فى أحد الشوارع الضيقة بمنطقة «فيصل»، يقف شاب داخل متجر عتيق، يرتب بعض الكتب بعناية ويمسح الأتربة من فوقها، وسط رفوف امتلأت بالكتب المختلفة، مقسمة بحسب المجالات.. أحمد عبد العزيز شاب أنهى دراسته بكلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية، وقرر أن يستغل خبرته وثقافته التى اكتسبها من عمله لأكثر من 10 سنوات فى مجال الكتب، ويبدأ العمل فى تجارة الكتب باختلاف أنواعها، إلا أن ما ميزه عن غيره، هو أنه يملك كتبا ومجلات نادرة ورث بعضها عن أبيه، وحصل على البقية من مصادره الخاصة. يحكى عبد العزيز - 30 سنة - عن قصته مع قراءة واقتناء الكتب منذ صغره: «أبويا ربانى أنا وإخوتى على حب القراءة من زمان، وكان مخصص لكل واحد منا رف يحط فيه الكتب بتاعته، ودا خلانى أقرأ كتير واكتسب معرفة كبيرة»، مضيفا أنه بعدما أنهى دراسته الجامعية وعمله مدرسا بإحدى المدارس، كان ينفق ما يكسبه من التدريس فى شراء الكتب القيمة وقراءتها ثم الاحتفاظ بها مع الكتب التى ورثها عن أبيه: «ورثت مجموعة كتب عن أبويا لكن دى خاصة بيا ورغم إنه اتعرض عليا فيها مبالغ كبيرة لكن مستحيل أفرط فيها، وهيا اللى شدت الأنظار ليا». «مشروع إحياء التراث».. اسم أطلقه «عبد العزيز» على محاولاته لإعادة الحياة إلى المكتبات بجذب أنظار القراء بمجموعة كبيرة من الكتب والمجلات النادرة، فبدأ تنفيذ مشروعه بافتتاحه مكتبة لبيع الكتب فى منطقة «وسط البلد» وساعده مجموعة صغيرة من الشباب - المحبين للكتب - على عرض الكتب وبيعها، فيما تفرغ هو لجمع الكتب النادرة والقيمة من أماكن مختلفة: «المكتب كان إيجاره غالى، ومكنش فيه ربح يغطى الإيجار والمصاريف، واضطريت أقفله وأنقل الكتب لمكان تانى». لم ييأس «عبد العزيز» واتخذ مكانا جديدا لعرض كتبه النادرة وهو محل فى منطقة «إمبابة» لتبدأ انطلاقته الحقيقية فى مجال بيع الكتب: «عملت مكتبة دورين فى إمبابة، وبدأت أجيب كتب نادرة وأتاجر فيها، بالإضافة للكتب اللى كنت بشتريها طول السنين اللى فاتت، ودى كانت خطوة كبيرة لأنى اتعرفت وشباب كتير بقت تيجى تشترى منى، لكن معظمهم كانوا فوق ال35 سنة، وكان عندى يقين إن الشباب متحبش تقرأ الكتب ومفيش حد هيشترى منى إلا الكبار». توسُع «عبد العزيز» لم يقف عند هذا الحد، بل استغل متجرا قديما كان يملكه فى منطقة «فيصل»، وضع به مجموعة من الكتب والمجلات النادرة، وأطلق عليه اسم «مكتبة المعرفة»، واستخدم مواقع التواصل الاجتماعى للترويج لكتبه ما سهل من مهمة وصول محبى الكتب إليه: «مشكلة المكتبة أنها فى شارع ضيق والناس صعب توصله ويتعرف، عشان كدا استخدمت مواقع التواصل الاجتماعى، ولقيت أنها ساعدتنى واكتشفت أن فيه شباب من أعمار صغيرة بتحب تقتنى الكتب والمجلات النادرة». «تجارة الكتب فيها مغامرة».. جملة وصف بها «عبد العزيز» صعوبة التجارة فى الكتب والمجلات النادرة، ويوضح: «ندرة الكتاب مبتكونش بكونه قديم، يعنى فيه كتب عمرها أكتر من 100 سنة ومع ذلك مش قديمة، لكن فيه كتب ممكن يبقى عمرها ميتخطاش 10 سنين وتكون نادرة لأن مصدرش منها غير طبعة واحدة، أو اتمنعت من السوق لأى سبب، وإنى ألاقى الكتاب النادر دى صنعة محتاجة خبرة كبيرة، وفيه مشكلة تانية إنى ممكن أشترى كتاب على إنه نادر، بس تطلع منه نسخ تانية فجأة فيبقى مش نادر وأخسر فيه». صعوبات أخرى واجهها «عبد العزيز»، فهو يحاول الاشتراك بكتبه ومجلاته النادرة فى معارض للكتب، إلا أنه يواجه صعوبة فى تنفيذ ذلك، بالإضافة إلى صعوبات فى تلبية بعض مطالب عملائه: «بحاول أعمل معارض بالكتب اللى معايا فى أى مكان متاح، زى ساقية الصاوى أو معارض الكتاب فى المحافظات بس لسه متوفقتش ليها، فيه ناس بتطلب منى كتب ومعرفش أجيبها، وفيه حاجات بتطلب منى زى رسالة دكتوراه قديمة فى جامعة القاهرة أو عين شمس، ودا بيبقى صعب».