أكد وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي الدكتور ثاني أحمد الزيودي، أن قمة مدن البيئة العالمية التي تستضيفها ابوظبي لهذا العام تمثل منصة مهمة لمناقشة الأفكار والحلول لضمان التنمية المستدامة في مدن المستقبل. وقال الدكتور ثاني الزيودي، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لقمة مدن البيئة العالمية بمركز أبوظبي الوطني للمعارض اليوم الأحد، إن هذا العام يصادف نقطة تحول رئيسية في فهمنا للمدن بصورة أعمق وأشمل.. حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن ما يقرب من 80٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يأتي من المدن وتستهلك المدن أكثر من 70٪ من الإنتاج العالمي من الطاقة، وتسهم في انبعاث أكثر من 70٪ من غازات الدفيئة على الصعيد العالمي. وأضاف الزيودي، إن هذه الإحصاءات تستحق الوقوف عندها ودراستها والعمل على تخفيف الانعكاسات السلبية للأنماط السائدة حاليا للحياة في المدن، ومن أجل أن نحقق تقدما ايجابيا علينا العمل سويا ونتبادل الخبرات للمضي قدما في مسيرة التنمية المستدامة وتحقيق مستقبل أكثر ازدهارا لأجيال المستقبل. وأوضح الوزير، أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مدن المستقبل، يتطلب انتهاج السياسات السليمة والمحفزة، وتطبيق نماذج أعمال جديدة، وتبني أنماط حياة أكثر استدامة، مشيرا إلى أن العالم إعتمد - قبل أسابيع- خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خطة "أهداف التنمية المستدامة لما بعد عام 2015"، والتي نصت لأول مرة على ضرورة التزام جميع الدول بنتائج ومعايير وأنظمة محددة تتعلق بالمدن حيث جاء ذلك في الهدف الحادي عشر، والذي حدد أهداف التنمية المستدامة فيما يلي: ضمان توفير السكن الملائم للجميع، والحد بشكل كبير من الأثر البيئي السلبي للمدن، وتحسين مرونة التعافي من الكوارث والحد من أضرارها، ودعم الروابط الإيجابية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، إضافة إلى العديد من الأهداف الأخرى التي سيعمل المجتمع الدولي على تحقيقها بحلول عام 2030. وقال الدكتور ثاني الزيودي، إنه في ديسمبر القادم سوف يجتمع ممثلو دول العالم في المؤتمر الحادي والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ في العاصمة الفرنسية باريس بهدف التوصل إلى اتفاق دولي جديد يكون ملزما من الناحية القانونية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة..بحيث يدخل حيز التنفيذ ابتداء من عام 2020، مشيرا إلى أنه سوف يكون لأسلوب إدارة الأنشطة البشرية في المدن أهمية كبيرة في الوفاء بالالتزامات التي سيتم الاتفاق عليها واعتمادها. وطرح الوزير الزيودي ثلاث نقاط رئيسية تم التوصل اليها من خلال التجربة الإماراتية، حيث من المهم التركيز على اتخاذ إجراءات وتدابير عملية بشأنها في المستقبل أولا: لقد أدركنا من خلال تجربتنا في دولة الإمارات أهمية إصدار واعتماد الأنظمة والقوانين البيئية الواضحة وكذلك أنظمة تعزيز الكفاءة وبناء القدرات، حيث توفر الأنظمة الضمانات لكل من القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بالمنهجيات والتقنيات الجديدة، وتعزز تنفيذ الإصلاحات وجذب الاستثمارات، مشيرا إلى أنه بعد عامين فقط من تطبيق أنظمة وقوانين المباني الخضراء في أبوظبي من خلال "برنامج استدامة"، تم خفض استهلاك الطاقة والمياه في المباني الجديدة بنسبة تزيد عن 33٪، وبفضل التحسينات في هذا القطاع الحيوي، يمكن أن يتم تطبيق هذه الأنظمة واللوائح دون تكبد أي تكلفة إضافية. ثانيا: هناك تأثير إيجابي كبير للاستثمارات الحكومية في مجال البحث العلمي وتشجيع الابتكار وتطوير المناهج التعليمية فيما يتعلق بقطاع المدن المستدامة.. فتم تأسيس شركة مصدر ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا وهو أول جامعة بحثية للدراسات العليا في المنطقة متخصصة بتقديم حلول عملية لقضايا الاستدامة في المدن، وتم تحقيق تقدم كبير على صعيد الوعي بالاستدامة. وأوضح أن دولة الإمارات استكملت هذه الإنجازات من خلال توفير مناهج تعليمية تهتم بالاستدامة... ففي أبوظبي على سبيل المثال... هناك "مبادرة المدارس المستدامة" التي أطلقتها هيئة البيئة - أبوظبي والتي تركز على تعزيز وعي الطلاب بمواضيع الطاقة والمياه والمعايير والأنظمة ذات الصلة. ثالثا: لقد أثبتت الطاقة المتجددة أنها توفر فرصة استثنائية تتيح للمدن الاستمرار في النمو مع الحد من تداعيات تغير المناخ... وأصبحت تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية حاليا منافسة للتقنيات الأخرى. وشدد في ختام كلمته على أن من أهم التحديات التي تواجه العمل في هذا المجال هو (المياه)... يجب أن يكون ضمان أمن المياه من المجالات الرئيسية التي يجب التركيز عليها في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع زيادة تداعيات تغير المناخ.. وقال "نحن في دولة الإمارات نسعى إلى التصدي لهذا التحدي من خلال ترشيد الاستهلاك، وتحسين إدارة المياه، وتطوير تقنيات عمليات التحلية"، ثم يأتي التحدي الثاني وهو (قطاع النقل)، حيث يعتبر موضوع النقل من التحديات المهمة التي نواجهها في دولة الإمارات، حيث لا يزال الناس يفضلون استخدام السيارات الخاصة.. ومع ذلك، فإن النجاح الكبير الذي حققه قطاع النقل باستخدام شبكة السكك الحديدية والمترو في دبي، والنمو السريع للنقل بالحافلات في إمارة أبوظبي تؤكد إمكانية تطبيق خيارات فعالة.