■ كتبه الأنبا قرياقص فى القرن الرابع ■ الكنيسة الأرثوذكسية تعتمد ثلاثة قداسات فى الصلوات ولا تذكره حتى فى أعياد العذراء اعتادت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية استخدام ثلاثة قداسات فى الصلاة وهى القداس الباسيلى والقداس الأغريغورى والقداس الكيرلسى وينسب كل قداس لاسم القديس الذى كتبه، فالأول كتبه القديس باسيليوس والثانى كتبه القديس أغريغوريوس أما الثالث فيقال إن كاتبه هو القديس مرقس الرسول، ولكن القديس كيرلس الأول هو الذى قام بترتيبه وإعادة صياغته فنسب إليه. بخلاف القداسات الثلاثة المشهورة هناك العديد من القداسات غير المشهورة، بينها هذا القداس الذى سوف يكون مفاجأة لكثيرين ويسمى قداس «القديسة مريم» وكاتبه يدعى الأنبا قرياقص، وحدد أيام الصلاة به فى أعياد العذراء مريم وآخر يوم فى صوم الميلاد ولكن أصبح القداس من الممنوعات، ولا تصلى به الكنيسة مطلقًا وفى السطور التالية ننفرد بنشر أجزاء من صلوات هذا القداس: « يا عذراء أنت هى المثال ونبوءة الأنبياء، ونعمة الرسل، أم الشهداء وأخت الملائكة وفخر الشبان والعذراى والرهبان الساهرين نهاراً وليلاً على أبوابك». يقول الكاهن: أيتها العذراء، أنت لم يحبل بك بشهوة دنسة بل زواج شرعى ولدت من حنة ويواقيم. أيتها العذراء، أنت لم تنشئى فى اللعب واللهو كبنات العبرانيين اللاتى قسين أعناقهن لكنك عشت فى المقدس فى قداسة وطهارة. أيتها العذراء، أنت لم تأكلى خبزاً أرضياً بل سماوياً أعد فى سماء السموات. أيتها العذراء أنت لم تشربى شراباً أرضياً بل شراب سماوي سكب من سماء السموات. أيتها العذراء، أنت لم تعرف دنساً كالنشوة اللاتى كن قبلك واللاتى تأتين بعدك لكنك تزينت بالقداسة والطهارة. أيتها العذراء، إن الشبان الأشرار لم يقدروا أن يفدوك لكن ملائكة السماء افتدتك، كما أن الكهنة ورؤساء الكهنة سبحوك. أيتها العذراء أنت لم تخطبى ليوسف كى تجتمعا معاً، بل لكى يحفظك فى طهارة، وهكذا تم. عندما رأى الله الآب طهارتك أرسل إليك ملاكه النورانى الذى اسمه جبرائيل فقال لك: الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك. الكلمة أتى إليك دون أن ينفصل عن حضن أبيه، أنت حبلت به دون أن يحد وحل فى أحشائك دون أن يحدث نقصاً فى السماء أو زيادة على الأرض. لقد حلت فى بطنك نار اللاهوت التى لا تدرك ولا تفحص، ليس عدلًا أن نشبهه بنار أرضية، فالنار لها حدود ولها حجم أما اللاهوت فلا يمكن أن يقال عنه إنه مثل هذا أو حتى أنه يبدو مثل هذا. وفى جزء آخر من صلاة القداس يقول الكاهن ولنعد الآن ثانية للتحدث عن العذراء القديسة متحدثين عن حبلها العجيب فى نظر الجميع فنقول: أيتها العذراء عندما حلت فى بطنك نار اللاهوت الذى وجهه نار وثيابه نار وستره نار كيف لم تحرقك؟ فى أى جزء من بطنك أعدت وانبسطت ستائر جمر النار السبع أكانت فى الجانب الأيمن أو الأيسر مع أنك كنت جسماً صغيراً. فى أى جزء من بطنك أعد واستقر العرش المتلألئ الكروبيمى المحاط بجمر النار مع أنك كنت عروساً صغيراً ؟ ياللعجب أم وأمة (عبدة) ضيق البطن واللانهائية، حبل بغير اضطجاع بشر كما تحبل النحلة من صوت كلمة، لبن مع عذراوية. عندما أفكر فى هذا يتوق عقلى أن يعوم فى عمق بحار ابنك فتكتسحه موجة شديدة من مكمن حبيبك. وأيضاً عندما أفكر فى هذا يتوق عقلى لأن يحلق ويصعد سراً ويكشف أستار مكامن الحي، فيخاف من جمر النار ولا يصل حتى إلا ربع الطريق إلى السماء. عندما أفكر فى هذا يتوق عقلى أن يمتطى أكتاف الريح ليطير شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً إلى كل أقصاء العالم ليرى طبيعة المخلوقات ويقيس أعماق البحار ويعرف على السماء، وإذ يتجول هكذا فى كل الأرجاء يغشى عليه فيعود ثانية إلى موضعه الأول. والآن فلا داعى لكى يتساءل أسئلة أخرى، أو حتى نفكر فى عظمة وعمق ذاك الذى لا يمكن أن تسبح عظيمته السبح اللائق لا بألسنة الأنبياء ولا الرسل. ويضيف (الكاهن) أيتها العذراء ذكرى من يتذكر دون أن ينسى أحداً. أيتها العذراء ذكريه بميلاده الذى تم منك فى بيت لحم بتقميطة بأقمطة وتدفئة بنفس الحمار والبقر فى الأيام الباردة. أيتها العذراء، ذكريه بهربه معك من مملكة إلى مملكة فى أيام هيرودس الملعون. أيتها العذراء، ذكريه بالدموع السخية التى انسكبت من عينيك وسقطت على وجه ابنك الحبيب. أيتها العذراء ذكريه بالجوع والعطش والفقر والحزن وكل الضيقات التى كابدتها معه. ذكريه بالرحمة لا بالهلاك، ذكريه بالشفقة لا بالغضب. ذكريه بالخطاة لا بالأبرار، ذكرية بالنجسين لا بالأطهار. والآن فلنمجد الآب والابن والروح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين. يصرخ الشعب (آمين). (يقول الكاهن صلاة وضع اليد) نشكر الله من أجل كل النعم التى منحها، ولأنه منح أمه أن تمجد بهذا القداس لأنه جعلنا مستحقين أن نبدأه بشفقته وأن نكمله بإرادته ذاك الذى له المجد والذى هو حكيم إلى الأبد آمين. وجدت فيه أيضاً ما يلى: كل كاهن يستعمل هذا القداس فإنه لا يقدس مريم بل هو نفسه الذى يتقدس وكل الذين يسمونه يتقدسون لأن سيدتنا مريم مقدسة على الدوام فى السماء وعلى الأرض. فلتكن بركة صلاتها المقبولة وموهبة معونتها الكاملة، وشفقة ابنها الحبيب التى تملأ العالم مع جميعنا إلى الأبد. آمين.