إزالة 3 حالات تعد على الأراضي الزراعية خلال عيد الأضحى في البحيرة    مستشار وزير الخارجية الأوكراني: روسيا احتلت 450 كيلومترًا خلال مايو 2025.. رقم قياسي    "التعاون الخليجي" يرحب بقرار "العمل الدولية" رفع صفة فلسطين إلى "دولة مراقب غير عضو"    رئيس وزراء باكستان يُهنئ السيسي بعيد الأضحى المبارك    "خياران أمام داري بعد عودة ديانج".. أرقام قصمان لاعبي الأهلي والصفقات الجديدة في كأس العالم للأندية    يتبقى التوقيع.. ريان نوري يجتاز الفحص الطبي مع مانشستر سيتي    أهم أخبار السعودية اليوم السبت 7 يونيو 2025..حجاج بيت الله الحرام يرمون الجمرات الثلاث في أول أيام التشريق    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في شمال سيناء.. بالاسم ورقم الجلوس    ثقافة الفيوم تحتفل بذكرى ميلادها "هدى شعراوي.. امرأة لا ينساها التاريخ".. صور    لمن يعانى من مرض النقرس.. التزم بهذه النصائح فى العيد    تعرف على أفضل الطرق لفك اللحمة بعد تجميدها فى الثلاجة    رئيس جامعة المنوفية يتفقد معهد الأورام ويهنئ الأطباء والعاملين بعيد الأضحى    لليوم الثاني.. أهالى الأقصر يذبحون الأضاحى لتوزيعها علي الأسر الاكثر احتياجا فى عيد الأضحى    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    «إيبارشية إسنا وأرمنت» تعلن إخماد الحريق المحدود ب كنيسة السيدة العذراء في الأقصر    الأمم المتحدة: 71 ألف طفل بغزة سيعانون قريبا من سوء تغذية يهدد حياتهم    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    فرنسا تدعو إسرائيل للانسحاب سريعا من كامل الأراضي اللبنانية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    إعلام إسرائيلي: يحتمل وجود جثامين لمحتجزين إسرائيليين بمحيط المستشفى الأوروبي    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    الخرفان أولًا والعجول آخرًا.. تدرّج في الطلب بسبب تفاوت الأسعار    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    اتحاد تنس الطاولة يناقش مستقبل اللعبة مع مدربي الأندية    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    ضبط 156 شيكارة دقيق بلدي مدعم وتحرير 311 مخالفة فى الدقهلية    الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام احتفالا بعيد الأضحى| فيديو    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    رسميًا.. غلق المتحف المصري الكبير في هذا الموعد استعدادًا للافتتاح الرسمي    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    "الزراعة": إزالة 20 حالة تعد في المهد بعدد من المحافظات    مرسال: اتحاد العمال يرسخ مكانته الدولية في مؤتمر جنيف| خاص    الأحزاب تستغل إجازات العيد للتواصل مع الشارع ووضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين    وكيل صحة أسيوط يتفقد سير العمل بالمستشفيات والمركز الإقليمي لنقل الدم خلال إجازة عيد الأضحى    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    "دفعها للإدمان وحملت منه".. تفاصيل بلاغ من سيدة ضد والدها في الوراق    عواد: أنا وصبحي نخدم الزمالك.. وسيناريو ركلات الترجيح كان متفقا عليه    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر من الخجل!
نشر في البوابة يوم 06 - 10 - 2015

فى فترة مبكرة من شبابى انتبهت إلى ملحوظة غريبة جدا تتعلق بحالتى عند مشاهدة الأفلام.
كنت قد انضممت إلى عضوية «نادى سينما القاهرة»، ومعتادا على التردد على المراكز الثقافية الأجنبية، ومشاهدة أفلام مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وكلها منافذ تعرض الكثير من روائع السينما العالمية بدون حذوفات رقابية، وكانت هذه الأفلام تحمل الكثير من مشاهد العرى والجنس التى كانت شيئا نادرا للغاية وقتها، ومع ذلك لا أتذكر أننى شعرت بالحرج أو الإثارة خلال مشاهدة هذه الأعمال.
على العكس تماما كان ينتابنى الخجل والشعور بأننى فى مكان «مشبوه» وأنا أشاهد بعض الأفلام المصرية التى تحتوى على مشاهد إغراء، غالبا ما تقتصر على امرأة تعرى جزءا من كتفيها أو ساقيها أو أعلى صدرها، وتتمايل وتتثنى كالحية وتتكلم بطريقة غير طبيعية، على طريقة هند رستم وأحمد رمزى فى فيلم «ابن حميدو»، أو حتى تقتصر على بعض الإيحاءات اللفظية والتلاعب بالكلمات على طريقة أحمد رمزى وكاريمان فى فيلم «بنات اليوم».
طالما حيرتنى هذه المفارقة، ولكن بعد عمر طويل اكتشفت السر أثناء قراءة كتاب ألمانى ضخم من ثلاثة أجزاء بعنوان «تاريخ الخجل».. يرصد التاريخ الاجتماعى والثقافى لفكرة «الخجل» أو «الحياء» العام، والطريقة التى عملت بها السلطات السياسية والدينية على جعل الأفراد يخجلون من أشياء بعينها، والطريقة التى يلعب بها الفنانون وصناع الترفيه والتسلية على هذه الأشياء المخجلة لينتزعوا الضحكات أو مشاعر الإثارة من الجمهور.
الملحوظة الثانية أننى وجدت نفسى، لأسباب لها علاقة بالتربية والثقافة، أحب النوع الأول وأحتقر النوع الثانى.
لكننى.. بعد عمر أطول أجد نفسى الآن متلبسا بالدفاع عن هذه الأعمال «الهابطة».
من المحرج بالطبع أن يجد المرء نفسه متلبسا بالدفاع عن أفلام يعتبرها «الرأى العام» تافهة ومبتذلة، بل وضارة بالذوق الرفيع والأخلاق الحميدة.
لا أنكر أننى استشعرت الحرج قليلا وأنا أكتب هذا المقال، ليس لأننى لا أؤمن بما فيه وليس لأننى أعتقد أن فيه ما يتناقض مع عدائى للهبوط والابتذال، ولكن لأننى أعرف أن الكثيرين سيكتفون بقراءة العنوان، ثم يكيلون الاتهامات التى قد تتراوح من وصمى بنصير الهبوط وحتى وصمى بأننى «أقبض» من أصحاب هذه الأعمال الهابطة.
لا أحب الأفلام «الهابطة»، ومعظم أفلام السينما المصرية «هابطة» لا أشاهدها إلا مضطرا بحكم عملى كناقد وصحفى، ولولا ذلك لاقتصرت مشاهداتى على الأعمال الكبيرة لكبار السينمائيين العالميين والمصريين، وحتى لا يسارع أحدكم باتهامى بالانحياز ضد أفلام بلدى أضيف أننى لا أحب كذلك معظم الأفلام الهندية ولا معظم الأفلام الأمريكية.
لا أميل بشكل عام إلى ما يسمى بالفن السائد، الذى يصنع لعموم وعامة الناس، ويتسم عادة بالخفة والاستخفاف، باستثناء تلك الأعمال المصنوعة ببراعة وإتقان شديدين، والتى تحمل مستويات متعددة من الأفكار والمعانى.
لكننى، بحكم عملى ومتابعاتى وقراءاتى، أدرك أن الفن السائد غالب، وأنه الأساس، وأن الناس لا يستطيعون الاستغناء عنه، وأنه رغم كل الانتقادات، مفيد وضرورى لحياتهم، مهما كانت درجة تفاهته.
منذ عقود ونقاد وصحفيو الفن يطلقون عددا من المصطلحات الطريفة يصفون بها الموجات المتتابعة من «الهبوط» مثل «سينما المقاولات»، «أفلام نادية الجندى»، «أفلام المخدرات»، أو مصطلح «أفلام السبكية» الذى يتداول منذ عدة سنوات.
هذه المصطلحات تصف موجات من الأفلام التى تظهر فى فترة متقاربة وتتشابه فيما بينها فى بعض العناصر الفنية، قد تكون طريقة الإنتاج، أو الموضوع والتيمة الأساسية، أو الممثلين الرئيسيين.. غالبا ما تتوجه إلى القطاعات الشعبية أو الطبقة الوسطى الدنيا التى لا تعرف من الفن سوى جانبه الترفيهى.
من الطريف أن «طرافة» هذه المصطلحات لا تقتصر على التى تحمل رأيا سلبيا، بل إن واحدا من أطرفها هو «السينما النظيفة» الذى يقصد به مديح موجة معينة من الأفلام، ولكن مع الوقت تحول المصطلح إلى مادة للسخرية من هذه الأعمال وصناعها، لأنها فى الأول والآخر لا تهدف لشيء سوى استرضاء الجمهور، بغض النظر عن القناعات الشخصية لأصحاب هذه الأفلام، فالمهم هو السير وراء «الذوق العام» الذى كان يطلب أفلاما تخلو من المايوهات والقبلات.
الهبوط الفنى، إذن، كما أتصوره، لا يقتصر كما يتخيل البعض على المشاهد والكلمات التى يعتبرها «الذوق العام» جارحة وخارجة، ولكنه يمتد إلى أى عمل سطحى وملفق وغير صادق يسعى إلى «خداع» الجمهور واستخراج ثمن التذكرة من جيبه بوسائل رخيصة.
الهبوط وصف يتعلق بطريقة الصنع وليس السلعة نفسها، الأفلام قد تدور عن الجنس، وتحمل مشاهد جنسية أو عارية، وليس معنى ذلك بالمرة أنها هابطة، والأفلام قد تحتوى على ألفاظ جريئة وشتائم نابية، ولكن ليس معنى هذا أنها بالضرورة هابطة، الأفلام أيضا قد تدافع عن القيم والأخلاق والشرف، وتحمل حوارا وعظيا تعليميا، وليس معنى ذلك أنها راقية فنية، أو أنها غير هابطة.
يمكنك أن تقارن مفهوم الهبوط بمصطلح «الغش التجارى» فى عالم الصناعة والتجارة، ربما تكون السلعة ملابس داخلية، وربما تكون أدوات مدرسية، وفى الحالتين قد تكون جيدة الصنع، أو مغشوشة، سريعة العطب وضارة بالصحة.
فى الأعمال الفنية الكبيرة تشعر دائما بأن صانعها يحترم جمهوره ويحترم الموضوع الذى يناقشه، حتى لو كان «محرجا» مثل الطبيب أو العالم الذى يتحدث فى الجنس، يقولون إنه لا حياء فى العلم، ولا حياء فى الفن الراقى أيضا.
فى الأعمال «الهابطة» تحرج، أو تضحك، والاثنان رد فعل واحد على الشعور بالخجل الذى يلعب عليه صناع هذه الأعمال.. ولكن لماذا نشعر بالخجل، ولماذا نحتاج إلى هذه الأعمال التى تثير خجلنا؟
الإجابة.. الأسبوع المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.