عبلة عبداللطيف تعود بهيئة مُستقلة للمشروعات الصغيرة بعد الإطاحة ب«عبدالنور» لوبى مُصدرى الملابس يُدعم أستاذة الاقتصاد ومعظم رجال الصناعة غاضبون عليها مع تشكيل الحكومة الجديدة استعادت الدكتورة عبلة عبداللطيف قوتها مرة أخرى بمجتمع الصناعة والاستثمار، واستردت عرشها بعد الإعلان عن تأسيس هيئة مستقلة للمشروعات الصغيرة وإسناد رئاستها إليها. وكان قطاع المشروعات الصغيرة قد تم ضمه إلى وزارة الصناعة في عهد منير فخرى بعد النور باعتباره قطاعًا على صلة مباشرة بالقطاع الصناعى. الدكتورة عبلة عبداللطيف، والتي يمكن وصفها ب(المرأة الحديدية) شغلت الأوساط الاقتصادية كثيرًا بسبب قوة تأثيرها ونفوذها وكثرة اصطدامها مع الوزراء ورجال الأعمال، قد حازت لقبها خلال عهد المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، وظلت المستشار الدائم لكثير من منظمات الأعمال، خاصة اتحاد الصناعات، لتُمثل قناة الاتصال بين أصحاب الأعمال وصناعة القرار في مصر. في مايو الماضى ظن كثير من رجال الأعمال خروج السيدة الأقوى تأثيرًا في مجتمع الأعمال عن دائرة الضوء بعد إبعادها عن منصب مستشار وزير الصناعة والتجارة نتيجة خلافات بينها وبين منير فخرى عبدالنور. وقتها اعتبر كثير من رجال الأعمال خروج تلك السيدة خروجًا نهائيا، واستبشروا بسبب خلافاتهم المتعددة معها في قضية تخصيص الأراضى الصناعية. وكانت عبلة عبداللطيف قد وضعت مقترحا بمنظومة جديدة لتخصيص الأراضى، تمنع فكرة التسقيع وتُجبر المُستثمرين الصناعيين على استخدام الأراضى المخصصة في نفس النشاط المعنى به مُنشآته فقط. والمُثير في الأمر أن عبلة عبداللطيف أصرت وقتها على نفى وجود أي خلافات بينها وبين عبدالنور، وادعت في بيان رسمى قامت بتوزيعه على الصحف، أنها تقدمت باستقالتها للتفرغ لأعمال المجلس الاستشارى للتنمية الاقتصادية، والتابع مباشرة لمؤسسة الرئاسة. وقالت إن علاقاتها مع عبدالنور جيدة ولا توجد أي مشكلات بينهما. والغريب أن مسلسل خروج وعودة الدكتورة عبلة من وإلى الوزارة الأكثر التصاقًا بمجتمع الأعمال تكرر كثيرًا، فقد سبق للمهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، إبعادها بعد أن أخبر عددًا من قيادات الوزارة بأنها لا تُقدم شيئًا سوى الكلام. ثُم عادت المستشارة مرة أخرى في عهد سميحة فوزى، ثُم أبعدها الدكتور سمير الصياد، وزير الصناعة التالى، بعد شكاوى عديدة تلقاها من موظفين ومسئولين بالوزارة ضدها. وعادت عبلة عبداللطيف مرة أخرى للوزارة كمستشار في عهد المهندس حاتم صالح، وزير التجارة والصناعة، في حكومة هشام قنديل زمن الإخوان. واقترنت عودتها بملفات أكبر تم منحها لها، وحازت في الوقت نفسه منصب المستشار الأول لاتحاد الصناعات المصرية، وعندما تم تشكيل لجنة صياغة الدستور اختار الاتحاد عبلة عبداللطيف ممثلًا له في اللجنة، ثُم اتسعت مهامها بعد تولى منير عبدالنور مسئولية الوزارة مرة أخرى. الإمكانيات الحقيقية للسيدة القوية غير واضحة المعالم، فهى حاصلة على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كاليفورنيا وتعمل كأستاذ للاقتصاد بالجامعة الأمريكية، وسبق أن عملت في مركز تحديث الصناعة عندما كان ممولًا من الاتحاد الأوربي، لكن هُناك كثيرين حصلوا على درجات الدكتوراه من جامعات أمريكية وأوربية وعملوا كمستشارين وخبراء بتحديث الصناعة، ولا يحظون بمكانة وقوة الدكتورة عبلة. وفى الغالب فإن شبكة العلاقات المُتسعة التي تربط بين عبلة عبداللطيف وعدد من رجال الأعمال الكُبار المعروفين بعلاقاتهم الواسعة بدوائر صناعة القرار في الولاياتالمتحدة، مثل جلال الزوربا وإيهاب المسيرى ومجدى طلبة وعلاء عرفة ومحمد عبدالسلام، ومحمد قاسم وعمر مهنا تُمهد لها قنوات اتصال قوية بدوائر صناعة القرار وتجعلها دائمًا مُرشحا مُحتملًا لمنصب وزير الصناعة عند كل تعديل وزارى. وفى نظر كثيرين فإن هؤلاء تحديدًا يُمثلون المجموعة الأقوى في «لوبى» رجال الأعمال في الدولة المصرية وهى المجموعة التي تُعد المستفيد الأول من بروتوكول «الكويز» الذي تم توقيعه في ديسمبر 2004 بين مصر وأمريكا وإسرائيل. ويؤكد صحة ذلك أن معظم هؤلاء يعملون في مجال الصناعات النسجية وهو المجال الذي وضعت فيه الدكتورة عبلة عدة دراسات اقتصادية. ظاهرة المرأة الحديدية في مجتمع الصناعة تواجه انتقادات وسخطًا واسعًا بين رجال الصناعة الأقل تأثيرًا والذين يمثلون الجانب الأكبر من المستثمرين الصناعيين في مصر، ورغم أن بعض تلك الانتقادات شخصى ولا يتجاوز مقولات «التعالى في التعامل»، أو «الحدة في الحديث مع رجال الأعمال» و«النظر للمستثمرين دائمًا باعتبارهم مجموعة من اللصوص»، إلا أن خُبراء الصناعة أنفسهم لا يجدون آثارًا إيجابية لعمل السيدة مستشارًا لواحدة من أهم الوزارات في مصر طوال العقد الماضى. إن أحد هؤلاء والذي كان قبل شهور رئيسًا لواحد من المجالس التصديرية التي شهدت تهاوى كبيرًا في صادراتها خلال العام الحالى يعتبر هذه السيدة المسئول الأول عن انهيار الصادرات المصرية بسبب المنظومة الجديدة التي وضعتها للمساندة والدعم التصديرى والتي اعتبرها كثير من المُصدرين غير عادلة. وفى تصوره فإن إصرار الدكتورة عبلة عبداللطيف على منح مُصدرى الملابس الجاهزة دعما تصديريا دائما، واستثناء قطاعات صناعية أخرى من أموال الدعم كان محط غضب واستياء قطاع كبير من رجال وشباب الأعمال في الشهور القليلة الماضية. ويكشف هذا المصدر أن بعض المُستثمرين قدموا شكاوى رسمية بالفعل ضد «عبداللطيف» إلى مؤسسة الرئاسة، وعلى الرغم من ذلك، فإنها نجحت في تحويل تلك الشكاوى إلى مُحفزات ودلائل حياد تجاه رجال الأعمال وهو ما ساعد في رفع أسهمها لدى المؤسسة على حد تصوره. ويرى المصدر الذي يُفضل عدم ذكر اسمه أن إنشاء هيئة مُستقلة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في مصر يعتبر تجهيزًا مبدئيًا لتحويل القطاع إلى وزارة مُستقلة، خاصة أنه يتم حاليًا الإعداد لإنشاء فروع للهيئة الجديدة في كل المحافظات، ومن الواضح أن ولادة الوزارة الجديدة ستمر بعدة مراحل، لكنها ستكون أمرًا واقعًا في مصر بعد تشكيل مجلس النواب القادم.