إشراف: أسماء المحلاوي إعداد: دينا عرفات ومحمد الشرقاوي ونانسي فارس وأحمد القاضي «تمنح ما لا ينفع.. لمن لا يستفيد».. هذا هو الحال بين الحكومة والمواطن، قرارات كثيرة تتخذها- تظن أنها لصالحه- تتناسب «شكلا» مع احتياجاته، لكن «مضمونا» هي بعيدة كل البعد، عما يلبى مطالبه ويتناسب مع ظروفه، متجاهلة انعكاس ما تقرره على حياته وأسرته. المواطن مجرد رقم في كشوف حساب الحكومة.. لاتلقى له بالًا ولاتعترف بإنسانيته وبمتطالباته واحتياجاته.. وإنما تظل تطلق قرارات لاتسمن ولا تغنى من جوع. كابوس ينتظر «سواقين رمسيس»: حكومة معندهاش دم! قرارات متتابعة لمحافظ القاهرة بالقضاء على ازدحام منطقة رمسيس وتطهيره من الباعة الجائلين ومواقف الميكروباص العشوائية المخالفة لقواعد المرور، فخرجت بعض المبادرات من المحافظة تؤيد نقل المواقف من «رمسيس» إلى خارج القاهرة، جاء ذلك وسط رفض السائقين والركاب. وسط زحام موقف المنصورة في شارع رمسيس، خرج «جمعة» من سيارته الميكروباص قائلا: «إحنا موافقين إنهم ينقلونا بس يعملولنا موقف رئيسى زى عبود، لأنهم لو شالونا من هنا هنروح فين، وهأكل عيالى ومراتى منين». «فرج متولى» سائق ميكروباص على خط إسكندرية- القاهرة، يرى أن وقوفهم في «رمسيس» خطأ لأنه يخالف القانون، لكن ما البيد حيلة: «احنا معترفين أننا واقفين غلط وبصراحة الظباط عندهم إنسانية وساعات بيسيبونا نشوف رزقنا، أو يحددولنا وقت نمشى فيه ونفضى المكان واحنا بنساعدهم ونوافق، لكن العيب في أمناء الشرطة اللى مش بيسيبونا في حالنا» أما «أحمد ناجى»، سائق ميكروباص على نفس الخط، يوضح: «الحكومة واقفة التراخيص، وفى نفس الوقت بيستوردوا الميكروباصات الصينى، طيب إحنا نشتغل إزاى، وأحسن سواق هنا ممكن يطلعلوا 60 جنيها مكسب صافى في اليوم»، موجها رسالة إلى مسئولى الحكم المحلى والمرور: «كلنا أصحاب عيال ويوم بنشتغل وعشرة لأ». لم يتوقف «أحمد» عن النداء على زبائنه.. فوسط نداءاته يقول: «أنا سمعت عن قرار نقل المواقف من رمسيس، وبصراحة أنا شايل الهم من يومها»، أحد الركاب يوافق «أحمد» في كلامه، موضحا أنها خطوة مرهقة ومكلفة للمواطن، لكن «مجبر أخاك لا بطل» -بحسب تعبيره- مطالبا الحكومة بتدبير الحلول وعدم تحميل المواطن ضريبة الحل. «أسامة مصطفى»، سائق، يطالب الحكومة بألا تستبدل أماكن المواقف، ولكن تخصص للميكروباصات قطعة أرض في شارع رمسيس، ليتجمع بها كل السيارات المتجهة إلى الأقاليم: «الرحمة حلوة برده مش عشان أسافر إسكندرية يبقى لازم أروح آخر الدنيا وأركب من هناك»، مضيفا «كده حرام، إحنا بنوفر الجنيه لعيالنا، تقوم الحكومة تكلفنا بدل الجنيه عشرة!». «التحرير»: الاستثمار أولًا والخدمة «صف تانى» أصدر محافظ القاهرة جلال السعيد مؤخرًا قرارًا بمنع وقوف السيارات بشوارع وسط البلد، بعد افتتاح جراج التحرير، لإجبار المواطنين على استخدامه، تخفيفًا من وطأة الزحام، ومع ذلك لا يلجأ أغلب أصحاب السيارات له ويفضلون الانتظار بساحات الانتظار الخاصة..1700 مكان لانتظار السيارات داخل الجراج، أكثر من نصفها فارغ بلا سيارات، ومع ركود الحال أصدر المحافظ قرارًا بخفض الأسعار من 5 جنيهات في الساعة الأولى ويتم تخفيضها تدريجيا إلى 4 جنيهات للساعة الواحدة، وهو الأمر الذي استنكره أصحاب السيارات، فاضطرت الحكومة لتخفيض إيجار «الركنة» لتكون 4 جنيهات للساعة الأولى، و3 جنيهات كلما زادت عدد الساعات، مع إقرار 500 جنيه كاشتراك شهرى للسيارة بدلًا من 600 جنيه، ولكن خفض الأسعار لم يغير شيئًا من الوضع القائم. «جابر النجار» يعمل مهندسًا بإحدى الشركات في شارع محمد محمود المطل على ميدان التحرير، ترك سيارته في الجراج مرة واحدة عند افتتاحه قبل خفض الأسعار، يقول جابر: «أنا دفعت يومها 40 جنيهًا ومن ساعتها حرمت أركن في الجراج ده تاني». أما «عبدالعزيز أبو عقيل» يعمل بمنطقة وسط البلد، ترك سيارته في الجراج، يقول: «أنا دفعت إمبارح 20 جنيهًا عشان قعدت 6 ساعات، وده رقم كبير لو هدفعه يوميًا، أنا أسيب العربية عند البيت أحسن»، يوضح «أنا بدفع فلوس في الجراج وفلوس بنزين كل يوم نحو 30 جنيهًا، أنا لو ركبت تاكسى يوميًا هيكون أوفر». «نهاد عوني»، يعمل بإحدى شركات السياحة بميدان التحرير، يرفض «الركنة» في وسط البلد بسبب غلاء الأسعار: «أنا بدفع في الجراج الخاص 250 جنيهًا شهريًا، أو 10 جنيهات يوميًا، وبخلى العربية هناك اليوم كله نحو 10 ساعات وقت شغلي، لكن في التحرير هدفع يوميًا على الأقل 25 جنيهًا». «عبدالله محمد» المسئول عن الجراج يقول: «المشروع استثمارى مش خدمة للناس، رغم أنه نضيف وتأمينه كويس لكن الشغل قليل عشان الناس شايفاه غالي، إحنا بنعمل يوميًا ألفين جنيه مثلا، وده قليل مقارنة بحجم الجراج»، ضاحكًا يتذكر «عبدالله» مشاجرات أصحاب السيارات معه عندما يبلغهم بالمبلغ المستحق، فيضطر للإشارة للوحة الأسعار المعلنة خلف مكتبه». «العدادات الذكية»: افصل الكهرباء عنى.. شكرا! تعددت مشكلات الكهرباء في السنوات الأخيرة ما بين انقطاع وسرقة تيار وشكاوى المواطنين من المبالغة في قراءات العدادات وكميات الاستهلاك، وأصبحت مديونيات شركات الكهرباء بالملايين، الأمر الذي بررت به الحكومة قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بتعميم تركيب «العدادات الإلكترونية الذكية مسبوقة الدفع بكروت الشحن»، لتقليل أخطاء العنصر البشري، وضمان حصول المواطن وشركات الكهرباء على حقوقهم كاملة. هانى زكريا، موظف في الثلاثين من عمره، متزوج ولديه أبناء في مراحل دراسية مختلفة، يسكن في التجمع الخامس، حيث تم تركيب العدادات الذكية منذ أشهر في منزله ومتجره، يتحدث عن الإيجابيات والمساوئ التي واجهته في استخدام العداد الذكى: «سلبياته أكثر من إيجابياته، ومشكلاته الفنية كثيرة، طريقته إنى بشحن العداد عن طريق كارت، وبشحن الكارت دا من شركة شمال القاهرة، وبيفصل لوحده حتى لو أنا لسا شاحن، ولو الحكومة استوردت العدادات دى ومش عارفة عيوبها، يبقى اتضحك عليها زى أي حاجة مستوردة في البلد، ولو الحكومة كانت عارفة العيوب ومقالتهاش للناس، يبقى ضحكت على الشعب». يروى «هاني» أحد تجاربه «المريرة» -على حد تعبيره – مع العداد الذكى: «مراتى اتصلت بيا تقولى النور قطع، فسيبت شغلى ورحت البيت جبت الكارت، وطلعت بيه على شركة الكهرباء، شحنته ورجعت البيت برضه النور مشتغلش، نزلت للشركة تانى يقولولى روح قسم التركيبات أو قسم الصيانة، وألف وأدور عشان الكهرباء تشتغل، وبعد ما اشتغلت بأسبوعين تكررت نفس المأساة، دا شيء لا يتحمله بشر». «الترجمان».. السوق الذي تحول لمقبرة «دكاكين» مغلقة وخاوية.. صناديق حديدية تحوى بضاعة أتلفها الركود، أرض تتسع ل1700 بائع -بحسب تصريحات المسئولين- لا يوجد بها سوى عشرات الباعة الجالسين بغير عمل، «سوق الترجمان» التي أقامته الحكومة للباعة الجائلين لا تزال خاوية على عروشها، فقد توقفت حركة البيع فيها وتحولت إلى «مقبرة» بعد أن هجرها البائعون. في شهر أغسطس الماضي، تم نقل الباعة الجائلين من مناطق وسط البلد إلى سوق الترجمان.. 100 مليون جنيه هي تكلفة أرض الترجمان التي أعلنها محافظ القاهرة وقتها، وبعد سبعة أشهر من نقلهم هجره البعض لتوقف حركة البيع به، واضطر البعض للبقاء حتى لا يفقد مكانه، حتى لو كان لا يحقق ربحا. البائعون المستمرون في السوق يتذمرون طيلة الوقت من حالة الركود التي ضربتهم، بعد أن نقلتهم الحكومة من شوارع وسط البلد إلى «الترجمان»، دون أن تراعى انعكاس القرار على حياتهم وأرزاقهم، بل ركزت اهتمامها فقط على إنهاء حالة الاختناق المرورى في الشوارع.. فعلى استحياء عبروا عن مظالمهم خشية علم أحد المسئولين بذلك، ولتجنب الطرد من السوق. أم أحمد، بائعة ملابس، تجلس على كرسى دون بضاعتها حتى ميعاد انصرافها من السوق، فهى تعلم أنه لا بيع ولا شراء في هذا المكان، تقول السيدة العجوز: «أنا مبشتغلش هنا ولا ببيع حاجة، ومبقتش قادرة على الخدمة في البيوت ولا الجرى من البلدية»، تعول «أم أحمد» بنتين، إحداهما أرملة والأخرى مطلقة، وليس لهما مصدر رزق سوى مكسب الوالدة الذي توقف منذ نقلها إلى «الترجمان»، تبكى السيدة وتتذكر بنتيها في المنزل قائلة: « مفيش في جيبى غير فلوس المواصلات، ومش عارفة هرجع للبنات إزاي!». يتحدث الباعة الجائلين عن حالات الطلاق المنتشرة بين أسرهم، حسبما ذكروا 40 حالة طلاق، تنحصر أسبابها في تبدل المستوى المادي، يقول البائع رضا: «مراتى طالبة الطلاق، وأنا مبقاش معايا فلوس أكفيها هي والعيال، بمشى في الشارع بشوية البضاعة اللى معايا بليل أحاول أبيع حاجة عشان أصرف عليهم»، بعد أن كان ذائع الصيت في تجارة الأحذية والشنط، أصبح يجلس عاطلا- بحسب كلامه. محمد حسين، شاب صغير، كسا وجهه الاكتئاب لا يضحك أو يتحدث بعد أن أخذت زوجته طفله الوحيد، وتركت المنزل بسبب سوء الأحوال المادية، بعينين زائغتين جلس «حسين» يرثى حاله، ويسب الظروف التي وصل إليها، قائلا بحسرة: «بدل ما صرفوا ملايين على الأرض دى كانوا ادونا الفلوس جبنا محال وصرفنا على بيوتنا اللى اتخربت». لا يعترض البائعون على منعهم من الشوارع الرئيسية، ولكنهم فقط يطالبون بأماكن حيوية مع وسائل دعاية لبضاعتهم، تقترح «فوزية» إنشاء أسواق في منطقة وسط البلد مخصصة لهم تحت إشراف حكومى وأمني: «يعملولنا سوق في وسط البلد أو يودونا أحمد حلمى مع بياعين رمسيس»، وتقاطعها «أم أحمد»: «طيب يعملولنا موقف ميكروباص جوه السوق بدل الدكاكين الفاضية دى والركاب يجوا يشتروا مننا». سكان العشوائيات: «إحنا في وادى والحكومة في وادى» «زيح العيا مر».. مثل شعبى يتعامل به المصريون مع أي شيء ينغص عليهم حياتهم، إلا أن الأمر هذه المرة كان مع الحكومة، التي أعلنت عن عزمها تطوير القاهرة من القنابل الموقوتة وأحيائها العشوائية إلى مناطق الإسكان الجديدة، ضمن مشروعات التطوير لمثلث ماسبير، وإحياء منطقة تل العقارب بالسيدة زينب والدويقة بمنشية ناصر. الأهالي وافقوا على إخلاء المناطق، لكن بشرط واحد اتفق عليه الجميع أن يعودوا إليها بحد أقصى عام من تاريخ إجلائهم من المنطقة..في «تل العقارب» وبين بيوت متهالكة كانت «أم مجدي» التي تجاوزت عقدها الخامس، وقفت أمام حنفية مياه عمومية، وشكت حالها قائلة: «الحكومة طلبت مننا نطلع من البيوت ونروح 6 أكتوبر، وقالوا إنهم هيجيبولنا بيوت جديدة، احنا معندناش مانع، بس قبل كل ده يوفروا لأولادنا شغل»، وتضيف: «أنا بقالى هنا في المنطقة أكتر من 40 سنة، وعندى 4 عيال، ولدين وبنتين، متجوزين وعايشين جنبي، أكل عيشهم هنا، ومدارسهم وكل حاجة في حياتهم هنا، هيبقى صعب عليهم إنهم يبعدوا». في نفس السياق تقول «محبوبة زهران»، صاحبة الخمسين عامًا: «الحكومة بتزيح عن دماغها، ومش عاملين حساب حد عاش كل حياته هنا، هنعيش هنا ونموت هنا، عندنا استعداد نمشى بس يرجعونا هنا تاني، بعد ما يصلحوها ويظبطوها أهو نعيش يومين في حياتنا زى البنى آدمين». بينما في منطقة «الزرزارة» بالدويقة كان الوضع مختلفا تماما، فقد ارتضى بعض السكان الحياة في مناطق بعيدة وآخرون تسلموا بالفعل مفاتيح بيوتهم في مدينة 6 أكتوبر، لكنهم باعوها ليعودوا أدراجهم مرة ثانية». «استلمت شقة وبعتها ورجعت مكانى بس لو انطبقت السما على الأرض مش ها تنقل من هنا ومش عاوز حاجة من الحكومة، وأدينى عايش بفلوسها ومرتاح»..هكذا بدأ «محمد مرعي»، الرجل الذي تجاوز عقده الرابع، حديثه غاضبا من «البهدلة» -على حد وصفه-: «انا محدش يقولى روح وتعالى انا حر وقاعد في أوضتى كافى خيرى شري»» وفى الوقت ذاته قال الحاج «مصطفى»: «إحنا مستعدين نمشى لكن هنسيب حالنا وشغلنا لمين، يجيبولنا شقق مؤقتة لغاية ما يعمروا هنا، لكن هو مش موت وخراب ديار، الحال دايما بيكون أن الحكومة في وادى واحنا في وادي»، وأخذ يشكى حاله قائلا: «أنا راجل كبير في السن ومش حمل مرمطة وجيرانى هما اللى بياخدوا بالهم منى لانى عايش لوحدي، وهما عاوزين يفرقونا عن بعض»، وأردف متسائلًا: «يعنى هو احنا مش عاوزين نعيش في حتة نضيفة، لكن في نفس الوقت ماتكونش بعيدة، احنا لا حمل أجرة المواصلات ولا العيشة الصعبة، احنا هنا نعتبر في وسط البلد، لما ربنا بيرزقنا بشغلانه بنروحها وإحنا مرتاحين مش شايلين هم المواصلات ولا أجرتها». «هي الحكومة عاوزة تفضى دماغها وتعكر مزاجنا إحنا، آه إحنا مش كلنا هنا كويسين وفى ناس بلطجية بس مش ياخدوا عاطل مع باطل، مفيش عقل في الدنيا بيقول كدة، وبعدين في ناس اتسكنوا في المساكن الجديدة اللى في الدويقة واحنا عاوزين يرمونا في آخر بلاد المسلمين ليه، ولا علشان إحنا مش هاندفع فلوس» هذا ما قالته «منى مجدي» بشأن قرارات الحكومة التي لا تتناسب مع حجم مشكلاتهم. حوادث ومخدرات وكساد وتضييع وقت.. معاناة سائقى النقل في 12 ساعة مع تزايد حوادث الطرق وعدد الضحايا خلال العام المنصرم، والتي ساهمت فيها سيارات النقل بنسبة كبيرة، لجأ مجلس الوزراء إلى إصدار قرار في نوفمبر الماضي، بحظر سير السيارات النقل داخل المدن في الفترة بين الساعة 6 صباحا و11 مساء، بغرض تقليل الخسائر الناجمة عن تلك الحوادث. «أحمد رجب»، سائق من محافظة قنا، مستلقيا في «الكابينة» داخل سيارته النقل ال «تريللا»، يرتشف كوبًا من الشاي، محاولا تضييع ما تبقى من الوقت حتى الساعة 11 مساء، لينطلق بسيارته المحملة بالبضائع إلى محافظة البحر الأحمر.. «رجب» يعلق على قرار الحظر: «الوقت اللى مسموح لنا نتحرك فيه 7 ساعات واحتمال يخلوهم 6 بس، هما بيقولوا عشان الحوادث والزحمة، والقرار صدر اعتقادا منهم إنه هيحل الأزمة، لكن هما بصوا للمشكلة من نظرة ضيقة وبالتالى حطوا حل غلط، لأنه تسبب في معاناة السواقين، وتسبب في رفع الأسعار»، يضيف «رجب»: «القرار أثر على شغلي، لأنى إما أتحرك الساعة 11 من جوا البلد، على ما اطلع من زحمة القاهرة، وبتعرض لكمائن على الطريق وتفتيش ووزن العربية وأماكن فيها رادار، وكل دا بيعطلنى وأوصل للمكان اللى رايحه في ميعاد الحظر، ولازم استنى لحد الساعة 11 بالليل عشان أتحرك تاني، وطبعا دا بيقلل عدد النقلات بتاعتى للنص». «الزحمة مستمرة».. كلمتان يواصل بهما «رجب» كلامه من وجهة نظره في تأثير القرار في تخفيف ازدحام الطرق، قائلا إن القرار تسبب في شلل الطريق الدائرى صباحا، لأن سائقى النقل يتكدسون عند مداخل القاهرة لدخول العاصمة، قبل وقت حظر مرور سيارات النقل، وبعد ذلك يقفون في الحارة اليمنى من الطريق، ما يتسبب في ازدحام الطريق حتى المساء..يصمت «رجب» برهة، ويقول إن رؤية الحكومة لم تكن صحيحة، لأن الحوادث لم تقل، فسيارات النقل تتحرك بحرية على الطريق الدائرى ومعظم طريق الأوتوستراد، وسائقى النقل يقودون بسرعة محاولين الوصول إلى داخل القاهرة قبل وقت الحظر، ما يتسبب في وقوع الحوادث. يتحدث «رجب» عن العربات المحملة بمواد قابلة لفساد الصلاحية بسبب الانتظار مثل: المواد الغذائية، فالسيارات المحملة ببضائع قابلة للفساد تنتظر خارج القاهرة حتى تأتيها سيارات نقل صغيرة، بها ثلاجات لنقل المواد الغذائية قبل أن تفسد، وكذلك الحال عند تسليم البضائع في المدن الأخرى- كما قال-. بالقرب من سيارته، جلس إبراهيم حمزة، السائق المنوفى، على كرسى يتخلص من ضيقه بأنفاس من «سيجارة»، متأففا من طول الانتظار، يأمل أن يأتى المساء: «ادينى طريق واسع وممهد وبعد كدا إعمل حظر»، يهاجم «إبراهيم» قرار مجلس الوزراء: «بنلوم على الحكومة انها خدت القرار من غير مراعاة لحقنا، يعنى بندفع ضرايب وميزان وكارتة على كل مدخل مدينة وبياخدوا رسوم تجميل بيئة وحاجات كتير، وفى المقابل يعملوا حظر ويضغطوا علينا وكأننا السبب في كل الحوادث اللى على الطريق»، ويوضح «إبراهيم»: «مشكلة الحوادث زادت بعد قرار الحظر، لأننا بنسوق بسرعة بالليل عشان نوصل بدل ما نضطر نستنى 17 ساعة على الطريق، وفى سواقين بيشربوا مخدرات عشان بيفتكروا إنها بتخليهم يفوقوا، والطرق وحشة ومش متساوية، وطول منا سايق اتفاجئ بحفر في الأسفلت أو طريق مش متساوى»، ويتساءل: «أنا هركز في الطريق المكسر ولا العربيات اللى نحوا ولا خوفى على البضاعة ولا إنى عايز أوصل بسرعة؟». من النسخة الورقية