"فيكتور" يكشف أسرار الاحتفاء بتجسيد "ملكة السماء" راهبات الراعى الصالح بالسويس وجدن تمثالًا على «شاطئ القناة» الفاتيكان أهدى كنيسة «شرم الشيخ» تمثال «حلالة العقد» عذراء «لورد» بجنوبفرنسا يحج إليه الملايين طلبًا للبركة فى احتفاء الكنيسة الكاثوليكية بالعذراء مريم، لا يخلو ذلك من اهتمام يرتبط فى بعض الأحيان بتجسيد صورتها تبركًا بروح صاحبة التمثال. عن الاحتفال بالعذراء فى الكنيسة الكاثوليكية، حاورت «البوابة» الباحث الكاثوليكى مايكل فيكتور، والذى كان لحديثه عن ظاهرة الاحتفاء ب«أم النور»، عبر إقامة التماثيل لها، ما أشار فيه إلى أشهرها حول العالم، ومنها تمثال عذراء لورد بفرنسا، وتمثال الخلاص بفاتيما بالبرتغال، وتمثال حريصا بلبنان. كما أوضح أنه يوجد فى مصر تمثال ضخم أهداه الفاتيكان لكنيسة «ملكة السلام» بشرم الشيخ، يدعى تمثال حلالة العقد. وحول تماثيل العذراء مريم وأسرارها وكثير من تفاصيل الاحتفاء بها، فإلى نص الحوار.. ■ هل تبالغ الكنيسة الكاثوليكية فى تكريم العذراء مريم؟ - الكنيسة الكاثوليكية كنيسة رسولية، كتابية، ولا تزايد بمكانة أحد القديسين فى طقوسها وعقائدها فالله القدوس صاحب كل كرامة والقديسين والشهداء هم شفعاء لنا فى السماء، يطلبون من الرب أن يساعدنا ويعيننا على هذه الأرض. ولأن الكنيسة الكاثوليكية كنيسة كتابية نجد مكانة السيدة العذراء مرتفعة، ومكرمة فى الكتاب المقدس. لذا خصصت الكنيسة لها شهرا لتكريمها وهو شهر مايو، وهو ما نطلق عليه الشهر «المريمي» بخلاف احتفالات عيد إصعاد جسدها للسماء بالنفس، والجسد. فيكفى قولها الذى سجله الإنجيل «هو ذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني».. وعبارة «جميع الأجيال» تعنى أن تطويب العذراء هو عقيدة مهمة استمرت من الميلاد، وستبقى إلى آخر الزمان. وهنا أكد أن العذراء لم تنل الكرامة فقط من البشر. وإنما أيضا من الملائكة، وهذا واضح فى تحية الملاك جبرائيل لها بقوله «السلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك مباركة أنت فى النساء» (لو28:1) وعبارة «مباركة أنت فى النساء» تكررت أيضا فى تحية القديسة اليصابات لها {لو43:1}.. كما نجد نبوءات كثيرة فى الكتاب المقدس تنطبق على السيدة العذراء، ومنها «قامت الملكة يمينك أيها الملك» (مز9:45) وفى نفس المزمور يقول عنها الوحى الإلهى «كل مجد ابنة الملك من داخل» (مز13:45) فهى إذن ملكة وابنة الملك.. ولذلك فإن الكنيسة الكاثوليكية تمدح العذراء فى ألحانها وصلواتها والتى هى تعد أمرا كتابيا. ■ لماذا تعد التماثيل الوسيلة الأشهر عند الكاثوليك للتعبير عن تكريم العذراء؟ - نحن لا نعبد التمثال، ولكن نشخص فى هذا التمثال الصورة الجميلة للسيدة العذراء مريم أو أى قديس آخر. فالتمثال مجرد صورة مجسدة ونتبارك بروح صاحبه على سبيل المثال، إذا سافر قريب لك، فتضع صورته دائما أمامك لتشعر أنه دائما معك، ونحن ككنائس كاثوليكية شرقية بالأساس نعطى الاهتمام الأكبر للأيقونة -الصورة- والتماثيل من الفنون الدخيلة علينا، والتى جاءت من الكنائس الكاثوليكية الغربية، ولكن الكنائس والشعب شعروا بكم يكون التمثال قريبا لهم بفنه وتجسيد الشخصية فبدأ ينتشر، ونجد فى جميع بيوتنا، ومكاتب الكنائس تماثيل فهذا ليس معناه أننا نعبده بل نتبارك بصاحبه مثله مثل الأيقونة تماما. ■ ولماذا تتعدد التماثيل؟ - هناك تماثيل كثيرة، ولكن يختلف كل فنان فى تصميمه وقصة السيدة العذراء الذى يريد أن يجسدها فهناك تمثال للعذراء يسمى سيدة الحبل بلا دنس أى الطاهرة، وهناك تمثال مريم شفيعة الأسرة. ومريم شفيعة الكروم. ■ وما قصص المزارات العالمية التى توجد بها تماثيل للعذراء؟ - من أشهر تماثيل العذراء فى العالم، تمثال العذراء لورد بفرنسا، تمثال العذراء سيدة فاطيما بالبرتغال، والعذراء حريصا بلبنان، ونحن فى مصر لدينا تمثال للعذراء نادر جدا بكنيسة السيدة العذراء ملكة السلام بشرم الشيخ، والذى جاء كهدية من الفاتيكان فى افتتاح الكنيسة وهو تمثال مأخوذ من لوحة فنية تسمى حلالة العقد. ويمثل صورة ملاك يقدم للعذراء مريم حبلا معقودا، وتقوم العذراء بفك عقدة الحبل، وتعطيه للملاك مرة أخرى، ويزن هذا التمثال النادر 1350 كجم وطوله متران، وهناك تمثال آخر شهير للسيدة العذراء بمصر، جاء بطريقة غريبة، حيث جاء عائما على سطح البحر وعثرت عليه راهبات الراعى الصالح بديرهن فى السويس. ■ فى رأيك لماذا يذهب 6 ملايين سائح لمزار عذراء لورد بفرنسا سنويا ؟ - لورد اسم لقرية تقع فى جنوبفرنسا، أصبحت اليوم مزارًا يحج إليه سنويًا الملايين للحصول على بركة العذراء، حيث اعترفت الكنيسة الكاثوليكية بظهورها لفتاة تدعى برناديت بتاريخ 11 فبراير 1858 فى هذا المكان، وطلبت منها أن تحضر إليها على مدار خمسة عشر يوما. وكانت العذراء ترتدى ثوبا أبيض، وعلى رأسها منديل أبيض يغطى كتفيها حتى قدميها، وعلى وسطها زنار أزرق وفى يديها مسبحة بيضاء وقد زينت قدميها وردتان صفراوتان، وتمت إقامة تمثال عذراء لورد بهذه المواصفات، وأصبح معروفا بهذا الاسم، وأخبرت العذراء مريم فى ظهوراتها لبرناديت، رسالة حيث طلبت منها أن تطلب من الناس التوبة والرجوع إلى الله.والصلاة والأمانة والتقشف من أجل عودة الخطاة. ■ وماذا عن تمثال حريصا فى لبنان؟ - الفكرة الأولى لإقامة تمثال للعذراء فى لبنان، كانت عام 1904 عندما احتفلت الكنيسة الكاثوليكية باليوبيل الخمسينى لإعلان البابا بيوس التاسع عقيدة العذراء مريم الطاهرة الحبل بلا دنس (8 ديسمبر 1854). حيث فكر البطريرك المارونى مار إلياس الحويك وسفير الفاتيكان فى لبنان وسوريا المطران كرلوس دوفال، بإنشاء أثر ديني يخلّد ذكرى تثبيت عقيدة الحبل بلا دنس، ويشيد بمحبة شعب لبنان لمريم على مر الأجيال. وأعلنا بعد استشارة أساقفة وكهنة، أن يطلق على ذلك الأثر لقب: «سيدة لبنان»، تلك الفكرة الرائعة العائدة إلى الحبرين اللذين خلّد التاريخ ذكرهما، كان لها التأثير القوى ففعلت فى النفوس فعل الخميرة فى العجين. فوقع الاختيار على المحلة المدعوة «الصخرة» فى قمة تلة حريصا. و«الصخرة» رابية فتّانة تطل على مدينة جونية والبحر المتوسط وتشرف على بيروت والجبل، تقع فى جوار السفارة البابوية - التى كانت تسمى القصادة الرسولية - على مقربة من بكركى مقر البطريرك الماروني. فكأن العناية الإلهيّة أوحت للمسئولين اختيار تلك الرابية لترمز بجمالها إلى روعة وقداسة مريم العذراء سيدة لبنان. وبالفعل تم صنع (التمثال) فى فرنسا. وهو من البرونز المسكوب طوله ثمانية أمتار ونصف المتر، قطره خمسة عشر طنًا. وهو فريد فى جماله. تبسط العذراء ذراعيها نحو العاصمة بيروت.