شاعر وروائي الفرنسي ذاع صيته بعد أن كتب مسرحيته الشهيرة "سيرانودو برجراك"، والتي وصفها بأنها ملهاة ملحمية، تقع أحداثها في القرن السابع عشر الميلادي، وتعرض قصة مؤثرة عن سيرانو الذي كان شاعرًا متعجرفًا، له أنف طويل وقبيح، وبسبب مظهره، وكان يخجل من التودد إلى المرأة التي يحبها، لكنه بدلًا من كان يكتب الرسائل إليها ممهورة بتوقيع صديقه الوسيم الذي كان يحبها بدوره، فإذا بالمرأة تقع في غرام هذا الشاب، وترك غيرها إرثًا خالدًا من اثني عشر مؤلفًا، تنوعت بين الرواية والمسرحية والشعر، إنه الروائي أدموند يوجين. ولد أدموند يوجين أليكسس روستان في مدينة مارسيليا الفرنسية، وكان ابنًا لعائلة مثقفة وغنية من منطقة بروفنس الشهيرة، وكان أبوه اقتصاديًا لامعًا، وشاعرًا، وعضوًا في جامعة مارسيليا، ومعهد فرنسا أيضًا، ما أتاح للشاب أدموند دراسة الأدب، والتاريخ، والفلسفة في جامعة ستانسيلاس الباريسية العريقة؛ ثُم تزوج من الشاعرة روزموند جيرارد، وهي حفيدة الجنرال الفرنسي الأشهر موريس جيرارد. قوبلت أعمال روستان بشهرة كبيرة في فرنسا، كانت مع مسرحيته الأولى الهزلية "الرومانسيون" عام 1894، والتي عُرضت على المسرح الفرنسي، وكذلك "الأميرة البعيدة" التي كانت تحكي عن قصة المطرب جفري رودل مع كونتيسة طرابلس أوديرنا، وتم عرضها في العام الذي يليه على مسرح النهضة، وأدت دور ميلسيندا الممثلة الأسطورية سارة برنار، والتّي قامت أيضًا بدور "الأميرة السامرية" على المسرح نفسه في 1897 وهي مسرحية درامية مقتبسة عن قصة لأمراة من السامريين في الإنجيل. كان أدموند يبلغ من العمر 29 عامًا عندما شهد العرض الأول لمسرحيته الخالدة "سيرانو دي برجراك"، والتّي تم إنتاجها عام 1898 على مسرح دي لابورت سان مارتين، عن الكوميديا البطولية التي تحمل الاسم ذاته، والتّي نشرها في ديسمبر الذي سبقه -وكان انتصارًا للمسرح الفرنسي، الذّي لم يعرف مثل هذا الحماس للدراما منذ مسرحية "هرناني" التي كتبها فيكتور هوجو- وسرعان ما ترجمت المسرحية إلى اللغة الإنجليزية والألمانية والروسية ولغات أوربية الأخرى- وهو الأمر الذي لم يكن مُعتادًا على مسرحية تحكي عن بطل تاريخي عاش في القرن السابع عشر؛ وفي مسرحيته "النسر الصغير" اختار روستان موضوعًا من التاريخ، وهو عن نابليون الثاني المعروف بدوق ريخستاد والتّي تتضمنت كثير من المعلومات غير المعروفة عن الحياة التعيسة التي عاشها نجل نابليون من ماري لويز الأميرة النمساوية في بلاط قصر شونبرن في فيينا، والذّي عاش فيه تحت أنظار جده مراقبًا عن كثب من قِبل الأمير النمساوي النافذ كليمنس ميترنخ -وعلى الأرجح أن كتابته لهذه المسرحية جاءت بعد قراءته لكتاب هنري ويلشنجر ملك روما عن حياة نابليون الثاني؛ وقد أنتجت المسرحية في ستة فصول في 15 مارس 1900 على مسرح سارة برنار ومن إنتاجها، حتى إنها قامت بدور دوق ريخستاد بنفسها.. وهذا يكفي للدلالة على مدى حماسها للمسرحية. مرض روستان وهو في الثلاثين من عُمره بالتهاب الجنبة -وهو الغشاء المحيط بالرئتين- وأنتقل إلى إقليم الباسك الفرنسي باحثًا عن الهواء العليل أملًا في الشفاء، وظل هناك حتى توفى عام 1918 كأحد ضحايا وباء الأنفلونزا الإسبانية؛ ولايزال منزله في إقليم الباسك قائمًا إلى الآن كمتحف يشهد على حضارة الباسكيين وفنونهم الحرفية والهندسية.