تقوده مجموعات منظمة من «الشحاذين المحترفين» وتجار الأعضاء البشرية يبيع الضحايا داخل وخارج مصر وتهريبهم عبر المطارات ب«جوازات مزورة» تجارة بيع الأعضاء تحقق أرباحًا بالملايين.. و«الفدية» من 150 ألف جنيه إلى مليون جنيه أصبح السؤال الأكثر شيوعًا فى مصر الآن هو «إحنا جرالنا إيه؟»، تعليقًا على أى ظاهرة مجتمعية أصبحت متفشية بشكل مستدام وكأنها أصبحت جزءا من تكوين الشارع المصرى. لقد أصبح العنف جزءا من التركيبة النفسية والسلوكية للشعب المصرى، والأخطر هو أن تتحول مشاهد العنف والسرقة بالإكراه والاختطاف القسرى إلى أمر طبيعى وقصص تتداول على مواقع التواصل الاجتماعى، ونداءات إلى أصحاب القلوب الرحيمة مع عشرات الصور وأرقام الهواتف الشخصية، لمن يتوصل إلى هؤلاء المفقودين. أكثر القضايا التى أصحبت مثارا لقلق رواد مواقع التواصل الاجتماعى التى هى جزء من قلق عام ينقل إلى منازل المصريين، هى قضية اختفاء الأطفال فى مصر، وأصبحت هواجس أطفال الشوارع واستخدامهم من قبل مجموعات منظمة من الشحاذين المحترفين وتجار الأعضاء البشرية وبيع وتهريب الأطفال خارج مصر هى كابوس الأسرة المصرية. صفحة «أطفال مفقودة» والتى يديرها المهندس الشاب «رامى الجبالي» وزوجته «مروة ماجد»، تحولت إلى قبلة لكل الباحثين عن ذويهم المتغيبين من الأطفال، والإبلاغ عن حالات متغيبة، خاصة أنهما يقدمان مساعداتهما دون أى أجر ولا يقبلان أى تبرعات أو إعلانات على صفحتهما التى عرض عليهما من بعض الشركات وضع إعلانات بمقابل مادى ولكنهما رفضا، مما دفع العديد من الأفراد فى محافظات مصر البعيدة، لتقديم المعاونة سواء بالمتابعة فى أقسام الشرطة والمستشفيات ودور الأيتام وتقديم يد المعونة بلا مقابل، وهى الدائرة المتعارف عليها وتقوم بها أسرة المفقود فى حدود إمكانياتهم المادية. لا يمكن توصيف كل عمليات فقدان الأطفال بالاختطاف، فعملية فقد طفل وضياعه وسط دولة يصل تعداد سكانها إلى 90 مليونا أو فى العاصمة التى يصل تعداد أفرادها إلى 25 مليونا، ليس أمرا عسيرا، فى ظل أسر مهملة، أو أسر تمر بأزمات اقتصادية حادة قد تدفعهم للتخلى عن أطفالهم وجماعات شبه متخصصة فى التقاط أطفال الشوارع واستخدامهم فى بيزنس الشحاتة. بعض المتطوعين فى صفحات المفقودين، اتخذ مهمة تصوير الأطفال ذوى الملامح الغريبة، المصاحبين للشحاتين فى شوارع مصر ونشرها على صفحات التواصل الاجتماعى، لعلها تكون سببا فى تعرف ذويهم عليهم، والبعض الآخر، تطوع إلى اصطحاب الشحاتين والأطفال إلى أقسام الشرطة لمجرد الشكوك وهو ما ينتهى فى الغالب بترك السيدة والطفل بدون أى إجراءات. رامى الجبالي، القائم على صفحة المفقودين، أبدى فزعه من كثرة الحالات التى يرسلها إليه الأهالى طلبا للمساعدة ونشر صور أطفاله، وغضبه الشديد من القصور فى القوانين والإجراءات التى تساعد على التصدى لهذه الظاهرة والتى يمكن أن تتحول إلى تجارة أعضاء وتهريب أطفال وبيعهم فى الخارج أو استخدامهم فى الشحاتة أو حتى توصيل المخدرات التى أصبحت تطلب دليفرى. وأضاف الجبالي، أن كثيرين من المتعاونين مع صفحتنا استطاعوا توقيف كثير من السيدات بصحبة أطفال يبدو عليهم الاختلاف الكبير عن السيدات اللواتى يقلن إنهم أبناؤهن ويقومون بالشحاتة فى الشوارع وكثير من السيدات ركنّ الاطفال وقمن بالهرب والبعض الاخر لا يستطيع الهرب ونأخذه إلى القسم، وهى أزمة أخرى لا نعرف كيف نتغلب عليها، إذ إن شهادات الميلاد المصرية لا يمكنها إثبات البنوة على الاطلاق، وكل ما يوجد بها هو اسم الأم والأب والمولود ونوعه فقط، ولكنه بطبيعة الحال لا يعنى أن هذا الطفل هو المسجل فى شهادة الميلاد. اقترح الجبالى، إجراء تحليل «DNA» للأطفال وآبائهم قبل استخراج شهادات الميلاد وهو ما يفيد فى مسألة التحقق من الأنساب، كما أنها تجنب الكثير من عمليات التهريب للأطفال عبر المطارات بشهادات ميلاد لأطفال حقيقيين فى نفس المراحل السنية. دكتورة صفاء عبدالبديع المحامية بالنقض، أوضحت أن عملية استخراج شهادات الميلاد فى الحضر يحكمها قليل من القوانين مثل شهادة المستوصف والطبيب المباشر والمستشفى المولود الطفل به، لكن القسم الأكبر من حالات الولادة التى تتم فى القرى النائية والفقيرة تتم فى المنازل حتى بدون «داية»، وكان يقوم بالتبليغ عن الولادة العم أو الأب فقط، ولكن الحقيقة أن آليات إثبات الولادة فى المناطق النائية فقيرة جدا ولا تخضع لعمليات تحقق لصحة البيانات، عن مكان الولادة وما إلى ذلك. وحول إمكانية إجراء تحليل « DNA « لإثبات المولود على شهادات الميلاد، قالت إنها أمر هام جدا ولكن يجب تحديد أولا الجهات الملزمة والمسئولة عن هذا الإجراء وقبل هذا كله نحتاج إلى قوانين وتشريعات ملزمة رادعة تساوى بين اختطاف طفل واغتصاب أنثى حتى نقضى على هذا النوع من تجارة الرقيق للأطفال. المجلس القومى للطفولة والأمومة، رصد فى تقرير عن الفترة ما بين يناير 2013 إلى مارس 2014، إجمالى 612 حالة اختطاف واختفاء أطفال بأسباب مختلفة، منها حالات اختطاف أسرية، تمت من قبل أحد الوالدين، مثل اختطاف أب لابن لإجبار الزوجة على ارتداء الحجاب، واستئجار أم تشكيلا إجراميا، لخطف ابنها من الطليق، ومنها حالات ابتزاز لطلب فدية من الآباء، وهى الظاهرة الأصعب التى بدأت منذ أحداث يناير 2011، مصاحبة لحالات الانفلات الأمنى وغياب الشرطة التى لم تتعاف كاملة حتى الآن. كان ومازال متبعا، أن تتم سرقة السيارات الحديثة، ثم تعاود التشكيلات العصابية، الاتصال بصاحب السيارة، وتطلب فدية مقابل إعادة السيارة، وكثيرون خاضوا بالفعل المفاوضات واستردوا سياراتهم بعد دفع مبلغ من المال والبعض الآخر تخوف من التواصل وآخرون آبلغوا الشرطة وهم الفئة التى فى الأغلب لم تسترد سياراتها. الأخطر أن نفس الفكرة بدأت فى التنفيذ على مستوى الأطفال وهم الحلقة الأضعف التى يمكن استدراجها بهدف السرقة مثل حالة «بسمة البوهى» فى المنوفية، التى استقطبت ثلاثة أطفال بالتتابع بهدف سرقتهم وقتلتهم وقامت بإلقائهم فى تجمعات القمامة وقد حكم عليها بالإعدام فيما بعد، وحالات أخرى يتم فيها استقطاب وخطف أطفال، معروفين بتبعيتهم لعائلات كبيرة قادرة على دفع مبالغ كبيرة مقابل استرداد أطفالهم. شريف أحمد، والد الطفل مهاب (7 سنوات)، وهو مالك لمصنع فرش سيارات وكماليات، خاض تجربة سرقة سيارته التى لم تسترد بالطبع واختطاف ابنه من نادى الطالبية، وقد أعيد الاتصال به من قبل الخاطفين، الذين طلبوا مبلغ 150 ألف جنيه، دفعها مقابل حياة الطفل. يقول شريف إنه استرد ابنه رغم إبلاغه الشرطة التى تعاونت بقدر المستطاع، ولكن وقت تسليم المبلغ المالى لم تكن الشرطة متواجدة فى نفس المكان هو ما أتم عملية التسليم للمبلغ المالى على أن أستلم طفلى من مكان آخر فى شارع الهرم، وبالفعل بعد أن سلمت المبلغ، ذهبت لاستلام ابنى فوجدته يجلس فى أحد المطاعم الشهيرة. ويكمل شريف، أننى حصلت على CD من كاميرات مراقبة المكان ووجدت أن الفارق الزمنى بين دخولى وبين سيدة منتقبة كانت بصحبة مهاب هو دقائق قليلة، وبالطبع لم ولن يتم التعرف على سيدة منتقبة لإخفاء ملامحها فى النقاب. وأضاف شريف: إننى توصلت إلى بعض الحقائق عن الخاطفين وتعرفت عليهم، وهم من بعض الشخصيات المقربة من مناطق سكنى وتواجدى ولكن أغلق الأمر وكأن شيئا لم يكن. على العكس تماما، اختطفت إيمان (18 سنة) فى 14 يوليو الماضى من ميت غمر دقهلية، وأبلغ الأب رضا على، عن اختطاف ابنته بعد وصول رسالة على هاتفه المحمول (جهز كفن بنتك). وأشار رضا إلى أن توصيف حالة ابنته لا يخضع لتغيب، بل هو اختطاف بعدما وصلته الرسالة: «ولا يهمنى خطف أو تغيب، أريد ابنتى فقط»، لتضيف إيمان حلقة أخرى فى مسلسل اختفاء وسرقة أطفال وفتيات للابتزاز أو للبيع أو لأزمات عائلية وشخصية.