فُرضت حكومة الوفاق على الليبيين بإرادة خارجية لم تعجب معظمهم واعتبرها البعض اختراقا واضحا للاتفاق السياسي المبرم بين الفرقاء الليبيين خاصة في ظل الانحياز الغربي الواضح لطرف دون الآخر، تزامنا مع الزيارات المتعاقبة لوزراء خارجية وسفراء الدول الغربية للعاصمة طرابلس. التعامل مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يظهر وكأنه أمر واقع بغض النظر عن منحه أو عدم نيله الثقة من البرلمان الليبي وهو الأمر الذي زاد من تعميق الأزمة الليبية والتوتر قبيل الجلسة المرتقبة للبرلمان الليبي يوم الإثنين القادم لمنح الثقة لحكومة الوفاق. وقد اجتمع اليوم السبت كل من نائب رئيس المجلس الرئاسي الدكتور فتحي المجبري ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح لبحث العقبات في طريق منح حكومة الوفاق الوطني الثقة من قبل البرلمان الليبي لاسيما مع اقتراب جلسة النواب الفاصلة بخصوص منح الثقة للحكومة التوافقية بعد غد الإثنين. وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي الليبي فقد بحث صالح والمجبري في مدينة القبة شرق ليبيا وبحضور السيد فتح الله السعيطي، العديد من القضايا التي تهم الوطن والمواطن وكان في مقدمتها سبل العمل على توفير الاحتياجات العاجلة للمواطنين وخاصة الأدوية والمعدات الطبية. وقد تركز الاجتماع حول الجلسة القادمة لمجلس النواب والخاصة بمنح الثقة للحكومة، واتسم اللقاء بقدر كبير من التفاهم والاتفاق حول هذا الاستحقاق الوطني الهام والذي يتطلع اليه كل الليبيين بقدرٍ كبير من الأمل من أجل إنهاء حالة الانقسام في البلد وانطلاق عمل حكومة الوفاق الوطني لكي تتمكن من الاستجابة لحاجات المواطنين الأساسية ودعم مؤسستي الجيش والشرطة لتوفير الأمن ومحاربة داعش ومعالجة مشكلة نقص السيولة في المصارف وتوفير الغذاء والدواء وغيرها من حاجات المواطنين. وفي سياق متصل طالب اللقاء التشاوري الليبي بالقاهرة في بيان صادر عنه أمس السبت المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بالذهاب بكامل أعضائه إلى مدينة طبرق لحضور جلسة مجلس النواب يوم الإثنين المقبل للتصويت على الحكومة. وناشد البيان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح توجيه الدعوة إلى أعضاء المجلس لجلسة رسمية، وكذلك توجيه الدعوة الرسمية إلى رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي لحضور هذه الجلسة. كما طالب الاجتماع التشاوري بالقاهرة كلا من على القطراني وعمر الأسود ضرورة العودة لممارسة مهامهما داخل المجلس، تعزيزًا لحالة الوفاق وتفعيلًا للمجلس مقترحا على الأطراف الموقعة على الاتفاق السياسي عدم الاعتماد على الدعم الدولي وحده في تمرير حكومة الوفاق. وهو ما يعني أن جلسة البرلمان الليبي بعد غد الإثنين ستكون جلسة فارقة للفرقاء الليبيين، فإما أن يتفقوا على الوفاق أو يختلفوا ويبحثوا عن توافق جديد. خرق الاتفاق ويقول الدكتور عبدالله عثامنة الخبير الليبي بالشئون الإستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية، إن اكتمال النصاب داخل البرلمان الليبي في جلسة غد الإثنين بهدف التصويت على حكومة الوفاق الوطني مرهون بشروط أبرزها إلغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي وإلغاء منصب وزير الدفاع بحكومة الوفاق والإقرار بالقيادة العامة للجيش الليبي ممثلة في الفريق ركن خليفة حفتر. وانتقد "عثامنة"، في تصريح خاص ل"بوابة العرب"، اليوم السبت قيام مسئولين من أوروبا بزيارة طرابلس والاجتماع بالمجلس الرئاسي الليبي ما يعد تجاوزًا للسلطة التشريعية ممثلة في البرلمان، وتحد واضح لإرادة الشعب الليبي، ووصف عثامنة هذه الخطوة بأنها استعمار غربي ناعم لليبيا وانحياز لطرف دون الآخر. وقال عثامنة: إن خرق المجتمع الدولي والمجلس الرئاسي الليبي لبنود الاتفاق السياسي وتهميش السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد كما مصادرة إرادة الليبيين لا تخيفنا، وأضاف: "الذي يقف على الأرض لا يخاف السقوط، وأن الجيش الليبي سيواصل معاركة ضد الجماعات المتطرفة غرب بنغازي حتى تحرير مدينة سرت من داعش". واعتبر الخبير الليبي بالشئون الإستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية قرار مجلس الأمن الدولي 2278 بمثابة تدخل في شئون ليبيا الداخلية، فالقرار مجرد تعليمات غربية واضحة لحكومة الوفاق المرتقبة لما يجب أن تقوم به في مقابل بضع ملايين يمن بها الغرب على الليبيين، وكأن ليبيا بحاجة إلى صدقات المجتمع الدولي علمًا بأن ليبيا لديها صندوق سيادي به 67 مليار دولار، فليبيا ليست بحاجة إلى هذه الملايين الضئيلة التي يمن بها الغرب علينا، ولكننا بحاجة إلى الدعم السياسي من أجل تنفيذ بنود الاتفاق المبرم بين الليبيين. وأوضح عثامنة أنه لا يستقيم طلب الاتحاد الأوروبي من رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح أن يتعاون معهم في الوقت الذي يفرضون عليه عقوبات وهو رمز السلطة التشريعية في البلاد هوة كبيرة وقال الدكتور صالح افحيمة عضو مجلس النواب الليبي: أتمنى أن يكتمل النصاب بعد غد الإثنين فأنا وزملائي لم نبرح طبرق طوال المدة الماضية في انتظار النواب الداعمين للحكومة. وأضاف النواب لن يمنحوا الثقة لحكومة الوفاق فالهوة بين الفريقين لاتزال كبيرة.