في الماضى.. مشاركة المرأة للرجل في ميدان العمل «زنا» الآن.. السلفية تروج للحزب.. وصور السيدات تتصدر قوائم «النور» يرى التيار السلفى أن الدعوة إلى نزول المرأة مجال العمل ومشاركتها للرجل كارثة كبرى، ويرى قادة التيار السلفى أن «نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدى إلى الاختلاط في الميادين بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جدا على المجتمع الإسلامى وله تبعاته الخطيرة، وعواقبه الوخيمة، ويعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه، وذلك لأنه يتصادم مع النصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه»، لذلك فإن التيار السلفى يعتبر أن مشاركة المرأة للرجل في العمل، واقتحامها لميدان الرجال يعتبر إخراجًا لها عن تركيبتها وطبيعتها، وفى هذا جناية كبيرة على المرأة وقضاءٌ على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها، ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذكور وإناث، لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف، فالذي يقوم بهذا الدور هي الأم، وقد فصلت منه وعزلت تماما عن مملكتها التي لا يمكن أن تجد الراحة والاستقرار إلا فيها، وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول. رغم الموقف الواضح المعلن سابقًا للدعوة والحزب، بشأن رفض ترشح المرأة خلال الانتخابات البرلمانية السابقة، أصبح الأمر الآن جائزًا، حيث رفضت الدعوة في السابق ترشح المرأة بشكل واضح وصريح، وذلك في فتوى لنائب رئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامى، أعلن فيها موقف الدعوة من ترشح المرأة، وإبطال ما يعرف ب«الكوتة»، لأنها مخالفة للشرع والدستور. وعاد التيار السلفى وأفتى بإجازة ترشح المرأة، وأعطى الضوء الأخضر للمرأة للترشح على قوائمه، ولكنه قال: «إن الترشح لا يعد ولاية عامة للمرأة»، ولكنهم أجمعوا على أن العلماء اشترطوا في الولاية أن تكون للرجال، مستشهدين بنص النبى صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، كما أن المرأة لم تكلف بولاية في عهد النبى ولا عهد صحابته، رغم وجود عدد منهن قد اشتهرت عنهن الحكمة والعقل والبصيرة. وحدد عبدالمنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، في فتاويه التي يراها البعض مغايرة لفتاوى برهامى، بأن رؤية الدعوة في مسألة ترشح المرأة من باب الموازنة بين المصالح والمفاسد، التي تقضى بضرورة التواجد في مجلس النواب المقبل، معتمدا على أن النور هو الحزب السياسي الوحيد على الساحة المصرية الذي ينادى بمرجعية الشريعة، والانسحاب يعنى كتابة شهادة وفاة للتجربة السياسية الإسلامية برمتها. وعلق الشحات، على الذين يجيزون ذلك بأنهم بنوا وجهة نظرهم على توصيف لطبيعة العمل النيابى، وليس في الإسلام ما يمنع المرأة من سن التشريعات، لأن هذا يحتاج إلى العلم والمعرفة بحاجات المجتمع ومشاكله، والإسلام يعطى حق العلم للرجل والمرأة على السواء، فالفريق الأول من العلماء اعتبر أن النيابة عن الأمة جزء من الولاية العامة، وهى لا تجوز للمرأة لما تقدم من أدلة، والفريق الثانى يرى أن النيابة وكالة عن الأمة، ولا تدخل في الولاية العامة، لأنها أصلا لا تعطى صاحبها أي سلطة تنفيذية يمكن أن تدخل في نطاق الولاية العامة والله أعلم. بعد الفتاوى التي أصدرها السلفيون من تحريم مشاركة المرأة في العمل السياسي وولايتها، واكتفائها فقط بالنقاب والجلوس في البيت، تراجعوا في ذلك بعد أن رأوا أن هناك مصلحة ستعود عليهم بفوائد جمة من مشاركتها في العمل السياسي، وسمحوا لها بالمشاركة لأن القانون أصبح يفرض عليهم ذلك. وصرح برهامى، خلال مؤتمر نسائى للأخوات السلفيات في الإسكندرية، قائلًا: «اختلفنا في تحديد شرعية دخول المرأة البرلمان من عدمه، ولكن البرلمان له صلاحية عزل وزارة أو رئيس الجمهورية، وله سلطات تشريع قانون، ولا يجوز أن تدخله المرأة، لأنه يعتبر ولاية منها على الرجل، لكننا وافقنا مجبرين، ومضطرين، لأن في حالة رفضنا للأمر معناه ترك الساحة والخروج من المشهد، وترك البرلمان المقبل لمن يخربون البلاد، وأن مفسدة ترشح المرأة للبرلمان أقل من مفسدة ترك المشهد لمن يريدون تغيير المادة الثانية من الدستور، وتغيير هوية الأمة، فلا يجوز تولى المرأة الولاية، لكننا نحتمل هذا من باب الخروج على الثوابت لأجل المصلحة». وأصبحت مشاركة المرأة السلفية أمرا مستحدثًا، بعكس المرأة الإخوانية، فالسلفيون بعد صعودهم عقب ثورة 25 يناير أصبحوا في مأزق بين أفكارهم التي تحرم ترشح المرأة، وقانون الانتخابات الذي فرض وجود المرأة على قوائم الترشح، وهنا جاءت آراء شيوخ السلفية الكبار مثل ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، الذي وصف ترشح المرأة للبرلمان ب«المفسدة»، وقال: «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، وأن حزب النور السلفى سيرشح عددًا من السيدات «مضطرًا» على قوائم الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بسبب اشتراط القانون وجود امرأة في قوائم الأحزاب. وسوّق التيار السلفى آراء الفقهاء حول تحريم ترشح المرأة للبرلمان، منها أن الأصل الذي أثبته القرآن الكريم أن «الرجال قوّامون على النساء»، وأن ترشح المرأة للبرلمان يقلب الوضع وتصبح بالتالى «النساء قوّامات على الرجال»، ولكن الإخوان ينظرون إلى المسألة بشكل أكثر مرونة، فلا مجال للقول بأن ترشيح المرأة للمجلس سيجعل الولاية للنساء على الرجال. وتعد فكرة مشاركة المرأة كفاعل أساسى في العمل السياسي بالنسبة لتيار الإسلام السياسي هو شيء مناف لأفكارهم، خاصةً تلك الأفكار التي تحرم طوال الوقت وجود المرأة في الشارع، وتحركها، وتؤمن بمبدأ أن «صوت المرأة عورة»، ولكن في بلد تبلغ فيها القوة التصويتية للمرأة نحو نحو 48.5٪ من إجمالى عدد الناخبين، فإن دعاوى مثل مكوثها في البيت معناه «فقدان تيار الإسلام السياسي لكتلة تصويتية كبيرة جدا»، فالمرأة هنا لها قدرتها على الحشد والتحرك، فحتى السلفيين بفكرهم غير المرن مثل الإخوان يتخلون عن فكرة تحريم خروج المرأة ومشاركتها في العملية السياسية عند هذه النقطة، فلا مانع من خروجها واصطفافها في الطوابير لصالح مرشحهم الخاص. عانت المرأة في ظل وجودها تحت راية أبناء التيار الإسلامى من اضطهاد شديد، وتجاهل متعمد، وبرغم ذلك إلا أن التيارات الإسلامية خاصة «الإخوان والسلفيين»، قد وجدوا أن هناك مصلحة حول مشاركة المرأة في العمل السياسي، بعد الضغوط الخارجية التي أتاحت للمرأة في هذه التيارات المشاركة في البرلمان. وشهدت قوائم حزب النور في الانتخابات البرلمانية السابقة مهازل من أول وضع المرأة في ذيل القائمة، وعدم كتابة اسمها على قوائم الدعاية واستبدالها باسم زوجها، ووضع صورة وردة لها بدلا من صورتها في انتخابات برلمان ومجلس شورى 2012، ولكن مع الوقت أبدى حزب النور السلفى مرونة، ففى انتخابات البرلمان المقبلة، لم يفرض الحزب على مرشحاته وضع وردة، وسمح بنشر صورهن إلا من ترفض ذلك، وأصبح لدى الحزب نوع من المرونة الذي أظهر فيها تناقضًا واضحًا عبر فيه عن أن الحزب لم يعد يعادى ترشح السيدات ولا يرفض نشر صورهن. وفى مشهد مغاير عما رأيناه من حزب النور في الانتخابات البرلمانية السابقة، قام بوضع صور المرأة في الدعاية، فانطلقن في دعايتهن غير مباليات بالحرج الذي ستحدثه نشر صورهن في دعاية الحزب، وظهرت بعض المرشحات للحزب بصورهن منها «نهلة المحوري» مرشحة الحزب عن دائرة الصعيد بوجهها مبتسمةً دون ارتداء النقاب، كما ظهرت «إنصاف خليل»، المرشحة عن الحزب بمحافظة السويس، بوجهها، حيث سيطرت الدهشة على كثير من متابعى أداء الحزب المتغاير وخاصة في ملف المرأة، حيث إن هذا التغيير الذي استحدثه الحزب قد اعتبره البعض دليلا على تعلمهم من أخطائهم السابقة. بدأ حزب النور السلفى الذراع السياسية للدعوة السلفية في سابقة له بالحشد الدعائى لمرشحات الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة في الإسكندرية، حيث اجتمع قادة الحزب السلفى مع النساء في أول ظهور نسائى، في إطار الدعاية الانتخابية، حيث تغزل يونس مخيون رئيس الحزب، في نساء النور واصفًا إياهن ب«نصف المجتمع»، وأكد بين الحين والآخر الدور الذي تقوم به المرأة في العمل السياسي والترويج لسياسات الحزب. وكرّم «مخيون» أمينات المرأة بالإسكندرية، مؤكدًا دورهن في المرحلة الانتخابية القادمة، قائلًا: «إن نساء الصحابة تحملن عبئًا كبيرًا في المجتمع لظهور الدعوة»، وكرم العديد من نساء الحزب، ووزع المهام عليهن للبدء في التحرك للدعاية الانتخابية للبرلمان المقبل. وظهرت عدة فروق في المؤتمر الذي دعيت إليه نساء النور، الذي عقده الحزب، حيث تحدثت ولأول مرة أمينة الحزب حنان علام، الأمر الذي شهد استغراب متابعى النور والسلفيين، من التوجيهات التي ذهب الحزب إلى اتباعها في الفترة الحالية. كما بدأت سيدات الحزب في الاستفادة من تجربة تنظيم الأخوات، فعملن على استقطاب الفتيات من المساجد، وإقناعهن بالفكر السلفى وضرورة المشاركة في الحزب، لأنه يريد تطبيق الشريعة، فلم تعد عضوية الحزب مقتصرة على زوجات القيادات فقط، بل عملوا على استقطاب المزيد من الفتيات، ويأمل الحزب السلفى في مشاركة قوية في البرلمان المقبل.