إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تجدد استهداف المناطق الشرقية لمدينة غزة    تغيرات مفاجئة.. مناطق سقوط الأمطار وتنبيهات عاجلة للأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم    ترامب: الضربات الجوية على أهداف في فنزويلا ستبدأ قريبًا    أول تعليق من ترامب على ظهوره مع نساء في صور أرشيف إبستين    دمج وتمكين.. الشباب ذوي التنوع العصبي يدخلون سوق العمل الرقمي بمصر    زيادة متوقعة في إنتاج اللحوم الحمراء بمصر إلى 600 ألف طن نهاية العام الجاري    أذان الفجر اليوم السبت13 ديسمبر 2025.. دعاء مستحب بعد أداء الصلاة    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    بين مصر ودبي والسعودية.. خريطة حفلات رأس السنة    بدأ العد التنازلي.. دور العرض تستقبل أفلام رأس السنة    قفزة تاريخية.. مصر تقترب من الاكتفاء الذاتي للقمح والأرز    د.هبة مصطفى: مصر تمتلك قدرات كبيرة لدعم أبحاث الأمراض المُعدية| حوار    بعد الخروج أمام الإمارات، مدرب منتخب الجزائر يعلن نهايته مع "الخضر"    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2017 على الأقل    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    ترامب يثمن دور رئيس الوزراء الماليزى فى السلام بين كمبوديا وتايلاند    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية خلية تهريب العملة    ياسمين عبد العزيز: ما بحبش مسلسل "ضرب نار"    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    محمد فخرى: كولر كان إنسانا وليس مدربا فقط.. واستحق نهاية أفضل فى الأهلى    وول ستريت جورنال: قوات خاصة أمريكية داهمت سفينة وهي في طريقها من الصين إلى إيران    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    بسبب تسريب غاز.. قرار جديد في مصرع أسرة ببولاق الدكرور    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    كأس العرب - مجرشي: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وعلينا القتال أمام الأردن    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    الأهلي يتأهل لنصف نهائي بطولة أفريقيا لكرة السلة سيدات    فرانشيسكا ألبانيزي: تكلفة إعمار غزة تتحملها إسرائيل وداعموها    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    روشتة ذهبية .. قصة شتاء 2025 ولماذا يعاني الجميع من نزلات البرد؟    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    بعد واقعة تحرش فرد الأمن بأطفال، مدرسة بالتجمع تبدأ التفاوض مع شركة حراسات خاصة    سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بشأن تزايد الطلب على موارد المياه مع ازدياد الندرة    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع والواحد الأحد بمدينة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    لجنة المحافظات بالقومي للمرأة تناقش مبادرات دعم تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاقة قوية للمرحلة الثانية لبرنامج اختراق سوق العمل بجامعة سوهاج |صور    محافظ أسوان يأمر بإحالة مدير فرع الشركة المصرية للنيابة العامة للتحقيق لعدم توافر السلع بالمجمع    اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    ضبط المتهمين بتقييد مسن فى الشرقية بعد فيديو أثار غضب رواد التواصل    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس قريبا    بتوجيهات الرئيس.. قافلة حماية اجتماعية كبرى من صندوق تحيا مصر لدعم 20 ألف أسرة في بشاير الخير ب226 طن مواد غذائية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    عاجل- الحكومة توضح حقيقة بيع المطارات المصرية: الدولة تؤكد الملكية الكاملة وتوضح أهداف برنامج الطروحات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكفير بضاعتهم القديمة.. ومحاكم تفتيش عقيمة
نشر في البوابة يوم 03 - 04 - 2015

وكأن التكفير أصبح خارطة طريق لحصد المخالفين عند هذه الأمة التى ما برحت تكذب على البسطاء بعدما أيقنت بصعوبة وصولهم إلى الحقيقة، فليس بين الجماهير من قارئ إلا ما ندر!
حينها أخذت أجيال السلفية على عاتقها- مع بعض عمائم الأزهر- ابتزاز التاريخ من خلال تضخيم صورة الأمة العظيمة صاحبه العلم والعلماء، التي علمت العالم دون، أن يعرف الناس أن بعض الظواهر العلمية التى نشأت بتاريخنا كانت بمثابة عبقريات، فرديه تتولى القيام بواجباتها نحو العلم بجهدها المنفرد، في كثير من الأحيان من غير أن تتبناها مؤسسات ذات توجه علمي، كأن تشرف على تنميتها ورعايتها دار الخلافة مثلا!
بل إن الكبار الذين نسمع عنهم اليوم ونفتخر بهم على ألسنة الكاذبين من خلال شاشات الزور، هم كفار عند سلف السلفية والأزهر ومهدري الدم تلاحقهم تهم الزندقة والتكفير، كتلك التى نراها اليوم ، وتهينهم مشاغبات الاحتقار والتشويه كما نلمسه الآن، وقد عانوا الأمرين من الجهلاء الذين يستثمرون أسماءهم اليوم، كما سيحدث مع مفكرينا الذين تطاردهم الفتاوى غدا، والتاريخ جفونه لا تنام!
وتصديقا لهذه الحقائق إليكم الآن بعض التفاصيل التى رصدها الكثير من المفكرين! فمن منكم لا يعرف الرازي والخوارزمي والكندي والفارابي والبيروني وابن سيناء وابن الهيثم؟ ومن منكم لم يسمع بالغزالي وابن رشد والعسقلاني والسهروردي وابن حيان والطبري وابن المقفع؟ ومن منكم لم يقرأ لافتات المدارس والمعاهد والجامعات والمراكز العلمية والأدبية التي حملت أسماء الكواكبي والمتنبي وبشار بن برد ولسان الدين الخطيب وابن الفارض ورابعة العدوية والجاحظ والمجريطي والمعري وابن طفيل والطوسي وابن بطوطة وابن ماجد وابن خلدون وثابت بن قرة والتوحيدي؟.
لا شك أنكم تعرفون هذه النخبة المتألقة، ولا ريب أنكم تتفاخرون بهم وبإنجازاتهم العلمية الرائعة في الطب والفلسفة والفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم الفلك والهندسة والفقه وعلم الاجتماع والفنون والآداب، لقد كانوا بفترة ما أساتذة العالم فكرا وفلسفة وحضارة، بل ولتكريم ذكراهم وتحدى النسيان أن يختطف أمرهم تسابقت عواصم كبرى بكوكبنا لإصدار باقات من الطوابع البريدية الجميلة لإحياء ذكراهم، فيما نحن كفرناهم!
غير أن الذي يجهله الجميع حتى اللحظة هو أن هؤلاء العلماء الأعلام صدرت ضدهم سلسلة من الأحكام التضليلية بقرارات ونصوص متطابقة بالشكل والمضمون مع قرارات محاكم التفتيش، التي كفرت جاليليو، وجيوردا، ونويرنو، وكوبرنيكس، ونيوتن، وديكارت، وفولتير، وحرمت قراءة كتبهم، وبالغت في مطاردتهم وتعذيبهم والتنكيل بهم
وبنفس الطريقة والسلوك وآليات المنع والتشويه والتكفير والمطاردة التي ما زالوا يواجهون بها التيار العقلاني العلمي في بلادنا إلى اليوم على يد نفس أحفاد زمر المتحكمين الجهلاء باسم الدين عندما جعلوه في مواجه التطور والمستقبل ساكنا في أقبية التراث محميا بسيوف جلاد قديم!
فلا فارق بين تلك الأحكام التعسفية الجائرة، وبين الأحكام الارتجالية المتطرفة، التي ضللت الناس، يوم حرضت السلفيه القديمة حليفة الأزهر على قتل الطبري، وصلب الحلاج، وحبس المعري، وسفك دم ابن حيان، ونفي ابن المنمر، وحرق كتب الغزالي وابن رشد والأصفهاني، وتكفير الفارابي والرازي وابن سيناء والكندي والغزالي!
وربما لا تعلمون أن السهروردي مات مقتولا، وأنهم قطعوا أوصال ابن المقفع، ثم شويت أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه بأبشع أنواع التعذيب.
وربما تجهلون أن الجعد بن درهم مات مذبوحا أسفل منبر الجمعة بسكين الأمير خالد القسري الشبيهة بسكين داعش، بل نفسها!
ويقينا لا يعرف الناس أن سلفهم قد علقوا رأس أحمد بن نصر، وداروا به في الأزقة، وخنقوا لسان الدين بن الخطيب وحرقوا جثته، وكفروا ابن الفارض، وطاردوه في كل مكان.
بل إن أغلب الظن يتجه بتقرير يرصد جهل عامة الناس عما قاله سلفهم عمن يفتخرون اليوم بهم فقد قالوا عن ابن سيناء الطبيب والعالم والفقيه والفيلسوف ما أثبته قول ابن القيم فيه "إغاثة اللهفان 2/374" حين قال: "إنه إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر"، وقال عنه الكشميري في "فيض الباري 1/166":
"ابن سيناء الملحد الزنديق القرمطي"!
"ولا يدرك الناس خطورة ما قالوه عن أبي بكر الرازي الطبيب والعالم والفيلسوف"
فقد قال عنه ابن القيم في (إغاثة اللهفان 2/179): إن الرازي من المجوس وإنه ضال مضلل وعلينا أن ننتبه أن نفس مصطلحاتهم ما زالت شغالة بنفس مداها الجهول إلى اليوم لملاحقه كل مختلف عن سقوطهم العقلي ممن آثر طريق الفكر والنور"، وقال ابن العماد في "شذرات الذهب 2/353" عن الفارابي: "اتفق العلماء على كفر الفارابي وزندقته"، وقالوا عن محمد بن موسى الخوارزمي: "إنه وإن كان علمه صحيحا إلا أن العلوم الشرعية مستغنية عنه وعن غيره)"! وقالوا عن عمرو بن بحر الجاحظ: "إنه سيء المخبر، رديء الاعتقاد، تنسب إليه البدع والضلالات"
وقالوا عن ابن الهيثم: "إنه كان من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلا، وكان سفيها زنديقا كأمثاله من الفلاسفة"!
وقالوا عن أبي العلاء أحمد بن عبد الله المعري: "إنه كان من مشاهير الزنادقة"! وشتموا يعقوب بن إسحاق الكندي وقالوا عنه: "إنه كان زنديقا ضالا"! فرد الكندي على أحفاد السلفية المجسمة ومن معها وقال عنهم: "هؤلاء من أهل الغربة عن الحق، وإن توجوا بتيجان الحق دون استحقاق، فهم يعادون الفلسفة ذبا عن كراسيهم المزورة، التي نصبوها من عير استحقاق بل للترؤس والتجارة بالدين، وهم عدماء الدين".
لقد كان الكندي يرى: إن في علم الأشياء بحقائقها علم الربوبية، وعلم الوحدانية، وعلم الفضيلة، وجملة علم كل نافع، والسبيل إليه" وكان يعتقد إن السعي لمعرفة الحقيقة هو مقصد جميع الأنبياء والرسل، وليس فقط الفلاسفة، وبالتالي فإن الفلسفة ليست كفرا على عكس ما يقولونه عدماء الدين.
وبالطبع نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن هؤلاء العلماء العظام فهم سيبقون شموس تحرق التخلف كلما أشرقت بنورها
وكذلك لسنا هنا بصدد تقرير حقيقة دينيه دعا الإسلام إليها وحث على طلب العلم وعضد ذلك بتوثيق قيمه العقل الذي هو رسول الحق كما بين النبي الذي شوهوا دينيه وجعلوه يدور حول النفاس والنكاح وأحكام الرضاع وطاعة السلطان والماء الراكد حتى ركدت عقول أمته واستولى الجهلاء قديما وحديثا على بضاعته.
فقط نقرر أن الدعوات التي استهدفت تكفير العلماء في الماضي والحاضر تخرج من مشكاة واحدة وتهدف في حقيقتها إلى تكريس الجهل والتخلف، ومصادرة محفزات الإبداع من المجتمع العربي وحرمانه من حقوقه الإنسانية، بحيث يصبح غير قادر على مواجهة التحديات، وربما تدفعه إلى التقهقر والتراجع نحو العصور المتزمتة المتشددة المتصلبة وقد حدث بالفعل فها نحن ندور حولها الآن بعدما غزت داعش السلفيه بفكرها الذي يدرس بمعاهدنا الدينية بلادنا من جديد وذبحت مخالفيها بحد السكين وحرقتهم بأقفاص الحديد!
إن هذا الاتجاه الذي يرمي إلى كبح جماح حرية الفكر والعودة به إلى حظيرة الفترة المظلمة يتقوى الآن بسلطة الجماهير والبسطاء ليتضح أن الطريق ما زال طويلا لسحب العمائم من فوق رءوس مزوره ونبش اللحى التى لا زالت تعيس بنا داخل مقبرة الترهيب والترغيب بإنعاش الخرافات حول الثعبان الأقرع وسوء العقاب بعدما بعدت كثيرا عن غاية الخلق وطريق الحق في تكوين مجتمعات يحفها الصدق والعدل والتسامح وتعتز بقيم الحوار وتصون حقوق الاختلاف وتبني حياة جادة على طريق الشفافية والعلم تستحق ثناء الله عليها حين تعبر عن مجده وعدله ورحمته فيها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.