حرّموا الخروج على «مبارك» ثم وصفوه بالحاكم الفاسد المرأة «عورة» إلا إذا أفتت اللجنة العليا للانتخابات بغير ذلك الديمقراطية حرام قبل الثورة.. وبعدها حلموا بالسيطرة على البرلمان «برهامي» يعزي البابا في وفاة والدته بعد أن أفتى بأن الأقباط كفار تناقضات غريبة بطلها التيار السلفى فى مصر وبالتحديد الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور، هذه المدرسة التى أثبتت بمرور الأيام أنها تيار سياسى فى المقام الأول يتاجر بالدين لخدمة مصالحه، يبدو ذلك جليا من خلال التناقضات وتبديل المواقف الذى اتسمت به تلك المدرسة منذ ثورة 25 وحتى الآن. فأثناء دعوة الشباب المصرى للتظاهر فى ميدان التحرير يوم 25 يناير 2011 للمطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية تحت شعارات «عيش.. حرية.. وعدالة اجتماعية»، استنكر ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية ورجاله تلك الدعوات واصفا إياها ب«لعب العيال» واعتبرها حرامًا شرعًا. وبعد زيادة الغضب وارتفاع سقف المطالب حتى وصلت إلى خلع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حرم السلفيون هذا الأمر مشبهين مبارك بأمير المؤمنين والحاكم المتغلب الذى لا يجوز شرعًا الخروج عليه بأى شكل من الأشكال، وبعد نجاح الثورة سرعان ما تناسى برهامى ورفاقه هذه الفتاوى، وتحول مبارك من أمير مؤمنين إلى حاكم فاسد لا يحكم بما أنزل الله وبسببه انتشر الظلم فى البلاد. مواقف الدعوة السلفية إزاء مبارك كانت تقريبا هى نفس مواقفها مع الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسي، والذى اعتبره برهامى حاكما شرعيا لا يجوز خلعه أو الخروج عليه بدليل ما نشره الحزب والدعوة السلفية فى بيان مشترك بعنوان «شرعية مرسى خط أحمر» أكدت فيه الدعوة السلفية وذراعها السياسية عدم جواز عزل مرسى مهما كانت الخلافات بشأنه ومهما ارتكبه من أخطاء، واستمرت تلك الفكرة حتى 5 يونيو 2013 أى قبل ثورة 30 يونيو ب 25 يومًا فقط، وقام يونس مخيون رئيس حزب النور بتقديم الحزب لنصائح سرية للرئيس المعزول محمد مرسى لتعديل مسار الوطن، وعلى الرغم من هذا الكلام المعسول وافق حزب النور على عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى 3 يوليو مفضلا أن يكون فى المشهد السياسى المصرى حتى لو كلفه هذا الأمر تنازله عن كل مبادئه. الدستور والشريعة تغير موقف الدعوة السلفية من فكرة الدساتير والقوانين، وكان برهامى ورفاقه قد أكدوا أنه لا يجوز للإنسان وضع دستور يحكمه فى ظل وجود القرآن الكريم والسنة النبوية، وألقى رموز الدعوة السلفية مئات المحاضرات تحرم الدستور وتعتبره قانونًا وضعيًا، كما هاجموا فكرة الديمقراطية التى تعنى حكم الشعب لنفسه، ورفض السلفيون هذا الأمر باعتبار أن الحكم لله وحده. ورغم هذا الفكر السلفى الغريب أعلنت الدعوة السلفية مشاركتها فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى أصدرها المجلس العسكرى مطالبين أنصارهم بالتصويت بنعم على الاستفتاء، وكان من أبرز الداعمين للاستفتاء الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية الذى وصف الدستور وتعديلاته بأنه يشبه جواز أكل الميتة فى حالة الضرورة القصوى، فى إشارة منه لرفضه لفكرة الدستور الوضعى ولكن ظروف الوطن أجبرته على ذلك. ومن بعد هذه التعديلات تراجع السلفيون بشكل كامل عن فكرة عدم جواز وضع المسلم دستورًا يحكمه غير القرآن والسنة، وشاركوا فى كل اللجان الواضعة للدستور بداية بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور وحتى لجنة الخمسين التى شكلتها القوات المسلحة لتعديل دستور 2012 ضمن خارطة الطريق التى وضعتها بعد عزل الرئيس الإخواني. تأسيس الأحزاب ترى المدارس السلفية بمختلف اتجاهاتها عدم جواز تأسيس الأحزاب السياسية والمشاركة فى دنيا السياسة، باعتبار هذا الأمر يفرق بين المسلمين، ثم تحول الرفض إلى قبول بدعم كبير من ياسر برهامى، الذى خشى على الدعوة السلفية من سيطرة الإخوان على الحكم، فكان القرار بتأسيس حزب النور أول حزب سلفى فى مصر. المشاركة في الانتخابات وكما كان السلفيون يحرمون تأسيس الأحزاب السياسية، كانوا أيضا يحرمون فكرة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، لأنها مظهر من مظاهر الديمقراطية المحرمة، وقد تراجع السلفيون أيضا عن هذه الفكرة، وأفتى برهامى بضرورة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، لتصبح انتخابات عام 2012 هى أول انتخابات يشارك فيها التيار السلفي، ونجح حزب النور فى الحصول على 108 مقاعد فردية وقوائم، كما أعلن السلفيون مشاركتهم فى الانتخابات البرلمانية القادمة، ويدرس النور الدفع بأكثر من 200 مرشح فى تلك الانتخابات، تلك المواقف المتناقضة تجاه المشاركة السياسية فى الانتخابات والتنكر لفتاواهم المتواترة فى هذا الشأن، تؤكد بوضوح أن التيار السلفى لا تعنيه المعتقدات الدينية بل لعله لا تعنيه الجنة ونعيمها، بقدر ما تشغله جنة البرلمان ومقاعدها الوثيرة. الأقباط.. الأخوة الأعداء خضعت مواقف السلفيين تجاه الأقباط سياسيًا واجتماعيًا لمصالحهم وانتهازيتهم المعتادة، ففى البداية حرم ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، وسعيد عبدالعظيم، عضو مجلس إدارة الدعوة، وعبدالمنعم الشحات المتحدث السابق باسمها فى فتاوى لهم فكرة تهنئة الأقباط بأعيادهم، واعتبروا المسلم الذى يهنئ الأقباط بأعيادهم كافرًا. وخرج مشايخ الدعوة السلفية أيضا بفتوى على موقعهم الرسمى «أنا السلفي» قبل تعديله يرفضون فيها تولى الأقباط أيًا من المناصب القيادية بالدولة فى يوم من الأيام باعتبارهم كفارا لا يجوز أن يحكموا بلاد المسلمين. لكن سبحان مغير الأحوال، فبعد ثورة 30 يونيه قام ياسر برهامى بإرسال لرقية عزاء للبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يعزيه فيها بوفاة والدته، الأمر الذى أشعل غضب القواعد السلفية. واستمرارًا للنهج الانتهازى وافق حزب النور على قرار اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، بضرورة وجود أقباط فى كل القوائم المرشحة فى الانتخابات، وسعوا إلى ضم الأقباط إلى قوائمهم، ويعد نادر الصيرفى مؤسس رابطة أقباط 38 وأحد المتمردين على الكنيسة المصرية هو أبرز مسيحى فى قوائم الحزب السلفي، ولم يكتف بدخوله القائمة فحسب بل قام بعمل عضوية داخل حزب النور، ليكون أحد مسيحيى الحزب. المرأة.. عورة السلفيين سابقا المرأة عورة، شعار ردده جميع السلفيين بغض النظر عن مدارسهم، فقد حرم أبو إسحاق الحوينى خروجها من منزلها إلا لظرف شديد، فإذا خرجت علي أن ترتدى «الملحفة» التى تجعل من المرأة عبارة عن «شنطة سوداء» لا يظهر منها أى شيء، وكالعادة باع سلفيو برهامى مبادئهم وكانوا أول من نادوا بنزول المرأة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى وضعها المجلس العسكري، وكان لبرهامى فتوى شهيرة آنذاك؛ حيث أجاز شرعا أن تنزل الزوجة من دون إذن زوجها للتصويت فى الاستفتاء. وفى الانتخابات الماضية قام الحزب السلفى بوضع نسائه فى آخر القوائم لعدم رغبة الحزب فى أن تنجح أى سيدة من خلاله، واستبدل صور المرشحات بوضع صورة وردة مكانها. أما فى الانتخابات البرلمانية الحالية وعندما أصبح نجاح القوائم بالكامل بدأ حزب النور فى انتقاء النساء للترشح على قوائمه واعدًا بوضع صورة المرأة فى الدعاية الانتخابية بدلًا من صورة الوردة.