أكثر من 7 ملايين طفل مهددون بالضياع بسبب قانون الأحوال الشخصية.. ولكل طفل من هؤلاء قصة تحكي مأساته مع الضياع ولكن ربما كانت قصة الطفل أدهم محمد سامح حسن "4 سنوات" هي الأغرب فهو ظفل يقف في مهب الريح بسبب رفض الأب استخراج شهادة ميلاد له. الأغرب ان الأب لا ينكر نسب ابنه لأنه جاء نتيجة زواج شرعي بينه وبين زوجته آية فرج. ولكن نشبت الخلافات بينهما وأدت إلي الطلاق علي أثر ذلك يرفض الأب تسجيل ابنه دون ان يطعن في نسبه أو يشكك في إبوته له. لكني يخشي من مطالبة طليقته بنفقة للصغير والتي تشمل الكسوة والغذاء والمسكن ونفقات التعليم ورغم ان مطلقته لم تقم برفع أي دعاوي قضائية ضده الا ان سيف قانون الأحوال الشخصية يهدد أباه بالضياع. أكثر من 90 سنة مضت علي قانون الأحوال الشخصية الحالي الذي صدر في مصر عام 1920 ولم يتغير ولكن ادخلت عليه تعديلات كثيرة. علي الرغم من كثرة هذه التعديلات. مازال قانون الأحوال الشخصية يمثل مأساة تتجسد كل يوم في ساحات القضاء وعلي سلالم المحاكم وخاصة فيما يتعلق بقانون الحضانة والرؤية تلك القوانين تعمل جاهدة علي قطع صلة الرحم من خلال اقصاء أحد الأبوين عن ابنائه تنفيذا للقانون. دفعت تلك القوانين المجحفة مجموعة من الآباء والأجداد المتضررين الي تنظيم وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحفيين للتنديد بما أسموه "قوانين الهانم" واعقبت تلك الوقفة ندوة بعنوان "أهمية تعديل القوانين التي تحكم الأسرة المصرية" حضرها مجموعة كبيرة من الآباء والأجداد المتضررين ومجموعة من الصحفيين وبعض فقهاء القانون وأساتذة الجامعات من مختلف التخصصات الأمر الذي جعل "المساء" تقوم بإعادة فتح ملف تلك القوانين التي تهدد حياة 7 ملايين و300 ألف طفل يعيشون بين آباء منفصلين وكان لنا لقاءات مع بعض النماذج. يقول محمد أبوسليم "مطلق": بعد زواج استمر 4 سنوات ونصف نشبت الخلافات بيني وبين زوجتي مما جعلها تطلب الطلاب وترفع ضدي قضية نفقة ومتعة و مؤخر وبعد الانفصال توسط البعض في مساع للصلح بيننا لكن فوجئت بها تطلب مني التنازل عن الشقة أو شراء شقة تمليك بمدينة نصر علي ان تكون باسمها أو باسم ابننا وان أعقد عليها ثانية بمقدم 20 ألف جنيه ومؤخر 50 ألفا وعندما رفضت طلباتها التعجيزية أقامت ضدي دعوي نفقة وحكم لها ب 500 جنيه شهريا. أضاف فما كان مني الا ان رفعت دعوي رؤية وحكم لي بالرؤية في شهر ديسمبر 2010 وتم تنفيذ الحكم اعتبارا من 21/1/2011 ويؤكد علي انه حتي الآن يذهب إلي مكان الرؤية ولكن طليقته لا تأتي مؤكدا علي انه لم ير ابنه منذ 16 شهراً. * أما عبدالرحيم أحمد فقال: تزوجت لمدة 6 أشهر وقضيت عامين في المحاكم.. أضاف ان حماتي رفعت علي 8 قضايا بدأت بالنفقة ثم طلاق للضرر وتبديد منقولات ومحاضر كيدية وحصلت زوجته علي الطلاق بشهادة أخوالها الذين شهدوا علي انه يتعدي عليها بالضرب. وقال أحمد عبدالعال حسين مدرس: زوجتي هجرت المنزل عاماً ولم تفلح المحاولات في اقناعها بالعودة مما دفعني الي الذهاب لدار الافتاء لكي أتزوج ثانية ولكني فوجئت بمن يقول لي بأن زواجي فيه ضرر للزوجة. وانها ستطلق مني وتأخذ كل حقوقها وقد أتعرض للسجن. وقال مستنكرا لقد حكمت المحكمة لزوجتي ب 450 جنيها نفقة مع ان راتبي لا يتعدي 650 جنيها مؤكدا علي ان القانون ينص علي ان النفقة لا تتعدي 40% من دخل الزوج. * وليد عثمان مهندس: لقد كتبت علي صفحة "الفيس بوك" عبارة تعددت الأسماء وتعددت الروايات والمأساة واحدة.. أضاف وقفتنا هذه تعبر عن احترامنا لأولادنا مؤكدا علي انهم لا يستحقون ذلك. وقال اذا كتب علينا الحرمان من رؤية أولادنا فقد تصل الي حرمانهم من أمهاتهم!! * أضاف محمود رمضان "موظف": تزوجت لمدة 9 أشهر فقط وبدأت المشاكل مع حماتي بعد ولادة طفلي بأسبوع. لأنها اقنعت زوجتي بأن تحرم أمي من رؤية ابني الا بإذنها وهذا ما رفضته فكان جزائي ان حرمت من رؤية ابني منذ 7 أشهر. علي الجانب الآخر انطلقت عبارة من احدي السيدات تقول "صدقوني لو زارني أحفادي فلن أخطفهم" بهذه الكلمات نطقت الحاجة فاطمة وصوتها مختنق من كثرة البكاء. وهي جدة حرمتها قوانين الأحوال الشخصي من رؤية احفادها. أضافت المثل يقول "أعز الولد ولد الولد" لكن القانون عندنا في مصر لا يعترف الا بحق الأب فقط في رؤية أولاده ان قلبي يتمزق عليهم فالمحكمة حكمت لابني برؤيتهم 3 ساعات في الأسبوع في ناد بجوار منزلهم وأنا سيدة مسنة لا أخرج من المنزل الا لزيارة الطبيب. من جانبها تساءلت "أم حاضنة" رفضت ذكر اسمها: لماذا لا تتحقق المساواة بين الأب والأم في حالة عدم التزام أحدهما بتنفيذ حكم الرؤية فاذا لم تنفذ الأم الحكم مهما كانت الظروف تسقط حضانتها لأبنائها وتنتقل لن يليها؟ وفي الوقت نفسه لابد ان يعاقب الأب الذي لا ينفذ الحكم ولا ينفق علي ابنائه ويتركهم في مهب الريح وكيف يسمح بالرؤية والاستضافة للأجداد الذين يتوجهون للمحاكم لإقامة دعاوي صورية يدعون فيها انهم فقراء وفي حاجة الي المال لكي يحصلوا علي حكم نفقة ضد ابنهم "بالاتفاق معه" ليتقاسموا النفقة مع الأحفاد. كيف يسمح بالرؤية والاستضافة لوالدي الزوج الذين يكرهونها وعاملوها بقسوة وتسببا في تدمير الأسرة واشعال نيران المشاكل بين الزوجية والتفريق بينهما وخراب البيت. ألم يفكر أحد في كيفية معاملة هذه التوعية من الأجداد للاحفاد؟ تؤكد أم حاضنة إلي جزئية أخري متعلقة باحتمالات عدم توافر الأمان الكافي في منزل الأب خاصة اذ كان لا يملك منزلا خاصا به وذلك بالنسبة للبنات اللاتي لايمكنهن الدفاع عن انفسهن في أي موقف. من جانبه أوضح محمود عايش المحامي المكلف من قبل نادي الشمس لتنظيم عملية الرؤية وانه يجلس مع الحضور من الطرفين لتسجيل أسماء الآباء والأمهات والأطفال وموعد ومدة ويوم الرؤية لافتا الي أهمية هذا الاجراء لمعرفة مدي التزام الطرفين بتنفيذ حكم الرؤية. وفي حالة امتناع الأم عن الحضور لمدة 3 أسابيع يكون من حق الأب رفع دعوي قضائية ضدها لإسقاط الحضانة عنها لمدة ثلاثة أشهر لصالح والدتها مما قد يزيد الأمر سوءا حيث تظل سيطرة الأم علي الطفل. أوضحت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: ان هذه القوانين غريبة مستوردة وقد أحدثت تصدعا في الأسرة المصرية حيث انقلبت المعايير فأصبحت بعض النساء يشعرن بأنهن صاحبات القوامة بسبب ما أعطته لهن هذه القوانين من سلطة علي الآباء. أضافت ان مقومات الأسرة هي الأبوة. والأمومة والبنوة وقالت ان البعض يتسرع في استخدام الطلاق ويكون الضحايا هم الأطفال مشيرة إلي انه توجد 5 ملايين أسرة مصرية مفككة ويزداد العدد سنويا بمعدل 100 ألف حالة طلاق بما يعني ان هناك حالة طلاق كل 6 دقائق تاركة وراءها حوالي 7 ملايين و300 ألف طفل هم ضحايا التدمير الأسري؟ وقالت كل هذه الأرقام تشعرنا بالقلق ولكنها لا تعني ان النساء ملائكة وان الرجال شياطين أو العكس وانما تعني ان كلا الطرفين يتحمل جزءاً من المسئولية. وعن قانون سن الحضانة الذي يصل الي 15 سنة قالت انه لم يرد في الشرع يحدد سنا معينة للحضانة وانما هي اجتهادات فقهية وإمامها يختص بالرؤية فقد طالبت بأن تتحول الرؤية الي استضافة علي ان تكون يومين في الأسبوع. وان تكون هنا ك قوانين رادعة لمن يخالف ذلك . وقالت اذا تزوجت الأم الحاضنة ولم تكن لها أم,فيكون الأب مباشرة هو الحاضن مؤكدة علي انه طالما لا يوجد نص فالحكم يتغير بتغير الواقع. أشارت الي ان هناك استبداداً يقع من بعض الزوجات وعملية انتقام من الزوج المطلق ولذلك لابد من سن قوانين رادعة للحد من فكرة الانتقام. الاستضافة وأكدت علي ان قانون الاستضافة سيحافظ علي صلة الرحم فبعد ان يفطم الطفل يكون من حق الأب والجد استضافته يومين في الأسبوع وعندما يصل إلي سن التمييز تكون الاستضافة لمدة أسبوع كامل في عطلة منتصف العام الدراسي. من جانبه أكد جمال تاج الدين وكيل نقابة المحامين: علي ضرورة الغاء كل القوانين التي تهدر كرامة الانسان المصري ومن بينها قوانين الأحوال الشخصية الحالية ومن أجل عودة الرباط بين الأسرة المصرية والحفاظ علي كيانها وقد ناشد تاج الدين الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء ازالة كل المعوقات من أجل اعادة كل ما يساهم في تماسك كيان الأسرة المصرية. رأي الطب النفسي وعلي صعيد آخر أكدت د. نهلة ناجي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس وسكرتير الجمعية العالمية للطب النفسي: علي فكرة المعايشة من الطفل وأبوية فقالت ان الطفل يبدأ في التعرف علي أمه من سن شهرين وعلي ابيه من سن 6 أشهر وان مرحلة ما قبل البلوغ والتي تمثلها الفترة حتي 5 سنوات من عمر الطفل يتم خلالها تشكيل معني الأنوثة والذكورة في الدماغ مشيرة الي ان الطفل الذي يترك تحت رعاية جنس واحد حتي سن البلوغ دون التعايش مع الجنس الآخر يحدث له خلل في الدفاع من هذه الناحية وضربت مثالا لذلك بحالة عرضت عليها لطفل كان يبلغ 11 عاما وكان مرتبطا ارتباطا وثيقا لزملائه في المدرسة.. لأنه ظل طوال هذه الفترة بجوار أمة طوال الوقت. أضافت لذلك لابد ان تكون هناك معايشة لأن الصورة التي تتكون في المخ تحدث من خلال تكرارية المعاشرة والمعايشة.