يُعتبر نيقولاي جوجول، واحدًا من آباء الرواية والمسرح في الأدب الروسي، وواحدًا من مؤسسي المدرسة الواقعية في الأدب الروسي في القرن التاسع عشر، وكان أسلوبه الكوميدي الساخر قد اختفى بعد إصابته بلوثه دينية أحدثها قس أقنعه بأفكار تحريميه عن الفن والأدب. ولد نيقولاي فاسيليفيتش جوجول في الحادي والثلاثين من مارس 1809 في قرية سورتشينتسي ببولتافا في أوكرانيا، كتب والده مسرحيات من وحي الفولكلور الأوكراني، في سن الثانية عشرة دخل نيقولا المدرسة العُليا في نيچين، وهناك ظهرت مواهبه الأدبية والفنية، فنشر أشعار في مجلة المدرسة، وكان يُقلّد العجائز في مسرح المدرسة بطريقة كوميدية. عام 1828 ذهب جوجول إلى سان بطرسبرج للبحث عن عمل في المكاتب الحكومية، لكنه لم يستطع وتداعى ماديًا، فحاول العمل كمُمثل، ولكنه لم يجتز الاختبارات، فحاول بعدها تقديم نفسه كشاعر، ونشر على حسابه ديوان شعر عاطفي فشل فشلًا مدويًا جعله يجمع كل النُسّخ ويحرقها، بل وفكر ترك روسيا والهجرة إلى أمريكا، فسافر لألمانيا، ولكن إفلاسه أعاده إلى سان بطرسبرج التي عاد فيها للبحث عن عمل، وتنقّل بين عِدة وظائف حكومية، حتى انتهى إلى العمل كمدرس تاريخ في مدرسة داخليه للبنات. بدأ جوجول كتابة قصص في بعض المجلات عن ريف أوكرانيا والفلاحين في القرى هناك، وأضاف حكايات عن العفاريت والسحرة استخلصها من الفولكلور الأوكراني بإسلوب ساخر استعمل فيه ألفاظ وأمثال شعبية أوكرانيه، ما كان شكلًا جديدًا في الأدب الروسي لفت أنظار القراء والنقاد إليه، وفوجئ بحجم شهرته، حتى أن كتاب ونقاد كبار مثل بوشكين وچوكوڤسكي وأساكوڤ وبلينسكي اهتموا به. عام 1834 تم تعيين جوجول في جامعة سان بطرسبرج كأستاذ مساعد في أدب العصور الوسطى، ولكنه ترك العمل بعد عام واحد، وبدأ التحضير لنشر مجموعات قصصية جديدة في كتابين هما "ميرجورود" و"أرابيسك" اللذان نُشرا عام 1835، وتخلى فيهم عن أسلوبه الرومانسي، ليحل محله أسلوب واقعي تشاؤمي يعكس انعدام القدرة على التجاوب مع الحيا، وكذلك على الهروب منها، مثل قصة "مشاجرة إيفان إيفانوفيتش وإيفان نيكيفوروفيتش" والتي كانت مُضحكة ولكنها مليلئة بالمرارة من قسوة الحياة. كان جوجول يثق في رأي بوشكين الأدبي جدًا، الذي أوحى له بفكرة مسرحية "المفتش العام"، التي هاجمت بلا رحمة النظام البيروقراطي الفاسد في عهد نيقولا الأول، والتي اغضبت القيصر واضطرت جوجول لترك روسيا والتنقل بينها وبين روما، ورائعته "أرواح ميتة" والتي تُعتبر من أحسن الروايات في تاريخ الأدب الروسي والعالمي، وهو ما رواه بنفسه في كتابه "اعترافات مؤلف"، وفي العام نفسه الذ تم فيه منع روايته "أرواح ميتة" نشر جوجول عِدة روايات قصيرة، كان من ضمنها "المعطف"، والتي وصفها الأديب العملاق دوستويفسكى بأنها " خرجت من عباءتها كل الروايات الواقعية التي ظهرت في روسيا". بعد نشر كتابه "مُختارات من مراسلاتي مع أصدقائي" هاجم الكثير من الكُتّاب والنُقّاد جوول، ومن ضمنهم الناقد الكبير بلينسكي الذي أرسل له أنه أصبح "واعظ جلاد يُدافع عن الظلمات وأسوأ أنواع القهر"، ما أصابه بوسواس ديني، فبدأ يُكثر من الصلاة ويبتعد أكثر عن الحياة والمجتمع، وسافر لبيت المقدس للحج، ولكنه لم يشعر بالراحة، وعاد إلى موسكو، وهناك قابل قس متطرف هو "ماتفي كنستنينوڤسكي" الذي أقنعه بأفكار تحريمية غريبة، وبلغت سيطرته عليه أنه أمره بحرق مخطوط الجزء الثاني من روايته "أرواح ميته" الذي لم يُنشر، فحرق جوجول المخطوط، وبعد ذلك بعشرة أيام، في الرابع من مارس 1852، توفيَّ نتيجة الصيام المتواصل وهو مُصاب بلوثه شبه جنونية.