تحدى عدد كبير من قيادات تيار الإسلام السياسي والجهاد السابقين في مصر فتاوى السلفيين وشيخهم ياسر برهامي بشأن تحريم تهنئة المسلمين لإخوانهم الأقباط بأعيادهم والتي منها عيد الميلاد المجيد "الكريسماس"، وهنأ الإسلاميون ومنهم كثير من السلفيين المعتدلين الأقباط ب "الكريسماس" ضاربين بفتاوى برهامي الطائفية عرض الحائط، بل وطالبوا أيضا كل مسلم مصري بتهنئة أخيه المسيحي بعيده، وعدم الالتفات لتلك الفتاوى التي تشعل الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين. وعلى رأس الإسلاميين المهنئين للأقباط بأعيادهم والرافضين لفتاوى برهامي؛ الشيخ محمد الأباصيري- الداعية السلفي- الذي رأى أن تهنئة المسيحيين بأعيادهم واجب شرعي جاء في القرآن والسنة، مطالبا بضرورة الفصل بين الأصل الاعتقادي والمظاهر الاجتماعية في هذا الأمر. واتهم الأباصيري في تصريحاته الخاصة ل "البوابة" برهامي بمحاولة نشر الفتنة الطائفية في مصر بفتاويه الهدامة التي لا تمت لصحيح الإسلام بأي صلة. ومن نفس المنهج السلفي، وافق الشيخ أسامة القوصي- الداعية السلفي الشهير- على ما قاله الشيخ محمد الأباصيري، مؤكدا أن تهنئة الأقباط بأعيادهم ليس واجبا دينيا فحسب بل واجب قومي لزيادة التماسك والوحدة الوطنية. وهنأ القوصي الأقباط قائلا في تصريحات صحفية له: "تهنئتكم شرف وواجب قومي وديني.. كل عام وأنتم بخير". في سياق متصل، قال الشيخ ياسر سعد– الجهادي السابق وعضو تنظيم الفنية العسكري الإرهابي- في تصريحات خاصة ل "البوابة": "عيد ميلاد المسيح يحتفل به الكل؛ لأنه نبي الله أرسل للهداية، ولذلك يجب تهنئتهم به دون النظر إلى ما يؤمنون به ويخالف الشريعة الإسلامية". وأضاف: "وحتى في الأعياد التي تخالف في مضمونها الشريعة الإسلامية، فيكفي أن نطمئن عليهم ونتمنى لهم الخير، فهذا أمر جاء من الله في القرآن وفي سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم". واتفق مع الشيخ ياسر سعد؛ الجهادي السابق أيضا أحمد الرجال الذي قال: "لم ينهنا الله عن تهنئة المسيحيين الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا، بل وأمرنا بأن نبرهم ونقسط اليهم، ومن ضمن هذا البر والإقساط قولنا لهم كل عام وأنتم بخير، فلربما يأتي العام القادم عليهم وهم مسلمون". وأضاف في تصريحاته الخاصة ل "البوابة": أنا لا أحب الكفر في الإسلام، ومن الكفر التنطع بأشياء سكت عنها الله من غير نسيان بل وعملها نبيه، ثم يأتي البعض نتيجة مآلات لا علاقة لها بالدين الذي انزل على محمد بها، فيسقطوها من أجل نوازع مرضية نفسية على قوم بيننا وبينهم ميثاق، ألا هلك المتنطعون". يقول هشام النجار- القيادي السابق بالجماعة الإسلامية- عن تهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد ومدى جوازها: "أعتبر الحالة المصرية حالة خاصة، ولا ينبغي وضعها في تعميم لا يناسبها؛ فطبيعة تلاحم المصريين وعلاقتهم الوطيدة واختلاطهم الحياتي اليومي منذ قرون يحتم عليهم التفاعل مع تلك المناسبات بإيجابية بعيدًا عن الإسقاطات العقائدية؛ فصديقي أو جار أو زميلي في العمل المسيحي يهنئني بالمناسبات الدينية الإسلامية وبالمولد النبوي الشريف وهذا ليس معناه أنه تحول للإسلام وأقر بالرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك تهنئتي له بأعياده تأتى في سياق العادة الحياتية ولا علاقة لها بعبادات أو عقائد. وأضاف في تصريحاته الخاصة ل "البوابة": مصلحة الحفاظ على الوحدة والترابط بين أبناء الوطن الواحد لا ينبغي تفويتها بذريعة مصلحة موهومة وهى هنا التفوق والاستعلاء بالدين؛ حيث لا مكان هنا ولا مناسبة لتلك المصلحة ونحن بصدد ترسيخ الوحدة والمواطنة، بينما كانت الفتاوى التي تحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم مناسبة لواقع مختلف تمامًا حيث كانت الحروب الدينية قائمة والفتوحات والدولة العقائدية بخلاف دولة العقد الاجتماعي التي نحياها حاليًا والتي تجسد مصر أحد أرقى نماذجها". في سياق متصل، شن عبدالشكور عامر- القيادي المنشق عن الجماعة الإسلامية- هجوما شرسا على الشيخ ياسر برهامي بعد فتاويه المحرمة لتهنئة الأقباط بأعيادهم، قائلا: "إذا كنت يا برهامي ترى بعدم جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم، فلما بحثت عنهم في كل شبر في مصر لينضموا لقائمة حزب النور، أهذا حلال وتهنئهم هي الحرام؟". ووجه عامر في تصريحاته الخاصة ل "البوابة" التهنئة لكل مسيحي مصر بعيد الميلاد المجيد، متمنيا أن يعيد الله هذا العيد على مصر والعالم العربي بالخير واليمن والبركات، وهو ما اتفق معه أيضا الشيخ ربيع شلبي- القيادي الإسلامي- الذي طالب كل مسلمي العالم بعدم الالتفات للفتاوى الطائفية، وتوجيه التهنئة للأقباط بأعيادهم ردا على أحاديث المتطرفين. وبالانتقال إلى التيار الصوفي، فقد رأى وجوبا على كل مسلم تهنئة الأقباط بأعيادهم جميعها كونهم شركاء للمسلمين في الوطن، ومن ضمن هؤلاء المؤيدين الشيخ عبدالله الناصر حلمي- أمين عام اتحاد القوى الصوفية- الذي رد على فتوى برهامي بشكل عملي وذلك من خلال إرسال برقية تهنئة باسم القوى الصوفية للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة عيد الميلاد الجديد.