كعادتهم دائمًا، حين تضيق عليهم الأمور يأخذون من الدين براحه، ربما لأن الدين في الأصل براح، أو لأنه يوفر لهم الإيمان بالغيبيات التي يكونون في أشد الحاجة إليها؛ لتضميد جراح قواعدهم، هكذا فعلها الإخوان ومن بعدهم السلفيون. حين فشلت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في السلطة رفع قياداتها وعودًا بأن "نصر الله قريب"، مر عامان ونصف العام ولم يأتهم النصر الذي تمنوه وقالوا عنه قريب، ومازالوا يقولون، من بعدهم جاء السلفيون الذي فشلوا مؤخرًا في الانتخابات فطالبهم شيخهم ياسر برهامي بألا ييأسوا من رحمة الله. "برهامي" الذي يعتبر الرجل الأول في الدعوة السلفية، رغم انه نائب مجلس إدارتها وليس رئيسها، يقع على كتفه الآن حمل كيفية تسكين قواعد الدعوة المصدومة من نتائج الانتخابات التي خرج منها النور ب12 مقاعدًا فقط حتى الآن، فالرجل الذي كان يسيّر المركب السلفي في أوقات الوعود، عليه أن يبرر كيف لهذه الوعود أن تتبخر بضياع المقاعد. ويبدو أن "برهامي" مدرك لدوره فكان أول تصريح من الدعوة عقب نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات له، حيث برر النتائج بما اعتبره مؤامرة على حزبه السلفي، ذاهبًا بأتباعه إلى أنسب آيات قرآنية تمكنه من إقناعهم بأنهم على صواب. ويرجع التأثير الكبير ل"برهامي" على قواعد الدعوة وما تبقى من قواعد حزب النور إلى كونه أحد مؤسسي الدعوة السلفية، حيث ساهم في تأسيس كيان سلفي اثناء دراسته في كلية الطب، وكان برفقته في هذا الكيان كل من محمد إسماعيل المقدم وأحمد فريد، القياديين في الدعوة السلفية حاليًا. وأثناء وجودهم في الكلية انتشرت الرسائل الإسلامية ومحاضراتهم وخطبهم في الإسكندرية، كما درس كتب محمد عبد الوهاب، وكذلك كتب ابن تيمية، وله دروس كثيرة في العقيدة والتفسير والحديث والأصول. وشارك في تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية والتدريس فيه، حيث قام بتدريس مادتي التوحيد وأصول الدعوة إلى حين إيقافه سنة 1994 م، وألف "برهامي" العديد من الكتب السلفية مثل: «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» و«فقه الخلاف»، كما يعتبر الأب الروحي لحزب النور الذي تأسس عقب ثورة 25 يناير. ويفسر كونه الأب الروحي لحزب النور هو إنه القيادة المتصدرة للدعوة السلفية، متجاوزًا الشيخ محمد عبد الفتاح إدريس، رئيس الدعوة السلفية، الذي يفضل إدارتها من خلف نقاب. وتذهب كل التحليلات إلى ان "برهامي" كان صاحب فكرة تدشين حزب سياسي يجمع السلفيين، نظرًا لتبنيه رأي استخدام السياسة لتنفيذ الشرع، وهو ما يتناقض كليًا مع مواقفه قبل الثورة، حين كان يفتي بحرمة الخروج على الحاكم وأن التظاهر "كفر". وعرف عن "برهامي" فتاواه المثيرة للضجة، حيث اباح ترك الزوج زوجته للاغتصاب حال تأكده من أن الدفاع عنها سيتسبب في وفاته، مبررًا ذلك ب" أن حفظ النفس مقدم على حفظ العرض، وإن كان هناك نسبة لدفاع الزوج عن زوجته فيدافع عنها، لكن إن تأكد من مقتله فيجوز له تركها." ويتبنى "برهامي" ما يمكن تسميته بمهادنة مع الأقباط، حيث كان للشيخ نفسه مواقف سابقة تعاديهم بل وتحرض عليهم أيضًا، ظهرت في فتاوى تكفيرهم وأخرى تحرم تهنئتهم في أعيادهم.