في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تحتفل بالشيخ الرئيس " ابن سينا" وتفخر بإسهاماته في تحقيق النهضة والإزدهار بل وتصنع له التماثيل احترامًا وتقديرًا لفضله العظيم علي الغرب ، كان المؤرخون والعلماء العرب والمسلمين يقيمون عليه أحكامهم القاسية ويتهمونه بالزندقة والإلحاد ، حيث كفره الغزالي في كتابه " المنقذ من الضلال" ، وقال ابن الصلاح في ابن سينا " كان شيطانًا من شياطين الإنس" أما الكشميري فقال عنه " ابن سينا الملحد الزنديق القرمطي " وقال عنه ابن القيم " إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر" وبسؤال د- سيد القمني أستاذ التاريخ الإسلامي عن أسباب إتهام ابن سينا بالكفر والإلحاد ، فقال " ابن سينا تلميذ الفارابي في الفلسفة وقد أخذ عنه فكرة من أصول مصرية قديمة كان يؤمن بها المصري القديم وهي " التاسوع الآلهي" وهذه الفكرة أشار لها عالم مصري يدعي " إفلوطين السكندري" كان عميد جامعة الإسكندرية وترجم إلي اليونانية الكثير من الأفكار المصرية ، والتاسوع الآلهي لا تعني وجود تسعة آلهة كما فهم الغزالي الذي لا يفهم شيئا في الفلسفة ولكنها تعني " تجليات الآله الواحد" أو " العقول التسعة" وكما جاء في كتب ابن سينا الفلسفية فإن فكرة التاسوع الآلهي تبدأ بالعلة الأولي وتعني السبب الأول للوجود وتنتهي بالعلة التاسعة وهي تعني العقل الفعال الذي يدير الوجود ، وقد حاول الفارابي تقريب هذه الفكرة فشبهها بالملائكة " أي أن هناك ملاك الموت وملاك ينزل المطر ..إلي آخره" وهذا ما أخذ عليه حيث قال بعض المؤرخين الحمقي أنه يؤمن بوجود تسعة آلهه فاتهم بالكفر وكذلك اتهم ابن سينا الذي أخذ الفكرة عنه" ويذكر القمني أن السبب الرئيسي في اتهام ابن سينا بالكفر والإلحاد هو أنه كان يذهب إلي المقابر ليأخذ الجثث الميتة وهي طازجة ليقيم عليها تجارب علمية تفيده في دراسته للطب فاعتبروه يمثل بجثث المسلمين لأنهم يأخذون بظاهر الأمور ، ويضيف القمني " أن عصر النهضة الإسلامية بدأ بالدولة العباسية الأولي وخاصة عصر هارون الرشيد ،وابنه المأمون ففي هذا الزمن أخذنا من علوم الدنيا وصدرنا العلم للخارج وكونا إمبراطورية معرفية عريقة ظل الغرب يتعلم منها مئات السنين ، ، وفي عصر المتوكل كانت بداية الهجوم علي الفلاسفة و بعدها دخلت الخلافة الإسلامية في حالة من الغيبوبة وانتهي زمن الإجتهاد في الدين و العلم وأحرقت كتب المعتزلة وابن رشد وطرد العلماء والمفكرين العرب والمسلمين ، ودخلنا نحن العصور الوسطي ودخلت أوروبا عصر النهضة عن طريق علماءنا الذين قمنا بطردهم ، وبدأ مجموعة من الجهلاء يكفرون العلماء مثل الإمام الغزالي الذي يطلق عليه حجة الإسلام ولكنه في الحقيقة " حجة التخلف وانهيار الخلافة الإسلامية فهو الذي أغلق باب الإجتهاد والعقل وألجم المسلمين عن التفكير في كتابه " إلجام العوام عن علم الكلام". Comment *