سعر اللحوم مساء اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025    رئيس مجلس الوزراء يستعرض أبرز أنشطته الأسبوعية: استثمارات جديدة ودعم البحث العلمي وتعزيز الأمن الغذائي    المركزي السوري: خطوة إلغاء قانون قيصر تفتح صفحة جديدة للتعافي الاقتصادي في سوريا    مصر وأنجولا توقعان مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين    وثيقة أوروبية تكشف مقترح لموعد انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي    مفوض الدوري الأميركي ينصح صلاح بالتواصل مع ميسي    دوري المحترفين.. الصدارة للقناة والداخلية يهزم مالية كفر الزيات    سوهاج: حملات تموينية تضبط سولارًا مهربًا وكميات كبيرة من الدقيق والسلع مجهولة المصدر    ياسمين عبد العزيز: أنوشكا كانت رافضة تضربني بالقلم في المسلسل    الأوقاف تعلن تبرع هشام طلعت مصطفى 10 ملايين جنيه دعمًا لدولة التلاوة    ذهبية وبرونزية لأبطال المشروع القومي في ألعاب القوى ببطولة أفريقيا للشباب بأنجولا    مدرب برايتون: أتمنى رؤية صلاح في تشكيلة ليفربول أمامنا    أمريكا تبحث مع أوكرانيا الانضمام للاتحاد الأوروبى فى 2027    ضبط شخص تعدى على اثنين آخرين بالإسكندرية    مجلة تايم الأمريكية تختار مهندسى ال AI شخصية عام 2025    غياب تام وحضور لا ينطفئ.. عبلة كامل تتصدر التريند بلا حسابات على السوشيال ميديا    جوتيرش يقترح برهم صالح مفوضا ساميا لشئون اللاجئين    الصحة: «فاكسيرا» تبحث مع شركة e-Finance إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لخدماتها    محمد هاشم.. الناشر الذي صاغ ملامح جيل كامل ورحل بصمت    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع بالإسكندرية    طبيب عروس المنوفية: كانت متوفية من ساعتين ورفضت منحهم تصريحا بالدفن    الأوراق المطلوبة للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بقضايا الدولة دفعة 2024    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    وزارة الصحة ترد على شائعة استخدام المضاد الحيوى لعلاج نزلات البرد    هيئة الرعاية الصحية تكشف حصاد 6 سنوات من التغطية الصحية الشاملة: 105 ملايين خدمة و6 ملايين منتفع حتى 2025    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    رئيس مياه القناة: الانتهاء من إصلاح جميع كسور الشبكات المفاجئة وإعادة التشغيل    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    ضبط 3 قضايا تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    وزير المالية: مهتمون بتنمية الصناعة وفتح أسواق تصديرية للمنتجات المصرية    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    «البيئة» تناقش الوضع التنفيذي الراهن للمشروعات المشتركة مع «سيداري»    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    انطلاق انتخابات مجلس إدارة نادي محافظة الفيوم وسط انضباط وتنظيم محكم    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أكثر المرشحين تقدما حسب نتيجة الحصر ببعض اللجان بدائرة أسيوط (صور)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تنقد السُنة بدون معلم؟

بات علم الحديث مهددًا بالتشكيك والهدم، بعدما ظهرت حوله وجهتا نظر ما بين المشككين في أصول الإسناد والمتن التي جاء بها زمننا هذا، وبين ما يملكون صكوك الصحة والإنكار، فظهرت الحركات السلفية بمشايخها الذين تناقلوا العلم عبر مشايخهم دون دراسة أو دراية بعلوم الحديث، ليؤكدوا صحة الحديث في مواطن ويضعفونها في أخرى، ومنها القول بقوة الجيش المصري بأنه خير أجناد الأرض، ليروجوا أحيانا بصحته، وأنه يوافق العقل والنقل والواقع، ثم سرعان ما ينقلبون عليه قائلين: إنه ضعيف.
وفى ظل الهجمات المتكررة على أحاديث البخاري وغيره من كتب الصحاح التي ادعى البعض مُخالفتها لصريح القرآن والعقل التي تؤكد أن ما جاءت به من وحى الخيال واجتهادات المروجين لها، وما بين هذا وذاك ظهرت المؤسسة الوسطية في مصر لتؤكد أن الحديث والسُنة الصحيحة وحي من الله عز وجل وتعبير نبيه تخضع لعلوم عديدة تبحث في إسنادها ومتنها لترجيحها أو نفيها، ومنها العرض على القرآن ثم العرض على العقل الجمعي الذي تتفق عليه الأمة. وصار تخريج الحديث عند المتأخرين طريقة للتلاعب بأحكام الدين، فضعف الفقيه الحديث الصحيح الذي يعارض مذهبه، ويقوى الحديث الضعيف الذي يوافق هواه، ومثال ذلك ما قاله ابن الحصار الأندلسي: «وقد يعلم الفقيه صحة الحديث أي الذي اتفق علماء الحديث على ضعفه) بموافقة الأصول أو آية من كتاب الله تعالى، فيحمله ذلك على قبول الحديث والعمل به واعتقاد صحته.
وحذر العلماء من الكذب والتدليس في الصحيح قائلين بالتورع عن نسبة حديث ضعيف لرسول الله، لما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله قال: «من حدث عنى بحدِيث يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين».
واختلف علماء الحديث حول عدد الأحاديث النبوية الصحيحة، والراجح هو ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب النكت على ابن الصلاح وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين في كتاب التمييز، عن شعبة والثوري ويحيى بن سعيد القطان وابن المهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم، أن جملة الأحاديث المسندة عن النبى أربعة آلاف وأربعمائة حديث.
ابن تيمية يتحدث: ناقلو الحديث بشر يصيبون ويخطئون
ابن كثير: رأى أن السيرة النبوية ليست بعيدة عن المراجعة والنقد
الألباني: تساهل في التعامل مع الحديث وصحح الباطل منها
أجمع علماء السنة القدامى على أن نقالي السنة النبوية بشر يصيبون ويخطئون، وبالتالى يقوم منهجهم على التدبر والفحص والمقارنة، رافضين فكرة تقديس ناقل الرواية، فمنهجهم يقوم على النقد الموضوعى للأحاديث المنقولة وتفنيدها لتوضيح الصحيح منها.
الإمام ابن تيمية المعروف ب«شيخ الإسلام» وضع منهجية النقد عند أهل السُنة حيث يقول: «وما يتعلق بهذا الباب أن يعلم الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة وأهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونًا بالظن ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا نبغى اتباعه فيه، وإن كان من الأولياء المتقين»، ومثل هذا «إذا وقع يصير فتنة لطائفتين، طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحًا في ولايته وتقواه، بل في بره وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه وحتى تخرجه عن الايمان، وكلتا الطائفتين فاسدتان».
ويقول شيخ الإسلام: إن الخوارج والروافض وغيرهم من ذوى الأهواء دخل عليهم الداخل من هذا، ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه فيعظم الحق ويرحم الخالق ويعلم أن الراجل الواحد تكون له حسنات وسيئات فيحمد ويذم ويثاب ويعاقب ويحب من وجه ويبغض من وجه فهذا مذهب أهل السُنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم.
الإمام ابن كثير أحد علماء المدرسة الشامية التي عنيت بعلوم الحديث والسُنة، وجعلت نقد الرواية في مقدمة أولوياتها، ولذلك لا غرابة أنّ يعول ابن كثير على آراء شيوخه من إعلام هذه المدرسة في نقد بعض الروايات، خاصة العلماء الثلاثة: ابن تيمية والمزي والذهبي، وذاعت بعض كتبه خاصة التفسير وكتاب البداية والنهاية بين المسلمين قديمًا وحديثًا، ورغم أن الغالب على الحياة العلمية والدراسات الدينية في بلاد الشام طابع التقليد ومحاكاة السابقين والعكوف على الشروح والمختصرات إلا أن تلك البلاد حظيت بوجود مدرسة حديثية جمعت بين الاتباع السلفى والعلم الراسخ والعقلية النقدية مثلها، الشيخ ابن تيمية والإمام المزى العالم المحدث ثم الذهبى وابن القيم وابن كثير نفسه، فتكون في ظل هذه المدرسة التي أثرت على تكوينه العلمى واتجاهات البحث عنده.
وتعد السيرة النبوية من الفنون الأساسية التي لا يستغنى عن دراستها عالم أو فقيه، وفى نظره أن الأيام النبوية مشتملة على علوم جمة وفوائد مهمة لا يستغنى عنها عالم، وما ذاك إلا لأن موضوع السيرة الجوهرى هو تاريخ حياة النبى «صلى الله عليه وسلم» ومعرفة مراحل دعوته وجهاده، وتعاليمه وهديه ويظهر في سيرة ابن كثير نقد الأسانيد والمتون كأحد المظاهر المميزة لهذه السيرة لا يقتصر التأليف في السيرة عند ابن كثير على السيرة في كتاب «البداية والنهاية» فهناك كتاب «الفصول في سيرة الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وهو كتاب مختصر موجز قياسًا إلى السيرة الواردة في البداية والنهاية، وقد صنفه لشعوره بحاجة أهل العلم لمعرفة الأيام النبوية والتواريخ الإسلامية كما يبدو أن هذه السيرة جزء من مشروع لعرض التاريخ الإسلامى بصورة موجزة، هذا ما يبدو لنا من قول ابن كثير: «إنه لا يجمل بأولى العلم إهمال معرفة الأيام النبوية والتواريخ الإسلامية، وهى مشتملة على علوم جمة وفوائد مهمة لا يستغنى عنها عالم»، لقد أخضع ابن كثير قدرًا من رواياته في أبواب السيرة للمراجعة والنظر، ومن جوانب تلك المراجعات شرح وتوضيح ما يحتاج إلى توضيح والتعقيب على ما يحتاج إلى تعقيب وشرح الألفاظ الغريبة في المتن، ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في رواية ابن إسحاق أن النبى «صلى الله عليه وسلم» قال: (من يقض عنى دينى ويكون خليفتى في أهلي).
قال ابن كثير مفسرًا وشارحًا لذلك القول: يعنى إذا مت وكأنه خشى إذا قام بإبلاغ الرسالة إلى مشركى العرب أن يقتلوه، ومفهوم المراجعة عن ابن كثير يشمل صورًا عدة منها الشرح وتوضيح النص وتفسير اللفظ الغريب وغير ذلك من الصور، لكن أهم صور المراجعات ما يتصل بنقد مضمون المتن ومحتواه فهو جهد دال على عقلية الناقد وتميزه واستيعابه لعلوم كثيرة وتجاوزه لدور الناقل الذي تغيب شخصيته وراء الأسانيد والمتون حيث راجع ابن كثير متون مرويات كثيرة وأبدى ملاحظاته عليها.
وراجع ابن كثير متونًا وردت في مصنفات حديثية، ومنها نصوص وردت في البخاري ومسلم أو أحدهما، كرواية شريك بن عبدالله في الإسراء، وما رواه مسلم من حديث المعتمر بن سليمان عن أبيه أنّ المسلمين كانوا يوم هوازن (حنين) ستة آلاف، وإنما كانوا اثنى عشر ألفًا ورواية أبى هريرة في بدء الخلق والتي أخرجها مسلم وغيره، وهى رواية يرى بعض الأئمة أنها متلقاة عن كعب الأحبار ومما يقدح فيها أنه ليس فيها ذكر خلق السموات وفيها ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف ما جاء في القرآن لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السموات في يومين تأتي مراجعات ابن كثير لمتون هذه الروايات وغيرها تجسيدًا لمقولة «صحة السند ليست موجبة لصحة الحديث»، ويقول ابن كثير نفسه «والحكم بالصحة أو الحسن على الإسناد لا يلزم منه الحكم بذلك على المتن إذ قد يكون شاذًا أو معللًا».
وكان لمنهج الإمام ناصر الدين الألباني في الحكم على صحة الحديث، مآخذ عدة من قبل العلماء أبرزها التشدد في النقل عن المدلسين، فحكم بضعف الحديث رغم قول البعض بأن الرواية عن المدلس لا تعني التشكيك في المتن وسلامته، وعاب عليه أيضًا عدم انتباهه إلى مسألة سماع الرواة من بعضه البعض، مما يجعل هناك تساهلًا في الحكم، كما أنه أعطى ثقة زائدة في الحكم على البعض فقبل الكثير من الزيادات التي ضعفها العديد من العلماء لشذوذها.
كما أغفل الإمام الالبانى قضية العلة والشذوذ وصحح العديد من الأحاديث الباطلة والمنكرة التي أبطلها الأئمة المتقدمون وأنكروها، كما قالوا بتساهلها في التصحيح، حيث إنه اعتمد على صحة الحديث بكثرة طرق روايته، إلى جانب الإكثار من الاستحسان للأحاديث بالشواهد والمتابعات وتعجلها في تخريج الحديث.
عمر هاشم: كتاب «البخاري» الأصدق بعد القرآن.. وليس به حديث واحد غير صحيح
الأطرش: حديث «الرويبضة» تأكيد على صحة ما ورد بالبخاري بقبض العلم
أجمع علماء الأزهر الشريف على تمكن البخاري من كتابه الذي يعد أصح الكتب الموجودة الآن بعد كتاب الله عز وجل، مؤكدين أن حديث الرويبضة والسفهاء وقبض العلم وغيرها من الأوضاع التي نعيشها اليوم لهى أكبر دليل على صحة ما ورد بالصحاح، مشيرين إلى أن السُنة وحى كالقرآن تكفل الله بحفظهما واجتمعت الأمة عليهما فلا مجال للتشكيك الآن.
الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر يقول: إن هناك إجماعا لدى أهل العلم على صحة ما جمعه الإمام البخاري في كتابه الذي يعد أصح الكتب الآن بعد القرآن الكريم، مقسمًا بالله أنه لا يوجد حديث واحد بالبخارى غير صحيح.
وأكد هاشم أن الحملة الشرسة التي تتعرض لها السًنة اليوم بالطعن على أحاديث البخاري وغيره من كتب الصحاح ما هي إلا حرب على الإسلام والعداء التاريخي له من قبل الغرب خاصة أنها أتت بعد فترة وجيزة من الرسوم المسيئة للرسول والتأكيد على أنها جزء من حرية الرأى والتعبير.
وتابع هاشم، أصبحت قضية ازدراء الأديان من وجهة نظرهم عديمة النفع والقيمة، محذرًا ممن يتقولون على رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، ونظموا حملات شرسة على سُنة الرسول، ومصادرها المعتمدة كالإمام البخارى للعمل على نقدها ومن ثم إنكارها تمامًا ليتبقى لهم مهمة النيل من كتاب الله، مستطردًا إن لدينا يقينًا مطلقًا بحفظ القرآن، كما لدينا يقين بحفظ كل أمر حقيقى وصادق من سُنة رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، حيث يتكفل الله بحفظ بيان القرآن وهى السُنة التي هي مبينة للقرآن.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء على أن البخارى الذي يحاول البعض بهجماته الشرسة النيل منه، بعد أن حاولوا أن ينالوا من الرسول نفسه، سيظل صامدًا بما قدمه من خدمة جليلة للإسلام، مؤكدًا أن هؤلاء المنددين به مفسدون ومارقون، وأنهم شرذمة تحاول أن تصب كيدها عبر بعض وسائل الإعلام.
في حين يرى الدكتور عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق أن انتشار ظاهرة التشكيك في ثوابت العقيدة هو ما حذر منه رسول الله في حديثه «إن الله لا ينزع العلم انتزاعًا من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالًا، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا».
وأضاف الأطرش إن جزءًا مما نراه اليوم من إعادة لأقوال الكفار والمحاربين للدعوة الإسلامية منذ ظهورها، والذين اتهموا النبى بالسحر وأنه يقول الشعر، وغيرها يعاد تكرارها اليوم، ولكن بشكل آخر يتمثل في التشكيك بسنته التي تربى عليها أجيال من المسلمين لم تجعل منهم إرهابيًا أو متطرفًا أو معاديًا للإنسانية كما يروج البعض ويتهم السُنة بما ليس فيها، مشيرًا إلى أننا اليوم نرى ما ينكر عذاب القبر ويشكك في صحيح البخارى، وهى خطوات سريعة نحو التشكيك في صحة القرآن الكريم، الذي سبق وأن قالت الشيعة بنقصه وحاولوا تحريف بعض نصوصه.
وحذر الأطرش من هذه الهجمة الشرسة على ثوابت العقيدة، مؤكدًا ستكون شرارة انطلاق الفتن في الأمة الإسلامية، مطالبا الأزهر ممثلًا في مجمع البحوث الإسلامية إلى الرد على هؤلاء السفهاء ودحض افتراءاتهم والضرب بيد من حديد.
وأشار إلى أنه ليس معنى أن هناك بعض الأحاديث الضعيفة في صحيحى البخارى ومسلم، أن هذا يفتح المجال للتشكيك في مجمل البخارى ومسلم الذي يعد من أصح الكتب، مؤكدًا أن علماء الحديث قطعوا أشواطًا كبيرة لتبيانه والتأكد من صحته ليأتى الآن الرويبضة ويتحدثون فيما لا يملكون فيه حكمة أو علم.
من جانبه، قال الدكتور أحمد محمد عيد أستاذ علم الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، إن السنة النبوية الصحيحة ما هي إلا وحى سماوى معناه من عند الله، وتعبيره ولفظه من عند رسول الله، وهذا يؤكده قول المولى عز وجل: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى.
وأشار عيد إلى أن فكرة نقد الأحاديث النبوية خضعت لمراحل عديدة عبر التاريخ الإسلامي منها ما قدمته أم المؤمنين السيدة عائشة زوجة النبى، حينما استدركت على بعض الصحة أحاديث تداولوها وهو ما يعرف الآن بكتاب «الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة» والتي جمعت به ما صححته السيدة عائشة من أحاديث تداولت في عصرها.
وأضاف علم نقد الحديث هو من أعرق العلوم الدينية في الفقه الإسلامي حيث يبحث الحديث من عدة جوانب منها ما يخص المتن، وما يخص الإسناد، وذلك لوجود أحاديث وضعت لأسباب سياسية ونزعة العصبية القبلية والرغبة في التفاخر بادعاء تفضيل النبى لقبيلة على أخرى أو لقومه على من دونهم، موضحًا أن نقد السند يبحث سلسلة اتصال أو انفصال الرواة ومدى عدول كل شخص وصدقه وعدم التشكك في دينه، كما أن المتن وإن صح الإسناد فلا يعنى صحة الحديث، فهناك أحاديث فسد متنها وصح الإسناد لظهور الوضاعين والكذابين.
ونوه إلى أن هناك معايير لاختبار صحة المتن، ومنها عدم مخالفته لصريح القرآن والسنة الثابتة عن رسول الله، إضافة إلى مخالفتها الحس، وألا يكون الحديث موضوعًا لأسباب سياسية ووسط صراع مذهبى كما حدث بين العرب والموالى فترة حكم الأمويين.
كما أن هناك معايير لصحة الإسناد ومنها أن يكون هناك اتصال للرواة ورؤية وتقارب زمنى ومعرفة بينهم والسماع من بعضهم البعض، وضبطهم وقدرتهم على الحفظ والنقل الأمين.
الأصوليون: الخارج عن الإجماع بصحة البخاري ومُسلم «مُبتدع»
اختلف بعض المتأخرين حول المنكر لإجماع جميع علماء الأمة على صحة ما أخرجه البخارى ومسلم، حيث قال أبو إسحاق الإسفرائينى أحد الأصوليين: «إن أهل العلم مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها الصحيحان مقطوع بصحة أصولها ومتونها»، وتابعه الدهلوى بالقول في كتابه «حجة الله البالغة»: «أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأنه كل من يهون من أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين».
أسوأ من هذا ما قاله أحمد شاكر في تعليقاته على مختصر علوم الحديث لابن كثير: «الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهديهم، وتبعهم على بصيرة من الأمر: أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف.
وانتقد الدارقطنى وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث، على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث نفسه، فلم يخالف أحد فيها.
لكن البعض استند إلى مقولة الإمام أحمد بن حنبل حول الإجماع حيث يقول: «من ادعى الإجماع فهو كاذب»، وقالوا إن تداول الإجماع لفئة معينة من أهل العلم في زمانهم، والذين حكموا بصحة البخارى ومسلم في النقل والتدوين وتابعهم المتأخرون ليس بسبيل للحجية والجزم بصحة ما ورد لأن لكل من البخارى ومسلم منهج سار عليه في التدوين، وأن البخارى كان أكثر تشددًا عن مسلم، وما عاب عليهما جامعو الأحاديث في الكتب الأخرى دليل على أنه لا يوجد كتاب صحيح أجمع عليه المسلمون سوى القرآن.
ويقول الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في مبحثِ الصحيح،: «ما تفرد به البخاري أو مسلم مُندرج من قَبيل ما يقطع بصحته، لتلقى الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول، على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدار قَطنى وغيرِه. وهى معروفة عند أهل هذا الشأن»، فاستثنى ابن الصلاح بعض الأحاديث من هذا الإجماع.
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.