تنسيق دبلوم السياحة والفنادق 2025.. موعد التسجيل والكليات المتاحة لنظام 3 سنوات    ننشر مواعيد امتحانات الدور الثاني بمحافظة القاهرة    الداخلية السورية تكشف حصيلة دامية في السويداء وتتوعد بالحسم (فيديو)    على هامش قمة الاتحاد الافريقي| القارة السمراء كنز العالم من الموارد.. 50% من احتياطيات المنجنيز العالمية و80% من البلاتين و47% من الكوبالت والنفط والغاز    وزير الخارجية الروسي يغادر كوريا الشمالية بعد زيارة استغرقت3 أيام    10 صور ترصد موقف غريب لترامب أثناء تتويج تشيلسي ببطولة كأس العالم للأندية 2025    درجات الحرارة اليوم الإثنين في مصر    حميد الشاعري يتألق في افتتاح المسرح الروماني (فيديو)    شعبة الذهب: المعدن الأصفر يسجل مكاسب للأسبوع الثانى    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الاثنين 14-7-2025 بعد هبوطه في 8 بنوك    ترامب يتهرب من الرد على سؤال حول العقوبات الجديدة ضد روسيا    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الإثنين 14 يوليو    بعد بيان الأهلي.. إبراهيم المنيسي يكشف مصير بيع إمام عاشور.. وجلسة حاسمة    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية اليوم الإثنين 14 يوليو 2025    تنسيق معهد فني تمريض والدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات القبول ورابط تسجيل الرغبات    تطورات «الضبعة النووية» بعد تركيب المستوى الثالث لوعاء احتواء المفاعل الثاني    المهرجان القومي للمسرح يختتم ورشة "التذوق الموسيقي" ويمنح شهادات مشاركة للمتدربين    انطلاق أولى جلسات المحور الفكري بمهرجان المسرح تحت شعار «تحولات الوعي الجمالي»    ألمانيا: لن نزود أوكرانيا بصواريخ «تاوروس»    ترامب يعرب أن أمله في التوصل إلى تسوية بشأن غزة خلال الأسبوع المقبل    أسعار مواد البناء بالأسواق اليوم الإثنين 14 يوليو 2025    السودان.. مقتل 18 شخصا بينهم أطفال في هجمات قوات الدعم السريع قرب بارا بشمال كردفان    تطبيق الهيئة الوطنية للانتخابات.. استعلم عن لجنتك في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    ب لقطات جديدة.. عمرو يوسف يروّج لفيلم «درويش».. ويعلن موعد طرحه في السينمات    ترامب: آمل التوصل إلى اتفاق بشأن غزة الأسبوع القادم    «هنشر المحادثة».. أول رد من محمد عمارة على تهديد شوبير وبلاغ النائب العام (خاص)    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    تعليق مثير من وسام أبو علي بعد قرار الأهلي الجديد    وزير العمل: القانون الجديد قضى على استمارة 6 سيئة السمعة.. والحكم خلال 3 أشهر من النزاع (فيديو)    «هتتحاسب».. شوبير يوجه رسائل نارية ل كريم حسن شحاته بسبب «مكالمة الخطيب»    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    مي كساب تنشر صورا جديدة من حفل زفاف حفيد الزعيم عادل إمام    مطار "لندن ساوث إند" يعلق جميع الرحلات بعد تحطم طائرة ركاب صغيرة    "أنا شهاب من الجمعية" و"أحمد بخيت كوكب".. قصتان متناقضتان لسائقي توك توك في مصر    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 14 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    محمد صلاح: المجلس الحالي لا يقدّر أبناء الزمالك وفاروق جعفر "أهلاوي"    الكهرباء: عودة 5 وحدات غازية للعمل بمحطة الشباب المركبة بالإسماعيلية    حزب المؤتمر: وضعنا خطط عمل مشتركة للوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين    فؤاد أباظة: القائمة الوطنية داعمة لجهود الدولة المصرية    9 صور لتسليم ترامب جوائز نهائي بطولة كأس العالم للأندية للاعبين    فقد أعصابه.. إنريكي يعتدي على جواو بيدرو بعد خسارة نهائي كأس العالم للأندية    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    حدث بالفن | عزاء المخرج سامح عبدالعزيز ونقل لطفي لبيب إلى المستشفى    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    نائب محافظ الجيزة يتفقد الوحدة المحلية بقرية القبابات والقرى التابعة لها بمركز أطفيح    مواعيد وشروط التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي 2025–2026    نقيب الصحفيين: التدريب على القضايا الدينية مسئولية وطنية لمواجهة التشويه والتطرف    لا يحتاج لإنترنت ويعمل بال«بلوتوث».. مؤسس «تويتر» ينافس «واتساب» بتطبيق جديد    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    ساعد في علاج حالة نادرة عانى منها الزوج.. الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الأمومة لسيدة بعد انتظار 18 عاما    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    ما حكم الصلاة ب«الهارد جل»؟.. أمينة الفتوى توضح    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفارابى.. «الفليسوف المارق»
نشر في فيتو يوم 23 - 01 - 2016

يوصف الفارابى بأنه فيلسوف ذو مكانة رفيعة في تاريخ الفلسفة الإسلامية، اهتم بعلوم شتى في الحياة ولقب ب "المعلم الثانى" بعد أرسطو الملقب بالمعلم الأول، وهو ما يؤكد مكانته في تاريخ الفكر الفلسفى فهو ثانى الفلاسفة المسلمين بعد الكندى، إنه محمد بن محمد بن طرخان الشهير ب "الفارابي" نسبة إلى مدينة فاراب التركية التي ولد وشب فيها ودرس على أراضيها قبل أن يغادر إلى بغداد لمتابعة تحصيله العلمى، ثم تجول بعد ذلك في أرجاء الإمبراطورية البيزنطية، ليحضر إلى مصر قبل أن يعود في الأخير إلى سوريا ليستقر فيها حتى وفاته عام 950م عن عمر ناهز الثمانين، وصلى عليه سيف الدولة، سلطان الشام آنذاك، مع أربع من خواصه.
درس الفارابى المنطق في البداية على يد عدد من العلماء المسيحيين، وحظى خلال العصر الوسيط بتقدير عال من قبل فلاسفة كبار أمثال تلميذه ابن سينا في المشرق الإسلامى، وابن رشد في المغرب الإسلامى، نظرًا لتاريخه الحافل بالعطاء الفكرى والإنسانى الذي أثرى فيه الفارابى الإنسانية بثروة فكرية هائلة ومجموعة من المؤلفات المهمة التي قدرها مؤرخو العلوم بأكثر من مائتى مؤلف في المنطق والفلسفة وفن الشعر وكذلك في الأخلاق والسياسة وعلم النفس والموسيقى، حيث يُعد هو المبتكر الأول لآلة "القانون"، ووضع تصنيفًا للعلوم في كتابه "إحصاء العلوم وترتيبها والتعريف بأغراضها"، وبالرغم من هذه الإسهامات البارزة في مختلف مجالات العلم والفكر والفن فإن أبا نصر قد اتهم في دينه شأنه شأن عدد من الفلاسفة في عصره أو من تسلموا الراية من بعده.
حاول الفارابى جاهدًا التوفيق بين الفلسفة والدين وبين العقل والنقل في اختصار على أساس عقلى، ولعل نظرية النبوة التي ذهب إليها الفارابى في كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة) هي أبرز مظاهر محاولات هذا التوفيق، والتي يذهب فيها إلى أن الوحى يكون لمن حل العقل الفعال في قوتيه الناطقة والمتخيلة، ويجعل هذه القوى من خصائص النبوة التي تؤثر في العالم الخارجى فتكون بذلك المعجزات، ويسوى من خلال هذه النظرية في الرتبة بين الفلاسفة والأنبياء من حيث الأخذ عن العقل الفعال، ثم يقدم الفلاسفة على الأنبياء، نسب إليه أنه قال إن النبوة مكتسبة وأنها تعتمد في الأساس على قوة التخيل، وهو ما يعنى أنه في حالة وجود شخص يمتلك قوة تخيل يمكنه أن يكون نبيًا، بما يفيد استمرار وجود أنبياء إلى قيام الساعة، وفى هذا تناقض مع عقيدة ختم النبوة بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم، فضلًا عن اعتقاد الفارابى بعدم اصطفاء الله تعالى لأنبيائه ورسله، وهو ما يُخالف ما جاء به الدين الإسلامى وما أكده القرآن، ولقد انتقلت هذه النظرية إلى عدد من تلاميذ الفارابى من الفلاسفة مثل ابن سينا، وفى هذا الصدد استعرض كتاب (خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء) مجموعة من الأفكار التي تناقش قول الفارابى إن النبوة مكتسبة وتعتمد على قوة التخيل التي يكتسبها المرء بالمجاهدات والرياضات، وذلك من خلال واقع الأنبياء وحياتهم، وضرب مثالًا للنبى عيسى عليه السلام الذي جعله الله نبيًا وهو ما زال في المهد صبيًا، أي أنه لم يكن يمتلك قوة مخيلة في هذا العمر حتى يمكنه اكتساب النبوة، بما يؤكد أن النبوة اصطفاء كما قال عز وجل «الله يصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس إن الله سميع بصير» وينفى ما ذكرته نظرية الفارابى حول النبوة.
صراع مع «الغزالى»
كان للإمام الغزالى صراع حامى الوطيس مع الفلاسفة، فقد أصدر الإمام أبو حامد الغزالى مؤلفه (مقاصد الفلاسفة) ليُظهر من خلاله إلمامه بفلسفة أفلاطون وأرسطو وأتباعهم الفارابى وابن سينا، وكان هدفه من هذا المؤلف ينحصر في تبيان أخطائهم وضلال مذاهبهم التي تبحث فيما وراء الطبيعة، ثم قرر الغزالى شن هجوم شرس على الفلاسفة اليونانيين "سقراط وأفلاطون وأرسطو" وأتباعهم من الفلاسفة المسلمين الذين كانوا يعتقدون –من وجهة نظره- في أنفسهم التميز عن النظراء بالذكاء والفطنة ويرفضون وظائف الإسلام ويحقرون من شعائر الدين ويستهينون بعبادات الشرع وحدوده، فقرر إصدار كتاب (تهافت الفلاسفة)، في القرن الحادى عشر، والذي حدد فيه الغزالى عشرين مسألة يشكك من خلالها في أفكار الفلاسفة وبراهينهم، وتدور 16 مسألة حول الإلهيات التي تبحث في المسائل الغيبية مثل قدم العالم وأزليته، مسألة الخلود، وذات الله وصفاته والعلم بالجزئيات والكليات، أما الأربع مسائل الأخرى فتدور حول الطبيعيات مثل جوهرية النفس واستقلالها وحشر الأجساد.
3 مسائل
نقد الغزالى الفلاسفة في كتابه بقسوة لا تخلو من السب واللعن، وصلت في كثير من المواقع إلى حد تكفير كل من الفارابى وابن سينا لأنهما السبب في تلويث عقول المسلمين بأفكار أفلاطون وأرسطو الوثنية، فضلًا عن تكفير إياهم بسبب ثلاث مسائل من العشرين لمخالفتها آراء وأفكار جموع المسلمين حولها، أولى هذه المسائل هي أن الأجسام لا تُحشر وأن المُثاب والمُعاقب هي الروح المجردة وأن العقوبات روحانية لا جسمانية، واعتبر الغزالى أن إنكار الفلاسفة وقوع عقوبات جسمانية بالرغم من إثباتهم العقوبات الروحانية مناف للشريعة، وبالتالى فاعتبرهم كفروا فيما نطقوا به، أما المسألة الثانية التي تم تكفيرهم فيها قولهم إن الله يعلم الكليات دون الجزئيات وهو ما يراه الغزالى كفرًا صريحًا، والمسألة الثالثة هي قولهم بقدم العالم وأزليته وهى مسائل يرى الغزالى أنها لا تلائم الإسلام ولم يذهب إليها أحد من المسلمين، كما أنه حكم بالبدعة في 17 مسألة أخرى طرحها الفلاسفة، منها الوجود والماهية في الذات الإلهية، والعلم بالكليات، اللوح المحفوظ ونفوس السماوات، مسألة فناء النفوس البشرية.
وبهذا العمل وجه الغزالى ضربة عنيفة للفلسفة في المشرق العربى استمرت لأكثر من ثمانية عقود من الزمن، وطوال هذه الفترة الزمنية لم يتمكن أحد من مفكرى وفلاسفة الإسلام من الرد على كتاب الغزالى، بل أخذت الفلسفة في الانكماش التدريجى وتراجع الاحترام الاجتماعى للمشتغلين فيها، حتى جاء القاضى ابن رشد ليزيل الغبن عن الفلسفة ويعيد إليها اعتبارها، ويرفع التكفير عن الفارابى وابن سينا، ويرد على الغزالى جميع حججه من خلال كتابه (تهافت التهافت) الصادر في القرن الثانى عشر الميلادي، فرد ابن رشد على المسائل العشرين ودحض حجج الغزالى وهاجمه هجومًا حادًا ووصف برهانه بالضعف وحجته بالركاكة، كما أنه رفض فكرة التحريم بقراءة الفلسفة اليونانية وذلك لإيمانه بأن الاطلاع على علوم الأوائل هو واجب بالشرع، فما كان منها موافقًا للحق قبلناه منهم وسررنا به وشكرناهم عليه، وما كان منها غير موافق للحق نبهنا عليه وحذرنا منه، كما أنه كان يرى أن تكفير الغزالى للفارابى وابن سينا ليس بالأمر القطعى وليس صحيحًا، ويشير ابن رشد أيضًا إلى أن الغزالى قد أخطأ بحق الفلاسفة فيما نسب إليهم من اتهامات.
تكفيره
استمر الحكم بكفر الفارابى ومن تبعه من الفلاسفة بعد وفاة الغزالى بسنوات طوال، فقد جاء من بعده ابن تيمية في القرن الثالث عشر ليكون امتدادًا للغزالى في تكفيره للفلاسفة، واستمر تحريم الكثير من العلماء المسلمين لعلم المنطق، في مقدمة هؤلاء العلماء النووى والسيوطى وابن نجيم وابن القيم، تلميذ ابن تيمية، الذي اتهم أرسطو بأنه كان يدعو إلى الكفر بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، متهمًا من سار على نهجه، ومن يعظمونه فوق ما يعظم به الأنبياء ويسمونه بالمعلم الأول، ب "الملاحدة"، واصفًا ابا نصر الفارابى بأنه المعلم الثانى للملاحدة، وهو الذي وضع لهم التعاليم الصوتية ووسع الحديث في صناعة المنطق وبسطها وشرح فلسفة أرسطو وهذبها وبالغ في ذلك، وأكد ابن القيم أن الفارابى كان على طريق أرسطو من الكفر بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، مُشيرًا إلى أن الفارابى وأتباعه يعتبرون الزندقة والإلحاد شرطًا من شروط الفضيلة، واعتبر أن الشيطان تلاعب بهم كتلاعب الصبية بالكرة وبأنهم أناس لا مبدأ عندهم ولا معاد ولا صانع ولا نبوة ولا كتب نزلت من السماء تكلم بها الإله، ولا يؤمنون بالملائكة التي تنزلت بالوحى من الله تعالى غير أن كثيرين ينفون تلك التهم عن الفارابى ويرون أن منتقديه بالغوا في تكفيره.
المصادر:
◌ محسن مهدي، الفارابى وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية، ترجمة: وداد الحاج حسن، بيروت: دار الفارابى، 2009.
◌ عماد الدين الجبورى، دراسات في المنطق والفلسفة، 2014.
◌ ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان، دار علم الفوائد.
◌ ابن العماد شهاب الدين أبى الفلاح، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، المجلد الرابع، دار ابن كثير للنشر، 1989.
◌ الصادق بن محمد بن إبراهيم، خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء، سلسلة الرسائل الجامعية، الرياض: مكتبة الرشيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.