تعد أمراض الشرايين عامة، والشرايين التاجية خاصة، من الأمراض الخطيرة التى انتشرت بشكل ملحوظ فى الآونة الأخيرة، وأصبحت تصيب مرضى من فئات عمرية صغيرة نسبيا، إذ إنها قديما كانت تصيب الرجال بعد سن الخمسين، والسيدات بعد فترة زمنية كبيرة من انقطاع الطمث، لكن نرى فى هذه الآونة مرضى فى مرحلة العشرينيات يصابون بجلطات القلب الحادة، ويرجع ذلك لتغير العادات الغذائية، وعدم ممارسة الرياضة، وقلة الحركة، والتدخين. وحول هذا الموضوع الهام والحيوى يحدثنا الدكتور أحمد كامل، استشارى أمراض القلب بمعهد القلب القومى، إذ يقول إن ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكرى، وارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية بالدم، من العوامل التى تزيد الإصابة بأمراض الشرايين بشكل عام. ويضيف: «تنقسم أمراض الشرايين التاجية إلى قسمين، الأول مرض الذبحة الصدرية المستقرة، ويكون نتيجة ضيق بواحد أو أكثر من الشرايين التاجية، إذ يصاب المريض بألم فى منتصف الصدر، وأحيانا الكتف والذراع اليسرى مع المجهود، ولايزول إلا عندما يتوقف الشخص المصاب عن المجهود أو باستعمال العقاقير الموسعة للشرايين، أما الثانى أمراض الشريان التاجى الحادة، وهى الذبحة الصدرية غير المستقرة وجلطة الشريان التاجى، فالذبحة غير المستقرة هى التى تنتج عن ضيق حرج بأحد الشرايين التاجية الذى يؤدى لحدوث أعراض عند بذل مجهود بسيط، مثل السير لمسافة أقل من مائة متر، بل أحيانا تحدث الأعراض دون أى مجهود، وفى حالة جلطة القلب يحدث انسداد تام بأحد الشرايين التاجية نتيجة تجلط الدم داخله، وفى هذه الحالة يصاب المريض بألم حاد فى الصدر مع تعرق شديد يصاحبه ميل للقيء». ويتابع: «لتشخيص هذه الأمراض، يعتبر رسم القلب العادى هو أول اختبار بعد الفحص الإكلينيكى، وكذلك اختبارات المجهود مثل رسم القلب بالإجهاد أو المسح الذرى أو الموجات الصوتية للقلب، كما أن فحص إنزيمات القلب المعملى قد ينفى أو يؤكد وجود جلطة القلب، فحالة الذبحة المستقرة تبدأ بالعلاج الدوائى التحفظى لتقليل معدل حدوث آلام الصدر وتقليل حدتها، وقد تستقر الحالة بالعلاج الدوائى وحده، حيث يستطيع المريض بذل أعماله اليومية بقدر مناسب من المجهود دون أعراض، لكن إذا لم يستطع العلاج الدوائى وحده السيطرة على الأعراض ينصح المريض بالعلاج التداخلى، حيث يتم عمل قسطرة تشخيصية لتصوير الشرايين التاجية، وتحديد نسبة ضيق الشرايين، ووضع خطة للعلاج سواء عن طريق التوسيع البالونى وتركيب الدعامات، وذلك إذا كان الضيق فى شريان أو اثنين، وكان طول الضيق قصيرا وغير متكلس، والدعامات أنواع، فمنها الدعامات المعدنية العادية وهى مصنوعة من مادة الستانلس ستيل أو الكوبالت كوروميوم، ووظيفتها المحافظة على اتساع الشريان، وتم تطويرها حيث تمت صناعة الدعامات الدوائية التى يطلق عليها العامة (الدعامات الذكية)، وهى تفرز مواد كيميائية تقلل من نسبة انسدادها مرة أخرى، وهى المفضلة، خصوصا فى حالات مرضى السكر، وفى حالات الشرايين ذات القطر الصغير، وفى السنوات الأخيرة ظهرت الدعامات الحيوية المصنوعة من مواد معينة، حيث تؤدى وظيفتها، وتذوب خلال سنتين، حيث لا يصبح لها أى أثر، وهذه الدعامات تتيح للمريض فرصة إجراء جراحة تغيير الشرايين التاجية إذا احتاج لها بعد ذلك». ويؤكد: «قد يكون العلاج الجراحى هو الحل المناسب فى بعض الأحيان، مثل وجود ضيق بالجذع الشريانى الأيسر الرئيسى، أو وجود تضييقات متعددة ومتكلسة بأكثر من شريان أو فى وجود ضعف بعضلة القلب، فتصبح جراحة استبدال الشرايين بوصلات من شرايين وأوردة المريض ذاته هى الحل، ومع تقدم العلم ظهرت جراحات القلب النابض منذ بضع سنوات، حيث لا يحتاج الجراح إلى إيقاف قلب المريض، واستعمال ماكينة القلب الصناعى، ثم ظهرت فى الآونة الأخيرة الجراحات قليلة النفاذ، حيث يستطيع الجراح إجراء العمليات من جرح صغير نسبيا فى جانب الصدر بين الضلوع، ولا يحتاج لفتح عظمة القص الموجودة فى منتصف الصدر، وتعطى هذه التقنيات الحديثة فى علاج أمراض الشريان التاجى الأمل لآلاف المرضى، حيث توفر لهم الشفاء التام والدائم مع نسبة أمان عالية».