«جميعى»: فقدت 6 من أسرتى بسبب «نص جنيه».. والطفل «سامى»: عائلتى كلها راحت وكرهت النيل «رفاعى» حاول إنقاذ الضحايا فمات تاركاً ابنتيه التوأم.. والجميع يسأل: السائق مات نحاسب مين؟ فى الوقت الذى كان فيه جموع المصريين يحتفلون بليلة رأس السنة الميلادية الجديدة 2016، وقبيل 4 ساعات من انتهاء سنة 2015، قضى أهالى قرية سنديون المطلة على نهر النيل، والتابعة لمركز فوه بمحافظة كفر الشيخ، ليلة حزينة، حيث اتشحت القرية بالسواد، بعد أن فجعت بفقدان 15 من أبنائها فى حادث غرق معدية كانوا يستقلونها فى النيل. كارثة مركب سنديون الغارقة تكررت فى مناطق كثيرة، كانت آخرها منذ عدة شهور بنيل القاهرة الذى قضى فيه 40 مواطنًا نحبهم، بينما كانت كارثة كفر الشيخ التى وصل عدد الضحايا فيها ل15 مواطنا، بينهم أطفال و6 من أسرة واحدة لفها الحزن وعمتها الصدمة. يقول سيد أحمد كامل جميعى، الذى فقد 6 من عائلته «ابنتيه وشقيقه وأولاد شقيقه وزوجته»، «فقدت أسرتى ثمنًا لطمع صاحب المركب من أجل نصف جنيه عن كل ضحية». وأضاف «جميعى» أن شقيقه الأكبر «مصطفى كامل- 55» سنة اصطحب الأسرة المكونة من زوجته «سميرة- 42 سنة»، ونجله «محمود- 24 سنة»، وابنته «إسراء- 13 سنة»، وابنتي «آية- 13 سنة وإيمان 12 سنة»، وذلك لزيارة أصهار نجله محمود الذى قام بخطبة إحدى فتيات قرية «ديروط» التابعة لمركز المحمودية بالبحيرة منذ أسبوع فقط، مشيرا إلى أنهم توجهوا قبيل المغرب، وعند عودتهم فى تمام الساعة الثامنة مساء، استقلوا مركبا تابعا لأحد المتوفين، ويدعى «أنور محمد الصياد» الذى قام بتحميل جميع الركاب وعددهم 21، فى حين أن المركب لا تتسع إلا ل7 ركاب، ولم يتم إنقاذ سوى 3 فقط. وطالبت أسرة جميعى وأهالى القرية بتوفير معدية آمنة وآدمية تابعة لمجلس المدينة، وتحسين الخدمات بالقرية. ويسرد «سامى» 15 سنة، الذى فقد والده ووالدته وشقيقه وشقيقته، وأصبح بمفرده فى منزله، وهو يبكي، قائلا : «لقد تيتمت وفقدت جميع عائلتى، بالإضافة لبنت عمي، ولا أعرف من سيحاسب بعد وفاة صاحب المركب المتسبب فى الحادث، وتنصل المسئولين من الكارثة تمامًا، حيث اتهموا صاحب المركب المتوفى فقط، فى حين أنه لا توجد أى رقابة أو معديات آمنة»، مضيفا: «لقد كرهت منظر النيل الذى كنت أعشقه وكنت سعيدًا بأن منزلى يطل عليه، بعد أن ابتلع فى داخله جميع أفراد عائلتى». وبدوره، يحكى محمد جميعى ابن عم الفقيد: إن «الكهرباء كانت مقطوعة والظلام دامس والطقس سيئ ولم يشعر أهالى القرية بالكارثة فور وقوعها، إلا بعد استغاثة سيدة تعلقت بأحد الأقفاص السمكية بالنيل، وسمعها عدد من الأهالى القريبين والمطلين على النيل، فهرعوا بالمراكب الخاصة، ولكن بعد فوات الأوان، إذ كان قد توفى معظم مستقلى المركب». بينما يقول حمادة عطية حشيش، عم المتوفى «عطية محمد حشيش- 25 سنة»، عامل فى مصنع أعلاف، الذى قضى نحبه فى الحادث: «إن نجل شقيقه كان وحيد والده المريض، وقد أصيب هو وأخوه بحالة انهيار بعد علمهما بالحادث»، موضحا أن الضحية كان متوجها لديروط فى الشاطئ الآخر لقضاء مصلحة لوالده، وفى أثناء عودته غرق فى جملة من غرقوا، لتتحول حياة الأسرة لمأساة حقيقة. ويضيف «حمادة»: «انتشلنا الجثة بمعرفتنا ونقلناها للمنزل، ولكن حضر الأهالى وطالبونا بنقل الجثة للمستشفى للحصول على حقه القانونى، فنقلناها ثم دفناها فى تمام الثالثة فجرًا». أما «محمد محمد رفاعي- 25 سنة»، الوحيد الذى مات بعيدا عن الحادث أثناء قيامه بإنقاذ الضحايا، فيشير أحد أقاربه «محمد» إلى أن «الفقيد» تزوج فقط منذ عام ونصف العام، ولديه بنتان توأم، وهما ندا ووفاء، وعمرهما 5 أشهر فقط. وبالمثل، قال مصطفى حمادى، والد الضحية «محمد مصطفى حمادى- 20 سنة»، مجند منذ 3 أشهر، بدموع منهمرة: «حسبى الله ونعم الوكيل، نجلى محمد، هو الشقيق الأكبر لثلاثة إخوة، وكان فى إجازة منذ 5 أيام، وهو يقوم بمساعدتى على الأعباء المالية خلال الإجازة»، قبل أن يعقب: «راح سندى وسابنى»، مضيفا: إنه «كان ذاهبا للمنزل بقرية سنديون، وكان معه شقيقه يوسف، فقام بإنقاذ شقيقه من الغرق، وذهب به إلى الشاطئ المقابل بقرية سنديون، وعاد وأنقذ سيدة من الغرق، وخلال عودته مرة أخرى لإنقاذ أحد الضحايا، جذبه أحدهم فغرق». ويروى محمد عبده ضيف، نجل ابن عم الضحية «محمد ضيف الله» ويعمل نجارا ونقاشا: «ابن عمى يسكن بقرية سنديون، وهو متزوج منذ شهر، وكان فى زيارة لوداع شقيقه ماجد قبل سفره إلى المملكة العربية السعودية، للعمل هناك، واصطحب زوجته معه»، متابعا: «محمد فور غرق المركب، قام بإنقاذ زوجته والذهاب بها للشاطئ، وعاد مرة أخرى لإنقاذ أحد الضحايا، إلا أنه غرق». فى سياق متصل، يؤكد «ماهر سعد مصطفى الغزالى»، أحد أبناء قرية ديروط بالبحيرة، وأحد الشهود العيان على الواقعة، قائلا: «قمت بالاتصال بأحد التنفيذيين بمدينة دمنهور، وإبلاغه بغرق مركب صيد، وكان ذلك فى الساعة العاشرة مساء، ووصلت قوات الإنقاذ من محافظة البحيرة خلال 45 دقيقة، وتمت عمليات انتشال جثث الضحايا». ومن جانبه، طالب سالم حامد الغزالى، أحد أبناء قرية ديروط، بإقامة كوبرى مشاة يربط بين البلدين، وبخاصة أن أقرب كوبرى بين القريتين يبعد على مسافة 12 كليو مترا تقريبا، بينما اقترح جمال خطاب «محام من أهالى المحمودية» بتشكيل لجنة من محافظتى البحيرةوكفر الشيخ، للوقوف على أسباب الحادث ومنع تكراره. حكايات أهالى الضحايا ودموعهم جعلت أهالى قرية سنديون يعيشون فى حزن، حيث قاموا بدفن الضحايا الواحد تلو الآخر، فما أن تخرج جثة ويتم نقلها لمستشفى فوه المركزى، ويصدر قرار من النيابة العامة بدفنها، حتى يهرع الأهالى الذين وقفوا على الطرق وأمام نهر النيل ليواروها الثرى، رغم برودة الجو والمطر الغزير والظلام الدامس، وهو الأمر الذى تكرر 12 مرة، كان آخرها استخراج جثة «مصطفى كامل جميعى» الذى تم دفنه عقب صلاة الجمعة، إضافة إلى 3 جثث بقرية ديروط على الشاطئ الآخر، تم دفنها هناك بمعرفة ذويهم. ويؤكد الأهالى أن المراكب الخاصة هى التى قامت بانتشال معظم الجثث، إذ لم تكف قوات الإنقاذ النهرى للقيام باللازم، كاشفين أنه كانت توجد وحدة من الإنقاذ النهرى تم نقلها لمركز دسوق، ولم يتم عمل وحدة بديلة بفوه.