروع»، وهى مكونة من «شوم» بمعنى «بستان»، و«نيسيم» تعنى «الزروع»، وحرف «إن» بينهما للربط، والكلمة هى «شوم إن نسيم» بمعنى «بستان الزروع». وتَطوَّر نطق الكلمة مع الزمن فأصبحت «شم النسيم» التى يعتقد كثيرون أنها كلمة أصلها عربى. ولما كان الاحتفال بشم النسيم فى مطلع الربيع، فما الذى جعله يأتى فى اليوم التالى لعيد القيامة؟ فبعد انتشار المسيحية فى مصر على نطاق واسع فى القرن الرابع الميلادى، واجه المصريون مشكلة فى الاحتفال بشم النسيم، الذى يتميز بطقس أكل «البيض الملون والأسماك المملحة»، حيث يأتى دائما فى 21 مارس، ويقع داخل الصوم الكبير الذى يمتنع فيه المسيحيون عن أكل الأطعمة الحيوانية، لذلك قام المصريون المسيحيون بتأجيل الاحتفال بشم النسيم إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به فى اليوم التالى لعيد القيامة، الذى يواكب دائما يوم أحد، ليأتى شم النسيم، الإثنين الذى يليه. آلام المصريين من «أربعاء الصلب» حتى «الجمعة العظيمة» احتفلت الكنيسة بأسبوع الآلام، وهو الأسبوع الأخير فى الصوم الكبير (55 يوما)، الذى يسبق عيد القيامة، ويبدأ من قداس أحد الشعانين «السعف»، الذى تُحيِى فيه الكنيسة ذكرى دخول السيد المسيح مدينة القدس، وطرده الباعة والصيارفة من الهيكل قائلا: «إن بيتى بيت الصلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص»، وينتهى بخيانة يهوذا لمعلمه «المسيح»، وبيعه بثلاثين من الفضة لكهنة اليهود ليحكموا عليه بالصلب. وبالتزامن مع إحياء الأقباط تلك الذكرى فى الكنائس، عانت الثورة من البيع من أحد الفصائل السياسية الذين شاركوا بها لصالح النظام السابق، مصداقا لما أشار إليه الفيلسوف والأديب اليونانى نيقوس كازانتزاكس فى روايته «المسيح يُصلب من جديد»، من أنه فى كل زمن يوجد «مسيح» ليبيعه «يهوذا» بثمن بخس «ليُصلب ويموت هذا المسيح». الصليب كان حاضرا فى الثورة أيضا، فى حدوتة المواطن سيد الصاوى، الذى عبر عن استيائه مما وصلت إليه الثورة بأن صنع لنفسه صليبا من الخشب ووضعه أعلى عمود إنارة بميدان التحرير، وأعلن «أنه مُضرب عن الطعام حتى الموت» وطالب النائب العام بحمايته مما قال إنه «ملاحقة من أمن الدولة منذ ست سنوات بسبب قصائد كتبها ضد النظام السابق». وعقب انتهاء صلاة قداس «أحد السعف» حضر الأقباط صلاة التجنيز العام، وهى الصلاة التى تتلى فى جنازات الأقباط، وتصلى يوم أحد السعف، على كل الحضور، لأن الكنيسة لا تصلى هذه الصلاة فى أثناء أسبوع الآلام، فيحضرها الأقباط، حال إذا مات أحدهم يكون تم الصلاة عليه، وهو ما يشبهه كثيرا الحال التى وصلت إليها الثورة المصرية حيث «حكم عليها بالفشل»، وهى ما زال بها الروح تدبّ فى إضرابات العمال فى المصانع والشركات وتظاهرات طلاب الجامعة. بقية الأسبوع تصلى الكنيسة ما يسمى بصلوات «البصخة»، وحسب موقع كنيسة «الأنبا تكلا هيمانوت»، بالإسكندرية، فإن كلمة «بصخة» هى الصورة اليونانية لنفس كلمة «فصح» العبرية «بيسح Pesah» ومعناها «الاجتياز» أو «العبور»، وتطلق على فترة أسبوع الآلام. وقد نُقِلَت بلفظها تقريبا أو بمعناها إلى معظم اللغات، فهى فى القبطية واليونانية «بصخة Pascha»، وفى العبرية «فصح». وكل يوم من أيام «البصخة» يكون فيه تذكار محدد فى حياة المسيح، فتدور قراءات يوم الإثنين من البصخة فى «الكتاب المقدس»، حول شجرة التين غير المثمرة، التى لعنها المسيح، وترمز لأمة اليهود التى ادعت الانفراد بالقداسة دون جميع الأمم، لكنها خلت من الإيمان والمحبة، وتطهيره الهيكل للمرة الثانية من الباعة. أما يوم الثلاثاء، فتتحدث القراءات فيه عن شجرة التين اليابسة، التى لعنها المسيح فى اليوم السابق، والأسئلة الثلاثة التى سألها رؤساء اليهود، ومنها هل يجوز أن يعطوا الجزية لقيصر؟ فكان رد المسيح الشهير بعد أن نظر قطعة عملة قائلا: «أعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر». كما يتم قراءة ويلات المسيح للكتبة والفريسيين، وهم طوائف من اليهود يثقلون الناس بأمور دينية متشددة لا يقومون بها. كما يقرأ خطابه عن خراب «القدس»، الذى حدث عام 70م على يد القائد الرومانى تيطوس ابن الإمبراطور فسباسيانوس، وهنا ترتل الكنيسة مزمور «بيك إثرونوس»، أى «كرسيك يا الله»، وله نغمات مختلفة ذات أصل فرعونى حيث كان تتم تلاوته فى توديع الفرعون إلى قبره. شجرة التين موجودة الآن فى الثورة حيث العدد الكبير الذى ظهر فى تظاهرات الجمعة الماضية، من تيار الإسلام السياسى، لكن تظاهراتهم دون ثمرة تذكر لصالح الثورة المصرية، وربما اللعنة التى أطلقها «المسيح» على شجرة التين، يطلقها «مسحاء» ثوار التحرير على من حاول إجهاض ثورتهم. وفى يوم «أربعاء أيوب» -نسبة إلى قراءة قصة النبى أيوب كاملة فى هذا اليوم- كما تتحدث القراءات «المشورة الرديئة» لرؤساء اليهود مع يهوذا الإسخريوطى تلميذ المسيح حول كيفية تسليمه لهم مقابل 30 من الفضة. أما يوم الخميس فهو ذكرى «العشاء الأخير»، للمسيح مع تلاميذه، قبل أن ينصرف يهوذا إلى رؤساء كهنة اليهود ليحضرهم لبستان «جثيمانى»، للقبض على المسيح فى أثناء صلاته هناك عقب العشاء الأخير. أما الجمعة وهو يوم الحكم على المسيح بالصلب، وإطلاق «بيلاطوس البنطى» الوالى الرومانى على فلسطين ل«باراباس»، أحد المسجونين الذى عرف عنه إجرامه الشديد فى ذلك الوقت، بعد أن خير أهلها بين الإفراج عنه أو عن المسيح فقرروا الإفراج عن باراباس. وفى هذا اليوم ترتل الكنيسة مجموعة من الألحان الجنائزية «المسيحية»، بنغماتها ذات الأصل الفرعونى مثل لحن «أمونو جنيس»، «غلوغوثا» و«بيك إثرونوس». المصريون منذ فجر تاريخهم وهم لا يعرفون اليأس، ويؤمنون أن بعد الموت حياة أخرى أفضل، لذا كان يتم ترتيب نغمات الجزء الأول من اللحن، بطريقة حزن، ونغمات الجزء الثانى فيها شىء من الفرح والأمل والثورة، وهو حال الثوار الآن رغم حالة التخبط وخيانة وبيع الثورة إلى أعدائها إلا أنهم لم يفقدوا الأمل. المقال الأخير للبابا شنودة عن عيد القيامة غاب البابا شنودة عن احتفالات الأقباط بعيد القيامة هذا العام، لكن ذكراه لم تغب مطلقا عن احتفالاتهم التى مسها الحزن بسبب رحيل البابا شنودة. «التحرير» تعيد نشر آخر مقال كتبه البابا شنودة عن الاحتفال بعيد القيامة العام الماضى، وكان بعنوان «القيامة معجزة لازمة وممكنة ومفرحة». أهنئكم يا إخوتى جميعا بعيد القيامة المجيد، أعاده الله علينا جميعا بالخير والبركة، وعلى بلادنا العزيزة فى سلام واستقرار وأمان بعون من الله صانع الخيرات كل حين... وأريد اليوم أن أحدثكم عن القيامة. وأقصد بها بلا شك قيامة الأجساد. لأن الأرواح حية بطبيعتها لا تموت. وبالتالى ليست فى حاجة إلى القيامة. هذه الأجساد التى بالموت تحولت إلى تراب ستعود بالقيامة إلى الحياة. وكما سبق الله وخلقها من التراب، ومنحها الوجود، هكذا أيضا من التراب يعيدها إلى الحياة. ثم بعد ذلك يجعلها تتحد بأرواحها. ويقف الجميع أمام الله العادل، فى يوم القيامة العامة أو يوم البعث. وذلك لكى يقدموا حسابا عما فعلوه فى الحياة الدنيا خيرا كان أو شرا. إنه يوم الدينونة الرهيب. يتلوه المصير الأبدى لكل البشر. إما فى النعيم الأبدى وإما فى العذاب. إن قيامة الأجساد لا شك معجزة، أى قد يعجز العقل عن فهمها وكيف تتم؟! وذلك فإن الملحدين وأنصاف العلماء قد يصنعون عراقيل أمام القيامة وإمكانياتها. وبالعكس فإن المؤمنين يؤمنون بالقيامة، لإيمانهم بقوة الله وإرادته وعلمه. فمن جهة الإرادة، الله يريد للإنسان أن يقوم من الموت، وقد وعده بحياة الخلود، وذكر القيامة. وما بعدها بكل وضوح وصراحة، ومن جهة المعرفة والقدرة، فإن الله يعرف أين توجد عناصر هذه الأجساد التى تحللت، وأين توجد عظامها. ويعرف كيفية إعادة تشكيلها وتركيبها. والله جل جلاله، هو كلى القدرة يقدر على كل ما يخص القيامة. ولا شك أن عملية قيامة الأجساد هى أسهل بكثير من خلقها. فالله الذى خلقها من التراب، هو قادر على أن يعيدها إلى الحياة. من التراب أيضا. بل أعمق من هذا، هو خلق الأجساد من العدم. لأن التراب -قبل أن يكون ترابا- كان عدما، ومن هذا العدم خلق الله كل شىء. فهل كثير عليه إذن أن يقيم أجسادا من التراب؟! لذلك فإن الذين ينكرون القيامة أو يستصعبونها، إنما فى داخلهم ينكرون دون أن يشعروا بقدرة الله الذى يخلق من العدم. والقيامة إذن لازمة من أجل كرامة الجنس البشرى، فلولاها لكان مصير جسد الإنسان مصير أجساد الحيوانات التى تموت فينتهى وجودها بموتها.. فما هى إذن ميزة هذا الكائن البشرى العاقل الناطق الذى أنعم الله عليه بموهبة التفكير والاختراع، والقدرة على أن يصنع مركبات الفضاء التى توصله إلى القمر، وتدور به حول الأرض وترجعه إليها، وقد جمع معلومات عن الكون لا نعرفها.. هذا الإنسان الذى اخترع الMobilePhone، والكمبيوتر والفيسبوك واختراعات طبية وعلمية كثيرة... هل يعقل أن هذا الإنسان العجيب يؤول مصيره إلى مصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهوام؟! إن العقل لا يقبل شيئا من هذا كله. والقيامة أيضا ضرورة تستلزمها عدالة الله وذلك من ناحيتين: من جهة الروح والجسد، ومن جهة أحوال الناس على الأرض. فمن جهة الروح والجسد، نقول إن الإنسان على الرغم من خلقه فى طبيعتين. طبيعة روحية وأخرى مادية، إلا أنهما اتحدتا فى طبيعة واحدة هى الطبيعة البشرية، يشترك فيها الجسد والروح معا. فالجسد ينفعل بحالة الروح، بفكرها ومشاعرها ونياتها: الروح تهاب الله وتخضع له، فينحنى الجسد تلقائيا. الروح تحزن، فتبكى العين فى الجسد، وتظهر ملامح الحزن على الوجه. الروح تفرح، فتظهر الابتسامة على الوجه. الروح تخاف، فيرتعش الجسد، ويظهر الخوف فى ملامح وجهه. إنها شركة فى كل شىء. ليس من العدل أن تتحملها الروح وحدها، أو الجسد وحده. بل يتحملها الاثنان معا. وهكذا لا بد أن يقوم الجسد، ويتحد بها. ولو لم تكن هناك قيامة، يتمادى الناس فى ملاذ الحياة الدنيا، وفى شهواتها وفسادها، غير عابئين بما يحدث فى ما بعد. أما الإيمان بالقيامة، فإنه رادع الناس، إذن يؤمنون أن العدل سيأخذ مجراه فى الحياة الأخرى. القيامة أيضا لازمة لأجل التوازن: ففى الأرض ليس هناك توازن بين البشر: ففيها الغنى والفقير، السعيد والتعيس، المتنعم والمعذب. ما دام التوازن غير موجود على الأرض، فمن اللائق أن يوجد فى السماء. ومن لم ينل حقه على الأرض، يمكنه أن يناله فى السماء، ويعوضه الرب على ما فاته فى الدنيا، إن كان بارا، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا فى موقع الأنبا تكلاهيمانوت فى أقسام أخرى. كذلك هناك تعويض آخر فى السماء لا يأتى إلا بالقيامة، فعلى الأرض يوجد عميان، ومعوقون، ومشوهون، وأصحاب عاهات، وكل الذين لم تنل أجسادهم حظا من الجمال أو من الصحة أو من القوة. فمن العدالة أن تقوم أجسادهم فى اليوم الأخير بلا عيب. ويعوضها الله عما قاسته من نقص. القيامة أيضا معجزة جميلة تقدم الحياة المثالية فى العالم الآخر. فالإنسان المثالى الذى بحث عنه ديجول الفيلسوف ولم يجده، والذى فكر العلماء كيف، هذا الإنسان المثالى الذى يسمونه SuperMan تقدمه لنا القيامة فى العالم الآخر، فى عالم ليست فيه خطية على الإطلاق، ولا يوجد فيه حزن ولا بكاء، ولا فساد، ولا ظلم، ولا عيب ولا نقص، إنه عالم الأبرار الذين كافأهم الله عز وجل... القيامة هى أيضا معجزة مفرحة، لأنها باب الأبدية: نعلن بها نهاية الموت.. أن نقول إن الموت قد مات بالقيامة، إذ لا موت بعدها. ويدخل الإنسان فى الحياة التى لا تنتهى، أعنى الحياة الأبدية، حياة الخلود، التى هى حلم كل إنسان على الأرض. ومن أجلها يضبط نفسه، ويقاوم الخطية، ويفعل البر، لكى يستحق هذا الخلود المملوء فرحا. أخيرا، ببركة القيامة السعيدة المجيدة، أرجو لبلادنا العزيزة كل خير. ولتكن مصر على الدوام بلدا للسلام والاطمئنان والأمان. وليبارك الرب شعبها واقتصادها وعلاقاتها.