تناول كبار كتاب الصحف المصرية الصادرة صباح اليوم السبت عددا من الموضوعات المحلية والإقليمية على رأسها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر وتوقيع عدة اتفاقيات. ففي مقاله (نقطة نور) بصحيفة (الأهرام)، قال الكاتب مكرم محمد أحمد، إن مصر لن تتمكن من تحسين سجلها الخارجي في احترام حقوق الإنسان دون أن تفرض ذلك قسرا على أجهزة السلطة التنفيذية في الداخل، التي استمرأت العدوان على أبسط حقوق المواطن المصري في كافة المجالات، واعتبرت نفسها (السيد) الذي ينبغي أن يكون الشعب في خدمته وليست خادما للشعب الذي يدفع لها رواتبها من حر ضرائبه!، وبلغ توغلها حدا يهدد أمن المواطن وسلامته بافتقاد وجود قواعد اشتباك واضحة تحمي حياة الانسان المصري وتحول دون التصفية الجسدية فضلا عن الإساءة إلى صورة مصر في الخارج. وأكد الكاتب أنه من الضروري أن تستخدم القيادة السياسية السلطات المخولة لها بحكم الدستور والقانون كي تصحح هذا الوضع، بحيث تلتزم هذه المؤسسات احترام حقوق الإنسان المصري في القبول والرفض والمعرفة والاعتقاد بما في ذلك حقه في الاجتماع والتحزب والتظاهر في إطار سلمي يحترم القانون، وبحيث يمتنع تماما ارتكاب جرائم التعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز دون سند من القانون، والتصفية الجسدية في اشتبكات مدبرة، وإهدار كرامة الإنسان، ويتعرض مرتكبو هذه الجرائم للمساءلة القانونية باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم!. وأكد الكاتب أن الأمر لن يكون سهلا مع بيروقراطية عتيقة أدمنت امتهان الحقوق وبالغت في احترازاتها الأمنية، لكن ميزة البيروقراطية المصرية أنها (تخاف ولا تختشى) وتهرع إلى تنفيذ الأوامر تحت سلطة رقابة يقظة وقوية، وتترهل وتتراخى وتظهر كل رزائلها متي اكتشفت أن الإشارة صفراء، لا هى خضراء تسمح بالمرور الأمن ولا هى حمراء تعطي أمرا صريحا بالامتناع!.. وأشار إلى أن المواطن المصري ليس دأبه الفوضى وخرق القانون والتسيب والإهمال، وأنه يظهر أفضل ما لديه إذا وجد نفسه ضمن منظومة عمل جادة تحسن تقييم الأمور وتحترم قواعد العدل وتكافؤ الفرص، لكنه يصبح شيئا أخر إذا اكتشف العكس!..، أعرف ثالثا أن احتياج الإنسان المصري إلى العزة والكرامة يسبق احتياجه للطعام، وبسبب هذا الاحتياج تعددت ثوراته على الأمر الواقع!. وقال إنه برغم صدق كل الدلائل التي تؤكد أن المصريين تغيروا بعد يونيو إلى الافضل، ولم يعد في وسعهم أن يقبلوا ما كانوا يقبلونه سابقا، وباتوا أكثر اجتراءا على المطالبة بكافة حقوقهم، كما أن أجيالهم الجديدة تستعصي على التطويع إلا أن تفهم وتستوعب وتقتنع، ومع الأسف لا تزال البيروقراطية المصرية على حالها القديم، شأنها شأن ريما التي لاتتغير ولا تتطور ولا تريد أن تعترف بأن الواقع قد اختلف وأن الناس قد تغيروا، وأن واجبها الجديد يلزمها أن تكون خادما للشعب لا سيدا له. وفي مقاله بصحيفة (الجمهورية)، قال الكاتب فهمي عنبه رئيس تحرير الصحيفة إن الطريق البري الذي يربط بين مصر والسعودية حلم يداعب خيال ملايين الحجاج والمعتمرين والتجار والسائحين ليس من الشعبين فقط ولكن من أبناء شمال أفريقيا ودول القارة السمراء المسلمة وأيضا الدول الأسيوية، حيث سيكون الجسر الأول في العالم الذي يربط آسيا بأفريقيا على غرار جسر البسفور الذي يربط أوروبا بآسيا. وقال إن دراسات لإقامة جسر بري من منطقة تبوك إلى سيناء بدأت بعد تحريرها منذ 34 عاما.. وكانت التكاليف وقتها لاتزيد عن 5.1 مليار دولار.. لكن لم تسمح الظروف وتوقف التنفيذ.. وتأجلت أحلام الملايين. وأشارت الكاتب إلى أنه خلال سنوات التسعينيات من القرن الماضي ومطلع الألفية الثالثة تجدد المشروع لبناء جسر عملاق يسمح بمرور السيارات والحافلات والشاحنات إضافة لوجود حارة لقطارات السكة الحديد.. وتم تحديد موعد الإنشاء بثلاث سنوات وبتكلفة 3 مليارات دولار أي زادت للضعف وتم وضع عدة مسارات الأول من رأس حميد بمنطقة تبوك إلى جزيرة صنافير إلى جزيرة تيران إلى منطقة نبق في سيناء.. والثاني من نفس المسار ولكن بدلا من نبق مباشرة يكون الوصول عن طريق نفق.. أما الثالث فمن تبوك إلى جزيرة تيران إلى شرم الشيخ.. وبعد الحماس الكبير توقف التنفيذ دون إبداء الأسباب. وقال الكاتب إنه أيا من كان المسئول فإن الأحلام التي باتت قريبة تأجلت مرة أخرى حتى الأمس عندما أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن اتفاق مصر والسعودية على إقامة جسر بري يربط بينهما.. وعلى الفور قال الرئيس عبد الفتاح السيسي نطلق عليه "جسر الملك سلمان". وقال إن الاتفاق على إقامة الجسر جاء ليتوج مباحثات أخوية بين الرئيس السيسي والملك سلمان.. أسفرت كذلك عن حضورهما لتوقيع 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي في مختلف المجالات الثقافية والتعليمية والإعلامية والعمالية والصناعية والتجارية والكهربائية وفي المجال النووي السلمي والطاقة المتجددة. وأكد أن الاتفاقية الجديدة في مجال النقل البحري والموانيء التي تم توقيعها تعتبر واحدة من أهم ثمار التعاون الثنائي.. وكشف المهندس جلال السعيد وزير النقل بعد انتهاء مراسم التوقيع أن الاتفاقية السابقة قديمة منذ عام 1990 وكان لابد من تحديثها وتطويرها وفقا للظروف التي تغيرت مما يساهم في تسهيل حركة العبارات بين الموانيء في البلدين.. وبالتأكيد ستساعد في إنشاء الجسر وزيادة التواصل وتسهيل حركة النقل للسلع والأفراد. وفي مقاله (ورقة وقلم) بصحيفة (أخبار اليوم)، قال الكاتب ياسر رزق إن كل من يعرف الملك سلمان، يعلم عشقه لمصر، ولعل هذه المشاعر هى التي دفعته لأن يقرر دون تردد مع أشقاء له منهم العاهل السعودي الراحل الملك فهد التطوع في الجيش المصري عام 1956، فور وقوع العدوان الثلاثي. وأضاف أن هذا الموقف النبيل، أشار الرئيس السيسي إليه بامتنان، في كلمته خلال المؤتمر الصحفي بعد أن قلد الملك سلمان أرفع وسام مصري وهو قلادة النيل العظمى، وأن يصفه وغيره من مواقف بأنها تعبر عن أصالة وتنم عن شهامة عربية خالصة ستظل محل إعزاز وتقدير من شعب مصر الوفي. وأشار الكاتب إلى أن مصر والسعودية لم يكونا بحاجة إلى جسر يربط تاريخ علاقات الشعبين بحاضرهما، أو يصل بين رؤى قيادتين وبين مواقف سياسية في بلدين. فالروابط وشيجة، والأواصر متينة، والعلاقات يعززها إيمان بوحدة مصير، وإدراك عميق بأن مستقبل أمة تعصف بها أنواء التقسيم والتفتت وشعوب تهددها مخاطر التطرف والإرهاب، رهن باتحاد الرؤى الاستراتيجية لمصر والسعودية، والعمل المشترك في مجابهة التحديات ودرء المخاطر، وردع التهديدات. وأكد الكاتب أن الملك سلمان يرى في هذا الجسر، خطوة تاريخية، لأنه سيحقق الربط البري ليس فقط بين مصر والسعودية، وإنما بين آسيا وأفريقيا، مما سيرفع حجم التبادل التجاري إلى مستويات غير مسبوقة، ويعزز صادرات البلدين للعالم، ويشكل منفذا دوليا للمشروعات الواعدة في البلدين، ومعبرا أساسيا للحجاج والمعتمرين والسياح، إضافة إلى فرص العمل التي سيوفرها لأبناء المنطقة. وقال الكاتب إن زيارة الملك سلمان، التي كانت محل حفاوة رسمية وشعبية بل حفاوة 90 مليون مصري - كما قال الرئيس السيسي - قطعت الطريق على الواهمين وأصحاب المكائد، وكشفت الزيارة منذ يومها الأول، والمباحثات منذ جلستها الأولى، أن العلاقات الاستراتيجية المصرية السعودية، لم تكن يوما في أقوى مراحلها مثلما هى اليوم. وفي ختام مقاله، أكد الكاتب أن الملك سلمان يتحدث غدا أمام مجلس النواب، كأول زعيم على الإطلاق يلقي كلمة في البرلمان المصري. وبينما يترقب الشعبان هذه الكلمة، ترقب الشعوب العربية بأمل نتائج الزيارة من أجل تغيير حال أمة على محك المصير، وتخيب أوهاما وتخرس ألسنة.