يرتدى بزته فاقعة الألوان.. يقف أمام قطعة من مرآة قديمة، علقها على حائط غرفته الذى حول الزمن لونها إلى الاصفرار.. يبدأ فى تلوين وجهه ب«مكياج» غير متناسق.. الأحمر والأبيض والأصفر، هى مدخل السعادة التى يمنحها للأطفال، الذين تتعالى ضحكاتهم على قفشاته الساخرة، وحركاته البهلوانية الخفيفة، تاركا خلفه أحزانه وآلامه، ليؤدى مهمته «المقدسة» فى نثر الفرحة. رفعت عبد الرحمن الشهير ب«مشمش»، تجاوز الخمسين من عمره، إلا أنه لا يزال يتمتع بالرشاقة والخفة، وحس الدعابة، من خلال ما يبتكره من دعابات مضحكة، يحكى عن بدايته فى السيرك القومي، قائلا: «بشتغل مهرج من سنة 1969، وأول ما بدأت كنت مدرب بسكليت وأكروبات». يعيش «البلياتشو» بين متناقضين، عليه أن ينصر أحدهما على الآخر، فهو كأى إنسان له مسراته وأحزانه، يضحك ويبكي، يسعد ويتألم، لكن بمجرد خروجه على الجمهور، لا يستطع إلا أن يوزع ابتساماته على وجوه الحضور وخاصة الأطفال، يتذكر ليلة وفاة ابنه: «ابنى توفى ورحت دفنته الصبح، وبليل كنت فى السيرك بضحك الناس، لأنى زى ما عاوز أسعد الناس، أنا كمان بسرق منهم الضحكة والابتسامة»، ويتابع: «حبى لشغلى بيخلينى أنتصر على أى أوجاع وآلام، أول ما ببتدى أحط المكياج وألبس، بنفصل تماما عن شخصيتى الحقيقية». يتذكر «مشمش» زيارته لمستشفى الأورام، عندما فشل فى إضحاك أحد الأطفال، يقول: «مرة ما قدرتش أضحك طفل فى مستشفى الأورام، كان لسه واخد جرعة الكيماوى، فكان همدان ومش قادر يضحك، وكنت حزين أوى عليه». القفشات والدعابات التى يتلوها «مشمش» مع رفيقه «بندق» فى العرض، يستمدها مما يجرى على الساحة الداخلية والخارجية من أحداث، لكى تكون مواكبة لتوقيت العرب وتتسم بالحداثة، يوضح: «إحنا اللى بنكتب السيناريو، وبنعتمد على الأحداث الحالية، وبنبتكر وأضيف عليه الصيغة المضحكة، وبتابع الأخبار واللى بيحصل فى البلد، إحنا بنشتغل على خلفية معلومات من أرض الواقع مش مجرد ضحك بس، وبننقد السياسة الداخلية والخارجية، وقابلتنى مشاكل كتير بسبب الانتقاد دا أيام مرسي». «مشمش» حصل على دبلوم تجارة، لكن صمم على استكمال تعليمه، فاختار مجال «المهرج» من الفنون السركية، ودرس «الكلاون الصامت» فى ألمانيا وهولندا.