أكد وزير الخارجية سامح شكرى ضرورة أن يتم تطوير العلاقات بين الدول العربية المتوسطية والاتحاد الأوربي وفق مفهوم ومبادئ المصالح المستدامة، وليس اختصارها على الأزمات التي تواجهها منطقة المتوسط أخذًا في الاعتبار التغيرات الهائلة في المنطقة، خاصة الجهود المضنية المبذولة في جنوب المتوسط لبناء دول ديمقراطية، مدنية عصرية يحكمها سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وضرورة بناء أسس جديدة للمشاركة بين جانبي المتوسط لتحويل البحر المتوسط إلى بحيرة سلام واستقرار وازدهار لشعوب الجانبين. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الوزير اليوم الأربعاء في الجلسة الرئيسية لاجتماع بيروت للتشاور العربي حول عملية مراجعة سياسة الجوار. وأعرب الوزير، في بداية كلمته، عن شكره لحكومة لبنان لمبادرتها بعقد هذا الاجتماع في مرحلة هامة من عملية مراجعة سياسة الجوار، وأهمية أن تصدر من بيروت رسالة واضحة تتضمن حرص الدول العربية المتوسطية على تنسيق مواقفها، والاهتمام المتبادل بين دولنا والاتحاد الأوربي، بتطوير علاقاتهما وفق تطبيق عملي للمشاركة والاحترام والمصالح المتبادلة. وقال "نود أن نؤكد على أن مبدأ المشاركة الذي استقر منذ إطلاق المفوضية الأوربية للورقة التشاورية في مارس 2015 يجب أن يستمر حتى إطلاق الوثيقة النهائية، لذلك نرى ضرورة وضع آلية لضمان استمرار التشاور بين الجانبين وصولًا إلى وثيقة نهائية تعكس مواقف مشتركة للجانبين وتأكيد المشاركة كمبدأ وأسلوب عملي لعلاقتهما". وذكر أن مصر رحبت بالورقة التشاورية للمفوضية الأوربية لما عكسته من محاولة جادة لبناء ملكية مشتركة لمبادئ وأدوات خلال السنوات الخمس القادمة، لذلك بادرت مصر بتقديم "لا ورقة" مبدئية تحدد المبادئ الرئيسية لمواقفنا بشأن القضايا الأساسية لسياسة الجوار، وتترجم مفهوم المشاركة عمليًا، بالاشتراك في صياغة هذه السياسة منذ البداية مع الجانب الأوربي. كما تقدم عدد من الدول العربية بأوراق مماثلة تأكيدًا لاهتمام دولنا بإرساء أسس جديدة لعلاقاتنا مع الاتحاد الأوربي ترتقي إلى مستوى مصالح وتحديات هذه العلاقات. وأضاف الوزير " أننا في إطار المصارحة والشفافية المطلوبة لترشيد علاقاتنا مع الاتحاد الأوربي، أكدنا استعدادنا لمناقشة أية قضايا بشفافية كاملة على المستوى الثنائي بما يتفق مع علاقة الشركاء ونتجنب أية ممارسات قد تعقد من العلاقة وتقودها في منحى غير إيجابي لا يخدم الرغبة في تدعيم الشراكة". وأشار إلى أن هناك عددا من القضايا الرئيسية التي نرى أهمية مناقشتها في هذا المؤتمر وهى أن اتفاقيات المشاركة التي نظمت المبادئ الرئيسية بين الاتحاد الأوربي وجنوب المتوسط، انبثق عنها سياسة الجوار وخطط العمل وهى الأداة العملية لتنفيذ هذه السياسة مع كل دولة وفقًا لظروفها في ظل المبادئ العامة للجوار، ونرى أن بحث استبدال اتفاقية المشاركة بآلية أخرى قد يشتت تركيزنا على آليتي سياسة الجوار وخطط العمل وعلى ضرورة صياغة أسس تطوير العلاقات وخصوصية كل دولة، دون الإخلال بالمبادئ العامة للمشاركة. وأوضح شكرى أن من القضايا أيضا أن مصر أعلنت مرارًا أن الإرهاب الذي يستفحل ويمتدد ويهدد كل دول المتوسط لن يمكن للمواجهة الأمنية وحدها من اقتلاع جذوره، ومن ثم حتمية مواجهته سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، وهو ما ساهم في إفراز ظاهرة الإسلاموفوبيا، ولقد أعلنت مصر ضرورة تصحيح الخطاب الديني واليوم نحن مطالبون شمالًا وجنوبًا بأن نتعاون بشكل جدي وبمصداقية في مواجهة شاملة لمختلف جوانب هذه الظاهرة. ونود في هذا الصدد التنبيه إلى أنه يجرى في الدوائر الغربية طرح مصطلحات مثل التطرف العنيفviolent Extremism والتشدد الذي يؤدى للإرهاب Radicalization Leading To Terrorism مما يمثل خلطًا مع مكافحة الإرهاب Counter Terrorism باعتبار أن الإرهاب عمل إجرامي وله ضحايا وأن الهجرة شرعية أو غير شرعية ليست قضية آنية أو نتيجة لأزمة مفاجئة، وإنما ستستمر كإحدى السمات الأساسية لسياسة المتوسط لذلك فإنه التعامل مع مشكلة الهجرة يتطلب إستراتيجية شاملة للتعاون تشمل دول المصدر والعبور والمقصد واتباع نهج عملي لمواجهة مشكلات المناطق الثلاث وضرورة الاهتمام بالتعاون الإقليمي بمحوريه الجنوبي الجنوبي، والجنوبي الشمالي مما سيفتح آفاقًا كبيرة للتعاون الاقتصادي السياسي في منطقة المتوسط ككل. وشدد وزير الخارجية على أن سياسة الجوار لا يمكن أن تتجاهل القضية المركزية لمنطقة الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية ولذلك نتطلع لجهد مؤسسي في إطار علاقة الجوار لبلورة رؤية مشتركة تؤدي إلى الحل العادل وفقا لأطر الشرعية الدولية. واختتم بالقول "ولا نغفل أهمية سياسة الجوار للتصدي للأزمات التي تشكل تهديدات لنا كلنا ومنها الوضع في ليبيا وسوريا والعراق واليمن فكلها تهدد أمننا المشترك".