على مدار الأسابيع المقبلة، تفتح «الصباح» عددًا من الملفات المسكوت عنها داخل دواوين الحكومة المصرية.. تفتش فيها عن جذور الداء الذى أصاب «الدولة المركزية» الأقدم فى التاريخ بالترهل والمرض.. ترصد أحوال الوزارات وسكانها من كهنة البيروقراطية المصرية الشهيرة. فى الأعداد المقبلة، «تنكش» (الصباح) عش الدبابير، لتبحث عن العلاج لدولة فى طور الشيخوخة، تسعى للعودة إلى الشباب، بتجديد روحها ودمائها.. فانتظرونا. الوزير يدير «الصناعة » بعقلية رجل الأعمال.. واللى تقوله «عبلة ».. يمشى مستشارة «عبد النور » تحكم الوزارة بالحديد والنار 1500 مصنع متعثر يستغيث من تجاهل الوزير.. والشباب: «نحلم برؤيته» 100 ألف عامل مشرد.. و 3 ملايين مشروع شبابى خارج الخدمة الفساد والبيروقراطية داخل الوزارة وراء انتشار مصانع «بير السلم» مسئول: خطة لدعم مشروعات صغيرة للشباب بمليارى جنيه خلال عام رغم كل تصريحاته حول تنمية ودعم المشروعات الصغيرة، ومضاعفة الإنتاج، ومساعدة الشباب، إلا أن سياسات وزير التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، منير فخرى عبدالنور، تخالف تلك التصريحات تمامًا. والوزارة التى تم تغيير اسمها فى عهد حكومة محلب، بإضافة «المشروعات الصغيرة والمتوسطة» بعد دمج وزارتى الصناعة والتجارة، أصبحت فى تحت ولاية عبدالنور، تمارس سياسات تتجاهل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التى تستهدف تشغيل الشباب، وخلق مزيد من فرص الاستثمار الصغيرة، خاصة فى المحافظات والقضاء على البطالة. ويؤكد أحد المسئولين فى الوزارة أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هى «الكنز الذى أغفله منير فخرى عبدالنور، لأنه يؤمن بأن الاهتمام بالمشروعات الكبرى هو الطريق الوحيد لزيادة معدلات النمو الاقتصادى فى مصر، وأنها الأقدر على جلب عملة صعبة بشكل أسرع من المشروعات الصغيرة والمتوسطة». وأضاف المصدر، الذى طلب عدم نشر اسمه ل«الصباح»، أن عبدالنور رجل أعمال فى الأساس، ولا ينظر للمشروعات الصغيرة، والفريق الذى شكله مؤخرًا لحل أزمات مشروعات الشباب، وتوسيع قاعدة المشروعات الصغيرة، لم يفعل أى شىء لصالح أصحاب هذه المشروعات. وقال إن هناك أكثر من 3 ملايين مشروع صغير ومتوسط أصحابها شباب، ويتراوح حجم أعمالها من 500 ألف جنيه إلى 5 ملايين جنيه للمشروع الواحد، لم تستطع حتى الآن الحصول على ترخيص لمباشرة أعمالها بشكل قانونى، للانضمام إلى خريطة الاقتصاد الرسمى، الذى يجب أن تستفيد منه الحكومة فى التحصيلات الضريبية. سيدة الوزارة الأولى ومن بين ما يؤخذ على عبدالنور أنه سلم الوزارة لمستشارته الدكتورة عبلة عبداللطيف، حتى أصبحت صاحبة الرأى الأول فى الوزارة، وذراعه اليمنى، ويعتمد عليها فى إنجاز أغلب مهامه، وفقًا لمصادر قريبة من عبدالنور داخل الوزارة. وأوضحت المصادر أن الدكتورة عبلة عبداللطيف، تعمل أستاذ اقتصاد فى الجامعة الأمريكية، وكانت مستشارًا فى مركز تحديث الصناعة قبل ثورة 25 يناير، وأقالها الوزير آنذاك رشيد محمد رشيد، مشيرة إلى أن عبدالنور أعادها مرة أخرى، ليستعين بها فى بناء الكادر الوظيفى، وتصفية غير المرغوب فيهم داخل ديوان الوزارة، وجميع الأجهزة التابعة لقطاعات الصناعة والتجارة الخارجية فى مصر. وفى السياق، كشفت مصادر مطلعة داخل الوزارة أن هناك جبهة يقودها بعض العاملين، تطالب بوقف نفوذ المستشارة الأولى للوزير، خاصة أنها تعتبر الممثل الأول للوزارة فى كل التعاملات مع المؤسسات الرسمية، وقد مثلتها من قبل فى لجنة الخمسين لإعداد الدستور، كما تعتبر حلقة الوصل بين رجال الأعمال والصناعة وبين الوزير، ولها قرارات مطلقة فى التعامل مع مختلف القضايا التى تتعلق برجال الأعمال. وكشفت المصادر أنها كانت صاحبة فكرة ترشيح سها سليمان، رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة السابق فى البنك الأهلى، لتولى منصب أمين عام الصندوق الاجتماعى للتنمية، ووافقها عبدالنور، رغم اعتراض أغلب قيادات الصندوق على إسناد رئاسته لأحد من خارجه. الوزير والمتعثرون أكثر من 1500 مصنع صغير ومتوسط، تطالب وزير الصناعة بصفته وزيرًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بانتشالها من عثرتها، بعد تشريد أكثر من 100 ألف عامل من تلك المصانع فى أعقاب ثورة 25 يناير.. هذه تفاصيل خبر أصبح مكررًا فى وسائل الإعلام طوال الفترة الماضية. وقال على حمزة، عضو اتحاد المستثمرين ورئيس جمعية مستثمرى أسوان، إن المصانع المتعثرة كانت توفر الآلاف من فرص العمل فى مختلف المحافظات، خاصة محافظات الوجه القبلى، مشيرًا إلى أنها تحتاج إلى نظرة خاصة من وزير الصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لإنقاذها من عثرتها، لأنها تستطيع تشغيل مئات الآلاف من الشباب. وطالب الكثير من رجال الأعمال، خاصة مستثمرى الصعيد بضرورة إصدار قانون جديد لإعادة هيكلة وتشغيل المصانع المتعثرة، التى تتجاوز 1500 مصنع. «عدد كبير من المصانع الكبيرة لديها مشكلات تمويلية، فما بالنا بالمصانع الصغيرة؟!».. هكذا بدأ حامد سالم، أحد أصحاب المصانع الصغيرة كلامه، مؤكدًا أن حال المصانع الصغيرة من سىء إلى أسوأ، وأن عددًا كبيرًا منها أغلق أبوابه، بسبب سوء الظروف الاقتصادية. وأضاف أن سبب غلق هذه المصانع هو أن المسئولين فى الوزارة، وعلى رأسهم الوزير، يستعلمون عن مشاكل المصانع الصغيرة من رؤساء الغرف، ومعظمهم يؤيدون وجود مصانع كبيرة فقط، وبالتالى يذكرون المشاكل التى تتعلق بمصانعهم أو بالمصانع التى يؤيدونها، ويهملون مشاكل المصانع الصغيرة، ومنها مثلًا المواد الخام، فهى أهم مشكلة تواجه المستثمرين الصغار، الذين لا يستطيعون الحصول عليها بسهولة، ولا يجدون دعمًا من الوزارة. وقال أحد أصحاب مصانع النسيج بالمنصورة والمحلة الكبرى إنهم يُجبرون على العمل بالغاز بدلًا من السولار، وهو ما سيكلف المصنع الواحد من 200 ألف إلى 300 ألف جنيه، بالإضافة إلى التكلفة الداخلية لتغيير المعدات، فلماذا لا تكون هذه التوصيلات مجانًا، رغم أنه يتم تقديم التسهيلات لأصحاب المشروعات الكبيرة. حلم مقابلة الوزير ووصف هانى محمد، أحد أصحاب المصانع الصغيرة، منير فخرى عبدالنور ب«الشبح»، مؤكدًا أن المطلب الوحيد لدى المستثمرين الصغار أن يروا الوزير ليقدموا له مطالبهم، إلا أن أحدًا فى الوزارة لا يهتم بهم. وأضاف أن «رؤيته باتت مجرد حلم يراود الجميع، رغم ذهابهم إلى مقر الوزارة أكثر من مرة، لكنّ المسئولين فيها لا يعيروهم أى اهتمام، ولا يستطيعون الدخول إليه، ويقال لهم أى شكوى قدموها لمسئولى الشُعب أو الغُرف، أو ارسلوها بالبريد». مصانع بير السلم إهمال الوزير وصل إلى حد تجاهل ملف المصانع غير المرخصة، حيث يوجد عدد كبير من المصانع غير المرخصة، ما له مخاطر كثيرة، بحسب خبراء الاقتصاد، فهذه المصانع مخالفة بالفعل فى جميع الصناعات، وتسمى أحيانًا «مصانع بير السلم»، وبالتالى لا رقابة عليها، ولا تدخل ضمن الأنشطة الاقتصادية الرسمية فى الدولة لتحصيل الضرائب منها. وقال «إ.خ» صاحب مصنع متخصص فى صناعة المنتجات الغذائية، بدون ترخيص، إن السبب فى انتشار تلك المصانع هو الوزارة، التى ترفض استخراج تصاريح لنا بسهولة، وموظفوها يماطلون، بخلاف التكاليف المرتفعة. وأكد أحد المسئولين فى الوزارة أنها تدرس تقديم مجموعة من الحوافز للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتقديم مجموعة من البرامج اللازمة لمساعدتها فى الارتقاء بقدرتها الإنتاجية وزيادة جودتها، وحل كافة المشكلات التى يواجهها هذا القطاع. وأضاف أن جميع المصانع الصغيرة والمتوسطة فى مختلف المحافظات، ستستفيد من تلك الحوافز، التى ستكون غير تقليدية من خلال المساعدة فى عمليات التسويق والترويج والمعارض، وإتاحة فرصة أكبر للاستفادة من برامج وخدمات مركز تحديث الصناعة وصندوق تنمية الصادرات. وأيضًا تقديم التسهيلات الخاصة باستخراج الرخص والسجل الصناعى، وغيرها من خدمات هيئة التنمية الصناعية، والعمل على إيجاد آليات تمويل تتناسب مع متطلبات هذا القطاع للعمل على تشجيعه واستكمال المشروعات المتوقفة، إلى جانب طرح مبادرات أخرى لمساندة هذا القطاع بالتعاون مع الوزارات المعنية. من جهته، قال اللواء إسماعيل جابر، رئيس هيئة التنمية الصناعية، التابعة لوزارة الصناعة والتجارة، إن الوزارة بدأت بالفعل فى تجهيز 21 مجمعًا صناعيًا فى مختلف المحافظات، لتحاول أن تلحق بالمشروعات الكبيرة، مشروعات صناعية صغيرة، لذلك وضعت خطة بإجمالى 2 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة، لدعم هذه الصناعات، وسيتم الانتهاء من تجهيزها بشكل نهائى خلال عام. وأوضح جابر أن خطة الوزارة الجديدة ستساهم بشكل كبير فى حل مشاكل شباب الصناع والتجار والمستثمرين، وستقضى على أزمة البطالة بشكل كبير، خاصة أن تلك المشروعات ستعمل على تشغيل مئات الآلاف من الشباب فى كل محافظات مصر. وفى السياق نفسه، تسعى وزارة الصناعة للتنسيق مع وزارة التعاون الدولى، لتوفير معونات تمويلية للشباب بالتعاون مع العديد من الصناديق الدولية، أبرزها مع المفوضية الأوروبية، والجايكا اليابانية، وصندوق أبوظبى، والكويتى للتنمية، والصندوق السعودى للتنمية، وبنك التنمية الإفريقى والبنك الدولى. وقال مسئول رفيع المستوى بالوزارة، فضل عدم نشر اسمه، إن هناك الكثير من المشروعات المتعثرة التى تسعى الحكومة لإنهاء كل مشاكلها، مؤكدًا أن العمل فى الوزارة يسير بشكل مستقر، وأن الدكتورة عبلة عبداللطيف مستشارة الوزير من أنشط المسئولين بالوزارة، وتحاول حاليًا إنهاء جميع المشاكل والمعوقات التى تواجه الصناعة ورجال الأعمال وشباب المستثمرين.