أصر المحلل السياسي مارك فتحي مسعود، وهو مؤلف سوداني أمريكي وبروفيسور في جامعة كاليفورنيا، في مقال له في “,”فورين بوليسي“,” على وضع الاحتجاجات السودانية الأخيرة في سياق التاريخ القانوني والسياسي لتلك البلاد منذ استقلالها عام 1956 حتى يمكن فهمها . التظاهرات ليست أحداث منعزلة ولكنها جزء من كفاح امتد لعقود من أجل السلام، مما أدى إلى 3 أفكار رئيسية تتصدر المشاكل الواقعة في البلاد الآن ، أولا السودان ليست في انتفاضة جديدة عليها، حتى تحت حكم البشير موجة الاحتجاجات كانت في 2010 و 2011 ولكن بعد زيادات مماثلة في الوقود والمواد الغذائية أديا إلى عدد من الوفيات، واحتجاز قادة الشباب المعارضين، ولكن هذا العام ازداد عدد المحتجين بشكل يومي، وفيهم الطبقة الوسطى العاملة، بينما البشير يتربع على قمة السلطة، وكشفت الاحتجاجات الأخيرة شقوقا في نظامه وبين فصائل المعارضة، ويذكر المحلل السياسي بأن السودانيين أسقطوا نظامين مستبدين، وكانت بدايات لإدارة ديمقراطية، في 1964 و 1985 ومما تشير له ثورة يناير في مصر، أن الربيع السوداني قد لا يكون هو الأخير في البلاد . ففي 1956 أصبحت السودان دولة مستقلة عن بريطانيا، وبدأت الحرب الأهلية الأولى في 1955، أي قبل الاستقلال بشهور، واستمرت حتى 1972 ثم جاءت حرب أهلية أخرى هي الأطول في افريقيا بدأت في 1983 وانتهت في 2005، تقريبا ربع سكان السودان قتل أو هجر نتيجة لهذه الحروب ،وارتبط العنف بالأزمات الانسانية في دارفور غرب السودان، وكسلا شرق السودان، وكورد فان على طول الحدود الجنوبية مع جنوب السودان. ثانيا يلفت المحلل النظر إلى الجالية القانونية في السودان، المحامون والقضاة هم أقوى عناصر المجتمع المدني المستقل ، وهم غالبا في الخطوط الأمامية في معركة الحريات السياسية، على النقيض من دول كثيرة في العالم غربية وعربية مثل مصر، وكذلك دول مثل باكستان وتشيلي، والصين، وبورما، حيث يضع المحامون والقضاة حياتهم في خطر بسبب قضية العدالة، مهنة القضاء كانت قريبة من اتحادات الطلبة والنساء والتجارة، وساعدت الثورات في الشارع في 1964 و 1985 مما جلب الديمقراطية، حتى لو كانت قصيرة الأمد . ولكن خلال العقدين الماضيين عمل البشير جادا لبناء مهنة القانون كما يتصورها، حيث بنت حكومته مئات من الكليات الجديدة ، وعشرات من كليات الحقوق، ويعمل بالمحكمة العليا السودانية أكثر من 100 قاضي، العديد منهم يقضون عاما واحدا، تعييناتهم تحت مراقبة الجهاز الأمني، ويرون من القضاة يخرج عن الخط ، وباتت تخرج كليات الحقوق دفعات كثيرة جدا، وقليل منهم متخصصون، مما هدد استقرار دخولهم، ولم يعد هناك الكثير من المحامين يكرسون أمورهم للحريات السياسية، ولكن يبدي صغار المحامين ميلا لحقوق الإنسان، لكنهم يحتاجون وقتا كافيا ومصادر دخل إضافية . ثالثا إذا حدث تغيير انتقالي في السودان فإرث البشير سيحصن من خلال النظام القانوني للدولة ، وقوة وطبيعة المؤسسات القانونية سوف يقرران مدى التعزيز الديمقراطي، واستعرضت المجلة الأمريكية التخريب القانوني الذي وصفته ب“,”الردة“,” في عهد البشير، حيث عزز هذا النظام بمؤيديه الأيديولوجيين، وتبنى تشريعات إسلامية متشددة مثل الحكم بالإعدام والجلد . ويرى المحلل أن القيادات المستقبلية في الخرطوم، والمحامين والمستثمرين الأجانب يريدون العمل معا، وقد نجا البشير من انتفاضتين، واستخدم عائدات النفط في تطوير جهاز أمن قومي، والذي رجحت المجلة ألا يختفي سريعا بعد رحيله ، و خلصت المجلة إلى أن البشير أثبت سابقا أنه قادر على مواجهة الاحتجاج في العام الماضي، والسودانيين غير صبورين وملولين، في إشارة إلى نهاية الاحتجاجات والتحرك نحو “,”مستقبل سلمي “,” .