مراكز وكيانات وهمية تبيع لقبى «سفير» و«وزير مفوض» مقابل 2000 دولار المسئولون عنها يستغلون صورهم مع المسئولين والوزراء لممارسة الجريمة مدير مكتب نبيل العربى: نتخذ الإجراءات القانونية لملاحقة من يستغل شعار الجامعة العربية هل تمتلك 2000 دولار، أى ما يوازى 16 ألف جنيه مصرى؟ إذن يمكنك أن تحصل على لقب «سفير» أو «وزير مفوض» لأى منظمة دولية، هذه ليست نكتة أو دعابة، لكنها حقيقة تكشف أحدث أساليب النصب فى مصر، تمارسها مراكز ومؤسسات وهمية، وتستغل رغبات ودوافع محبى الوجاهة الاجتماعية، عبر إيهامهم بإمكانية شراء مناصب مرموقة واستخراج بطاقات الهوية «الكارنيهات» الدالة على تلك المناصب ومنحهم «بادجات»، لوضعها على سياراتهم الخاصة.. «البوابة» عاشت تجربة الغوص داخل تفاصيل هذا العالم الغامض، لتستكشف عالما مليئا بالتفاصيل والحكايات العجيبة، وتتأكد أن كل نصاب يلزمه طامع، ولنبدأ القصة من بدايتها. فى إحدى العمارات الواقعة بمنطقة المعادى جنوبالقاهرة توجد شقة متواضعة مكونة من 3 حجرات وصالة صغيرة مفروشة بأثاث يكشف مظهره رخص سعره، ولا توجد أى إشارة من بعيد أو قريب على أن هذا المكان له علاقة بمؤسسات دولية أو إقليمية أو حتى شركة مصرية مرموقة. المكاتب الموجودة متهالكة، ومكان استقبال المتوافدين للحصول على كارنيهات لوظائف ومواقع دبلوماسية لا يرقى إلى استقبال عمال التراحيل، ليس هناك ما يشير إلى حقيقة النشاط الذى يمارس داخل المكان سوى الجدران التى تحمل بعض الشهادات المنسوب صدورها إلى المراكز والمنظمات العالمية باللغتين الفرنسية والإنجليزية و«جميعها يتضمن اسم مدير المركز». سألنا السكرتارية عن المدير المسئول بهدف مقابلته، اسمه «أحمد.ج»، وبعد استفاضته فى استعراض المكانة الدولية للمركز المزعوم، أكد لى أننى من الممكن أن أحصل على لقب «سفير» فى البرلمان العربى، مقابل 2000 دولار فقط، وعندما سألته عن الشروط والمؤهلات المطلوبة، جاءت الإجابة مثيرة للدهشة، فهذه الأوراق ليست مطلوبة بالمرة، كل المطلوب هو النقود فقط، قالها لى بثقة: «كل اللى عايزه منك هو الفلوس وبس»، وبعد أسبوع سيتم تسليمك «الكارنيه»، والأوراق الصادرة عن المركز، لتقديمها إلى من يريد التحقق من الشخصية. انصرفت بعد أن وعدته بأننى سأعود فى القريب بالمبلغ لأصبح فى أقل من أسبوع سفيرا أو وزيرا مفوضا، وقررت البحث فى قصة هذه الكيانات والمراكز الوهمية، وهل يتم بالفعل التعاون بينها وبين بعض الجهات الدولية؟ النصب باسم الجامعة العربية عقب مغادرة المكان توالت الحقائق تباعا، إذ بدأت أبحث عن مدى وجود جهات مماثلة تمارس هذا النوع من الأعمال، فاكتشفت أن المكان الذى قصدناه ليس إلا واحدا من قائمة طويلة من الجهات التى تمارس تلك الأنشطة الوهمية، فالصفحات الإعلانية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» تقوم بالترويج لإمكانية الحصول على لقب دبلوماسى أو سفير معتمد من جامعة الدول العربية. من هذه الصفحات حصلت على طرف الخيط الذى قادنى إلى باقى التفاصيل، اتصلت بأحد المراكز الذى قرأت إعلانه على «فيسبوك»، وبالفعل توجهت إليه، فقابلنى أحد الأشخاص سمى نفسه «المستشار محمد. ط»، وعرض على أن أكون وزيرا مفوضا لدول حوض النيل «منظمة» تابعة لجامعة الدول العربية أو الإفريقية، أما التكلفة فقال حوالى 3000 دولار سألته عن المدة التى أستطيع خلالها الحصول على الشهادة المعتمدة من جامعة الدول العربية واستخراج الكارنيه، فقال: «أسبوعا أو عشرة أيام». سألته: هل جامعة الدول العربية تعتمد هذه المناصب؟ أجاب: نعم، فنحن نتبع موسوعة التكامل العربى الإفريقى التابعة لجامعة الدول العربية، ثم عرض أمامى بعض الشعارات الخاصة بهذا الكيان، منها مستندات تثبت تعيين الأشخاص كمفوضين وسفراء للبرلمان العربى فى جمهورية مصر العربية، بالإضافة إلى أوراق أخرى يتضمن محتواها تفويضا باستخدام «اللوجو» أو الشعارات الخاصة بالبرلمان، والحق فى ضم العضويات، وإصدار الكارنيهات، وتأسيس فرع فى مصر، لكن الغريب فى الأمر أن الأوراق تضمنت أيضا حصول أحد الأشخاص على كارنيه عضوية فى كيان وهمى يسمى «البرلمان الأمريكى العربى»، وكذلك تعيين نفس الشخص كسفير فى مصر وعدد من دول شرق آسيا. عندما قلت إننى لن أستطع توفير المبلغ بالكامل، فعرض على أن يكون بيننا تعاون من نوع مختلف على اعتبار أننى شخص محل ثقة، وطلب منى أن أجلب إليه الزبائن الراغبين فى هذا الأمر، وعلى هذا الأساس وافق على تعيينى سفيرا بجامعة الشعوب العربية فى مصر مقابل دفع 2000 جنيه فقط، وعقب ذلك حصلت على الكارنيه الذى يوحى ظاهره من خلال الشعار بأنه «جامعة الدول العربية» مع تغيير بسيط باستبدال كلمة «الدول» ب«الشعوب». البرلمان الدولي الأمريكي اتصلت بصديق لى فى إحدى الجهات الدبلوماسية لأستوضح حقيقة الأمر، والتعرف إلى مدى مصداقية هذه الكيانات التى تمنح لقب سفير أو وزير مفوض مقابل 2000 دولار أو أكثر، فضحك عندما قدمت إليه الحقائق والمستندات التى حصلت عليها، فكانت الصدمة عندما قال لى بالحرف الواحد إنه قابل شخصا فى أحد الأماكن العامة وتعرف إليه، وعندما سأله عن عمله أظهر له كارنيها للبرلمان الدولى الأمريكى فى مصر، ورغم علم الشخص أن صديقى دبلوماسى إلا أنه كان مقتنعا بهذا المنصب، وأن صديقى ضحك من هذا الموقف، ولم يقل له إنه لا يوجد أى برلمان فى العالم بهذا الاسم. بعد فترة من البحث استغرقت أكثر من شهر اتصل بى أحد الأشخاص، وقال إنه يعرف أحد السفراء الدوليين فى مصر من الممكن أن يعطينى لقب سفير فى البرلمان العربى، قلت له تمام أوصلنى به، وبالفعل اتصلت به وعلمت أنه يقدم نفسه مسبوقا بلقب مستشار دولى ومفوض للبرلمان العربى فى مصر، وطلبت مقابلته لأننى أريد أن أحصل على لقب سفير، ومستعد لدفع الأتعاب، وذهبت فى الموعد الذى حدده، وكان ذلك فى مكان عام بوسط البلد. سألته عن منصبه فأظهر لى أوراقا تشير إلى أنه سفير ومفوض للبرلمان العربى فى مصر، وقمت بالتقاط صورة لتلك الأوراق، ورغم صغر سنه التى لم تتجاوز خمسا وعشرين سنة إلا أنه أظهر لى كارنيها يحمل لقب «سفير للبرلمان العربى»، وعددا من الشهادات العلمية والتكريمات، ولمزيد من الإقناع أخرج عدة صور تجمعه بمسئولين وشخصيات عامة فى عدد من الاحتفالات الرسمية، ومنها صورة له مع وزيرة التضامن الدكتورة غادة والى فى أحد الاحتفالات الرياضية. قلت : أنا أريد أن أكون سفيرا فى الجهات التى تعتمدنى، فأجاب: هناك البرلمان العربى وجامعة الدول العربية والمقابل 25 ألف جنيه.. سألته: وهل تشترط أى مؤهل؟ فأجاب: دى ممكن نظبطها مع بعض، وبسؤاله عن أى الجهات فى جامعة الدول العربية تعتمدنى، أجاب: موسوعة التكامل العربى الإفريقى، وأضاف أن المسئول عنها أحد المستشارين الدبلوماسيين ويسمى المستشار «ط..ح»، وهو صديق، وسيعتمدنى مجاملة له، وقبل أن أنصرف قال لى إن هناك الكثير من رجال الأعمال يحصلون على الألقاب، وذكر لى واحدا منهم يمتلك مولا كبيرا فى مدينة نصر وأنه وزير مفوض لدول حوض النيل. فى إطار إقناعى بالمزايا قال لى معلومة هى التى كانت صادمة بالنسبة لى، وهى إمكانية تغيير البطاقة الشخصية بالمنصب الجديد، ولكن ذلك يحدث بحساب آخر، ويتكلف حوالى 10 آلاف جنيه إضافية، لأن هناك رجالا لهم يقومون بهذا العمل بمقابل مادى. كل هذه التفاصيل أثارت بداخلى علامات استفهام كثيرة حول دور أجهزة الدولة فى التصدى لعمليات النصب اليومية، وبمزيد من البحث وجدت أن المعلومات المتداولة فى أروقة الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة تشير إلى تنامى ظاهرة استغلال المنظمات الدولية فى النصب، عبر المراكز المشبوهة، لعل أبرز القضايا المرتبطة بهذا الشأن تلك التى تحمل رقم 3369 لسنة 2015 أموال عامة، إذ جرى ضبط شخص يدعى «حامد. ك»، بينما كان يستقل سيارة عليها «بادج» لجامعة الدول العربية، وعند إيقافه بمعرفة أحد أكمنة الشرطة، أبرز كارنيه يفيد بأنه يعمل وزيرا مفوضا لدول حوض النيل، وبالكشف عليه وجد أنه سوابق شيكات دون رصيد ويحمل مؤهلا فوق متوسط، وأنه حصل على هذا الكارنيه مقابل 10 آلاف جنيه من أحد المراكز فى منطقة الجيزة، وعند مداهمة المركز لم تجد أجهزة الأمن به أحدا، حيث تم تغيير المقر والانتقال إلى مكان آخر، وتفيد المعلومات أيضا إلى أنه خلال الأيام الأخيرة من عام 2015 تم القبض على 8 أشخاص فى منطقة القاهرة فقط ومعهم كارنيهات وبطاقات شخصية باسم مؤسسات دولية ومنهم من يحمل دكتوراه مزورة. جامعة الدول العربية ترد حملت بعض التساؤلات وذهبت إلى الجهات التى يمارس هؤلاء الأشخاص النصب باسمها، وعندما سألت ندى العجيزى، مدير مكتب الدكتور نبيل العربى أمين عام جامعة الدول العربية، قالت: ليس لأحد الحق فى أن يأخذ شعار الجامعة أو وضعه على مؤسسته إلا عندما تكون لمؤسسته صفة مراقب فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى، ومنظمات العمل العربى المشترك هى محددة ومعروفة، وأى اتحاد ينشأ يجب أن يكون تحت قيادة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وهذه اتحادات مجتمع مدنى، وليس من حقها وضع شعار الجامعة، والجهات الوحيدة التى من حقها وضع شعار الجامعة يجب أن تكون فى منظمات العمل العربى الموثقة والمنشأة بقرارات من وزارة الخارجية أو المجلس الاقتصادى الاجتماعى أو من القمة مثلا، أما بخلاف ذلك فهم أناس يستغلون اسم الجامعة. وتابعت العجيزي: «عندما نتوصل لمؤسسة تقوم باستغلال شعار الجامعة نتحرك فورا ونتخذ الإجراءات القانونية، وإرسال إنذار بأنه ممنوع استخدام الشعار، ولم نسمع سوى عن واقعة واحدة، وتم إبلاغ الأمين العام بها وأخدنا خطوات لطلب ملاحقتها من جانب الجهات الرسمية، وقمنا بنشر إعلانات ببعض الصحف تفيد بأن هذه الجهة ليست لها علاقة بجامعة الدول العربية، وعن طريق المستشار القانونى للجامعة نقوم بأخذ الإجراءات اللازمة. من جانبه، قال الدكتور مصطفى الفقى، المدير السابق لمكتب الرئيس الأسبق للمعلومات والدبلوماسى: «لابد من تحرى الدقة فى الشهادات المستخرجة والألقاب التى تمنح، ففى مصر توجد فوضى ألقاب وشهادات، ويجب أن تخضع لعمليات الفلترة، ليخرج منها البخس من الثمين، والدولة يكون لديها المجلس الأعلى للجامعات للتصديق، وتجب مراجعة الشهادات التى تأتى من الخارج، فيوجد أشخاص يسافرون وبعد أسبوعين يعودون بالشهادات العلمية و«كله نصب وتدليس». "حماية المستهلك" تدين وأكد السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن وزارة الخارجية لا تتعامل فى هذه الأمور، وأنه تجب مقاضاة الأشخاص والمؤسسات التى تستغل اسم وزارة الخارجية لأغراض تجارية، وتجب على الأجهزة الرقابية بالدولة المتمثلة فى مباحث الأموال العامة ملاحقتهم وأضاف: «عندما كانت تأتى إلينا شكوى من هذا القبيل كنا نقوم بإحالتها للنيابة العامة، ويتم التعامل معها بمنتهى الصرامة والجدية والسرعة، لأن مثل هذه العمليات يقع ضحاياها العديد من الأبرياء». اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، قال: «إن ما تقوم به هذه المكاتب يصنف ضمن جرائم النصب والاحتيال، وإذا كان الكارنيه صادرا عن جهة رسمية وبه أختام، فهذه جريمة تزوير، ويوجد بعض الناس تدعى بأنها تعطى شهادات علمية، وهذه مراكز وهمية، ونقوم بتحويل هذه المؤسسات إلى النيابة العامة، ونحن نحذر الناس منها، ويوجد كثير من المؤسسات تم ضبطها، ويتم التعامل معها، وأريد أن أوجه رسالة للمواطنين، مفادها أنه ليس كل ما يلمع ذهبا وينبغى تحرى الدقة والحذر عند التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص. معاهد وأكاديميات "تخصص نصب" التلاعب باسم المؤسسات الدولية مهزلة، هكذا بدأ الدكتور حسن عماد مكاوى، عميد كلية إعلام القاهرة السابق، كلامه ل«البوابة»، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تزايدت مؤخرا بشكل ملحوظ، بالضبط مثل مراكز البحوث الوهمية التى يستغل بعضها أسماء بعض الجامعات، ويمارس النصب والتدليس وتزوير شهادات علمية ودورات تدريبية، وهذه الأمور تحتاج إلى قدر كبير من المراقبة من قبل الجهات الأمنية كوزارة الداخلية، وهذه المراكز من السهل جدا معرفة عناوينها، لأنها غالبا تقوم بنشر إعلانات لها مطبوعة توزع أو إعلانات على الإنترنت، وعند مراقبة هذه الإعلانات تتم معرفة أصحابها والقبض عليهم. مثل هذه المؤسسات تسيء لسمعة مصر، وخصوصا بالخارج، ويوجد عدد كبير جدا من الدول العربية تشكو من أن هناك شهادات مستخرجة من مصر مزورة، أضاف مكاوى قائلا: «نجد جهات وهمية تطلق على نفسها لقب أكاديمية، وتمنح شهادات وأوسمة، وينظم القائمون عليها حفلات تكريم لشخصيات معينة من أجل الابتزاز أو الحصول على رعاة يقومون بعمل إعلانات لهم، ويتربحون من خلال ذلك، والمفروض تفعيل القانون وإغلاق هذه المراكز، وغالبا أسماء الأساتذة التى يستخدمونها معهم لتدريب الشباب معظمها مزيف، وقد يفاجأ أستاذ الجامعة باسمه مذكورا دون علمه، وبالصدفة يعرف أن اسمه مستخدم، وهذا جزء من التدليس والخداع. قانونيون: نصب من جانبه، أوضح الدكتور محمد عطا، الخبير فى القانون الدولي، أن كلا من السلك الدبلوماسى والسلك القنصلى تسرى بحقهما منظومة من القوانين المحلية والدولية، وهناك مكاتب فنية تابعة لوزارة الخارجية، وبالتالى شاغل هذه الوظيفة وهذه الألقاب يتمتع بها فى خارج الدولة فقط، أما داخل مصر فيعامل كأنه مواطن عادى، حتى السفير إذا كان هناك سفير مصرى داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية على سبيل المثال عند عودته إلى داخل مصر فى إجازة أو بعد إنهاء عمله يعامل على أنه مواطن عادى مثل أى مواطن طبقا للدستور، وبالتالى أى شخص يحمل كارنيه وزير مفوض أو ما شابه فإنه يمارس شكلا من أشكال التحايل على القانون، ويجب التدخل من قبل السلطة التنفيذية المتمثلة فى وزارة الداخلية أو السلطة القضائية، فهذه ألقاب لا قيمة لها. وأضاف عطا: «وبالنسبة لأستاذ الجامعة الذى يدرس فى هذه النوعية من المؤسسات إذا كان يعلم بأن المؤسسة غير تابعة لجامعة فهو مشترك فى هذه الجريمة، وإذا كان يجهل فالمصيبة أكبر، فيجب على أستاذ الجامعة عند تدريسه فى هذه الأماكن أن يكون على علم بشهادات الدراسين، فهذه المسميات لا يعترف بها القانون». رأى الدكتور محسن بهنسى، الخبير القانونى، لم يختلف كثيرا فقال: «دون مبالغة فإن هذا النوع من النصب باسم المؤسسات الدولية يقع جزء من المسئولية فيه على الدولة، لعدم وجود رقابة على الإطلاق على هذه المراكز والكيانات الوهمية، والتى انتشرت منذ فترة كبيرة»، وأضاف: «كان يجب من أول لحظة اتخاذ موقف من هذه المؤسسات التى تزايدت بشكل ملحوظ فى ظل نظام الإخوان، وتراجع قبضة الدولة، وعقب ثورة 30 يونيو»، لافتا إلى أن هذه المافيا تسيء لسمعة مصر خارجيا. العقوبة 3 سنوات مصدر فى مباحث الأموال العامة، رفض نشر اسمه، أكد أن الحاصلين على هذه الكارنيهات يعرفون أنها عبارة عن نصب فى نصب، وقد قمنا بالقبض على العديد من القضايا المشابهة، ومن كثرة هذه القضايا قد تصل إلى نسبة كبيرة جدا، ونتوصل إليهم عن طريق أرقام التليفون، ونحاول الإيقاع بهذه المؤسسات الوهمية عن طريق إذن من النيابة العامة، ونقوم بمخاطبة الجهات المسئولة المدونة على الكارنيهات، مثل أسماء بعض الجامعات، وذلك بعد حصولنا على كارنيهاتهم، وعندما نقوم بضبط هذه النوعية من القضايا نتحرك بطريقتين، إما معلومة أو بلاغ من أحد المجنى عليهم عندما يتلقون دورات ويكتشف أن الكارنيه الحاصل عليه ليس له أى صفة. وتابع المصدر: «نتابع هذه الكيانات أولا بأول، وبالنسبة للإعلانات الموجودة على الإنترنت فهى ليست من اختصاص الأموال العامة، فهى من اختصاصات الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بقسم مباحث الإنترنت، ويتم التعاون معها فى هذا الأمر»، وحول العقوبة القانونية أضاف المصدر، قد تصل عقوبة النصب إلى 3 سنوات أو أكثر حسب أركان الجريمة. أمنيون: لابد من تحرك رادع الظاهرة لها جانب أمنى يشرحه اللواء أحمد عبد الحليم، الخبير الاستراتيجي، قائلا: «إن المعلومات المغلوطة والشائعات هى إحدى الوسائل الحديثة فيما يطلق عليه حروب الجيل الرابع وتهدف لتدمير الدولة من الداخل عن طريق هذه المؤسسات، فيجب أن نأخذ بالنا منها مع دور الإعلام عن طريق رفع الوعى حتى لا يقع الناس فريسة لها بالخطأ». وأضاف العميد خالد عكاشة، الخبير الأمنى، أن الجهة التى يتم استغلال اسمها يجب عليها تحريك دعاوى ضد هذه المؤسسات طالما هى مخالفة قانونيا بانتحال الصفة، وتجب معرفة الدارس الذى وقع تحت براثن النصب العلمى من قبل المؤسسات الوهمية التى لا تمت بصلة للجامعة، وأخذ شهادات غير معترف بها، وتابع: «التقاعس عن ملاحقتها يزيد من انتشار هذه المؤسسات». وأشار الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية والقيادى بحزب التجمع، إلى أن هذه جريمة نصب متكاملة الأركان، وبالتالى لا بد من تحذير الشباب من التعامل مع هذه الجهات عن طريق برامج للتوعية من جهة وسائل الإعلام، ولا بد من تطبيق القانون بشدة على هذه الهيئات والمؤسسات، وهذا الكارنيه الذى يحصل عليه الشخص ليست له أهمية، فهو ورقة، وإذا كان يعلم بهذا فهو لا يلوم غير نفسه، ويتعرض للمساءلة القانونية ويقع تحت طائلة القانون إذا استخدم هذا الكارنيه فى خداع الآخرين، وخارج مصر لا يعترف بهذه الكارنيهات التى ليست لها أى أهمية، وأساتذة الجامعات المشاركون فى هذا العمل مخطئون، فلا يليق بأستاذ جامعى المشاركة فى مثل هذه الأمور بمكانته أو علمه، لابد من أن تأخذ الجامعات من نفسها موقفا سريعا نحو الأساتذة المشاركين فى هذه المكاتب. كما أشار الدكتور عبد الحميد زايد، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة الفيوم، قال: «إن النصب ظاهرة اجتماعية، وهذا الكلام يتكرر فى كثير من المراكز التى تأخذ صفة غير صحيحة لجمع أموال، وسبب زيادتها ترجع إلى معايير المجتمع نفسه، لأن هيبة الدولة تراجعت كثيرا ووسائل الرقابة والمتابعة أصبحت منعدمة، ووسائل القياس والاعتراف بالمراكز غير موجودة».