سعيد حماد تولى تأسيس فرع فى إفريقيا جولات ل«الشيخ ياسر» فى مجموعة دول أوروبية ل«تمويل الفكرة» الدعوة اخترقت ألمانيا ودول عربية ب«رعاية الحكومات» لم تقتصر التنظيمات الدولية على جماعة الإخوان الإرهابية، بل امتدت لتشمل جميع التيارات الدينية مثل جماعة «التبليغ والدعوة» التى يقودها فى مصر أمير عام يدعى الشيخ طه عبد الستار، وحزب التحرير الإسلامى، الذى ينظر إلى مصر باعتبارها ولاية من ضمن ولايات الدولة الإسلامية المزعومة، أو دولة الخلافة «الوهمية». ومن أهم التنظيمات التى لا تقل خطورةً عن تنظيم الإخوان الدولى، السلفيون، وأخص منهم بالذكر الدعوة السلفية التى نشأت فى محافظة الإسكندرية فى سبعينيات القرن الماضى، على يد عدد من طلبة الجامعة من كليتى الطب والهندسة وغيرهما من المجالات التى لا علاقة لها بالعلوم الشرعية من قريب أوبعيد، لينصبوا أنفسهم دعاة ومشايخ وقادة ومنظرين، حتى أصبحوا الآن من أشهر اللاعبين السياسيين فى مصر. ويعد عام 2009 نقطة تحول فى تاريخ السلفيين عالميًا ومحليًا، بعد أن قررت وزارة الداخلية بقيادة اللواء حبيب العادلى وقتها الاستعانة بالسلفيين وفتح المجال لهم إعلاميًا ودعويًا ليقفوا مع الدولة المصرية فى مواجهة جماعة الإخوان، بعد ما حققته هذه الجماعة من نجاحات ومكاسب سياسية فى انتخابات 2005، هددت الحزب الوطنى الحاكم وقتها، ما دفعه لتكوين جيش من السلفيين - حسب وصف وزير الداخلية الذى نقله عنه المفكر طارق حجي - لمواجهة الإخوان. لم يكن حبيب العادلى - رغم خبرته فى التعامل مع الجماعات الإسلامية - على علم كافٍ بطريقة تفكير السلفيين ونطاق طموحاتهم، فلم يتخيل يومًا أن يطمحوا فى أكثر من السماح لهم بحرية الدعوة داخل محافظاتهم، دون مضايقات أمنية أو ملاحقات، ولم يقنع السلفيون بهذه المساحة من العمل الدعوى، بل تواصلوا مع نظرائهم فى الدول العربية مستغلين سماح النظام المصرى لهم فى الانتقال من دولة لدولة بحجة الدعوة إلى الله، مقابل أن يبتعد السلفيون عن السياسة إلا إذا طلب منهم لعب دور ما. وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وفتح الباب واسعًا أمام كل من هب ودب ليدخل حلبة الصراع على السلطة، دون وعى أو فهم فى أغلب الأحيان، انفتحت شهية السلفيين على خوض المعارك السياسية بدءًا بالبرلمان الذى وصفوه بأنه طاغوت يشرع مع الله، ما يعنى أنه شرك، إلى الإقرار بالديمقراطية التى تنبنى عليها الانتخابات التى خاضوها بعد أن أسسوا حزبًا سياسيًا، حشدوا فى سبيل تأسيسه عددًا من فتاوى العلماء السلفيين من دول مختلفة تجيز تأسيس حزب سياسى بشروط وضوابط معينة، بحجة تطبيق الشريعة الإسلامية. ولكنهم لم يكتفوا بممارسة اللعبة السياسية داخل القطر المصرى، فقرروا أن تتوسع سطوتهم فى بلدان أخرى، من خلال التواصل مع قيادات الدعوة السلفية فى هذه البلدان لإقناعهم بتأسيس حزب سياسى يشارك فى صناعة القرار من خلال البرلمان ثم الحكومة، خاصة بعد ما تمكن حزب «النور» فى مصر من احتلال المركز الثانى بعد «الحرية والعدالة» الممثل للإخوان من حيث التواجد داخل البرلمان، رغم حداثة تأسيسه التى لم تتجاوز ستة أشهر فى ذلك الوقت، مما دعاهم لتكرار التجربة فى بلدان تتقارب مع مصر فى الظروف السياسية، مثل اليمن والسودان، وليبيا وتونس، بالإضافة إلى السعودية والكويت. والتنظيم الدولى للسلفيين ليس وليد اليوم فهو موجود وممتد، ولكنه كان رافضًا تمامًا العمل السياسى والمشاركة فى النشاطات الدنيوية، مكتفيًا بممارسة السياسة الشرعية من خلال الدروس والمحاضرات والخطب فى المساجد والندوات، إلا أن المتغيرات التى طرأت على المنطقة العربية بعد قيام الثورات فى عدد من بلدانها جعلتهم يعيدون النظر فى كيفية تنشيط هذا التنظيم والاستفادة منه. ولد تنظيم السلفيين الدولى متأثرًا بتنظيم «الجماعة الأم» أعنى جماعة الإخوان، من حيث إنه أيقن أن هذه الجماعة ما كان يمكن لها أن تصل إلى حكم مصر، إلا من خلال دعم دولى، عن طريق التنسيق مع فروعها فى الخارج، إلا أن التنظيمين لا يتوافقان تنظيميًا وإن التقى كل منهما بالآخر فكريًا، من حيث إنهما لا يؤمنان بقطرية التنظيم، وإنما بأمميته، فالمسلمون أمة واحدة فى كل الأرض، انطلاقًا من رفضهم الحدود التى وضعها المستعمر بين الدول لتحقيق مآربه. وانطلق السلفيون فى تأسيس تنظيمهم العابر للحدود مستغلين فى ذلك الإمكانات الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة التى سهلت انتقال الأفكار دون عناء فى وقت سريع، وبعيدًا عن رقابة الأجهزة الأمنية فى كثير من البلدان خصوصا الإفريقية منها، معتبرين أن تأسيس هذا التنظيم أمر واجب لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وقد تولى الملف الخارجى لتنظيم السلفيين الدولى لسنوات عديدة مضت، المهندس سعيد حماد، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، الذى تمت الإطاحة به فى الانتخابات الأخيرة بحجة ظروفه الصحية، وهو صاحب الجولات الإفريقية للتعريف بالدعوة السلفية على مدار 40 سنة، ويلقب داخل الدعوة بمهندس العلاقات الخارجية، والمبعوث الخارجى للسلفيين. ونجح حماد فى الترويج لتنظيمهم السلفى فى عدد من الدول الإفريقية والأوروبية والآسيوية، وأقام علاقات تعاون مع جمعيات فى مختلف هذه البلدان، وكان له دور فى إشهار العديد من الأفارقة إسلامهم على يديه خلال جولاته. وكشفت الزيارات المكوكية التى قام بها عدد من القيادات السلفية خلال السنوات الأخيرة الماضية فى عدد من البلدان عن وجود حبل سرى يمكن أن يكون نواة حقيقية لتنظيم سرى سلفى عالمى، من بين هذه البلدان التى بها فرع للدعوة السلفية بشكل رسمى اليمن، ويعد كتاب (السلفيون والعمل السياسي) لمؤلفه الشيخ أبى الحسن مصطفى المأربى، بمثابة (مانيفستو) السلفيين فى مصر وغيرها، خاصة أن أبا الحسن داعية مصرى، انتقل إلى اليمن فى شبابه ليدرس على يد الشيخ مقبل بن هادى الوادعى، فى دار الحديث بمنطقة دماج، واستقر هناك إلى الآن، فتعلم من شيخه أن الديمقراطية كفر، والانتخابات حرام، وممارسة العمل السياسى رجس من عمل الشيطان، ما دعاه إلى الانشقاق عن مدرسته السلفية التى تربى فيها، ليكون مدرسًة جديدة على غرار مدرسة برهامى فى مصر. وبعد مساعٍ وتواصل بين الجماعتين فى مصر واليمن اقتنع فصيل السلفيين اليمنيين بتأسيس حزب سياسى، وعقدوا أكثر من منتدى ومؤتمر لمناقشة تفاصيل المشروع السياسى الوليد، ومشروعيته، ومدى إمكانية مشاركته فى البرلمان المقبل، وما الذى سيضيفه لليمن على الصعيد السياسى، لينتقل السلفيون من الدعوة إلى الحزب. كما تواصل حزب النور مع عدد من القيادات السلفية باليمن وتبادلوا الزيارات للاستفادة من تجربة النور السياسية فى مصر، وتصديرها إلى بلادهم، وساعد على ذلك حسب تسجيل صوتى تحتفظ «البوابة» به للنائب السابق عن النور بمجلس الشعب المنحل الشيخ أحمد الشريف، حيث أكد أن الظروف بين الجماعتين متشابهة تصل إلى حد التطابق، فالظرف السياسى متقارب، وتفكير السلفيين واحد، وحاجتهم إلى الحزب فى هذا التوقيت هى نفس حاجة السلفيين فى مصر، بل والمعوقات واحدة، والأعداء متشابهون، فهم يحاربون الشيعة الحوثيين والإخوان، والسلفيين الرافضين للعمل السياسى، مثلما يحدث مع الدعوة السلفية وحزبها فى مصر. بالإضافة إلى الدعوة السلفية بالسودان على الرغم من أنها ليست كيانًا واحدًا، ولكن التعاون بين النور وهذه الكيانات السلفية السودانية موجود، وكانت الانطلاقة لافتتاح فرع التنظيم هناك حينما زار الشيخ أحمد حطيبة، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، السودان، عام 2012م. كما زار الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، عدة دول عربية على رأسها تونس وليبيا والسودان وقطر والسعودية، والتقى بقيادات العمل الدعوى للجماعات السلفية فى هذه البلدان لبحث سبل التعاون والتنسيق، وعرض تجربة مشروع حزب النور على هذه الكيانات ليتبنوها فى بلادهم. وسبق السلفيون فى الكويت نظراءهم فى الدول الأخرى دخولاً لعالم السياسة، من خلال تأسيس حزب الأمة عام 2005، ليكون ذراعًا سياسيًة للدعوة السلفية هناك، وانخرط فى المشاركة فى البرلمان عبر الانتخابات، ويعد الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وراء تأسيس حزب النور فى مصر، عبر تشجيعه ودعمه، ما يعنى أن السلفيين هناك صاروا فرعًا لتنظيم مصر، بعد نجاح التجربة المصرية من وجهة نظرهم، والجدير بالذكر أن عبد الرحمن مصرى الأصل، هاجر من مصر إلى الكويت فى الستينيات حاملاً منهجًا تكفيريًا خالصًا حاول التخلص منه تدريجيًا بعد استقراره فى الكويت، إلا أن شوائب التكفير لا تزال عالقًة فى ذهنه حتى اليوم. وعلى طريقة الصيد فى الماء العكر لجأ السلفيون فى مصر إلى مد يد العون إلى السوريين فى محنتهم مع النظام السورى، وقدموا لهم المساعدات المالية والغذائية والدوائية العلاجية، عن طريق التبرعات التى جمعتها جمعية أمة واحدة التابعة للدعوة السلفية بالإسكندرية، وأرسلت قوافل عدة لتلقى بقيادات العمل الإسلامى فى سوريا، لمحاولة حشدهم وضمهم إلى صفوف السلفيين، ليكونوا فرعًا للتنظيم الدولى هناك، ولعل تصريحات الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، حول جبهة النصرة وأحرار الشأن تشير إلى هذه العلاقة، بالإضافة إلى اعترافاته الصوتية بسفر عدد من الشباب السلفى إلى سوريا وانضمامهم للتنظيمات المتطرفة هناك، مثل تنظيم داعش الإرهابى. ولم يقتصر التنظيم الدولى للسلفيين على اختراق الدول العربية، بل قرر أن يكون عابرًا للقارات بحق، وظهر ذلك جليًا عام 2012م حينما منعت سلطات مطار القاهرة الدولى، الداعية الألمانى «سيفين لو» المعروف ب«أبوآدم» من دخول البلاد لدى وصوله من هولندا وتم ترحيله إلى حيث أتى، تنفيذًا لتعليمات جهاز الأمن الوطنى بوضع اسمه على قوائم الممنوعين من دخول البلاد، لينكشف النقاب عن علاقة الداعية الألمانى بالتنظيم الدولى للسلفيين. ويعد «أبوآدم» هوالمسئول الأول عن التنظيم فى ألمانيا، وهو جندى سابق فى الجيش الألمانى اعتنق الإسلام منذ 15 عامًا، ويقوم بمساعدة السلفيين المهاجرين من ألمانيا إلى مصر، وترتيب الإقامة لهم فى محافظة الإسكندرية، معقل الدعوة السلفية فى مصر. كما عمل أبوآدم على تربية وإعداد كوادر سلفية لها نشاطات دعوية واسعة فى الشارع، خصوصا فى الموسم الرمضانى، حيث شهدت ألمانيا حملة توزيع نسخ مترجمة للقرآن مجانًا فى الشارع مما لفت أنظار الرأى العام الألمانى، وتنشر داخل ألمانيا العديد من المنظمات السلفية التى تستضيف رموز الدعوة السلفية فى مصر لدعوة الناس إلى الإسلام، وتعريفهم بالمنهج السلفى. وتشير التقديرات الألمانية إلى زيادة عدد السلفيين الألمان عن نظرائهم من أعضاء جماعة الإخوان، إلا أن الحكومة الألمانية، كانت قد أبرمت اتفاقًا مع جماعة الإخوان فى مصر عام 2005/2006م يقضى بإطلاق حرية الإخوان فى الدعوة، ودعمهم ماليًا ومعنويًا ولوجستيًا، مقابل احتواء السلفيين المتشددين فى بلادهم، ومنعهم من ممارسة أى أعمال عنف، وتصدير هذه الأعمال إلى الدول العربية، وقد نجح الإخوان بفضل تنظيمهم المتماسك من تحقيق ذلك، بينما فشل السلفيون أن يكونوا مؤثرين بسبب ضعف تنظيمهم. وعلى الرغم من نفى بعض المصادر السلفية وجود التنظيم الدولى، واعتباره مجرد لقب إعلامى فى إطار الحرب على الحزب والدعوة فى مراحل الانتخابات، إلا أن مصادر أخرى أكدت بشدة وجود هذا التنظيم، وأنه يتمدد من وقت لآخر، الأمر الذى فسره الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، على أن هناك بعض التيارات فى الدول العربية ترى أن تجربة حزبه فريدًة من نوعها فى عالم السياسة ويجب محاكاتها، مشيرًا إلى أن هناك نوعًا من الاتفاق فى المنهج بين «النور» وبعض السلفيين فى باقى الدول العربية والإسلامية لكن هذا لا يعنى وجود نية لدى الحزب لتكوين تنظيم دولى، أو أن السلفيين بهذا التقارب الفكرى يمثلون كيانًا تنظيميًا واحدًا.