جواهر الطاهر: مقترحات بنص يتضمن «الاستضافة» إلى جانب الرؤية رئيس محكمة زنانيري: الأبناء هم الضحية والمجتمع يدفع الثمن عقب الانفصال بين الزوج والزوجة، غالبا ما تبقى المشكلات والخلافات قائمة، لكن من يدفع الثمن عادة هم الأبناء، خصوصا إذا رفضت الأم الاستجابة لطلب الأب، ليرى أبناءه وديًا، وهو ما يدفعه إلى اللجوء لمحكمة الأسرة، وعادة ما يصدر الحكم بتمكين الأب من رؤية طفله أو طفلته لمدة محددة كل أسبوع، وذلك بحسب «قانون الرؤية» الذي صدر عام 1929. المثير أنه بحسب إحصائية الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فقد تبين أن مكاتب تسوية المنازعات الأسرية بمحاكم الأسرة تحتوي على 368 ألفا و296 طلبا قانونيا بسبب مشكلات قائمة بعد الطلاق، تتعلق بالأطفال، منها 4.8% طلب «رؤية». «البوابة» رصدت أهم مشكلات وقضايا «الرؤية» في محاكم الأسرة، ومعاناة الآباء معها. حبس أسبوع «أحمد.م» وهو رجل أنهى العقد الثالث من عمره.. يعمل موظفًا بشركة مصر للطيران.. تزوج لمدة 9 شهور فقط، وأنجب ابنته الوحيدة «هنا»، التي تبلغ حاليا نحو سنة.. التقته «البوابة» في مقر محكمة مصر الجديدة، حيث روى قصته مع دعوى «الرؤية» التي أقامها ضد طليقته التي رفضت بعد الانفصال أن يرى ابنته، رغم مطالبتها بذلك وديًا، وبعد صدور الحكم القضائى بتمكين الأب من رؤية الطفلة، رفضت الزوجة أيضا تنفيذ الحكم فتقدم ضدها ببلاغ للنيابة التي حولت الأم للمحكمة فقضت بحبسها لمدة أسبوع لعدم تنفيذها حكما قضائيا، لكنها لاتزال بعيدة عن أيدى العدالة. حماتى منعتنى من رؤية أطفالى. شاب عشرينى يدعى «محمد.ع».. يعمل في مجال المقاولات، ينتمى إلى طبقة اجتماعية متوسطة، التقته «البوابة» في مقر محكمة مدينة نصر، حيث روى حكايته قائلا: «حماتى دمرت حياتنا وزوجتى سرقتنى وهربت»، بهذه الكلمات بدأ حديثه، وأضاف، «لم أكن أعرف أن قصة الحب التي بدأتها مع زوجتى منذ 10 أعوام ستنتهى تلك النهاية المأساوية في محاكم الأسرة». فالمأساة والمشاكل كانت مع «حماتى» التي كانت تتدخل في حياتنا الزوجية ما جعل حياتنا أشبه بالجحيم، إذ كانت تتدخل في أدق تفاصيل حياتنا، حتى إنها تحدد لزوجتى ميعاد الشجار معى والصلح أيضًا، وكانت ترانى عبارة عن «بنك فلوس»، تريد أن تأخذ منه أكثر وأكثر. ويتابع، في البداية كنت مرحبا لسكن حماتى بجوارنا، حيث كنت أعتبرها في منزلة «والدتى» التي فقدتها منذ سنوات، ولكنها لم تبادلنى نفس الشعور، فاعتبرتنى زوج ابنتها فقط «وبنك فلوس» تريد أن تأخذ منه ما تريد بدون أن يشكو أو يعترض، وظلت الأيام تدور في هذا الفلك وتسوء يومًا بعد يوم، حتى إنها كانت تحدد نوع الطعام في كل يوم. يصمت «محمد» قليلًا ثم يواصل حديثه بحزن شديد قائلا: «بعد مرور 6 أعوام على تلك المشاكل، لم أعد أتحمل كل هذه الضغوط النفسية والأسرية، حيث كانت حماتى تحرض زوجتى على ترك المنزل كل شهر أو أكثر، فلم أعد أشعر بأننى رجل متزوج ولى حياتى الخاصة بى، وفى آخر خلاف بيننا تعدت علىّ بالسب أمام أشقائى، فقمت بالاعتداء عليها بالضرب فتركت منزل شقيقى الذي كنا في زيارة له. وبعد أن تركت زوجتى منزل الزوجية وطلبت الانفصال، وأقامت ضدى دعوى «خلع»، من يومها وأنا لا أرى ابني الوحيد «آدم»، حيث علمت بأن حماتى هي التي ترفض أن تمكننى من رؤيته». نفسى أشوف أولادي الثلاثة ومن ضحايا الخلافات الأسرية أيضا، «محمود.ع» الشاب الثلاثينى، الذي أقام دعوى «رؤية» لطفله ضد طليقته، لأنها ترفض رؤيته لأطفاله الثلاثة «ملك وأحمد وحسين»، حيث أوضح قائلا: «بعد زواج دام ل «7» سنوات، نشبت خلافات عديدة بينى وبين زوجتى، طلبت منى الطلاق الذي رفضته وبشدة، فأقامت ضدى دعوى «خلع»، وتركت لى الأطفال، وبعد الانفصال أخذتهم بحكم قضائى أيضًا». وقال خلال لقائنا به في مقر محكمة الجيزة لشئون الأسرة، «على الرغم من أنى أسكن في الشقة التي تعلو سكن مطلقتى، إلا أنها حرمتنى من رؤية أطفالى، وحاولت مرارًا حل المشكلة وديًا ولكنها رفضت، ولذلك قمت برفع دعوى رؤية، وحكمت المحكمة بتمكينى من رؤية أطفالى، ولكن حتى الآن تتعمد إذلالى، رغم أنه تمت خطبتها لشخص آخر، وسوف تتزوج قريبًا». القاضى له حق إسقاط حضانة الأم تعليقًا على وجود مطالبات عديدة بتعديل قانون الرؤية، قالت جواهر الطاهر، مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، إن قانون الرؤية الحالى يحتاج إلى تعديل جذرى في مواده. وأضافت في تصريحات خاصة ل«البوابة»، أنه لابد من تعديل القانون ليتضمن الاستضافة إلى جانب الرؤية، لأن هناك كثيرا من الأمهات لا يلتزمن بمواعيد الرؤية، المحدد لها ثلاث ساعات أسبوعيا، مكايدة وعنادا بسبب الخلافات مع الآباء. وأشارت إلى أن مؤسسة قضايا المرأة المصرية، خلال تقديمها لمشروع قانون جديد للأحوال الشخصية لوزارة العدل، أضافت نصوصًا وتعديلات على «الرؤية»، حتى يتقرب الطفل من عائلة والده، وحفاظًا على حالته النفسية مستقبلًا، واقترحت التعديلات أن تكون مدة الاستضافة ما بين أسبوع حتى ثلاثة أسابيع، بشرط أن تتمكن الأم، إذا أرادت، رؤية أطفالها في أي وقت طوال فترة الاستضافة، وأن تكون برفقتهم في وقت التنزه، وإذا كانت هناك مخاوف من أن يقوم الأب بخطف الطفل في وقت الاستضافة، فيمكن المطالبة بمنع الطفل من السفر رسميًا، كما تضمنت المقترحات نصًا يحدد عقوبة على الأم إذا خالفت الحكم القضائى الصادر باستضافة الأب للطفل. من جهته، قال المستشار أحمد عزت، رئيس محكمة زنانيرى للأسرة، إن العيب يكمن في استغلال المدعين للقانون، وليس في نصوص القانون نفسه، فالنساء عادة هن ما يتخذن من حضانتهن للأطفال وسيلة لعقاب الأب وحرمانه من رؤية أطفاله، إذ يرفضن ذلك بطرق شتى، والأطفال في النهاية هم من يدفعون ثمن تلك الخلافات. وأضاف عزت ل «البوابة»، أنه من حق القاضى إسقاط الحضانة عن الأم وإعطاؤها للجدة من الأم، إذا امتنعت عن تنفيذ الحكم القضائى الخاص بالرؤية، أو الحكم عليها بالحبس، مشيرًا إلى أن قلة رسوم التقاضى والتي تبلغ «6.5» جنيه، تخلق حالة من العنف عند المدعين تجعلهم يقيمون العديد من القضايا ضد بعضهم البعض، مؤكدًا أن الطفل والمجتمع هم المتضررون من المشاكل والخلافات لأنها ستتسبب في تنشئة طفل في بيئة نفسية غير صالحة، تجعله شخصا غير سوى نفسيًا في المستقبل، لافتا إلى أن الأب ليس من حقه فقط رؤية أبنائه بل واستضافتهم أيضا، مشيرا إلى أن محكمة زنانيرى لشئون الأسرة، «دائرة البساتين»، قضت منذ أسابيع بتمكين أب من رؤية طفلتيه التوأم، ولأول مرة باستضافتهما في بيته يومين شهريا. وهو الحكم الذي يعد الأول في تاريخ محاكم الأسرة، وقضى بحق الأب في رؤية طفلتيه التوأم من الساعة الواحدة ظهرا وحتى السابعة مساء بأحد النوادى الرياضية في مدينة الشيخ زايد، كما ألزمت زوجته ولأول مرة بتمكينه من استضافتهما يومين في الشهر. وجاء في حيثيات الحكم في الدعوى القضائية التي تحمل رقم 1082 لسنة 2015، أسرة البساتين، بتمكين الأب من رؤية أطفاله الثلاثة مصطفى «15 عاما»، ومنار «12 عاما»، وملك «12 عاما»، والسماح له باستضافتهم أيضًا للمبيت معه كل أسبوعين، حيث أكدت المحكمة أنه من حق كل أب أن يرى ابنه في أي وقت يشاء ولا يحق للحاضنة منعه من ذلك، ومن الظلم أن يحرم الولد من والده أو يحرم الأب من رؤية ولده، وأنه يجوز للقاضى أن يحكم للطرف غير الحاضن باستضافة أبنائه مرة كل أسبوع.