قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لرويترز اليوم الأربعاء إن بعض المشتبه بهم في تفجيرين انتحاريين تسببا في مقتل 97 شخصا في أنقرة أمضوا شهورا في سوريا وقد تكون لهم صلة بتنظيم الدولة الإسلامية أو مسلحين أكراد. وأضاف أن الهدف من التفجيرين اللذين وقعا يوم السبت الماضي في انقرة خلال تجمع لنشطاء مؤيدين للأكراد وجماعات مدنية هو اضعاف موقف حزبه الحاكم العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية المقررة في الأول من نوفمبر تشرين الثاني وحرمانه من أصوات يحتاجها لتشكيل حكومة أغلبية. والهجوم هو الأسوأ من نوعه على الأراضي التركية. وقال داود أوغلو في مقابلة في اسطنبول "نجري تحقيقات بشأن المنظمتين الإرهابيتين داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) وحزب العمال الكردستاني لأن لدينا بعض الأدلة تتعلق بصلات للانتحاريين بداعش ولكن أيضا هناك بعض الصلات بجماعات تابعة لحزب العمال الكردستاني." وتابع "بعض المشتبه بهم أمضوا شهورا في سوريا." ورفض داود أوغلو انتقادات للسلطات بأنها لم تعمل بقوة لاعتقال من يشتبه في أنهم جهاديون وكذب تقارير قالت إن والد أحد المشتبه بهم في هجومي أنقرة قد حذر السلطات قبل عام من تطرف ابنه وان شيئا لم يحدث حيال ذلك. وفي حين يجرى تحقيق حول ما اذا كان هناك قصور لأجهزة المخابرات والأمن قبل وقوع التفجيرين قال رئيس الوزراء إن تركيا أحبطت هجمات سابقة مماثلة وأنه تم بالفعل استبعاد قادة من الشرطة والمخابرات والأمن في أنقرة من مناصبهم. وزاد الضغط على تركيا- لا سيما من حلفائها في حلف شمال الأطلسي الذين يعتبرونها درعا في مواجهة القلاقل بالشرق الأوسط- من أجل فعل المزيد لتأمين حدودها البالغ طولها 900 كيلومتر مع سوريا. واستغل مقاتلون أجانب وأتراك مرور أعداد هائلة من اللاجئين للانتقال إلى أراض يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية ثم العودة للتهديد بشن هجمات في تركيا وما وراءها. وقال داود أوغلو "إننا نفحص كل فرد ولقد منعنا محاولات أخرى في الماضي.. حتى لو وضعت جنديا في كل مئة متر لك أن تخيل مدى صعوبة الأمر." وأضاف أن تركيا تخوض حربا ليس فقط مع الدولة الإسلامية بل مع حزب العمال الكردستاني وحزب جبهة التحرير الشعبي الثوري اليساري الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم استهدف القنصلية الأمريكية في اسطنبول في أغسطس آب. وقال داود أوغلو إن تركيا لديها معلومات مخابرات بأن مسلحين من حزب العمال الكردستاني وحزب جبهة التحرير الشعبي الثوري تدربوا في شمال العراق على تنفيذ تفجيرات انتحارية ثم جرى ارسالهم إلى تركيا. وتابع "لا نرى أي فارق بين الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني. كل منهما تنظيم من المجرمين وكل منهما تنظيم إرهابي يهاجم تركيا.. يهاجم مدنيين." ويلقي الطيف الواسع من المجموعات المتشددة- إلى جانب فصائل متداخلة معها- الضوء على حجم التهديد الذي تواجهه تركيا. لكن الزعماء الأتراك ينظرون منذ وقت طويل إلى المتمردين الأكراد على انهم أكبر خطر على نسيج الدولة ويخشون أن يؤدي تحالف مع اقرانهم في سورياوالعراق إلى إقامة دولة كردية. وقال داود أوغلو إن هدف تفجيري أنقرة هو إجهاض مساعي حزب العدالة والتنمية الذي أسسه الرئيس رجب طيب إردوغان لاستعادة الأغلبية البرلمانية التي فقدها للمرة الأولى منذ 13 عاما في انتخابات يونيو حزيران الماضي وكان أحد أسباب ذلك النجاح الذي حققه حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد. وأضاف رئيس الوزراء أنه واثق من أن هذه المساعي ستفشل إذ تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى ان نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية تتراوح من 44 إلى 45 في المئة. وسيكفي ذلك الحزب ليحكم منفردا لكنه لن يكفي لتنفيذ إصلاحات دستورية يسعى إليها إرودغان لتعزيز رئاسته بسلطات تنفيذية أقوى. * "قلق حقيقي" بشأن سوريا.. وواجه داود أوغلو وهو مهندس استراتيجية "لا مشاكل مع الجيران" لسياسة تركيا الخارجية انتقادات بشأن استراتيجيته حيال سوريا والتي تطالب بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد وبشأن دعم تنظيمات إسلامية في المنطقة بعد انتفاضات الربيع العربي التي أسقطت أربعة قادة عرب. وقال داود أوغلو أيضا إن لتركيا حق الدفاع عن نفسها ضد مخاطر متزايدة نابعة من سوريا بعد التدخل العسكري الروسي الذي وصفه بأنه يظهر ضعف الرئيس السوري بشار الأسد أكثر من أي شيء آخر. وبدأت روسيا شن غارات جوية في سوريا قبل نحو أسبوعين وأعلنت يوم الثلاثاء أنها نفذت 88 مهمة خلال 24 ساعة خلت لتشكل أحد أكثر أيام القصف في حملتها حتى الآن. وأبلغ مسؤولان كبيران بالمنطقة رويترز أمس الثلاثاء أن الجيش السوري ومعه حزب الله اللبناني وإيران سيشنون قريبا هجوما بريا بدعم جوي روسي ضد مسلحين في منطقة حلب القريبة من الحدود التركية. وقال داود أوغلو "كدولة مجاورة لدينا بواعث قلق شديدة ونملك حقوق محددة... استنادا للقانون الدولي في حماية أمن بلادنا." وأضاف "الآن هناك في سوريا مخاطر أكثر مما كانت عليه قبل التدخلات الجديدة. لكن في النهاية على الشعب السوري أن يقرر مستقبله." وبعد أسبوعين من القصف الجوي يخوض الجيش السوري وحلفاؤه قتالا ضد مسلحين في محافظة حماة الشمالية وفي محافظتي إدلب واللاذقية المجاورتين في محاولة لانتزاع أراض من قبضة المعارضة استحوذت عليها خلال الصيف وهددت معاقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد على ساحل البحر المتوسط. وبسؤاله إن كانت تركيا ستدعم المعارضة السورية المعتدلة بأسلحة لمواجهة الهجوم الذي تقوده روسيا قال رئيس الوزراء التركي إن هذه قضية تخص المجتمع الدولي بأكمله وليس تركيا وحدها. وتابع "هذه ليست مشكلتنا وحدنا... هذه مشكلة المجتمع الدولي. من العار على المجتمع الدولي ألا يوقف جرائم الحرب التي يقوم بها النظام السوري وألا يوقف جماعة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) الهمجية."