"لو مشربتش الحليب هتبقى قصير كده زي بندق"..."الدنيا زي إشارات المرور.. الأحمر يعني أقف وفكر شوية واتعلم من اللي فات، والأخضر امشي ونفذ كل اللي فكرت فيه وحقق طموحاتك، أما الأصفر فانتبه لأن تفكيرك قد يقودك للتصرف الخاطئ." "ههههههه حلو يا ماما أنا نفسي أسلم على مشمش واتصور معاه دمه خفيف وضحكني هو وبندق وكمان اتعلمت منهم حاجات كتير، زي إن اللي يكدب يروح النار، وإن مصر هي أمنا كلنا ولازم نسمع كلامها ونحب بعض، بس هي مصر بتتكلم ياماما؟!!" "حاضر هندور عليه في كل شبر في السيرك، إمممممم مش لاقيينه هو لحق يروح البيت والا عنده نمره تانية."؟ المهرج ناقد سياسي بينما يدور هذا الحوار بين السيدة انجي وابنها علي فوجئت بأن مشمش الذي أضحك زوار السيرك القومي صغاره وكباره ،على مدار ساعتين ونصف، كان يؤدي الفقرات تاركا خلفه ابنه الصغير في طريقه للمستشفى بصحبة والدته، وأنه انتقل لرؤية ابنه بنفس ملامح ومكياج المهرج الخارجية بعد أن حلت الدموع محل الضحكة العريضة. التقيت "بمشمش" أو رفعت عبد الرحمن و"بندق" سيد كيلاني، لأتعرف أكثر على قدرة المهرج وأساليبه في التعبير والتأثير على عشاقه ليظل عالقا في ذاكرة أطفالنا محدثا فيهم كل هذا التأثير الايجابي الذي تعجز عنه توجيهات كثير من الآباء والأمهات. إنهما أقرب إلى تلك الشخصيات التي عايشناها منذ طفولتنا "توم آند جيري لوري وهاردي".. هذا ما أكد عليه "مشمش" مشيرا إلى أن برنامج البلياتشو أو المهرج يضحك الكبير والصغير، ويعتمد على تقديم المعلومة والنصيحة والتوعية بأسلوب مبسط ممزوج بضحكة من القلب تتناسب مع براءة الأطفال وبعيد تماما عن لغة الأمر، ليكون أكثر تأثيرا ويظل الحوار محفورا في أذهانهم بل ويروونه لأصدقائهم كما يروون الحكايات. إلا أن من تفانوا في إمتاع الجمهور خاصة الصغار في نفس الوقت الذي يشكو فيه أحد أبنائهم من ألم أو مرض ألزمه الفراش، لهما عتب على وسائل الإعلام التي تقدم البلياتشوا كإنسان بلا رأي أو فكر.. يقول مشمش: البعض يظن أن شخصية المهرج هدفها الإضحاك فقط وأنها تقول جمل وعبارات لا ترابط بينها، في حين أن له فلسفة خاصة في نقد أي خطأ سياسي أو أخلاقي في المجتمعات بشكل عام، مع تبسيط الأحداث والسخرية من المشكلات بهدف إخراج المتفرج من حالة الكآبة التي تلازمه، مؤكدا أن المهرج كلما قدم فقرات مرتبطة بالواقع كلما حازت الفقرة على إعجاب الجمهور. وضحكنا على إسرائيل وبكل فخر يتذكر أشهر وأقدم مهرجين بالسيرك القومي مشاركتهما في حرب أكتوبر قائلين: كنا من ضمن فريق التمويه ضد العدو الصهيوني في حرب 73 بالتعاون مع مجموعة فناني السيرك والفنانين الشعبيين، حيث قامت القوات المسلحة بنقلنا للجبهة لنقدم عروضنا للجنود هناك استكمالا للخطة ، وقبل الحرب بأربعة أيام توقفت العروض وقالوا لنا ستستريحوا قليلا قبل نقلكم لمكان آخر، وكانت استراتيجية محكمة من الجيش المصري حين ذاك حيث قامت حرب أكتوبر المشرفة وتحقق النصر . وعن وضع شخصية المهرج يقول رفعت عبد الرحمن أو "مشمش": مع شديد الأسف في الوقت الذي حظي فيه المهرج المصري بشهرة عالمية حتى أنه تم تكريمنا من جميع دول العالم ، إلا أنه حتى الآن لم يحصل اي فنان تابع للسيرك القومي على تكريم من داخل مصر، رغم حصولنا على مركز أول على مستوى 23 دولة من بينهم روسيا ، بسبب تميزنا بقدرتنا على التواصل مع الطفل. ولو كنا اعتمدنا على وزارة الثقافة لما كنا حققنا أي تطور في مهنتنا التي نورثها لأبنائنا، فقد حرصنا على تنمية قدراتنا بشكل شخصي حتى أصبحنا نتحدث أربع لغات، كما حصلنا على دبلومات من أكاديمية فنون السيرك بالخارج والتي يعدنا المسئولون في مصر بالحصول على نظير لها منذ 30 سنة دون جدوى. الجمهور له علينا حق وعن أصعب المواقف التي يمكن أن تمر على المهرج يقول "بندق": أن نضحِك الجميع في نفس الوقت الذي يتألم فيه أحد أفراد أسرتنا أوأن يتعرض أحد زملائنا في السيرك لإصابة شديدة. ولأننا نحترم جمهورنا وفننا نستكمل فقرات العرض في اليوم التالي ونضحك ونسلي الجمهور بمنتهى الحرفية والضمير.