الطب بالفرنساوى بجامعة القاهرة    كامل الوزير يتفقد الخط الثاني للقطار الكهربائي السريع    إسلام عفيفى يكتب: فاسدون حيثما حلّوا    غزة تحاصر إسرائيل    الأهلي بطلا لكأس الكؤوس الإفريقية للمرة الخامسة في تاريخه    استقبال حافل لفيلم "الحياة بعد سهام" في عرضه الأول بمسابقة ACID بمهرجان كان السينمائي    بسبب توتنهام.. مدرب كريستال بالاس يكشف حقيقة رحيله نهاية الموسم    أسعار مواد البناء مساء اليوم الجمعة 23 مايو 2025    اليونيسيف: الأزمة الإنسانية فى غزة تعصف بالطفولة وتتطلب تدخلاً عاجلاً    موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد.. تعرف على حالة الطقس المتوقعة غدا    تسيير قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    الترجي التونسي يحصد برونزية بطولة أبطال الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    تراجع أسهم وول ستريت والأسواق الأوروبية وأبل عقب أحدث تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية    كم تبلغ قيمة جوائز كأس العرب 2025؟    محافظ البحيرة: إزالة 16 حالة تعدي على أملاك الدولة بالموجة ال 26    ضبط كيان صناعي مخالف بالباجور وتحريز 11 طن أسمدة ومخصبات زراعية مغشوشة    عاجل|بوتين: مستقبل صناعة السلاح الروسية واعد.. واهتمام عالمي متزايد بتجربتنا العسكرية    يختتم دورته ال 78 غدا.. 15فيلمًا تشكل موجة جديدة للسينما على شاشة مهرجان كان    من مصر إلى إفريقيا.. بعثات تجارية تفتح آفاق التعاون الاقتصادي    مستشفى الحوض المرصود يطلق يوما علميآ بمشاركة 200 طبيب.. و5 عيادات تجميلية جديدة    بين الفرص والمخاطر| هل الدعم النفسي بالذكاء الاصطناعي آمن؟    القاهرة 36 درجة.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد غدًا    أمين اتحاد دول حوض النيل يدعو للاستثمار في أفريقيا |خاص    بث مباشر نهائي كأس مصر سيدات - الأهلي (1)-(0) دجلة.. جووول أشرقت تسجل الأول    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    تقديم الخدمة الطبية ل 1460 مواطنًا وتحويل 3 حالات للمستشفيات بدمياط    الزمالك يعلن جاهزيته للرد على المحكمة الرياضية بعدم تطبيق اللوائح فى أزمة مباراة القمة    ندوة توعوية موسعة لهيئة التأمين الصحي الشامل مع القطاع الطبي الخاص بأسوان    المشاط: الاستقرار الاقتصادي ضرورة لدفع النمو لكنه لا يكفي بدون إصلاحات لتمكين القطاع الخاص    جوارديولا: مواجهة فولهام معقدة.. وهدفنا حسم التأهل الأوروبى    أحمد غزي يروج لشخصيته في مسلسل مملكة الحرير    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بدون خبرة.. "الكهرباء" تُعلن عن تعيينات جديدة -(تفاصيل)    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    "نجوم الساحل" يتذيل شباك التذاكر    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    وزير الزراعة يعلن توريد 3.2 مليون طن من القمح المحلي    زلزال بقوة 5.7 درجة يدمر 140 منزلا فى جزيرة سومطرة الإندونيسية    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الهلال يفاوض أوسيمين    ترامب وهارفارد.. كواليس مواجهة محتدمة تهدد مستقبل الطلاب الدوليين    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    مصادر عسكرية يمينة: مقتل وإصابة العشرات فى انفجارات في صنعاء وسط تكتّم الحوثيين    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوابة" تكشف.. كهف الفساد في وزارة الزراعة
نشر في البوابة يوم 09 - 09 - 2015

إهدار 220 مليارًا و500 مليون جنيه بالتلاعب فى محررات هيئة التعمير
338 حالة تزوير فى أوراق واضعى اليد تمنح 150 ألف فدان مبانى ل«السماسرة»
سرقة 47 ورقة مؤمنة من التزوير من قطاع الملكية والتصرف بمعرفة موظف
ملفات الفساد أحيلت إلى النيابة ومباحث الأموال العامة ولم يتحرك أحد
تأشيرات هشام فاضل رئيس قطاع الملكية والتصرف تتصدر الملفات المزورة
المدير التنفيذى للهيئة يعرض وقائع التزوير على البلتاجى قبل رحيله ثم صلاح هلال.. والمقابل عزله من منصبه
الوزير المستقيل ينتدب مديرًا جديدًا ل«الطرمخة» على الفساد داخل هيئة التعمير وتسهيل ما يستجد منه
«محلب» يتورط فى إعارة عضو الرقابة الإدارية ل«الزراعة» والوزير السابق يعينه براتب يفوق الحد الأقصى للأجر
«النقيب اللواء» مهاب عبدالرؤوف لا يزال فى الوزارة برغم انتهاء انتدابه الشهر الماضي
18 مايو العجيب شهد الإعارة والحصول على مفردات المرتب ثم التعيين وصرف المكافأة 200 % للمدير التنفيذى المنتدب
لم يكن خبر قبول استقالة، أو إقالة وزير الزراعة، صلاح هلال، الذى أصبح سابقًا، ثم ما أثير عن توقيفه من قبل الرقابة الإدارية، مفاجئًا للشارع المصرى، خاصة أن قطاعًا كبيرًا منه يتعامل بشكل شبه يومى مع الوزارة، لم يكن الخبر مفاجئًا ولم يكن كذلك مشبعًا لرغبات المطالبين باستكمال تطهير تلك الوزارة التى تعوم فوق بحيرة من الفساد، بل إن هناك من يقول إن بحيرة الفساد تعوم فوقها.
لا يزال السؤال الأهم يتردد فى كل مكان: كيف يمكن القضاء على هذا الشيطان القابع داخل كل مؤسسة حكومية؟ يعقبه سؤال آخر خارج من قلوب الذين ظلموا من هذا الواقع الذى أصبح معاشًا بشكل لا مناص فيه: كيف يمكن حماية أراضى البلاد والعباد ممن يسرقون من العين سوادها وبياضها؟ وهل يمكن أن تتطهر وزارة الزراعة من لصوص المال العام الذين سكنوها، وهل تكفيهم قضية واحدة، وإن تم حظر النشر فيها، وبما أن الحظر قد تم، ونحن مجبرون على تنفيذه احترامًا للقانون، ففى السطور التالية يبدو المشهد «أسود» وكأنه يحتاج لكل مواد التبييض التى تم اختراعها لتبييض الملابس، لكنها الآن فى أشد الحاجة إلى أن تضم إلى خواصها تبييض الذمم والضمائر، علها تنجح فيما لم ينجح فيه الشرفاء أو القانون.
وزارة الزراعة، وعلى الأخص الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، تحتاج لمن يبيض وجهها أمام الناس قبل أن يرى لصوصها لون الظلمة فى القبور، لكن الحاصل أن من يكشف اللصوص دائما هو المتهم، مهما استخدم فى مسعاه الطرق القانونية السليمة، وخاطب الجهات الأعلى لتتخذ القرار، هكذا كان، لكن شيئًا لم يحدث فى عهد وزيرين أحدهما رحل قبل أن يقرأ المستندات الدامغة على سرقة اللصوص، أما الآخر فكان رده هو نقل المسئول الشريف من على كرسيه، فيما يفسح المجال لمن سرق وزور ودلس للبقاء فى منصبه، ولولا خشيته من الجهة التى ينتمى إليها المسئول السابق لكان الآن فى السجن بقلب الحقائق، خاصة أن اللصوص يسرقون ويزورون ثم يقننون الأوضاع بما يشبه القانون.
البداية كانت بلاغًا لمدير الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، كان فاتحة الطريق للحصول على هذا الملف الذى احتوى على كافة تفاصيل عمليات الفساد التى تدور داخل الكهف المسمى بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ويفضح أسرارها عبر أوراق رسمية ليس بينها ورقة عرفية واحدة، اللهم واحدة حركت الراكد داخل ثنيات الكهف، وجعلت المدير التنفيذى لها يتحرك كاشفًا كل التفاصيل، ليرفعها إلى الوزير المختص، السابق ثم المستقيل، فيما كان مصيره الإبعاد والعزل وأشياء أخرى نتركها للمستندات التى استطعنا الحصول عليها، ونتركها لتتحدث دون تدخل منا، اللهم فى الناحية اللغوية للتيسير على القارئ، وكذلك الجهات المعنية بالتحقق منها والتحقيق فيها، فلربما تصدر قرارًا يخالف ما استصدره وزير الزراعة المستقيل، ومن ثم تستقيم الأمور فى الهيئة الشهيرة بكهف الفساد وسرقات الأراضى بين المتعاملين معها.
تسهيل وضع اليد الحرام
البلاغ الذى أشرنا إليه وتم توجيهه إلى مدير إدارة مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن الجيزة، موقعًا باسم مدير عام الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق، عمرو محمد عبدالرحمن، مؤرخ فى 18 يناير 2014، جاء فيه: إيماء لكتاب سيادتكم والكشف المرفق به، المتضمن أسماء 338 اسمًا، تبدأ باسم عبدالمجيد حسونة السيد وتنتهى باسم محمود محمد أبوزيد، يفيد أنه بالفحص لدى الإدارة المركزية لنظم المعلومات والشبكات بالهيئة العامة لمشروعات الأراضى بوزارة الزراعة، تبين وجود اختلاف وتلاعب فى البيانات الخاصة بطلبات وضع اليد، وتغيير اسم مقدم الطلب والمساحة والمنطقة المطلوب التعامل عليها، كما هو ثابت بقواعد الهيئة.
وحيث إنه صدر قرار وزارى من السيد وزير الزراعة بإيقاف قبول تقنين طلبات وضع اليد على مستوى الجمهورية، اعتبارًا من أول يناير 2013، وعقب هذا القرار لجأ واضعو اليد، المرفقة أسماؤهم بالكشف، إلى التحايل على هذا القرار بالاستعانة ببعض موظفى الهيئة من خلال التلاعب فى طلبات عملاء آخرين مقدمة قبل هذا التاريخ، ووضع طلباتهم بدلًا منها وذلك بالكشط وتغيير بيانات فى الطلب الأصلى الذى يحمل الرقم والأختام المسجلة بقاعدة البيانات، وتم تغيير البيانات الحقيقية المسجلة على الحاسب الآلى ووضع البيانات الجديدة والمخالفة للحقيقة، ما أدى إلى منحهم الصفة القانونية لواضعى اليد الجدد بدون وجه حق، هذا الفعل أدى للإضرار بالمال العام على مساحة 150 ألف فدان تقريبا من أملاك الدولة، طبقا للكشف المرفق المقدم لسيادتكم، الذى أدى لإهدار مال عام على مساحة مائة وخمسين ألف فدان، ما يعنى إهدارًا للمال العام بقيمة خمسة مليارات جنيه».
انتهى البلاغ المحرك لشهوة المهنة وبالتالى الحصول على الملف كاملًا.. إلا أننا قبيل الدخول فيه يجب أن نلفت إلى أن المبلغ المذكور بالبلاغ قليل جدًا على ما يمكن ذكره، بموجب ما ورد فى باقى أوراق الملف وورد فى إحدى المذكرات التى رفعها المدير التنفيذى السابق للهيئة، الذى ذكر أن الفاسدين باعوا المتر ب11 جنيهًا، وهو ما تم اكتشافه فى ثلاثة ملفات فقط، ولما كان درب الفاسد واحدًا، والقائمون عليه معروفون، فإن ما يمكن حسابه بضرب الفدان فى عدد ما يحتويه من أمتار وهو 4200 متر تقريبًا فيما الفاقد كما ورد فى البلاغ نحو 150 ألف فدان يصبح الناتج مرعبًا إذا قسنا ما ورد عن الحالات الثلاث على بقية ما أورده البلاغ المقدم لمباحث الأموال العامة.
بالحساب يكمن الناتج المرعب الذى ربما يكون مخالفًا للحقيقة سلبًا أو إيجابًا بالزيادة أو النقصان لكنه أبدًا لن يقل كثيرًا إذا لم يزد، فحاصل ضرب ال150000 فدان فى عدد أمتار كل فدان يكون الناتج هو 630 مليون متر مربع، فيما يكون حاصل ضرب الأمتار فى تقدير اللجنة الوزارية لتثمين الأراضى وهو 350 جنيهًا للمتر الواحد «مباني» هو 220 مليارًا وخمسمائة مليون جنيه.. الرقم ربما يكون مرعبًا لكنه تعميم بهدف تخصيص الإشارة إلى أهمية ما نحن بصدده اليوم ونحن نتصفح أوراق ملف «كهف الفساد» داخل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.
البلاغ السابق كان مع مذكرة رفعها من يطلقون على أنفسهم اسم «ائتلاف شباب هيئة التعمير» لرئيس قطاع الهيئات وشئون مكتب الوزير، الدكتور على إسماعيل، يطالبون فيها بالتحقيق فى واقعة سرقة 47 ورقة مؤمنة من التزوير من قطاع الملكية والتصرف بمعرفة موظف يدعى إبراهيم عبدالعزيز عابدين، تم التحقيق معه بواسطة الشئون القانونية، فيما تمت إحالة موظفة أخرى فقدت ورقة واحدة إلى النيابة الإدارية، المذكرة أكد فيها شباب الهيئة أن الأوراق المؤمنة المسروقة أو الضائعة، تم بيعها إلى سماسرة الأراضى لاستغلالها فى استخراج بطاقات الحيازة وتوصيل الكهرباء ومخاطبة الجهات للحصول على الموافقات بدون وجه حق.
ما ورد بمذكرة شباب الهيئة، كما قلنا، بالإضافة إلى بلاغ مدير إدارة المعلومات والتوثيق كانا باكورة الوصول إلى الملف الكامل المليء بأحداث تشير إلى أن هناك بؤرة للفساد محمية بقوة قاهرة، لا تؤثر فيها مذكرات بها من المستندات الدامغة ما هو كفيل لا بإبعاد المسئول عنها فقط بل بإيداعه غيابات السجون، مع استعادة ما سلبه دون وجه حق هو ومن شاركه فى تلك الجريمة.
البداية دون تسلسل تاريخى قد يحول الأمر كله لنكتة شديدة الملل، تبدأ من مذكرة رفعتها لجنة شكلها المدير التنفيذى للهيئة العامة للتعمير ومشروعات الأراضى، لفحص الملفات الخاصة بطلبات وضع اليد، فى 15 يناير 2014، وتكوّنت من رئيس الإدارة المركزية لنظم المعلومات والشبكات، ورئيس الإدارة المركزية لشئون رئاسة الهيئة، ومدير عام الشئون القانونية ومدير عام المعلومات والتوثيق، بالإضافة لمحاسب من إدارة التحصيل.
خلصت اللجنة إلى أن فحص بعض هذه الملفات توصل إلى الكشف عن وجود كشط وتعديل بالاسم والمساحة والمنطقة محل الطلب، وأكدت تمام التحقق من ذلك عبر قواعد البيانات المحفوظة كنسخ احتياطية قديمة، التى تمت مقارنتها بقاعدة البيانات الحالية، ومن ثم إثبات أن اختلاف النسخ القديمة عن الحالية يؤكد وجود تزوير فى طلبات وضع اليد الموجودة فى هذه الملفات، وقدمت المذكرة حصرًا بعشرة ملفات اعتبرتها البداية لكشف السرقات التى تدور علنًا متحصنة بقانون من وضع المزورين، وذكرت أرقام الملفات كالتالي: «2/ 231 / 13، و 10 / 230 / 13، و 2 / 232 / 13، و 6 / 38 / 16، و7 / 18 / 16، و 4 / 17 / 12، و2 / 10 / 18، و 8 / 231 / 13، و 4 / 1301 / 4، و 4 / 1363 / 4».
وفصلت كل مخالفة وواقعة تزوير على حدة، ودللت على صدقيتها من خلال الأدلة، فعلى سبيل المثال جاء بالملف رقم 2 / 10 / 18 ما يلى: «الملف باسم محمد عبدالغفار محمد وآخرين بمساحة 1300 فدان بالفيوم»، وقالت: بمراجعة طلب وضع اليد الموجود بالملف برقم 57598 بتاريخ 26/ أغسطس 2009 تلاحظ وجود كشط وتعديل بالاسم والمساحة والمنطقة محل الطلب، كما أن الخريطة المرفقة بالطلب تحمل خاتم الهيئة العامة للمساحة بتاريخ 30 يونيو 2012، فى حين أن الطلب مقدم بتاريخ أغسطس 2009، أى قبل صدور الخريطة من هيئة المساحة بثلاث سنوات، أما الموقف المالى فبمراجعته وجد أن مقدم الطلب لم يقم بسداد مبلغ 1000 جنيه عن كل فدان بإجمالى «مليون وثلاثمائة ألف جنيه» عن إجمالى المساحة، كما هو متبع مع كافة طلبات وضع اليد، ذلك بناء عن طلب تقدم به المنتفع للسيد رئيس قطاع الملكية والتصرف مباشرة، وعدم تقديمه رسميًا لمكتب خدمة المواطنين طبقًا للإجراءات المتبعة، رغم أنه قام بسداد رسوم المعاينة بالقسيمة رقم 590844 فى 16 ديسمبر 2013 بمبلغ 26 ألف جنيه».
كذلك وجدت اللجنة أن مقدم الطلب لم يقم بتقديم صورة جوية طبقًا للقواعد كما هو متبع مع كافة حالات واضعى اليد القديمة، وبمراجعة البيانات على الحاسب الآلى وجد أن البيان المسجل حاليا باسم عبدالغفار محمد وآخرين بمساحة 1300 فدان بالفيوم، فيما أن مراجعة النسخ الاحتياطية لقواعد البيانات التى تم الاحتفاظ بها بتاريخ 20 أكتوبر 2013 أكدت أن الطلب الأصلى بنفس هذا الرقم مسجل باسم حسين فوزى حسين وآخرين بمساحة 1000 فدان بأسيوط!
الحالة الثانية للتزوير كما قالت اللجنة كانت عن الملف رقم 7 / 38 / 16 باسم سليمان عبدالجواد محمد وآخرين، بمساحة 500 فدان بشمال سيناء، ووجدت اللجنة نفس العوار الذى ظهر فى الحالة السابقة، كما أن الخريطة المرفقة أيضا تمت طباعتها بعد تاريخ تقديم الطلب بعامين رغم وجوب تقديمها مرفقة به كما هو متبع فى كافة حالات تقنين وضع اليد، كما اشتركت الحالة فى عدم سداد مقدم الطلب فيها مبلغ ال1000 جنيه عن كل فدان، كما ورد فى الحالة الأولى، وأيضا رغم قيامه بسداد مبلغ عشرة آلاف جنيه كرسم معاينة عن هذه الأرض، بالإضافة إلى عدم تقديمه للصورة الجوية مثل سابقه، أما المفاجأة فكانت بعد مقارنة البيانات الحالية بالبيانات الواردة فى النسخ الاحتياطية المحفوظة بالهيئة، التى أظهرت اسم صاحب الطلب الأصلى قبل التعديل، خالد أحمد أحمد وآخرين بمساحة 60 فدانا فقط!.
اشتركت نفس الحالات التى أوردتها اللجنة فى ذات المواقف، إلا أنها اختلفت فى المساحات والأسماء فقط، حيث ارتفع طلب مزور من مساحة 20 قيراطًا بمنطقة المنايف إلى 15 فدانًا بالإسماعيلية،.. فيما تحول الطلب رقم 21513 بتاريخ 29 مارس 2009 باسم السيد إبراهيم السيد، بشأن تقنين مساحة وضع يد بالوادى الفارغ، إلى التزوير لصالح صافى معدول عبدالسميع، بمساحة 2275 فدانًا، وتحولت المنطقة من الوادى الفارغ إلى وادى النطرون، وهكذا دواليك فى بقية الملفات العشرة، المهم أن اللجنة رفعت ما توصلت إليه إلى إدارة التحقيقات بالهيئة التى استمرت فى عملها، لمدة عام تقريبًا ثم رفعت فى أول فبراير 2015 نتيجة عملها للمدير التنفيذى للهيئة وحمل رقم 94 / 2015، أى بعد المذكرة الأولى بعام تقريبًا مر كله فى عملية التحقق مما أورده تقرير لجنة الفحص، النتيجة كانت واحدة فيما توصلت إليه اللجنة ثم إدارة التحقيقات بمشاركة إدارة الأمن، وأشارت إدارة التحقيقات إلى تأشيرة المدير التنفيذى للهيئة التى قالت: «تتخذ كافة الإجراءات القانونية حيال الموضوع المرفق، والإفادة بالإجراءات التى تتم حيالها».
التأشيرات على أوراق مزورة
أما الجديد فيما توصلت إليه إدارة التحقيقات فهو أن تأشيرات السيد هشام فاضل، رئيس قطاع الملكية والتصرف، تصدرت كافة الملفات المزورة، فهو إما مخاطبًا رئيس مجلس إدارة وحدة الأراضى والمياه والبنية بطلب الاستشعار عن بعد فى الطلب الخاص باسم «خيرة عبدالمالك» لمساحة 3 أفدنة بوادى النطرون، أو مخاطبًا إدارة التحصيل للتعامل مع محمد سليمان عبدالجواد وتحصيل مبلغ 1000 جنيه عن كل فدان لإثبات الجدية، بحجة وجود ملف قديم بتاريخ 4 يناير 2014، وكذلك الطلب باسم قطب وافى قطب «70» فدانًا بمنطقة وادى النطرون، مؤشرًا من مدير الملكية والتصرف أيضًا بالإضافة إلى مدير عام التحصيل، فى حينه، باتخاذ الإجراءات فى 28 نوفمبر 2013، والطلب باسم رمضان على حسين، منطقة الإسماعيلية مساحة 320 فدانًا، وجد أنه خال من التأشيرات وليس به سوى خاتم إدارة الملكية والتصرف ومؤشر عليه من هشام فاضل «هل هناك ملف قديم من عدمه».
عرضت إدارة التحقيقات الملفات المزورة، وكلها لم تخل من تأشيرة هشام فاضل، رئيس الملكية والتصرف، وانتهت إلى قولها: «باستقراء الأوراق على النحو السالف بيانه ومقارنة الأوراق الصحيحة بتلك المدونة بقاعدة البيانات، وبين الأسماء المعدلة التى وجدت بقاعدة البيانات الحالية، وباستعراض الأوراق وما تكشف عنها من أنها مهرت كلها بخاتم الأرشيف الخاص بالملكية والتصرف دون أى إدارات أخرى، ولما كانت الأوراق المزورة قد تضمنت عدة تأشيرات بمعرفة السيد هشام فاضل، وبعضها مهر بتأشيرة السيد مدير عام الملكية فى حينه، المنجى البطراوى، ومنها ما تم بمعرفة السيد مدير عام التحصيل فى حينه.
ولما كانت الوقائع المدرجة بالمذكرة تمثل فى حق مرتكبيها من قيامهم باستبدال مقدمى الطلبات الحقيقيين بآخرين، لتسهل لهم الاستيلاء على أراضى ملك للدولة، مقابل منفعة مالية حصلوا عليها، فهى وقائع تؤثم بالمواد 104 و113 و115 و119 مكرر و118 فقرة 3، 4 من قانون العقوبات، واستمرت إدارة التحقيقات فى توجيه الاتهامات ووضعها فى النصاب القانونى، فقالت إن المتهمين، وهم من أرباب الوظائف العامة، قد ارتكبوا تزويرًا فى محررات رسمية، وهى استمارات تقنين وضع يد الطالبين الحقيقيين وفقًا لأحكام القانون 148 / 2006 بتعديل بعض أحكام قانون المزايدات والمناقصات الصادر بالقانون 1891 / 1998.. مما جعل واقعة مزورة «واقعة» حقيقية، وهى استيلاء من قام بالتزوير لصالحهم محل واضعى اليد الحقيقيين من مقدمى الطلبات الصحيحة، السابق سرد أسمائهم - ذكرنا بعضها - بأرقام طلباتهم دون وجه حق، وأنهم ارتكبوا ذلك مقابل منفعة مالية، وهى أمور تختص بها للتحقيق النيابة العامة دون غيرها، بتحريك الدعوى العمومية، وذلك حفاظًا على المال العام والوظيفة العامة من العبث، مما يقتضى إبلاغ النيابة العامة بالواقعة مع إيقاف الموظفين العموميين عن أعمالهم لحين الانتهاء من التحقيق والتحفظ على الأوراق والمستندات محل الجريمة».
وأوصت مذكرة إدارة التحقيقات بالموافقة على إبلاغ النيابة العامة بالدقى بالواقعة لاتخاذ شئونها، والتحفظ على المستندات والأوراق مع إرفاق صورة منها بالبلاغ، أما البند ثالثًا فقد كان اقتراحًا بإيقاف الصادر بحقهم الاتهام لحين الانتهاء من التحقيقات بمعرفة النيابة العامة، وهو ما أشر عليه المدير التنفيذى السابق، اللواء أشرف عبدالعزيز بقوله: «أوافق على الرأى بعاليه بإبلاغ النيابة العامة بالدقى بالواقعة لاتخاذ شئونها»، وبرغم هذه التأشيرة وإحالة الأمر إلى النيابة، فإن شيئًا لم يحدث.
الملف لا يزال يضج بما حواه من أوراق وكلها رسمية صادرة عن إدارات الهيئة المختلفة، ففى الثانى من فبراير 2015 أرسل المدير التنفيذى للهيئة كتابا للمستشار المحامى العام لنيابات شمال الجيزة قال فيه: «مرفق لسيادتكم مذكرة إدارة التحقيقات بالإدارة العامة للشئون القانونية بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بشأن نتيجة التحقيق رقم 94 لسنة 2015 بشأن فحص بعض الملفات الخاصة بطلبات وضع اليد، وكانت نتيجة الفحص وجود عشر ملفات تبين وجود كشط وتعديل بالاسم والمساحة والمنطقة محل الطلب، ووجود اختلاف فى البيانات المسجلة ما يؤكد وجود تزوير فى طلبات وضع اليد الموجودة فى هذه الملفات.. وحيث إن الواقعة المذكورة تثير شبهة جنائية، وهى جريمة التزوير المؤثمة بقانون العقوبات.. برجاء اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة نحو الواقعة محل التحقيق».
المذكرات بين المدير والوزير
على نسق متواز أرسل اللواء أشرف عبدالعزيز مذكرة تفصيلية تضمنت بعض التجاوزات والمخالفات بالإدارة المركزية للملكية والتصرف لوزير الزراعة واستصلاح الأراضى، باعتباره المسئول الأول عن الهيئة ورئيس مجلس إدارتها، ليرى فيما يحدث ما يراه طبقًا للقواعد والقوانين المعمول بها، المذكرة كانت بتاريخ 31 يناير 2015، أى فى عهد الدكتور عادل البلتاجى، وزير الزراعة السابق، الذى غادر منصبه بعد استلامه لها بنحو الشهر تقريبا، المدير التنفيذى قال فى مذكرته عارضًا المخالفات التى عنون بها المذكرة ونعرض ملخصًا لبعضه فى السطور التالية: «قيام رئيس الملكية والتصرف باستبدال عدد 22 مهندسًا بالقطاع دون الرجوع للسلطة المختصة، وتقديم ما يبرر قيامه بذلك، رغم أن المنوط بتعيينهم هو المدير التنفيذى للهيئة، ولا يحق له القيام بذلك، ثم عرض المدير التنفيذى قصة فقدان أو ضياع العقود الخاصة بشركة حلوان للأسمدة التى تم تقديمها للهيئة، وإرفاقها مع طلب تنازل من شركة النصر للكوك، بالإضافة إلى إبلاغهم بواسطة موظفى الملكية والتصرف التابعة لقطاع الملكية بعدم العثور على الملف الخاص بالشركة».
كذلك أبلغ المدير وزيره بواقعة فقدان عدد 47 ورقة مؤمنة بالعلامة المائية للقضاء على التزوير، من حوزة الملكية والتصرف، وبما وصل إليه التحقيق فى الواقعة من إحالة المتسبب إلى النيابة الإدارية فى 17 أغسطس 2014، وكذلك فقدان ورقة أخرى من هذه الأوراق وتحويل المتسبب أيضا للنيابة الإدارية لتحقيق.
أما أخطر ما ورد فى المذكرة المرفوعة للوزير فكان: «بتاريخ 14 ديسمبر 2014.. تم التنبيه من رئيس الملكية والتصرف لإدارة التحصيل التابعة له بالقيام بقبول سداد مبالغ مالية من 3 أشخاص هم أشرف لبيب يوسف وطارق أشرف لبيب، وعادل لبيب تاوضروس، بمنطقة مصر الإسماعيلية «مديرية الزراعة» مع العلم أن هذه الأسماء لم يتم العثور لها على أى ملفات أو عقود بالهيئة، فتم التأشير من رئيس الملكية والتصرف بالآتي: «تحصيل تحت حساب مستحقات الدولة، ولا مانع من فتح ملفات فرعية لحين الاستدلال على الملفات الرئيسية».
الغريب أن المذكرة أكدت أن المذكورين عاليه لم يقوموا بإثبات علاقتهم وتعاملهم مع مديرية الزراعة إلا بتقديم ثلاث صور لمستندات هى «صورة شيك، وصورة إذن تحصيل من بنك التنمية، وإذن تحصيل من مديرية الزراعة لكل ملف»، وبناء عليه تم تحرير أوامر التوريد تحت حساب مستحقات دولة طبقًا لتأشيرات رئيس القطاع «الملكية والتصرف» ذلك عن إجمالى مساحة 126 ألف متر مربع، أما الأغرب والأخطر وذكرته المذكرة فهو أن السعر تم احتسابه للثلاثة على أساس المتر بسعر 11 جنيها «أحد عشر جنيها فقط لا غير»، فيما المعلوم أن اللجنة الوزارية لتثمين الأراضى تقوم بتقدير المتر بسعر 350 جنيهًا «ثلاثمائة وخمسين جنيها لا غير» أى أن المشار إليهم تم السماح لهم بسرقة الفارق بين السعرين، مبلغ 43961400 «ثلاثة وأربعين مليونًا و961 ألفًا وأربعمائة جنيه»، وهو حاصل ضرب المساحة فى السعر المقدر بواسطة اللجنة الوزارية ناقص حاصل ضرب نفس المساحة فى 11 جنيهًا.
وتمضى المذكرة فى عرض خطايا قطاع الملكية والتصرف، فتعرض ما عرضناه سالفا عن الملفات العشر التى تم تزويرها لصالح آخرين بحذف أسماء مقدمى الطلبات الأصليين وتدوين أسماء أخرى، وتؤكد بعدها أنه وجد فى بعض الملفات طلبات مقدمة لرئيس قطاع الملكية والمشروعات الزراعية لقبول الطلب وتأجيل سداد مبلغ ألف جنيه عن كل فدان، ولما كانت هذه المساحات المقدم عنها الطلبات تتراوح بين 500 و1300 فدان، فإن هذه الرسوم تقدر بعشرات الملايين!.
وتضيف المذكرة قائلة: «بعد اكتشاف الملفات العشرة المشار إليها تم تكليف الإدارة المركزية للمعلومات والشبكات بفحص قواعد البيانات، ونتج عن ذلك الفحص اكتشاف عدد 338 طلبًا تم التلاعب فى بياناتها، من خلال البرنامج الخاص بتسجيل الطلبات بالإدارة المركزية للملكية والتصرف، وتم إعداد كشف ببيانات هذه الطلبات وإبلاغ مباحث الأموال العامة بشأنها بتاريخ 18 يناير 2014».
كذلك تم اكتشاف العديد من الطلبات التى تم تسجيلها بإدارة الأرشيف بالإدارة المركزية للملكية والتصرف بدون وجود أصل لها ولا يوجد طلبات سابقة لاستكمالها فى سركى إدارة خدمة المواطنين، وتم تحويل العديد منها للتحقيق، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الطلبات أرقام: «30650 بتاريخ 25 أغسطس 2014، و5081 بتاريخ 11 فبراير 2014، و5085 بنفس التاريخ السابق، و5220، و49570، و4958 وكلها فى ذات التاريخ أيضا، ثم الطلبات أرقام 18213، 18214، 18215، 18216 وكلها فى تاريخ 11 مايو 2014».
المدير لا يزال يخاطب الوزير.. فيقول: بعد اكتشاف العديد من طلبات وضع اليد المزورة، وفقد بعض الطلبات، وحفاظًا على طلبات وضع اليد المتبقية، تم تكليف المهندس رئيس قطاع الملكية والتصرف بحصر جميع طلبات وضع اليد فى نموذج تم تصميمه لهذا الغرض على أن يتم الانتهاء من الحصر المطلوب خلال أسبوعين اعتبارًا من 26 أكتوبر 2014، ولم يتم الحصر حتى الآن!!.
فى 20 إبريل 2014 تم عمل مذكرة بخصوص ملف أحمد محمد البدوى بشأن وجود مخالفات فيه وتم التأشير عليه فى حينه: «إدارة الأمن يتم إحالة الموضوع إلى الأموال العامة».
وفى الصفحة الخامسة والأخيرة من المذكرة قال المدير للوزير: تلاحظ فقدان الملفات والطلبات الخاصة بالعملاء بالإدارة المركزية للملكية والتصرف وعلى سبيل المثال:
بتاريخ 23 نوفمبر 2014 تم إرسال مكاتبة من الشئون القانونية إلى الإدارة المركزية لنظم المعلومات والشبكات بشأن فقد الملف الخاص بالعميل عمر عزت حسن لمساحة 10 أفدنة بالواحات البحرية، كما تم إرسال مكاتبة أخرى من الشئون القانونية إلى الإدارة المركزية للنظم والمعلومات بشأن التحقيقات حول ملف أشرف جاد المولى وعدم وجود طلب وضع يد، والمكاتبة المقدمة من رئيس قطاع دراسات المشروعات الزراعية والملكية للشئون القانونية بشأن الطلب المقدم من العميل أحمد عبدالعزيز على وآخرين برقم 108، المذكور فيه عدم وجود أصل لهذا الطلب بالإدارة، كما تم التحقيق فى اختفاء ملف باسم السيد محمد عبدربه، الذى ظهر أثناء التحقيقات وتم العثور عليه!.
بالإضافة إلى فقدان الملف الخاص بالعميل عيد إبراهيم عبيد، حيث إنه غير موجود بمكتب الإسماعيلية بالإدارة المركزية للملكية والتصرف، ولا يزال مفقودا حتى الآن - وقت تقديم المذكرة.
المذكرة المعروضة فى السطور السابقة قدمها المدير التنفيذى لوزير الزراعة السابق، الدكتور عادل البلتاجى، ويبدو أنه لم يتمكن من الاطلاع عليها ومن ثم اتخاذ اللازم نحو ما طلبه مقدمها للحيلولة دون استمرار متهم بالفساد فى موقعة، فى ظل الشواهد التى تشير إليه، فلم يتم تقديمه للنيابة للتحقيق أو نقله حتى الانتهاء من هذا التحقيق الذى لم يتم.
غادر البلتاجى مقعده الوزارى فى مارس 2015، ليتولى المقعد الدكتور صلاح هلال، كوزير جديد للزراعة، ولما كان الأول لم يصدر قرارًا فيما رفعه إليه المدير التنفيذى للهيئة، فقد أعاد الأخير رفع نفس المذكرة للوزير الجديد فى 26 إبريل 2015، حتى أنه عنونها ب«المذكرة التفصيلية للعرض على معالى الدكتور وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الخاصة ببعض التجاوزات والمخالفات بالإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية» وصدرها بقوله: «نحيط سيادتكم علما بأنه قد تم عرض مذكرة ببعض المخالفات والتجاوزات بالإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة برقم 536 بتاريخ 31 يناير 2015 على معالى الدكتور عادل البلتاجى، وزير الزراعة السابق، وحتى تاريخه لم تصدر أى قرارات بهذا الشأن لذا نعيد العرض على معاليكم لأهمية الموضوع».
انتهى التصدير فيما جاءت المذكرة المصاحبة للأولى التفصيلية لتقول متوجهة للوزير صلاح هلال: «تأكيدا لما وعدنا به من حصر والقضاء على جميع أنواع الإهمال والفساد والقصور فى المنشآت والأفراد وعدم السماح بحدوث أى تجاوزات.. قامت الإدارات المعنية بالهيئة بالمراجعة والتفتيش على أعمال الإدارة المركزية للملكية والتصرف التابعة للهيئة وتم اكتشاف بعض المخالفات والتجاوزات، مرفق مذكرة تفصيلية بها».
وأنهى المدير مذكرته المرفوعة للوزير بقوله: «لذا رأيت رفع الأمر لمعاليكم للتفضل بالاطلاع والموافقة على نقل السيد هشام أحمد كمال محمد فاضل، المكلف بأعمال رئيس قطاع دراسات المشروعات الزراعية والملكية، بالإضافة إلى عمله كرئيس للإدارة المركزية للملكية والتصرف، إلى أى جهة خارج الهيئة.. وذيلها بالأمر مفوض.. التوقيع «لواء مهندس أشرف عبدالعزيز».
كاشف الفساد ينال جزاء سنمار
المفاجأة أن الوزير اتخذ أمرًا واستصدر قرارًا بعد المذكرة التى عرضناها فى السطور السابقة، بعد أقل من أسبوعين، بعزل الرجل وقبول استعارة مدير تنفيذى جديد، ليستمر المتهم المحاط بأدلة اتهامه فيما يرحل كاشف هذه الأدلة الذى تعهد بكشف الفساد وكشفه، ليطير هو ويهبط على كرسيه الآخر ويستمر.. ويستمر.. ويستمر.
فقد أصدر السيد رئيس الوزراء قرارًا هو العجب العجاب، ففى صدره: «يعار السيد مهاب عبدالرؤوف على مرسى، عضو الرقابة الإدارية بالفئة العالية المعادلة للدرجة العالية من هيئة الرقابة الإدارية إلى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لمدة ثلاثة أشهر اعتبارًا من 18 مايو 2015، على أن تتحمل الجهة المعار إليها جميع الالتزامات المالية المترتبة على هذه الإعارة».
تلك كانت المادة الأولى التى حددت بداية الإعارة أما المادة الثانية فكانت الأعجب حيث قالت إن القرار صدر برئاسة الوزراء فى 20 مايو 2015 أى بعد تنفيذ الإعارة بيومين كاملين، كيف يعيش القرار قبل أن يولد؟ تلك هى أعجوبة حكومة السيد رئيس الوزراء.
الأغرب مما سبق كان قرار وزير الزراعة نفسه، الذى أصدر القرار رقم 704 لسنة 2015 الذى جاء فيه بعد الديباجة بالطبع مادة «1» تكليف اللواء مهاب عبدالرؤوف على مرسى بالعمل مديرًا تنفيذيًا للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وفى المادة الثانية قال القرار: «على جميع الجهات المختصة تنفيذ هذا القرار ويلغى كل ما يخالفه أو يتعارض مع أحكامه»، ونفهم من هذا القرار أن الوزير أصدر قراره أولا ثم استصدر قرار رئيس مجلس الوزراء، ليكون قرار المرؤوس سابقًا على قرار رئيسه، تمامًا كما كان قرار الوزير سكينًا على من كشف الفساد تحت أمر كان يتولاه، فكان جزاؤه النقل أو العزل، أو قل ما شئت.
من سبق الآخر؟ الوزير أم رئيسه؟ لا يهم.. الأهم هو ما جاء بالقرار فالمدير التنفيذى المعار لمدة ثلاثة أشهر تنتهى فرضًا فى الثامن عشر من أغسطس لا يزال فى مكانه، بعد أن أنعم عليه وزيره برتبة اللواء التى لم يحصل عليها بعد أن صار موظفًا مدنيًا يعمل فى هيئة رقابية دخلها برتبة نقيب، تركها على الباب قبل دخوله للعمل بها.
الأشد غرابة وسبق أن نشرته «البوابة» هو راتب هذا النقيب الذى أصبح لواءً بعد توليه منصب المدير التنفيذى بساعات لا تتعدى أصابع اليد الخمسة، أصبح راتبًا معجزًا ننشره اليوم مدعومًا بالوثائق الدالة عليه، ففى القرار الوزارى رقم 783 لسنة 2015 بدون تاريخ، وهذا غريب لم نعهده من قبل، منح الوزير صلاح هلال للنقيب اللواء مكافأة شهرية تعادل 200٪ من المرتب الشامل المستحق شهريًا مقابل قيامه بأعمال المدير التنفيذى للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، اعتبارًا من 18 مايو 2015 أى نفس يوم تعيينه السابق على قرار إعارته بيومين.
لم نكتف بما ورد فى القرار فحصلنا على ما جاء به الرجل لتفعيل نسبة ال200٪ من إجمالى ما كان يتقاضاه فى الرقابة الإدارية، وهى شهادة أعطيت له بناء على طلبه، كما قالت الشهادة الممهورة بخاتم الهيئة الرقابية، وأكدت أن إجمالى ما يتحصل عليه الرجل هو ثمانية عشر ألفًا وخمسون جنيها وثمانية وستون قرشًا، وختمت: «تحررت هذه الشهادة بناء على طلب سيادته لتقديمها إلى وزارة الزراعة، والأغرب أنها أيضا تم تحريرها فى 18 مايو، وهو اليوم الذى يبدو أنه كان أطول مما اعتدناه من أيام، ليصدر فيه قرار التعيين ثم إقرار المكافأة المعادلة ل200٪ من إجمالى ما يتقاضاه الرجل، بينما هو نفسه يحصل على الشهادة الدالة على ذلك فى ذات اليوم وكأنه كان يعلم مسبقًا كل ما سيصدر من قرارات حتى قرار الإعارة الصادر من رئيس الوزراء بعد 18 مايو العبقرى بيومين!.
النكتة الكبرى هى ما وجدناه فى مفردات مرتب أو الاستمارة رقم 132 مكرر ع. ح، المعنونة ب«كشف ماهية عامل واحد عن شهر يونيو 2015 وبلغ الراتب قبل خصم استقطاعات ارتآها أهل الدار ضرورية، حتى لا يقع الوزير تحت طائلة مخالفة قرار رئيس الجمهورية بتحديد الحد الأدنى والأقصى للأجور، خاصة أن الزراعة ليست من الفئات المستثناة من القرار الجمهورى، فالإجمالى كانت جملته 51431.95 «واحد وخمسين ألفًا و أربعمائة وواحد وثلاثين جنيها و95 قرشا» فيما الأساسى المضحك هو مبلغ 853.22 «ثمانمائة وثلاثة وخمسون جنيهًا و22 قرشًا»، أما بعد الاستقطاعات فبلغ إجماليه 41000 جنيه لا غير.. هل هذا معقول؟ سؤال نسأله لمن يفهم فى المسألة الاستقطاعية من الرواتب!.
ليبقى السؤال هو: لماذا جاء صلاح هلال بمهاب عبدالرؤوف؟ و هنا تجيب مصادرنا داخل الهيئة قائلة «للتستر على فساد إدارة الملكية والتصرف ورئيس قطاعها المهندس هشام فاضل، وكذا إيقاف المذكرات والبلاغات المقدمة ضده فى النيابة العامة، وكذا تسهيل ما هو آت من عمليات تتطابق مع ما ذكرناه فى السطور السابقة، وإلا لماذا زاد راتب المحروس النقيب اللواء عما كان يتقاضاه السابقون عليه، مثل اللواء أشرف عبدالعزيز ومن قبله اللواء مجدى أمين، إذا اعتبرنا أن ما يتقاضاه فقط هو ما تم ذكره دون اللجان وبدلات حضورها وهى بالآلاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.