بعد ثورتين لا يمكن تبنى وجهة نظر تفرض الرقابة على الكتب مصر ليس بها «أرض معارض» حقيقية والمعرض الحالى دون بنية تحتية انسحاب الدولة من سوق النشر تسبب فى ظهور «محترفى النسخ المقلدة» أزمات كثيرة تواجه صناعة النشر، التى تمثل بشكل أو بآخر جزءًا مهمًا من قوة مصر الناعمة، وما بين معاناة الناشرين مع ظاهرة النسخ المقلدة، وندرة عدد المكتبات العامة، والاستعداد لتنظيم معرض القاهرة الدولى للكتاب، يواجه عادل المصرى، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، اتهامات كثيرة بالتقصير، أبرزها دعمه لناشرين ينتمون إلى جماعة الإخوان، وحماية ناشرى كتب الفكر المتطرف. فى حواره مع «البوابة» كشف عادل المصرى عن أسباب ما تواجهه صناعة الكتاب فى مصر من مشاكل، واتهاماته للدولة بالتسبب فى انهيار تلك الصناعة، خصوصًا بعد انسحابها من سوق النشر، وعدم إنشاء مكتبات عامة، ما ترك المجال مفتوحًا أمام ما سماه «الكتيبات التى تخرج من أزقة الحسين» وتملأ المساجد والزوايا لتقود فكر الشباب. ■ فى البداية كيف ترى دعوات حل اتحاد الناشرين وضمه إلى وزارة الثقافة؟ - هذه دعوات جاهلة، لأن اتحاد الناشرين لا يتبع أى جهة، بل مستقل تم إنشاؤه بقانون صدر عام 1966، وغير تابع لأى وزارة، ومن له الحق فى حل الاتحاد هم أعضاء الجمعية العمومية إذا اجتمعوا لإقرار حله، وفى هذه الحالة تؤول أموال الاتحاد إلى وزارة الثقافة بصفتها الأقرب إلى الاتحاد. وهذا ينطبق أيضًا على اتحاد الناشرين العرب، فلا يمكن حله، لأنه تم تأسيسه عن طريق جامعة الدول العربية، ولا يؤول إلى أى وزارة ثقافة عربية. ■ هناك اتهامات تقول إن أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد الناشرين كلهم إخوان.. ما ردك على ذلك؟ - هذا غير صحيح بالمرة، لأن الاتحاد شريحة من شرائح المجتمع، به كل الأيديولوجيات، ولا نستطيع أن ننكر أن من ضمن أعضاء الجمعية العمومية يوجد ناشرون ينتهجون أيديولوجية الإخوان، كما أن هناك يساريين وليبراليين، ومن يؤمنون بنظريات ماركس ومتطرفين أيضًا، المهم أن ما أريد قوله هو أن التطرف موجود فى كل الأيديولوجيات، خاصة المتطرفين من الجماعات الإرهابية، كما أن هناك معتدلين أيضًا فى كل الأيديولوجيات، وهنا نطرح تساؤلًا من هى جهة الفرز بين المتطرف والمعتدل؟ بالتأكيد ليس اتحاد الناشرين، لأننا لا نتدخل فى نشر الكتب، ولسنا جهة رقابية على الكتب، وسنظل مع حرية النشر إلى نهاية الطريق، ولو تم إنشاء جهة للرقابة على النشر سنقف لها بالمرصاد، لأننا مؤمنون برد الفكر المتطرف بالفكر المعتدل. ■ لكن هناك من يتهمك شخصيًا بدعم الناشرين الإخوان؟ - هناك خلط فى المواقف، هم ينظرون إلى الاتحاد كأنه وصى على الناشرين، فى حين أنه لا يمتلك حق معاقبة الناشر سواء كان متطرفًا أو غيره، وليس لدى آلية للتعامل مع المتطرفين، فأقصى عقوبة يملكها الاتحاد هو الفصل أو الوقف عن العمل، وما أريد توضيحه أن القانون هو من يحكم معاملات الاتحاد، ونحن لا نملك حق محاسبة الناشر على أيديولوجيته، لأن كل عقوبات اتحاد الناشرين إدارية، لها علاقة بالمهنية، وتنظم علاقات الناشرين ببعضهم البعض، وشرف المهنة، وحقوق المؤلف.. إلخ. وليس لها علاقة من بعيد أو من قريب بمواجهة الإرهاب والتطرف، فالتصدى لذلك من اختصاص وزارة الداخلية وليس نقابة أو اتحاد، وطالما أن الناشر يتعامل بشكل قانونى ولا يعتدى على المجتمع، ولم يقع تحت طائلة القانون، فيجب أن يأخذ حقوقه من اتحاد الناشرين، ويؤدى التزاماته تجاه الاتحاد، هذه هى سياسة الاتحاد، والناشر الإرهابى تعاقبه الدولة، فأنا معنى بتنظيم المهنة، وطالما أن الناشر موجود ولم تعاقبه الدولة فهو ناشر فى النهاية، وسنقدم له العون فى تسويق الكتاب، وممارسة المهنة بشكل احترافى، فهذا دورنا الحقيقى. ■ هناك بعض دور النشر تتبنى كتب القرضاوى، والاتحاد لا يمكنه منعها، بحسب قولك، فما الحل من وجهة نظرك؟ - الحل فى الرقابة الجماهيرية، فما حدث مع الشروق العام الماضى فى المعرض كان عن طريق الرقابة الجماهيرية، فالجمهور واجه دار الشروق وانتقدها، وجعلها طواعية تمنع عرض مثل هذه الكتب، فهل تعتقد أنه بعد ثورتين نستطيع أن نتبنى وجهة نظر الرقابة على الكتب، ولدينا قامات ثقافية تستطيع أن ترد على مثل هذه الكتب، وأن تضع هذا الفكر فى حجمه الحقيقى. ■ ولكن نسبة القراءة فى مصر ضعيفة، ومثل هذه النوعية من الكتب تهدد المجتمع؟ - الحل هو رفع معدلات القراءة، عن طريق زيادة كميات الكتب فى مشروع مكتبة الأسرة، لا أن نقلصها كما يتم تقليصها كل عام، لمجرد أن المشروع كان يحمل اسم سوزان مبارك. ونزيد من عدد المكتبات العامة، فمكتبات مصر العامة 12 فقط على مستوى الجمهورية، وهذا رقم هزيل، والقائمون على المشروع مشغولون بتغيير اسمها من مبارك إلى مصر، وغير مهتمين بزيادة عدد المكتبات. والشباب المصرى أصبح فى خطر، فهناك من يجذبونه لروابط الأولتراس، فضلا عن أن المساجد والزوايا عددها كبير جدًا فى أنحاء الجمهورية، وفى كل زاوية توجد مكتبة تتبنى كتب المتطرفين، وتستقطب الشباب بأفكارها المتشددة، وتقول لهم هذه الكتب فيها صحيح الإسلام، وكل هذا سببه ندرة المكتبات العامة، والقصور الحقيقى هنا من الحكومة التى تركت الساحة لكتيبات تخرج من أزقة الحسين وتقود فكر الشباب. ■ مكتبات المدارس بائسة جدًا.. فلماذا لا يقوم اتحاد الناشرين بتبنى تطويرها؟ - «بقالنا 5 سنين نحارب فى هذا الموضوع» ومن الممكن أن تسأل وزارة التربية والتعليم، لأنها تحصل عن كل طالب من ال18 مليون طالب 2.60 قرش سنويًا، مقابل أنشطة المكتبة وتزويدها بالكتب، ومنذ 2010 حتى الآن وزارة التربية لم تطلب تزويد المكتبات بأى كتب، رغم تحصيلها لهذه المبالغ، وقد كان الوزير الأسبق، أحمد زكى بدر، السبب الرئيسى فى ذلك، وكل رؤساء الاتحاد منذ هذه الفترة تقابلوا مع وزراء التربية والتعليم، لكن لا جديد. غير أنه فى السنة الماضية دفع محب الرافعى، وزير التعليم وقتها، 5 ملايين جنيه لشراء كتب من مكتبة الأسرة، وهذا فى رأيي جريمة، لأن كتب «مكتبة الأسرة» مدعومة من قبل الحكومة لاستهداف الشباب، والمبلغ الذى تم دفعه لم يشعر به المواطن لأنه خرج من وزارة المالية إلى وزارة التعليم، إلى وزارة الثقافة وعاد مرة أخرى إلى المالية، وبالتالى لم يشعر المواطن بهذا الدعم وقد حرم من شراء كتب مدعمة. ■ وماذا عن مكتبات مراكز الشباب والنوادي؟ - آلاف المكتبات فى النوادى والمدارس انسحبت أيضًا من سوق النشر وأصبح الناشر يطبع 300 أو 500 نسخة، وهذا معناه ارتفاع سعر الكتاب، وبالتالى ازدهرت صناعة تزوير الكتب. وباختصار نستطيع القول إن الحكومة انسحبت من سوق النشر تمامًا، رغم أنه فى مثل هذه الظروف ينبغى أن تكون اللاعب الرئيسى. ■ وما علاقة ذلك بانتشار ظاهرة طباعة نسخ مقلدة من الكتب؟ - حين يتقلص عدد المكتبات، يضطر الناشر إلى طبع 500 نسخة، فنتيجة انسحاب الدولة من سوق النشر، أصبح سعر الكتاب مرتفعًا لأن مصاريف الطباعة الأساسية فى 500 نسخة هى نفسها ل5000، وبناء عليه يرتفع سعر النسخة، لأن الناشر يتكلف هذه المصاريف إضافة إلى حق المؤلف، أما المزور فلا يتكلف شيئًا من هذه التكاليف الإضافية، لكن أيضا هناك تزويرًا مقصوداً، بمعنى أن هناك مؤلفًا يريد الانتقام من مؤلف آخر، فيقوم بتجميع ملازم مختلفة من مؤلفاته ويجمعها فى كتاب بغلاف روايته الجديد، ويطرحها فى الأسواق فيظهر للقارئ أن الكتاب الجديد للمؤلف كتاب فاشل، وكذلك هناك تزوير موجه، بمعنى أن يتم وضع ملازم تهدف إلى رسالة ما توضع داخل الكتاب.. وهكذا أصبح التزوير أيضًا مغشوشًا، وموجهًا.