أكد وزير الخارجية سامح شكرى على أن هناك حاجة ماسة لمواجهة تحديات الأمن والسلام الدوليين التي تتسبب فيها الأعمال الإرهابية بما يتفق مع ميثاق الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية خلال مشاركته في افتتاح فعاليات "نموذج محاكاة الأممالمتحدة"، الذي نظمته الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، بحضور قيادات الجامعة الأمريكية، ونحو 400 طالب وطالبة ممن شاركوا في نموذج المحاكاة الأممالمتحدة. وقال شكرى "إن هذا الأمر يقع في مقدمة ما تطمح إليه مصر لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا والدول الأخرى التي يهددها الإرهاب العابر للحدود الممتد من غرب أفريقيا ومنطقة الساحل حتى أفغانستان مرورا بمنطقة البحر المتوسط". وأضاف "ولهذا السبب فإنه من المهم للأمم المتحدة أن تعيد التأكيد على التزامها بمحاربة الإرهاب بكل الطرق وحث الدول الأعضاء في المنظمة على التعاون في هذا المجال.. وقد قامت مصر من جانبها بالمشاركة بفعالية في تدعيم دور الأممالمتحدة في مواجهة الإرهاب بما في ذلك المساهمة في تطبيق إستراتيجية الأممالمتحدة لمحاربة الإرهاب والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن". وشدد وزير الخارجية على أنه مما لا شك فيه أن التحديات التي يواجهها العالم في القرن ال21 بتداخلها وتعقيدها وتأثيرها على السلم والأمن الدوليين، تتطلب حوكمة رشيدة على المستوي الدولي لدعم العمل متعدد الأطراف بإصلاح الأممالمتحدة والتأكيد على دورها المحوري في الحوكمة الدولية لجعل مجلس الأمن أكثر فعالية وتمثيلا وديمقراطية، كما تستمر مصر في تحقيق التفاهم الدولي حول إصلاح الأممالمتحدة، وتحقيق المطالب المشروعة للقارة الأفريقية في أن يتم تمثيلها في مجلس الأمن على المستويين الدائم وغير الدائم وعلي أساس الموقف الأفريقي المتفق عليه في توافق أوزوليني وإعلان سرت. وأكد أنه يجب على جميع الشركاء أن يقدموا تقييما دقيقا للتحديات التي تواجه العمل متعدد الأطراف، وأن نسعى جميعا لجعل الأمم متحدة أكثر قوة وفعالية، لافتا إلى أن مصر كدولة مؤسسة للمنظمة فإنها تؤمن بأن الدول الأعضاء يجب أن تقوم بكل ما في وسعها لتحقيق هذا الهدف. كما أكد أن القاهرة بتاريخها ودورها الإقليمي والدولي هي محط أنظار العالم مما يضع على كاهل الشباب المصري مسئولية بناء الذات، وتوسيع القدرات ليتمكنوا من مواجهة أعباء المستقبل وتحقيق طموحات بلادهم. وحول الدور المصري الفعال في عمليات حفظ السلام، قال وزير الخارجية "إن مصر ساهمت في 37 مهمة من مهام قوات حفظ السلام في العالم، حيث ساهم أبناؤها بأكثر من 30 ألف جندي في تلك المهام، حيث تعد مصر أحد أهم الدول المساهمة في قوات حفظ السلام حول العالم.. ويوجد حاليا 2659 فردا من القوات المصرية في عمليات مختلفة لحفظ السلام حول العالم". واستعرض شكري الجهود المصرية لإصلاح المنظمة الدولية وجهودها في إطار تحقيق أهداف الألفية التنموية، معربا عن أمله في توافر إرادة دولية حقيقية أكثر قدرة على تحقيق تلك الأهداف، مشيرا إلى التحركات المصرية في الأممالمتحدة ومجلس الأمن للتعامل مع الأزمات الجارية في المنطقة، مثل الوضع في سوريا وليبيا واليمن، بخلاف التحركات لاستعادة الحقوق الفلسطينية لإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وأعرب عن سعادته للمشاركة في افتتاح نموذج القاهرة الدولي للأمم المتحدة، والتحدث أمام هذه النخبة المميزة عن دور الأممالمتحدة في تغيير العالم، مضيفا أنه على مدى 25 عاما أثبت نموذج الأممالمتحدة أنه من أهم أنشطة المحاكاة الطلابية في الشئون الدولية بفضل البيئة الداعمة في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، ودورها كمفترق طرق للتبادل الثقافي والحوار بين الحضارات.. وإضافة إلى ذلك فإن القاهرة كمدينة تقدم مجالا رحبا لمتابعة الأنشطة الدولية متعددة الأطراف، وهو ما توفره قليل من المدن حول العالم مما يجعل القاهرة مركزا أساسيا بين دول الجنوب، فضلا عن كونها عاصمة أفريقية رئيسية "قلب العالم العربي"، ولاعب أساسي في الدبلوماسية متعددة الأطراف. وتابع "لهذا فإنني أؤمن أن أفكاركم ورؤاكم ستقدم مسارا غير رسمي يساهم في النقاش الجاري حول الدور المتزايد للأمم المتحدة ومستقبل التنظيمات متعددة الأطراف، والتي تتضمن تحليلا عميقا لمواجهة التحديات متعددة الأبعاد التي تواجه المجتمع الدولي، وخاصة الإرهاب، والصراعات التي لم تحل، والضعف السياسي والاقتصادي، وندرة الموارد، والتدهور البيئي وتغير المناخ". ولفت شكرى إلى أن العالم تغير كثيرا خلال السبعين عاما الأخيرة منذ تأسيس الأممالمتحدة عام 1945، وظهرت تحديات وفرص جديدة للتشارك والاعتماد المتبادل مما يجعلنا نتشارك المشكلات والحلول أيضا، ولقد أدت معظم هذه التغييرات إلى تحسن في مستويات معيشة الإنسان، لا أنه يبقي أن يصل هذا التحسن إلى مزيد من الناس. وأوضح أنه لهذا تدرك الأممالمتحدة الحاجة لتبني إستراتيجيات جديدة، لتتمكن من تحقيق أثر إيجابي في حياة الناس، مثل أجندة التنمية لما بعد عام 2015 التي تهدف إلى مواجهة الحقائق الجديدة، والبناء على الإنجازات التي حققتها الأهداف الإنمائية للألفية خلال العقد الأخير والتركيز على محاربة الفقر والمسئوليات المشتركة بين الدول النامية والدول المتقدمة، كما أنه في ذات الوقت فإن المبادئ الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة تبقي صالحة منذ اليوم الأول لوضعها، كما أن العالم في حاجة إلى منظمة دولية تجمع الدول الأعضاء في سبيل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الوثيقة المؤسسة (السلام، العدالة، التقدم الاجتماعي والاقتصادي، وحقوق الإنسان). وأكد أن مصر كإحدي الدول المؤسسة للأمم المتحدة قد لعبت دورا كبيرا في تحقيق هذه الأهداف، كما أنها التزمت دوما بتدعيم المساعي الدولية لتحقيق الأمن الجماعي وتحقيق أهداف الميثاق، مضيفا أن مصر تبقي ملتزمة دوما بنظام الحوكمة متعدد الأطراف الذي يقوم على أمم متحدة قوية، كما أنها التزمت تاريخيا بدعم الخطوات التي تقوم بها المنظمة لتحقيق السلام وتسوية المنازعات في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأمريكيا اللاتينية، واعترافا بهذا الدور البناء في استعادة الاستقرار والسلام على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن مصر كانت عضو غير دائم بمجلس الأمن لأربع مرات وتسعي للعضوية للمرة الخامسة. وشدد على أن تحقيق السلم والأمن الدوليين من خلال الأممالمتحدة هو أحد أهم أهدافنا، وأن مصر كأحد الدول الفاعلة من أجل تحقيق السلام الدولي قد اشتركت دوما في المساعي الهادفة إلى حل جذور الصراعات وتحقيق الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما في ذلك منع الصراعات، والوساطة، وحفظ السلام وبناء السلام في مرحلة ما بعد الصراع. وتابع "إنه في هذا الإطار، دعمت مصر عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة منذ تأسيس أولى عملياتها UNTSO في الشرق الأوسط عام 1948، كما ساهمت مصر في 37 من مهمات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والتي شارك بها أكثر من 300 ألف مصري، وتم نشرهم في 24 دولة في (أفريقيا، آسيا، أمريكيا اللاتينية وأوربا)، كما أن مصر من أكثر الدول التي تشارك بقوات في عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام، فضلا عن أن مصر تشارك حاليا ب2659 ضابطا من الجيش والشرطة يعملون تحت راية الأممالمتحدة في 8 عمليات لحفظ السلام". وأوضح أنه إضافة إلى حفظ السلم، فإن مصر تؤمن بأن الأمن والسلام يرتبطان ببناء القدرات الوطنية وتحقيق التنمية في مرحلة ما بعد الصراع، ولهذا انضمت مصر إلى مفوضية الأممالمتحدة لحفظ السلام منذ تأسيسها عام 2005 لأربعة فترات متتالية، كما تدعم مصر بقوة أنشطة بناء السلام التي تقوم بها الأممالمتحدة في مرحلة ما بعد الصراع. كما أوضح أن تحقيق شراكة قوية في القارة الأفريقية تكون الأممالمتحدة في القلب منها، هو أمر مهم للمساعدة في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجه القارة، ولكسر دورة العنف ومنع انتكاس الدول التي مرت بصراعات عنيفة، وذلك للمساهمة في وضع أسس السلام والتنمية المستدامة. وتابع "كما تعلمون فإن البيئة الأمنية دوليا تشهد اتجاهات وديناميكيات تمثل أولوية للأمم المتحدة في مواجهة هذه التحديات التي تهدد السلم الدولي، حيث تلاشت الخطوط الفاصلة بين المجرمين، الجماعات المعادية ومفسدي السلام، إضافة إلى المتطرفين الذين يستخدمون إستراتيجيات عابرة للحدود وتكتيكات شديدة التعقيد". ونوه بأن مصر قامت كمدافع عن الدور القوى الذي تقوم به الأممالمتحدة لتحقيق السلام بمجهودات كبيرة لتدعيم دور المنظمة في مجال منع الصراع والوساطة، كما ستستمر في المساهمة في تقوية تلك القدرات، وتطبيق التجارب الناجحة للأمم المتحدة على المنظمات الإقليمية تحت الفصل الثامن من الميثاق بما في ذلك الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وسوف تستمر مصر في إيلاء الاهتمام اللازم للأمور المتعلقة بتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرف الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية المحتلة واستعادة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية وفقا لقرارات الأممالمتحدة والمرجعيات المتفق عليها في عملية السلام. وقال وزير الخارجية "إن الصراع في كل من سوريا واليمن هو أحد القضايا محل الاهتمام في السياسة الخارجية المصرية تجاه الأممالمتحدة، حيث نساهم في جهود الأممالمتحدة لوضع حد للصراع في سوريا واستعادة الاستقرار في اليمن.. وفي ذات السياق فإن الوضع في ليبيا يمثل تهديدا للأمن والاستقرار الإقليمي ويحتاج تضافر جهود المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن لمحاربة الإرهاب، ودعم العملية السياسية واستعادة سلطة الدولة على كامل أراضيها". واستطرد قائلا "ولهذا السبب قدمت مصر مشروع قرار عربي لمجلس الأمن لمراجعة ما يتم اتخاذه من إجراءات تجاه الحكومة الشرعية في ليبيا فيما يتعلق بحظر تصدير السلاح، وذلك لتمكين الحكومة الليبية من محاربة الإرهاب". وأشار إلى أنه التقى أمس الثلاثاء بسام كوتيسا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث دار نقاش مثمر حول القضايا السالف ذكرها، ودور مصر في تحقيق الرؤية المتفق عليها ومواجهة التحديات التي تقابلنا جميعا. واختتم وزير الخارجية كلمته بالتأكيد على الحاجة إلى العمل معا لتحقيق الرؤية المتفق عليها حول أفضل السبل لتدعيم الأممالمتحدة في عيدها السبعين هذا العام لتتمكن من مواجهة التحديات المستقبلية.